سُورَةُ يٰسۤ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَلاَثٌ وَثَمَانُونَ آيَةً ١ { يس } اما مسرود على نمط التعديل فلا حظ له من الاعراب او اسم للسورة وعليه الاكثر فمحله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى هذه يس او النصب على انه مفعول لفعل مضمر اى اقرأ يس ويؤيد كونه اسم السورة قوله عليه السلام ( ان اللّه تعالى قرأ طه ويس قبل ان خلق آدم بالفى عام فاذا سمعت الملائكة قالوا طوبى لامى ينزل عليهم هذا وطوبى لالسن تتكلم بهذا وطوبى لا جواف تحمل هذا ) [ ودر خبرست كه جون دوستان حق در بهشت رسند از جناب جبروت ندا آيدكه از ديكران بسيار بشنيديد وقت آن آمدكه از ما شنويد ( فيسمعهم سورة الفاتحة وطه ويس ) مصطفى عليه السلام كفت ] ( كأن الناس لم يسمعوا القرآن حين سمعوا الرحمن يتلوه عليهم ) كما فى كشف الاسرار وقال بعضهم ان الحروف المقطعة اسماء اللّه تعالى ويدل عليه ان عليا رضى اللّه عنه كان يقول ( يا كهيعص يا حمعسق ) فيكون مقسما به مجرورا او منصوبا باضمار حرف القسم وحذفه والمراد بحذفه ان لا يكون اثره باقيا وباضماره ان يبقى اثره مع عدم ذكره ففى نحو اللّه لافعلن يجوز النصب بنزع الخافض واعمال فعل القسم المقدر ويجوز الجر ايضا باضمار حرف الجر اى اقسم بيس اى اللّه تعالى وفى الارشاد لامساغ للنصب باضمار فعل لاقسم لان ما بعده مقسم به وقد ابوا الجمع بين القسمين على شئ واحد قبل انقضاء الاول وقال بعض الحكماء الالهية انها اسماء ملائكة هم اربعة عشر كما سبق بيان فى طسم وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما ولعل اصله يا انيسين تصغير هو اللّه تعالى وهو لا يقول ولا يفعل الا ما هو صواب وحكمة فتكون ( يا ) من يس حرف نداء و ( سين ) شطر انيسين فلما كثر النداء به فى ألسنتهم اقتصروا على شطره الثانى للتخفيف كما قالوا فى القسم من اللّه اصله ايمن اللّه واين خطاب باصورت رد بشريت مصطفاست عليه السلام جنانكه جاى ديكر كفت { قل انما انا بشر مثلكم } ازانجا كه انسانيت وجنسيت آنست او مشاكل خلق است واين خطاب بانسان بروفق آنست واز آنجاكه شرف نبوتست وتخصيص رسالت خطاب باوى اينست كه ( يا ايها النبى : يا ايها الرسول ) واين خطاب كه باصورت وبشري ازبهر آن رفت كه تانقاب غيرت سازند وهر نامحر مرا برجمال وكمال وى اطلاع ندهند اين جنانست كه كويند ارسلانم خوان تاكس نه بداندكه كيم ... وعن ابن الحنفية معناه يا محمد دليله قوله بعده انك لمن المرسلين وفى الحديث ( ان اللّه سمانى بسبعة اسماء محمد واحمد وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد اللّه ) ويؤيده انه يقال لاهل البيت آل يس كما قيل سلام على ال طه ويس سلام على ال خير الببين لله دركمو يا آل سا سينا ... يقول الفقير يحتمل ان يكون المراد يس اول من عظمه اللّه تعالى بما فى سورة يس فلا يحصل التأييد وقال الكاشفى حقيقت آنست كه دركلام عرب از كلمة بحر فى تعبير ميكنند جنانجه قد قلت لها قفى فقالت ق ... اى وقفت بس ميشايد كه جرف سين اشارت بكلمة يا سيد البشر او يا سيد الاولين والآخرين وحديث ( انا سيد ولد آدم ) تفسير اين حرف بود كما قال فى العرائس لم يمدح عليه السلام بذلك نفسه ولكن اخبر عن معنى مخاطبة الحق اياه بقوله يس انتهى وديكر ببايد دانست كه ازميان حروف سين را سويت اعتدالي هست كه ميان زبر وبينات او توافق وتساوى هست وهيج حرفى ديكر آن حال ندارد لا جرم مخصوص بحضرت ختميه است صلّى اللّه عليه وسلّم كه عدالت حقيقى خواه در طريق توحيد وخواه دراحكام شرع بد و اختصاص دارد تراست مرتبة اعتدال درهمه حال ... كه در خصائص توحيد اعدل ازهمة تمكن است ترا در مقام جمع الجمع ... بدين فضيلت مخصوص افضلى ازهمة واز فحواى كلمات سابقة روايح رياحين قلب القرآن يس استشمام ميتواند نمود ] وسيجيء تمامه فى آخر السورة ان شاء اللّه تعالى وقال نعمة اللّه النقشبندى يا من تحقق بينبوع بحر اليقين وسبح سالما من الانحراف والتلوين وشيخ نجم الدين [ كفت قسمست بيمن نبوت حبيب وبسر مطهر او ] وقال البقلى اقسم بيد القدرة الازلية وسناء الربوبية وقال القشيرى