|
١٨ { حتى } اتبدائية وغاية للسير المنبىء عنه قوله { فهم يوزعون } كأنه قيل فساروا حتى { اذا اتو } اشرفوا { على واد النمل } واتوه من فوق ، وقال بعضهم تعدية الفعل بكلمة على لما ان المراد بالاتيان عليه قطعه من قولهم اتى على الشىء اذا انفده وبلغ آخره ولعلهم ارادوا ان ينزلوا عند منتهى الوادى اذ حنيئذ يخافهم مافى الارض لاعند مسيرهم فى الهواء كما فى الارشاد وسيجىء غير هذا . والوادى الموضع الذى يسيل فيه الماء . والنمل معروف الواحدة نملة : بالفارسية [ مور ] سميت نملة لتنملها وهى كثرة حركتها وقلة قوائمها ومعنى وادى النمل وادى يكثر فيه النمل كما يقال بلاد الثلج يكثر فيه الثلج والمراد هنا واد الشام او بالطائف كثير النمل والمشهور انه النمل الصغير وقيل كان نمل ذلك المكان كالذئاب والبخاتى ولذا قال بعضهم فى وادى النمل هو واد يسكنه الجن والنمل مراكبهم { قالت نملة يايها النمل ادخلوا مساكنكم } جواب اذا كأنها لما رأتهم متوجهين الى الوادى فرت منهم فصاحت صيحة نبهت بها سائر النمل الحاضرة فتبعتها فى الفرار فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم ولذلك اجروا مجراهم حيث جعلت هى قائلة وماعداها من النمل مقولا لهم مع انه لايمتنع ان يخلق اللّه فيها النطق وفيما عداها العقل والفهم . وكانت نملة عرجاء لها جناحان فى عظم الديك او النعجة او الذئب وكانت ملكة النمل : يعنى [ مهترومور جكان آن وادى بود ] واسمها منذرة او طاخية او جرمى سميت بهذا الاسم وعرفها به الانبياء قبل سليمان وخصت بالتسمية لنطقها والا فكيف يتصور ان يكون للنملة اسم علم والنمل لايسمى بعضهم بعضا ولا يتميز للآدميين صورة بعضهم من بعض حتى يسمونهم ولا هم واقعون تحت ملك بنى آدم كالخيل والكلاب ونحوهما كما فى كتاب التعريف والاعلام للسهيلى رحمه اللّه . ونملة مؤنث حقيقى بدليل لحوق علامة التأنيث فعلها لان نملة تطلق على الذكر والانثى فاذا اريد تمييزها احتيج الى مميز خارجى نحو نملة ذكر ونملة انثى وكذلك لفظة حمامة ويمامة من المؤنثات اللفظية ، ذكر الامام ان قتادة دخل الكوفة فالتفت عليه الناس فقال سلوا عما شئتم وكان ابوحنيفة حاضرا هو غلام حدث فقال سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرا ام انثى فسألوه فافحم فقال ابو حنيفة كانت انثى فقيل له من اين عرفت فقال من كتاب اللّه هو قوله { اقلت نملة } ولو كان ذكر لقال قال نملة وذلك ان النملة مثل الحمامة والشاة فى وقوعها على الذكر والانثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر وحمامة انثى هو وهى ولايجوز ان يقال قامت طلحة ولا حمزة { لايحطنمكم } لايكسرنكم فان الحطم هو الكسر وسمى حجر الكعبة الحطيم لانه كسر منها { سليمان وجنوده } الجملة استئناف او بدل من الامر لاجواب له فان النون لا تدخله فى السعة هو نهى لهم عن الحطم والمراد نهيها عن التوقف والتأخر فى دخول مساكنهم بحيث يحطمونها : يعنى [ بحيثيتى كه عرضه تلف شوند ] ، فان قلت بم عرفت النملة سليمان ، قلنا مأمورة بطاعته فلا بد ان تعرف من امرت بطاعته ولها من الفهم فوق هذا فان النمل تعرف كثيرا من منافعها من ذلك انها تكسر الحبة قطعتين لئلا تنبت الا الكزبرة فانها تكسرها اربع قطع لانها تنبت اذا كسرت قطعتين واذا وصلت النداوة الى الحبة تخرجها الى الشمس من حجرها حتى تجف ، قال فى حياة الحيوان النمل لا يتلاحق والايتزاوج انما يسقط منه شىء حقير فى الارض فينمو حتى يصير بيظا ثم يتكون منه والبيض كله بالضاد الا بيظ النمل فانه بالظاء { وهم لايشعرون } حال من فاعل يحطمنكم اى والحال انهم لايشعرون انهم يحكمونكم اذ لو شعروا لم يفعلوا اى ان من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده انهم لا يحطمون نملة فما فوقها الا بان لايشعروا كأنها شعرت عصمة الانبياء من الظلم والاذى الا على سبيل السهو ونظير قول النملة فى جند سليمان وهم لايشعرون قول اللّه تعالى فى جنح محمد عليه السلام { فتصيبكم منهم معرة بغير علم } التفاتا الى انهم لايقصدون ضرر مؤمن الا ان المثنى على جند سليمان هو النملة باذن اللّه والمثنى على جند محمد ه اللّه بنفسه لما لجند محمد من الفضل على جند غيره من الانبياء كما كان لمحمد الفضل على جميع التبيين عليهم السلام [ آورده اندكه باد اين سخن را أزسه ميل راه يسمع سليمان رسانيد ] |
﴿ ١٨ ﴾