|
٥٢ { لا يحل لك النساء } بالياء لان تأنيث الجمع غير حقيقى ولوجود الفصل واذا جاز التذكير بغيره فى قوله وقال نسوة كان معه اجوز . والنساء والنسوان بالكسر جموع المرأة من غير لفظها اى لا تحل واحدة من النساء مسلمة او كتابية لما تقرر ان حرف التعريف اذا دخل على الجمع يبطل الجمعية ويراد الجنس وهو كالنكرة يخص فى الاثبات ويعم فى النفى كما اذا حلف لا يتزوج النساء ولا يكلم الناس او لا يشترى العبيد فانه يحنث بالواحد لان اسم الجنس حقيقة فيه { من بعد } اى من بعد هؤلاء التسع اللاتى خيرتهن بين الدنيا والآخرة فاخترنك لانه نصاب من الازواج كما ن الاربع نصاب امتك منهن او من بعد اليوم حتى لو ماتت واحدة لم يحل له نكاح اخرى وانما حرّم على امته الزيادة على الاربع بخلافه فانه عليه السلام فى بذرقة النبوة وعصمة الرسالة قد يقدر على اشياء لا يقدر عليها غيره وقد افترض اللّه عليه اشياء لم يفترضها على امته لهذا المعنى وهى قيام الليل وانه اذا عمل نافلة يجب المواظبة عليها وغير ذلك وسرّ الاقتصار على الاربع ان المراتب اربع . مرتبة المعنى . ومرتبة الروح . ومرتبة المثال . ومرتبةالحس ولما كان الوجود الحاصل للانسان انما حصل له بالاجتماع الحاصل من مجموع الاسماء الغيبية والحقائق العلمية والارواح النووية والصور المثالية والصور العلوية والسفلية والتوليديه شرع له نكاح الاربع وتمامه ف كتب التصوف { ولا ان تبدل بهن من ازواج } تبدل بحذف احد التاءين والاصل تتبدل وبدل الشئ الخلف منه وتبدله به وابدله منه وبدله اتخذه بدلا كما فى القاموس قال الراغب التبدل والابدال والتبديل والاستبدال جعل الشئ مكان آخر وهو اعم من العوض فان العوض هو ان يصير لك الثانى باعطاء الاول والتبديل يقال للتغيير وان لم تأت ببدله انتهى. وقوله من ازواج مفعول تبدل ومن مزيدة لتأكيد النفى تفيد استغراق جنس الازواج بالتحريم . والمعنى ولا يحل لك ان تتبدل بهؤلاء التسع ازواجا اخر بكلهن او بعضهن بان تطلق واحدة وتنكح مكانها اخرى : وبالفارسية [ وحلال نيست ترا آنكه بدل كنى بديشان اززنان ديكر يعنى يكى را ازايشان طلاق دهى وبجاى او ديكرى رانكاح كنى ] اراد اللّه لهنّ كرامة وجزاء على ما اخترن رسول اللّه والدار الآخرة لا الدنيا وزينتها ورضين بمراده فقصر رسوله عليهن ونهاه عن تطليقهن والاستبدال بهن { ولو اعجبك حسنهن } الواو عاطفة لمدخولها على حال محذوفة قبلها ولو فى امثال هذا الموقع لا يلاحظ لها جواب : والاعجاب [ شكفتى نمودن وخوش آمدن ] قال الراغب العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشئ وقد يستعار للروق فيقال اعجبنى كذا اى راقنى والحسن كون الشئ ملائما للطبع واكثر ما يقال الحسن بفتحتين فى تعارف العامة فى المستحسن بالبصر. والمعنى ولا يحل لك ان تستبدل بهن حال كونك لو لم يعجبك حسن الازواج المستبد له وجمالهن ولو اعجبك حسنهن اى حال عدم اعجاب حسنهن اياك وحال اعجابه اى على كل حال ولو فى هذه الحالة فان المراد استقصاء الاحوال : وبالفارسية [ بشكفت آردترا خوبى ايشان ] قال ابن عباس رضى اللّه تعالى