الياء يشير الى يوم الميثاق والسين الى سره مع الاحباب كأنه قال بحق يوم الميثاق وسرى مع الاحباب والقرآن الخ وذهب قوم الى ان اللّه تعالى لم يجعل لاحد سبيلا الى ادراك معانى الحروف فى اوائل السور وقالوا ان اللّه تعالى متفرد بعلمها ونحن نؤمن بانها من جملة القرآن العظيم ونكل علمها اليه تعالى ونقرأها تعبدا وامتثالا لامر اللّه وتعظيما لكلامه وان لم نفهم منها ما نفهمه من سائر الآيات [ درينابيع آورده كه هر حرفى ازحروف مقطعه را سريسا ازاسرار خزانة غيب كه حضرت حق حبيب خودرا بر آن اطلاع داده بعد ازان جبرائيل برآن نازل شده وجزانة ورسول اللّه مقبول كسى بر آن وقوف ندارد ] قال الشيخ ابن نور الدين في بعض وارداته سألت رسول اله صلّى اللّه عليه وسلّم عن اسرار المتشابهات من الحروف فقال هى من اسرار المحبة بينى وبين اللّه فقلت هل يعرفها احد فقال ولا يعرفها جدى ابراهيم عليه السلام هى من اسرار اللّه تعالى التى لا يطلع عليها نبى مرسل ولا ملك مقرب ويؤيده ما فى الاخبار ان جبريل عليه السلام نزل بقوله تعالى { كهيعص } فلما قال كاف قال النبى عليه السلام ( علمت ) فقال ها فقال ( علمت ) فقال يا فقال ( علمت ) فقال صاد فقال ( علمت ) فقال جبريل كيف علمت ما لم اعلم يقول الفقير لا شك انه عليه السلام وصل الى مقام فى الكمال لم يصل اليه احد من كمال الافراد فضلا عن الغير ويدل عليه عبوره ليلة المعراج جميع المواطن والمقامات فلهذا جاز ان يقال لم يعرف احد من الثقلين والملائكة ما عرفه النبى عليه فان علوم الكل بالنسبة الى علمه كقطرة من البحر فله عليه السلام علم حقائق الحروف بما لا مزيده عليه بالنسبة الى ما فى حد البشر واما غيره فلهم علم لوازمها وبعض حقائق الحروف بما لا مزيدة عليه بالنسبة الى ما فى حد البشر واما غيره فلهم علم لوازمها وبعض حقائقها بحسب استعداداتهم وقابلياتهم هذا ما يعطيه الحال واللّه تعالى اعلم بالخفايا والاسرار وما ينطوى عليه كتابه ويحيط به خطابه ٢ { والقرآن } بالجر على انه مقسم به ابتداء { الحكيم } اى الحاكم كالعليم بمعنى العالم فانه يحكم بما فيه من الاحكام او المحكم من التناقض والعيب ومن التغير بوجه ما كما قال تعالى { وانا له لحافظون } وهو الذى احكم نظمه واسلوبه واتقن معناه وفحواه او ذى الحكمة اى المتظمن لها والمشتمل عليها فانه منبع كل حكمة ومعدن كل عظة فيكون بمعنى النسب مثل تامر بمعنى ذى ترما او هو من قبيل وصف الكلام بصفة المتكلم به اى الحكيم قائله ٣ { انك } يا اكمل الرسل وافضل الكل وهو مخاطبة المواجهة بعد شرف القسم بنفسه وهو مع قوله { لمن المرسلين } جواب للقسم والجملة لرد انكار الكفرة بقولهم فى حقه عليه السلام لست مرسلا وما ارسل اللّه الينا رسولا . والارسال قد يكون للتسخير كارسال الريح والمطر وقد يكون ببعث من له اختيار نحو ارسال الرسل كما فى المفردات قال فى بحر العلوم هو من الايمان الحسنة البديعة لتناسب بين المرسل به والمرسل اليه اللذين احدهما المقسم المنزل الآخر المقسم عليه المنزل اليه انتهى وهذه الشهادة منه تعالى من جملة ما اشير اليه بقوله تعالى { قل كفى باللّه شهيدا بينى وبينكم } ولم يقسم اللّه لاحد من انبيائه بالرسالة فى كتابه الاله قال فى انسان العيون من خصائصه عليه السلام ان اللّه تعالى اقسم على رسالته بقوله { يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين } : قال الشيخ سعدى قدس سره ندانم كدامين سخن كويمت كه والا ترى زانجه من كويمت تراعز لولاك تمكين بس است ثناى توطه ويس بس است ومعنى ثناء طه انه عليه السلام صلى فى الليالى حتى تورمت قدماه فقال تعالى طه اى ياطه او يا طالب الشفاعة وهادى البشر ما انزلنا عليك القرآن لتشقى اى لتقع به فى التعب وقال بعضهم الطاء تسعة والهاء خمسة معناه يا من هو كالقمر المنير ليلة البدر ومعنى ثناء يس ما ذكر من الاقسام على رسالته مع انه يحتمل ان يراد بيس يا سيد البشر ونحوه على ما سلف وذلك ثناء من اللّه أى ثناء ٤ { على صراط مستقيم } خبر آخر لان اى متمكن على توحيد وشرائع موصلة الى الجنة والقربة والرضى واللذة واللقاء وفى موضع انك