٦

{ يرثنى } صفة لوليا اى يرثنى من حيث العلم والدين والنبوة فان الانبياء لا يورثون المال كما قال عليه السلام ( نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة )

فان قلت وقد وصف اولى بالوراثة ولم يستجب له فى ذلك فان يحيى خرج من الدنيا قبل زكريا على ما هوالمشهور . قلت الانبياء وان كانوا مستجابى الدعوة لكنهم ليسوا كذلك فى جميع الدعوات حسبما تقتضيه المشيئة الالهية المبنية على الحكم البالغة ألا يرى الى دعوة ابراهيم عليه السلام فى حق ابيه والى دعوة النبى عليه السلام حيث قال ( وسألته ان لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعتها ) وقد كان من قضائه تعالى ان يهبه يحيى نبيا مرضا ولا يرثه فاستجيب دعاؤه فى الاول دون الثانى

{ ويرث من آل يعقوب } ابن اسحاق ابن ابراهيم الملك يقال ورثه وورث منه لغتان . وآل الرجل خاصة الذين يؤول اليه امرهم للقرابة او الصحبة او الموافقة فى الدين.

وقال الكلبى ومقاتل هو يعقوب بن ماثان اخو عمرن ابن ماثان من نسل سليمان عليه السلام ابو مريم وكان آل يعقوب اخوال يحيى بن زكريا.

قال الكلبى كان بوا ماثان رؤس بنى اسرائيل وملوكهم وكان زكريا رئيس الاحبار يومئذ فاراد ان يرث ولده حبورته ويرث من بنى ماثان ملكهم

{ وجعله } اى الولد الموهوب

{ رب رضيا } مرضيا عندك قولا وفعلا وتوسيط رب بين مفعولى الجعل كتوسيطه بين كان وخبرها فيما سبق لتحريك سلسلة الاجابة بالمبالغة فى التضرع ولذلك قيل اذا اراد العبد ان يستجاب له دعاؤه فليدع اللّه بما يناسبه من اسمائه وصفاته.

واعلم ان اللّه تعالى لا يمكن العبد من الدعاء الا لاجابته كلا او بعضا كما وقع لزكريا.

هم زاول تو دهى ميل دعا ... تو دهى آخر دعاهارا جزا

ترس وعشق توكمند لطف ماست ... زير هر يا رب تو لبيكهاست

وفى الحديث ( من فتح له باب الدعاء فتحت له ابواب الرحمة ) وذلك لان فى الدعاء اظهار الذلة والافتقار وليس شئ احب الى اللّه من هذا الاظهار ولذا قال ابو يزيد البسطامى قدس سره كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلا يقول لى يا ابا يزيد خزائنه مملوءة من العبادات ان اردت الوصول اليه فعليك بالذلة والافتقار ولذا قال عند دخوله عالم الحقيقة

جارجيز آورده ام شاها كه در كنج تونيسث ... نيستى واجت وعجز ونياز آورده ام

وعن بعض اهل المعرفة نعم السلاح الدعاء ونعم المطية الوفاء ونعم الشفيع البكاء كما فى خالصة الحقائق.

ثم ان الدعاء اما للدين او للدنيا والاول مطمح نظر الكمل ألا ترى ان زكريا طلب من اللّه ان يكون من ذريته من يرث العلم الذى هو خير من ميراث المال لان نظام العالم فى العلم والعمل والصلاح والتقوى والعدل والانصاف وفيه اشارة الى انه لا بد للكامل من مرآة يظهر فيها كمالاته ألا ترى ان لله تعالى خلق اعوالم وبث فيها اسماء الحسنى وجعل الانسان الكامل فى كل عصر مجلى انواره ومظهر اسراره فمن اراد الوصول الى اللّه تعالى فليصل الى الانسان الكامل فعليك بطلب خير الاول ليحيى به ذكرك الى يوم التناد ومن اللّه رب العابد الفيض والامداد والتوفيق لا سباب الوصول الى المراد.

﴿ ٦