|
١٤ { وجحدوا بها } كذبوا بألسنتهم كونها آيات آلهية . والجحود انكار الشىء بعد المعرفة والايقان تعنتا واريد هنا التكذيب لئلا يلزم استدراك قوله { واستيقنتها انفسهم } الواو للحال . والاستيقان [ بى كما شدن ] اى وقد علمتها انفسهم اى قلوبهم وضمائرهم علما يقينيا انها من عند اللّه وليست بسحر ، قال ابوالليث وانما استيقنتها قلوبهم لان كل آية رأوها استغاثوا بموسى وسألوا منه بان يكشف عنهم فكشف عنهم فظهر لهم بذلك انها من اللّه تعالى { ظلمنا } نفسانيا علة لجحود { وعلوّا } اباء واستكبارا شيطانيا { فانظر كيف كان } [ بس بنكر يا محمد كه جوكنه بود ] { عاقبة المفسدين } وهو الاغراق فى الدنيا والاحراق فى الآخرة : وبالفارسية [ عاقبت كار تباه كاران كه در دنيا بآب غرقه شدند ودر عقبى بآتش خواهند سوخت ] هم حالت مفسدان خوش است ... سر انجام اهل فساد آتش است وفى هذا تمثيل لكفار قريش اذا كانوا مفسدين مستعلين فمن قدر على هلاك فرعون كان قادرا على اهلاك من هو على صفته وذلك الى يوم القيامة فان جلال اللّه تعالى دائم للاعداء كما ان جماله باق للاولياء مستمر فى كل عصر وزمان ، فعلى العاقل ان يتعظ بحال غيره ويترك الاسباب المؤدية الى الهلاك مثل الظلم والعلو الذى هو من صفات النفس والامارة ويصلح حاله بالعدل والتواضع وغير ذلك مما هو من ملكات القلب والاشارة فى الآية الى ان الذين افسدوا استعداد الانسانية لقبول الفيض الآلهى بلا واسطة كان عاقبتهم انهم نزلوا منازل الحيوانات من الانعام والسباع وقرنوا مع الشياطين فى الدرك الاسفل من النار فانظر الى ان الارتقاء الى السودد صعب والانحطاط الى الدناءة سهل اذ النفس والطبيعة كالحجر المرمى الى الهواء تهوى الى الهاوية فاذا اجتهد المرء فى تلطيفها بالمجاهدات والرياضات تشرف بالارتقاء فى الدرجات وتخلص من الانحطاط الى الدركات : قال الحافظ بال بكشا وصفير از شجر طوبى زن ... حيف باشد جو تو مرغى كه اسير قفسى فما اقبح المرء ان يكون حسن جسمه باعتبار قبح نفسه كجنة يعمرها يوم وصرمة يحرسها ذئب وان يكون اعتباره بكثرة ماله وحسن اثاثه كثور عليه حلى ففضل الانسان بالهمم العالية الاتباع بالحق والادب والعقل الذى يعقله عن الوقوع فى الورطات بارتكاب المنهيات نسأل اللّه سبحانه ان يجعلنا من القابلين لارشاده والعاملين بكتابه المحفوظين عن عذابه المغبوطين بثوابه |
﴿ ١٤ ﴾