لعلى هدى مستقيم [ يعنى كه نو از سالنى بر طريقى راست بردينى درست وشريعتى باك وسيرتى بسنديده ] كما فى كشف الاسرار فان قلت أى حاجة الى قوله على { صراط مستقيم } ومن المعلوم ان الرسل لا يكونون الا على صراط مستقيم قلت فائدة وصف الشرع بالاستقامة صريحا وان دل عليه { لمن المرسلين } التزاما فجمع بين الوصفين فى نظام واحد كأنه قال انك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت استقامته وقد نكره ليدل به على انه ارسل من بين الصرط على صراط مستقيم لا يوازيه صراط ولا يكتنه وصفه فى الاستقامة فالتنكير للتفخيم وفى التأويلات النجمية يشير بقوله { يس } الى { مستقيم } الى سيادة النبى عليه السلام والى انه ما بلغ احد من المرسلين الى رتبته فى السيادة وذلك لانه تعالى اقسم بالقرآن الحكيم انه لمن المرسلين على صراط مستقيم الى قاب قوسين من القرب او ادنى اى بل ادنى من كمال القرب كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم ( لى مع اللّه وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل ) فان لكل نبى مرسل سيرة الى مقام معين على صراط مستقيم هو صراط اللّه كما ان النبى عليه السلام اخبر انه رأى ليلة المعراج فى كل سماء بعض الانبياء حتى قال عليه السلام ( رأيت موسى عليه السلام فى السماء السادسة ورأى ابراهيم عليه السلام فى السماء السابعة ) وقد عبر عنهم الى كمال رتبة ما بلغ احد من العالمين اليها ٥ { تنزيل العزيز الرحيم } نصب على المدح باضمار اعنى والتقدير اعنى بالقرآن الحكيم تنزيل العزيز الرحيم انك لمن المرسلين لتنذر الخ وهو مصدر بمعنى المفعول اى المنزل كما تقول العرب هذا الدرهم ضرب الامير اى مضروبة عبر به عن القرآن لكمال عراقته فى كونه منزلا من عند اللّه تعالى كأنه نفس التنزيل [ وتنزيل بناء كثرات ومبالغة است اشارت است كه اين قرآن بيكبار از آسمان فرو آمد بلكه بكرات ومرات فرو آمد بمدت بيست وسه سال سيزده سال بمكه وده سال بمدينة نجم نجم آيت آيت سورت سورت جنانكه حاجت بود ولائق وقت بود ] والعزيز الغالب على جميع المقدورات المتكبر الغنى عن طاعة المطيعين المنتقم ممن خالفه ولم يصدق القرآن وخاصية هذا الاسم وجود الغنى والعز صورة او حقيقة او معنى فمن ذكره اربعين يوما فى كل يوم اربعين مرة اعانه اللّه تعالى واعزه فلم يحوجه ال ىحد من خلقه وفى الاربعين الادريسية يا عزيز المنيع الغالب على امره فلا شئ يعادله قال السهروردى من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا اهلك اللّه خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير اليهم بيده فانهم ينهزمون والرحيم المتفضل على عباده المؤمنين بانزال القرآن ليوقظهم من نوم الغفلة ونعاس النسيان وخاصية هذا الاسم رقة القلب والرحمة للمخلوقين فمن داومه كل يوم مائة كان له ذلك ومن خاف الوقوع فى مكروه ذكره مع قرينه وهو اسم الرحمن او حمله وفى الاربعين الادريسية يا رحيم كل صريخ ومكروب وغياثه ومعاذه قال السهروردى اذا كتبه ومحاه بماء وصب فى اصل شجرة ظهر فى ثمرها البركة ومن شرب من ذلك اشتاق لكاتبه وكذا ان كتب مع اسم الطالب والمطلوب وامه فانه يهتم ويدركه من الشوق ما لا يمكنه الثبات معه ان كان وجها يجوز فيه ذلك والا فالعكس قال فى الارشاد وفى تخصيص الا سمين الكريمين المعربين عن الغلبة التامة والرأفة العامة حث على الايمان به ترهيبا وترغيبا حسبما نطق به قوله تعالى { وما ارسلناك الا رحمة للعالمين } وفى التأويلات النجمية يشير الى ان القرآن تنزيل من عزيز غنى لا يحتاج الى تنزيله لعلة بل هو رحيم اقتضت رحمته تنزيل القرآن فانه حبل اللّه يعتصم به الطالب الصادق ويصعد الى سرادقات عزته وعظمته وفى كشف الاسرار [ عزيز به بيكانكان رحيم بمؤمنان اكر عزيز بود بى رحيم هركز اورا كسى نيابد واكر رحيم بود بى عزيز همه كس اورا يابد عزيز است تاكافران دردنيا اورا ندانند رحيم است در عقبى تامؤمنان اورا بينند ] دست نقاب خود بكشيد ... عاشقان ذوق وصل او بجشيد ماند اهل حجاب در برده ... ببلاى فراق او مرده ٦ { لتنذر } متعلق بتنزيل اى لتخوف بالقرآن { قوما ما