عنهما هى اسماء بنت عميش الخثعمية امرأة جعفر بن ابى طالب لما استشهد اراد رسول اللّه ان يخطبها فنهاه اللّه عن ذلك فتركها فتزوجها ابو بكر باذن رسول اللّه فهى ممن اعجبه حسنهن وفى التكملة قيل يريد حبابة اخت الاشعث بن قيسس انتهى وفى الحديث ( شارطت ربى ان لا اتزوج الا من تكون معى فى الجنة ) فاسماء اوجباته لم تكن اهلا لرسول اللّه فى الدنيا ولم تستأهل ان تكون معه فى مقامه فى الجنة فلذ اصرفها اللّه عنه تعالى لا ينظر الى الصورة بل الى المعنى جون ترا دل اسير معنى بود ... عشق معنى زصورت اولى بود حسن معنى نمى شود سبرى ... عشق آن باشد از زوال برى اهل عالم همه درين كارند ... بحجاب صور كرفتارند وفى الحديث ( من نكح امرأة لمالها وجمالها حرم مالها وجمالها ومن نكحها لدينها رزقه اللّه مالها وجمالها ) { الا ما ملكت يمينك } استثناء من النساء لانه يتاول الازواج والاماء : يعنى [ حلال نيست برتوزنان بس ازين نه تن كه دارى كر آنجه مالك آن شود دست تو يعنى بتصرف تودر آيد وملك توكردد ] فانه حل له ان يتسرى بهن قال ابن عباس رضى اللّه تعالى عنهما ملك من هؤلاء التسع مارية القبطية ام سيدنا ابراهيم رضى اللّه تعالى عنه وقال مجاهد معنى الآية لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات من بعد المسلمات ولا ان تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى يقول لا تكون ام المؤمنين يهودية ولا نصراينة الا ملكت يمينك احل اللّه له ما ملكت يمينه من الكتابيات ان يتسرى بهن { وكان اللّه على كل شئ رقيبا } يقال رقبته حفظته والرقيب الحافظ وذلك اما لمراعاة رقبة المحفوظ واما الرفعة رقبته . والرقيب هو الذى لا يغفل ولا يذهل ولا يجوز عليه ذلك فلا يحتاج الى مذكر ولا منبه كما فى شرح الاسماء للزروقى اى حافظا مهيمنا فتحفظوا ما امركم به ولا تتخطوا ما حدكم وفى الآية الكريمة امور منها ان الجمهور على انها محكمة وان رسول اللّه عليه السلام مات على التحريم ومنها ان اللّه لما وسع عليه الامر فى باب النكاح حظيت نفسه بشرب من مشاربها موجب لانحراف مزاجها كمن اكل طعاما حلوا حارا صفراويا فيحتاج الى غذاء حامض بارد دافع للصفراء حفظا للصحة فاللّه تعالى من كمال عنايته فى حق حبيبة غداه بخامض { ولا يحل لك النساء } الآية لاعتدال المزاج القلبى والنفسى فهو من باب تربية نفس النبى صلّى اللّه عليه وسلّم. ومنها انه تعالى لما ضيق الامر على الازواج المطهرة فى باب الصبر بما احل للنبى عليه السلام ووسع امر النكاح عليه وخيره فى الارجاء والايواء اليه كان احمض شئ فى مذاقهن وابرد شئ لمزاج قلوبهن فغذاهن بحلاوة { لا يحل لك النساء } وسكن بها برودة مزاجهن حفظا لسلامة قلوبهن وجبرا لانكسارها فهو من باب تربية نفوسهن ومنها ان فيها ما يتعلق بمواعظ نفوس رجال الامة ونسائها ليتعظوا باحوال النبى عليه السلام واحوال نسائه ويعتبروا بها { وكان اللّه على كل شئ } من احوال النبى عليه السلام واحوال ازواجه واحوال امته { رقيبا } يراقب مصالحهم ومنها ان المراد بهؤلاء التسع عائشة وحفصة وام حبيبة وسودة وام