انذر آباؤهم } ما نافية والجملة صفة مبينة لغاية احتياجهم الى الانذار . والمعنى لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم الاقربون لتطاول مدة الفترة ولم يكونوا من اهل الكتاب ويؤيده قوله تعالى { وما ارسلنا اليهم قبلك من نذير } يعنى العرب وقوله { هو الذى بعث فى الاميين } الى قوله { وان كانوا من قبل لفى ضلال مبين } ويجوز ان تكون ما موصوله او موصوفة على ان تكون الجملة مفعولا ثانيا لتنذر بحذف العائد . والمعنى لتنذر قوما العذاب الذى انذره او عذابا انذره آباؤهم الابعدون فى زمن اسماعيل عليه السلام وانما وصف الآباء فى التفسير الاول بالاقربين وفى الثانى بالابعدين لئلا يلزم ان يكونوا منذرين وغير منذرين فآباؤهم الاقدمون اتاهم النذير لا محالة بخلاف آبائهم الادنين وهم قريش فيكون ذلك بمعنى قوله { أفلم يدبروا القول ام جاءهم ما لم يأت آباءهم الاولين } فان قلت كيف هذا وقد وقعت الفترات فى الازمنة بين نبى ونبى حسبما يحكى فى التواريخ واما الحديث فقيل كان خالد مبعوثا الى بنى عبس خاصة دون غيرهم من العرب وكان بين عهد عيسى وعهد نبينا عليه السلام . ويقال ان قبره بناحية جرجان على قلة جبل يقال له خدا وقد قال فيه الرسول عليه السلام لبعض من بناته جاءته ( يا بنت نبى ضيعة قومه ) كذا فى الاسئلة المقحمة ويحتمل التوفيق بوجه آخر وهو ان المراد بالامة التى خلافيها نذير هى الامة المستأصلة فانه لم يستأصل قوم الا بعد النذير والاصرار على تكذيبه وايضا ان خلو النذير فى كل عصر يستلزم وجوده فى كل ناحية واللّه اعلم { فهم غافلون } متعلق بنفى الانذار مترتب عليه . والضمير للفريقين اى لم ينذر آباؤهم فهم جميعا لاجله غافلون عن الايمان والرشد وحجج التوحيد وادلة البعث والفاء ادخله على الحكم المسبب عما قبله فالنفى المتقدم سبب له يعنى ان عدم انذارهم هو سبب غفلتهم بما انذر آباؤهم الاقدمون لامتداد المدة فالفاء داخلة على سبب الحكم المتقدم . والغفلة ذهاب المعنى عن النفس والنسيان ذهابه عنها بعد حضوره قال بعضهم الغفلة نوم القلب فلا تعتبر حركة اللسان اذا كان القلب نائما ولا يضر سكونه اذا كان متيقظا ومعنى التيقظ ان يشهده تعالى حافظا له رقيبا عليه قائما بمصالحه . قال المولى الجامى قدس سره رب تال يفوه بالقرآن ... وهويفضى به الى الخذلان لعنتست اين كه بهر لهجه وصوت ... شود ازتو حضور خاطر فوت فكر حسن غنا برد هوشت ... متكلم شود فرا موشت نشود بر دل توتابنده ... كين كلام خداست يابنده حكم لعنت ز قفل ب اخلاص ... نيست باقارئان قرآن خاص بس مصلى كه درميان نماز ... ميكند برخداى عرض نياز جون در صدق نيست باز برو ... ميكند لعنت آن نماز برو وفى الحديث ( الغفلة فى ثلاث الغفلة عن ذكر اللّه والغفلة فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس وغفلة الرجل عن نفسه فى الدين ) وفى كشف الاسرار [ غافلان دواند يكى ازكار دين غافل واز طلب اصلاح خود بى خبر سربدنيا درنهاده ومست شهوت كشته وديدة فكرت وعبرت برهم نهاده حاصل وى آنست كه رب العزة كفت { والذين هم عن آياتنا غافلون اولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون } وفى الخبر ( عجبت لغافل وليس بمفعول عنه ) [ ديكر غافلى است بسنديه ازكار دنيا وترتيب معاش غافل سلطان حقيقت بر باطن وى استيلا نموده در مكائفة جلال احديث جنان مستهلك شده كه ازخود غائب كشته نه ازدنيا خبر دارد نه از عقبا بزبان حال ميكويد ] اين جهان دردست عقلست آن جهان دردست روح باى همت برقفاى هر دوده سالار زن قالوا الصوفى كائن بائن هركه حق داد نور معرفتش ... كائن بائن بود صفتش جان بحق تن بغير حق كائن ... تن زحق جان زغير حق بائن ظاهر او بخلق بيوسته ... باطن او زخلق بكسسته از درون آشنا وهمخانه ... وزبرون در لبان بيكانه فاهل هذه الصفة هم المتيقظون حقيقة وان ناموا لانه لا تنام عين العارفين وما سواهم هم النائمون حقيقة وان سهروا لانه لم تنفتح ابصار قلوبهم [ ودر وصايا واردست كه يا على بامردكان منشين على رضى اللّه عنه كفت يا رسول اللّه مردكان كيانند كفت اهل جهلت وغفلت ] اللهم اجعلنا من اهل العلم والعرفان والايقان والشهود والعيان وشرفنا بلقائك فى الدارين واصرفنا عن ملاحظة الكونين آمين ٧ { لقد } اللام جواب القسم اى ولله لقد { حق القول } وجب وتحقق { على اكثرهم } اى اكثر القوم الذين تنذرهم وهم اهل مكة { فهم لا يؤمنون } اى بانذارك اياهم والفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله واختلفوا فقال بعضهم القول حكم اللّه تعالى انهم من اهل النار وفى المفردات علم اللّه بهم وقال بعضهم القول كناية عن العذاب اى وجب على اكثرهم العذاب . والجمهور على ان المراد به قوله تعالى لابليس عند قوله { لاغوينهم اجمعين : لاملأن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } وهو المعنى بقوله { ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } وهذا القول لما تعلق بمن تبع ابليس من الجنّ والانس وكان اكثر اهل مكة ممن علم اللّه منهم الاصرار على اتباعه واختيار الكفر الى ان يموتوا كانوا ممن وجب وثبت عليهم مضمون هذا القول لكن لا بطريق الجبر من غير ان يكون من قبلهم ما يقتضيه بل بسبب اصرارهم الاختيارى على الكفر والانكار وعدم تأثرهم من التذكير والانذير ولما كان مناط ثبوت القول وتحققه عليهم اصرارهم على الكفر الى الموت كان قوله { فهم لا يؤمنون } متفرعا فى الحيقة على ذلك لا على ثبوت القول قال الكاشفى [ مراد آنانندكه خداى تعالى ميدانست كه ايشان بركفر ميرند يابر شرك كشته شوند جون ابو جهل واضراب او ] وحقيقة هذا المقام ان الكل سعيدا كان او شقيا يجرون فى هذه النشأة على مقتضى استعداداتهم فاللّه تعالى يظهر احوالهم على صفحات اعمالهم لا يجبرهم فى شئ اصلا فمن وجد خيرا فليحمد اللّه تعالى ومن وجد غيره فلا يلومن الانفسه والاعمال امارات وليست بموجبات فان مصير الامور فى النهاية الى ما جرى به القدر فى البداية وفى الخبر الصحيح روى عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضى اللّه تعالى عنهما قال خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفى يديه كتابان فقال للذى فى يده اليمنى ( هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل الجنة واسماء آبائهم وقبائلهم ثم اجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا ) ثم قال للذى بشماله ( هذا كتاب من رب العالمين فيه اسماء اهل النار واسماء آبائهم وقبائلهم ثم اجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ابدا ) ثم قال بيده فنبذهما ثم قال ( فرغ ربكم من العباد فريق فى الجنة وفريق فى السعير ) وحكم اللّه تعالى على الاكثر بالشقاوة فدل على ان الاقل هم اهل السعادة وهم الذين سمعوا فى الازل خطاب الحق ثم اذا سمعوا نداء النبى عليه السلام اجابوه لما سبق من الاجابة لنداء الحق . وانما كان اهل السعادة اقل لان المقصود من الايجاد ظهور الخليفة من العباد وهو يحصل بواحد مع ان الواحد على الحق هو السواد الاعظم فى الحقيقة قال بعض الكبار من رأى محمدا عليه السلام فى اليقظة فقد رأى جميع المقربين لانطوائهم فيه ومن اهتدى بهداه فقد اهتدى بهدى جميع النبيين. والاسلام عمل . والايمان تصديق . والاحسان رؤية او كالرؤية فشرط الاسلام الانقياد وشرط الايمان الاعتقاد وشرط الاحسان الاشهاد فمن آمن فقد اعلى الدين ومن اعلاه فقد تعرض لعلوه وعزه عند اللّه تعالى ومن كفر فقد اراد اطفاء نور اللّه واللّه نوره : وفى المثنوى هركه برشمع خدا آرديفو ... شمع كى ميرد بسوز وبوزاو لما قال المشركون يوم احد اعل هبل اعل هبل اذ لهم اللّه وهبلهم وهو صنم كان يعبد فى الجاهلية وهو الحجر الذى يطأه الناس فى العتبة السفلى من باب بنى شيبة وهو الآن مكبوب على وجهه وبلط الملوك فوقه البلاط فان كنت تفهم مثل هذه الاسرار والا فاسكت واللّه تعالى حكيم يضع الامور كلها فى مواضعها فكل ما ظهر فى العالم فهو حكمة وضعه فى محله لكن لا بد من الانكار لما انكره الشارع فاياك والغلط ٨ { انا } بمقتضى قهرنا وجلالنا { جعلنا } خلقنا او صيرنا { فى اعناقهم } جمع بالفارسية [ كردن ] والضمير الى اكثر اهل مكة { اغلالا } عظيمة ثقالا جمع غل بالضم وهو ما يشد به اليد الى