سلمة وصفية وميمونة وزينب وجويرية اما عائشة رضى اللّه عنها فهى بنت ابى بكر رضى اللّه عنه تزوجها عليه السلام بمكة فى شوال وهى بنت سبع وبنى بها فى شوال على رأس ثمانية اشهر من الهجرة وهى بنت تسع وقبض عليه السلام عنها وهى بنت ثمانى عشرة ورأسه فى حجرها ودفن فى بيتها وماتت وقد قارفت سبعا وستين سنة فى شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وصلى عليها ابو هريرة بالبقيع ودفنت به ليلا وذلك فى زمن ولاية مروان بن الحكم على المدينة من خلافة معاوية وكان مروان استخلف على المدينة ابا هريرة رضى اللّه عنه لما ذهب الى العمرة فى تلك السنة واما حفصة رضى اللّه عنها فهى بنت عمر بن الخطاب رضصى اللّه عنه وامها زينب اخت عثمان بن مظعون اخوه عليه السلام من الرضاعة تزوجها عليه السلام فى شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة قبل احد بشهرين وكانت ولادتها قبل النبوة بخمس سنين وقريش تبنى البيت وبلغت ثلاثا وستين وماتت بالمدينة فى شعبان سنة خمس واربعين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو امير المدينة يومئذ وحمل سريرها وحمله ايضا ابو هريرة رضى اللّه عنه واما ام حبيبة رضى اللّه عنها واسمها رملة فهى بنت ابى سفيان بن حرب رضى اللّه عنه هاجرت مع زوجها عبيد اللّه بن جحش الى ارض الحبشة الهجرة الثانية وتنصر عبيد اللّه هناك وثبتت هى على الاسلام وبعث رسول اللّه عمرو بن امية الضمرى الى النجاشى ملك الحبشة فزوجه عليه السلام اياها واصدقها النجاشى عن رسول اللّه اربعمائة دينار وجهزها من عنده وارسلها فى سنة سبع واما سودة رضى اللّه عنها فهى بنت زمعة العامرية وامها من بنى النجار لانها بنت اخى سلمى بن عبد المطلب واما ام سلمة واسمها هند فهى بنت ابى امية المخزومية تزوجها عليه السلام ومعها اربع بنات ماتت فى ولاية يزيد بن معاوية وكان عمرها اربعا وثمانين سنة ودفنت بالبقيع وصلى عليها ابو هريرة رضى اللّه عنه واما صفية رضى اللّه عنها فهى بنت حيى سيد بنى النضير من اولادها هارون عليه السلام قتل حيى مع بنى قريظة واصطفاها عليه السلام لنفسه فاعتقها فتزوجها وجعل عتقها صداقها وكانت رأت فى المنام ان القمر وقع فى حجرها فتزوجها عليه السلام وكان عمرها لم يبلغ سبع عشرة ماتت فى رمضان سنة خمسين ودفنت بالبقيع واما ميمونة رضى اللّه عنها فهى بنت الحارث الهلالية تزوجها عليه السلام وهو محرم فى عمرة القضاء سنة سبع وبعد الاحلال بنى بها بسرف ماتت سنة احدى وخمسين وبلغت ثمانين سنة ودفنت بسرف الذى هو محل الدخول بها وهو ككتف موضع قرب التنعيم واما زينب رضى اللّه عنها فهى بنت جحش بن رباب الاسدية وقد سبقت قصتها فى هذه السورة واما جويرية فهى بنت الحارثة الخزاعية سبيت فى غزوة المصطلق وكانت بنت عشرين سنة ووقعت فى سهم ثابت بن قيس فكاتبها على تسع آواق فادى عليه السلام عنها ذلك وتزوجها وقيل انها كانت بملك اليمين فاعتقها عليه السلام وتزوجها توفيت بالمدينة سنة ست وخمسين وقد بلغت سبعين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم وهو والى المدينة