العنق للتعذيب والتشديد سواء كان من الحديد او غيره وقال القهستانى الغل الطوق من حديد الجامع لليد الى العنق المانع عن تحرك الرأس وفى المفردات اصل الغلل تدرع الشئ وتوسطه ومنه الغلل للماء الجارى مختص بما يقيد به فيجعل الاعضاء وسطه وغل فلان قيد به وقيل للبخيل هو مغلول اليد قال تعالى { وقالت اليهود يد اللّه مغلولة غلت ايديهم } انتهى { فهى الى الاذقان } الفاء للنتيجة او التعقيب . والاذقان جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين بالفارسية [ زنخدان ] اى فالاغلال منتهية الى اذقانهم بحيث لا يتمكن المغلول منها من تحرك الرأس والالتفات : وبالفارسية [ بس آن غلها وزنجيرها ييوسته شده بزنخدا نهاى ايشان ونمى كذارندكه سرها بجنبانند ] ووجه ووصل الغل الى الذقن هو اما كونه غليظا عريضا يملأ ما بين الصدر والذقن فلا جرم يصل الى الذقن ويرفع الرأس الى فوق واما كون طوق الغل الذى يجمع اليدين الى العنق بحيث يكون فى ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة يدخل فيها رأس العمود الواصل بين ذلك الطوق وبين قيد اليد خارجا عن الحلقة الى الذقن فلا يخليه يحرك رأسه { فهم مقمحون } رافعون رؤسهم غاضون ابصارهم فان الاقماح رفع الرأس الى فوق مع غض البصر يقال قمح البعير قموحا فهو قامح اذا رفع رأسه عند الحوض بعد الشرب اما لارتوائه او لبرودة الماء او لكراهة طعمه واقمحت البعير شددت رأسه الى خلف واقمحه الغل اذا ترك رأسه مرفوعا من ضيقه قال بعضهم لفظ الآية وان كان ماضيا لكنه اشارة الى ما يفعل بهم فى الآخرة كقوله تعالى { وجعلنا الاغلال فى اعناق الذين كفروا } الآية ولهذا قال الفقهاء كره جعل الغل فى عنق عبده لانه عقوبة اهل النار قال الفقيه ان فى زماننا جرت العادة بذلك اذا خيف من الاباق بخلاف التقييد فان غير مكروه لانه سنة المسلمين فى المتمردين هذا والجمهور على ان الآية تمثيل لحال الاكثر فى تصميمهم على الكفر وعدم امتناعهم عنه وعدم التفاتهم الى الحق وعدم انعطاف اعناقهم نحوه بحال الذين غلت اعناقهم فوصلت الاغلال الى اذقانهم وبقوا رافعين رؤسهم غاضين ابصارهم فهم ايضا لا يلتفتون الى الحق ولا يعطفون اعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤسهم ل ولا يكادون يرون الحق او ينظرون الى جهته وقال الراغب قوله فهم مقمحون تشبيه بحال البعير ومثل لهم وقصد الى وصفهم بالتأبى عن الانقياد للحق وعن الاذعان لقبول الرشد والتأبى عن الانفاق فى سبيل اللّه انتهى : وفى المثنوى كفت اغلالا فهم به مقمحون ... نيست آن اغلال برما از برون بنهد بنهان ليك ازآهن را بتر ... بند آهن را كند باره بتر بند آهن را توان كردن جدا ... بند غيبى نداند كس دوا مرد را زبنور اكر نيشى زند ... طبع او آن لحظة بر دفعى تند زخم نيش اما جوازهستئ تست ... غم قوى باشد نكردد درد ست قال النقشبندى هى اغلال الامانى والآمال وسلاسل الحرص والطمع بمزخرفات الدنيا الدنية وما يترتب عليها من اللذات الوهمية والشهوات البهيمة ٩ { وجعلنا } اى خلقنا لهم من كمال غضبنا عليهم وصيرنا { من بين ايديهم } [ از بيش روى ايشان ] { سدا } [ ديوارى وحجابى ] قرأه حفص بالفتح والباقون بالضم وكلاهما بمعنى وقيل ما كان من عمل الناس بالفتح وكان من خلق اللّه بالضم { ومن خلفهم } [ از بس ايشان ] { سدا } [ بردة ومانعى ] { فاغشيناهم } [ الاغشاء : بربو شانيدن وكور كردن ] والمضاف محذوف والتقدير غطينا ابصارهم وجعلنا عليها غشاوة وهو ما يغشى به الشئ : وبالفارسية [ بس بيوشيديم جشمهاى ايشانرا ] { فهم لا يبصرون } الفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله لان من احاطه السد من جميع جوانبه لا يبصر شيأ اذ الظاهر ان المراد ليس جهتى القدام والخلف فقط بل يعم جميع الجهات الا ان جهة القدام لما كانت اشرف الجهات واظهرها وجهة الخلف كانت ضدها خصت بالذكر والآية اما تتمة سدا كذلك فغضينا بهما ابصارهم فهم بسبب ذلك لا يقدرون على ابصارهم شئ ما اصلا . واما تمثيل مستقل فان ما ذكر من جعلهم محصورين بين سدين هائلين قد غطينا بهما ابصارهم بحيث لا يبصرون شيأ قطعا كاف فى الكشف عن فظاعة حالهم وكونهم محبوسين فى مطمورة الغى والجهالات محرومين من النظر فى الادلة والايات قال الامام المانع من النظر فى الآيات والدلائل قسمان . قسم يمنع من النظر فى الآيات التى فى انفسهم فشبه ذلك بالغل الذى يجعل صاحبه مقحما لا يرى نفسه ولا يقع نظره على الآفاق فلا تتبين له الآيات التى فى الآفاق كما ان المقمح لا تتبين له الآيات التى فى الانفس فمن ابتلى بهما حرم من النظر بالكلية لان الدلائل والآيات مع كثرتها منحصرة فيهما كما قال تعالى { سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم } وقوله تعالى { انا جعلنا فى اعناقهم } مع قوله { وجعلنا من بين ايديهم } الخ اشارة الى عدم هدايتهم لآيات اللّه تعالى فى الانفس والآفاق [ محققان كويند كه سد بيش طول املست وطمع بقا وسد عقب غفلت ازجنايات كذشته وقلت ندم واستغفار بروهركه اورا دوسد جنين احاطه كرده باشد هرآينه جشم او بوشيده باشد از نظردر دلائل قدرت ونه بيندر راه فلاح وهدايت ] وفى المثنوى خلفهم سدا فاغشينا همو ... مى نه بيند بندرا بيش وبس او رنك صحرا درد آن سد كه خاست ... او نمى داند كه آن سر قضاست شاهد تو سد روى شاهداست ... مرشد تو كفت مرشداست [ وآوردند كه ابو جهل سوكند خورد بلات وعزى كه اكر ييغمبررا عليه السلام درنماز بيند سر مبارك او نعوذ باللّه بشكند وعرب را ازو باز رهاند روزى ديد كه آن حضرت نماز مى كرد ودر حرم كعبه آن ملعون دست اورا بجهد بسياراز كردن او دور كردند واين آيت يعنى { انا جعلنا فى اعناقهم } الخ آمدكه ما ايشانرا بازداشتيم جنانجه مغلولان ازكارها بازداشته شوند ومخزومى ديكر كه وليد بن مغيره است كفت من بروم ويدين سنك محمد را عليه السلام بكشم نعوذ باللّه جون بنزديك آن حضرت آمد نابينا شد تاحس وآواز مى شنيد وسك را نديد ] فرجع الى اصحابه فلم يرهم حتى نادوه واخبرهم بالحال فنزل فى حقه قوله تعالى { وجعلنا من بين ايديهم } الخ فيكون ضمير الجمع فى الآيتين على طريقة قولهم بنوا فلان فعلوا كذا والفاعل واحد منهم [ وكفته اند اين آيت حرزى نيكوست كسى را كه ازدشمن ترسد اين آيت برروى دشمن خواند اللّه تعالى شر آن دشمن ازوى بازدارد دشمن را ازوى در حجاب كند جنانكه بارسلو خدا كرد آن شب كه كافران قصدوى كردند بدر سراى وى آمدند تابر سروى هجوم برند رسول خدا على را رضى اللّه عنه برجاى خود خوابانيد وبيرون آمد وبايشان بركذشت واين آيت مى خواند { وجعلنا من بين ايديهم سدا } الخ ودشمنان اورا نديدند ودر حجاب بماندند رسو ل بركذشت وقصد مدينة كرد وآن ابتداى هجرت بود ] كذا فى كشف الاسرار وقال فى انسان العيون لما خرج عليه السلام من بيته الشريف اخذ حفنة من تراب ونثره على رؤس القوم عند الباب وتلا { يس والقرآن الحكيم } الى قوله { فاغشيناهم فهم لا يبصرون } فاخذ اللّه تعالى ابصارهم عنه عليه السلام فلم يبصروه ١٠ {ليهم انذرتهم ام لم تنذرهم } اى مستو عند اكثر اهل مكة انذارك اياهم وعدمه لان قوله { انذرتهم ام لم تنذرهم } وان كانت جملة فعليه استفهامية لكنه فى معنى مصدر مضاف الى الفاعل فصح الاخبار عنه فقد هجر فيه جانب اللفظ الى المعنى ومنه ( تسمع بالمعيدى خير من ان تراه ) وهمزة الاستفهام وام لتقرير معنى الاستواء والتأكيد فان معنى الاستفهام منسلخ منهما رأسا بتجريدهما عنه لمجرد الاستواء كما جرد حرف النداء عن الطلب لمجرد التخصيص فى قولهم ( اللهم اغفر لنا ايتها العصابة ) فكما ان هذا جرد حرف النداء وليس بنداء كذلك { ءانذرتهم ام لم تنذرهم } على صورة الاستفهام وليس باستفهام { لا يؤمنون } [ نمى كردند ايشان كه علم قديم موت ايشان بركفر حكم كرده است بسبب اختيار ايشان ] وهو استئناف مؤكد لما قبله مبين لما فيه من اجمال ما فيه الاستواء قال فى كشف الاسرار اى من اضله اللّه هذا الضلال لم ينفعه الانذار روى ان عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى دعا غيلان اقرأ اول سورة يس الى قوله { ام لم تنذرهم لا يؤمنون } فقال غيلان يا امير المؤمنين واللّه لكأنى لم اقرأها قط قبل اليوم اشهدك يا امير المؤمنين انى تائب مما كنت اتكلم به فى القدر