يومئذ وهؤلاء التسع مات عنهن صلّى اللّه عليه وسلّم وقد نظمهن بعضهم فقال توفى رسول اللّه عن تسع نسوة ... اليهن تعزى المكرمات وتنسب فعائشة ميمونة وصفية ... وحفصة تتلوهن هند وزينب جويرية مع رملة ثم سودة ... ثلاث وست ذكرهن ليعذب ومنها ان الآية دلت على جواز النظر الى من يريد نكاحها من النساء وعن ابى هريرة ان رجلا اراد ان يتزوج امرأة من الانصار فقاله له النبى عليه السلام ( انظر اليها فان فى اعين نساء الانصار شيأ ) قال الحميدى يعنى الصغر وذلك ان النظر الى المخطوبة قبل ألنكاح داع للالفة والانس وامر النبى عليه السلام ام سلمة خالته من الرضاعة حين خطب امرأة ان تشم هى عوارضها اى اطراف عارضى تلك المرأة لتعرف ان رأئحتها طيبة او كريهة وعارضا الانسان صفحتا خدّيه وبالاعذار يجوز النظر الى جميع الاعضاء حتى العورة الغليظة وهى تسعة الاول تحمل الشهادة كما فى الزنى يعنى ان الرجل اذا زنى بامرأة يجوز النظر الى فرجهما ليشهد بانه رآه كالميل فى المكحلة والثانى اداء الشهادة فان اداء الشهادة بدون رؤية الوجه لا يصح والثالث حكم القاضى والرابع الولادة للقابلة والخامس البكارة فى العنة والرد بالعيب والسادس والسابع الختان والخفض فالختان للولد سنة مؤكدة والخفض للنساء وهو محتسب وذلك ان فوق ثقبة البول شيأ هوموضه ختاناه فان هناك جلدة رقيقة قائمة مثل عرف الديك وقطع هذه الجلدة هو ختانها وفى الحديث ( الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ويزيد لذتها ويجف رطوبتها ) والثامن ارادة الشراء والتاسع ارادة النكاح ففى هذه الاعذار يجوز النظر وان كان بالشهوة لكن ينبغى ان لا يقصدها فان خطب الرجل امرأة ابيح له النظر اليها بالاتفاق فعند احمد ينظر الى ما يظهر غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم وعند الثلاثة لا ينظر غير الوجه والكفين كما فى فتح الرحمن ومنها ان من علم انه تعالى هو الرقيب على كل شئ راقبه فى كل شئ ولم يلتفت الى غيره قال الكاشفى [ وكسى كه ازسر رقيبى حق آكاه كرد اورا از مراقبه جاره نيست ] جو دانستى كه حق دانا وبيناست نهان واشكار خويش كن راست والتقرب بهذا الاسم تعلقا من جهة مراقبته تعالى والاكتفاء بعلمه بان يعلم ان اللّه رقيبه وشاهده فى كل حال ويعلم ان نفسه عدوله وان الشيطان عدوله وانهما ينتهزان الفرص حتى يحملانه على الغفلة والمخالفة فيأخذ منها حذره بان يلاحظ مكانها وتلبيسها ومواضع انبعاثها حتى يسد عليها المنافذ والمجارى ومن جهة التخلق ان يكون رقيبا على نفسها كما ذكر وعلى من امره اللّه بمراقبته من اهل وغيره وخاصية هذا الاسم جمع الضوال والحفظ فى الاهل والمال فصاحب الضالة يكثر من قراءته فتنجمع عليه ويقرأه من خاف على الجنين فى بطن امه سبع مرات وكذلك لو اراد سفرا يضع يده على رقبة من يخاف عليه المنكر من اهل وولد يقوله سبعا فانه يأمن عليه ان شاء اللّه ذكره ابو العباس الفاسى فى شرح الاسماء الحسنى نسأل اللّه سبحانه وتعالى ان يحفظنا فى الليل والنهار والسر والجهار ويجعلنا من اهل المراقبة الى ان تخلو منا هذه الدار |
﴿ ٥٢ ﴾