فقال عمر بن عبد العزيز اللهم ان كان صادقا فتب عليه وثبته وان كان كاذبا فسلط عيله من لا يرحمه واجعله آية للمؤمنين قال فاخذه هشام بن عبد الملك فقطع يديه ورجليه قال بعضهم انا رأيته مصلوبا على باب دمشق دلت الحكاية على ان القدرية هم الذين يزعمون ان كل عبد خالق لفعله ولا يرون الكفر والمعاصى بتقدير اللّه تعالى وقال الامام المطرزى وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ولما بين كون الانذار عندهم كعدمه عقبه ببيان من يتأثر منه فقيل ١١ { انا تنذر } اى ما ينفع انذارك الا { من اتبع الذكر } اى القرآن بالتأمل فيه او الوعظ والتذكير ولم يصر على اتباع خطوات الشيطان { وخشى الرحمن بالغيب } اى خاف عقابه تعالى والحال انه غائب عن العقاب على انه حال من الفاعل او الحال ان العقاب غائب عنه اى قبل نزول العقاب وحلوله على انه حال من المفعول او حال كونه غائبا عن عيون الناس فى خلوته ولم يغتر برحمته فانه منتقم قهار كما انه رحيم غفار وكيف يؤمن سخطه وعذابه بعدان قال { ان عذاب ربهم غير مأمون } ومن كان نعمته بسبب رحمته اكثر فالخوف منه اتم مخافة ان يقطع عنه النعم المتواترة فظهر وجه ذكر الرحمن مع الخشية مع ان الظاهر ان يذكر معها ما ينبئ عن القهر وفى التأويلات النجمية { وخشى الرحمن بالغيب } اى بنور غيبتى يشاهد وخامة عاقبة الكفر والعصيان ويتحقق عنده بشواهد الحق كمالية حلاوة الايمان ورفعة رتبة العرفان { فبشره } اى من اتبع وخشى وحد الضمير مراعاة اللفظ من { بمغفرة } عظيمة لذنوبة { واجر كريم } حسن مرضى لاعماله الصالحة لا يقادر قدره وهو الجنة وما فيها مما اعده اللّه لعباده الجامعين بين اتباع ذكره وخشيته والفاء لترتيب التبشير بمثنى على مثنى فالتأمل فى القرآن او التأثر من الوعظ يؤدى الى الايمان المؤدى الى المغفرة لان اللّه تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء والخشية تودى الى الحسنات المؤدية الا فى اصحاب الذكر لانهم فى مشاهد عظمة المذكور فبركة موعظة الصادق تزيد لهم تعظيم اللّه تعالى واجلاله واذا زاد هذا المعنى زادت العبودية وزال التعب وحصل الانس مع الرب واعلم ان الجنة دار جمال وانس وتنزل الهى لطيف . واما النار فهى دار جلال وجبروت فالاسم الرب مع اهل الجنة والاسم الجبار مع اهل النار ابد الآبدين ودهر الداهرين وقد قال تعالى ( هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار ولا ابالى ) وانما كان الحق تعالى لا يبالى بما فعل بالفريقين . ولو كان البطش الشديد هذا كله من المبالاة والتهم بالمأخوذ كذا فى الفتوحات المكية ١٢ { انا } من مقام كما قدرتنا والجمع للتعظيم ولكثرة الصفات وقال بعضهم لما فى احياء الموتى من حظ الملائكة وينافيه الحصر الدال على قوله { نحن } قال فى البحر كرر الضمير لتكرير التأكيد { نحيى الموتى } نبعثهم بعد مماتهم ونجزيهم على حسب اعمالهم فيظهر حينئذ كمال الاكرام والانتقام للمبشرين والمنذرين من الانام والاحياء جعل الشئ حيا ذا حس وحركة والميت من اخرج روحه وقد اطلق النبى عليه السلام لفظ الموتى على كل غنى مترف وسلطان جائر وذلك فى قوله عليه السلام ( اربع يمتن القلب الذنب على الذنب وكثرة مصاحبة النساء وحديثهن وملاحاة الاحمق تقول له ويقول لك ومجالسة الموتى قيل يا رسول اللّه وما مجالسة الموتى قال كل عنى مترف وسلطان جائر ) وفى التأويلات النجمية نحيى قلوبا ماتت بالقسوة بما نمطر عليها من صوب الاقبال والزلفة انتهى فالاحياء اذا مجاز عن الهداية { ونكتب } اى نحفظ ونثبت فى اللوح المحفوظ يدل عليه آخر الآية او يكتب رسلنا وهم الكرام الكاتبون وانما اسند اليه تعالى ترهيبا ولانه الآمر به { ما قدموا } اى اسلفوا من خير وشر وانما اخر الكتابة مع انها مقدمة على الاحياء لانها ليست مقصودة لذاتها وانما تكون مقصودة لامر الاحياء ولولا الاحياء والاعادة لما ظهر للكتابة فائدة اصلا { وآثارهم } اثر الشئ حصول ما يدل على وجوده اى آثارهم التى ابقوها من الحسنات كعلم علموه او كتاب الفوه او حبيس وقفوه او بناء شئ من المساجد والرباطات والقناطر وغير ذلك من وجوه البرّ قال الشيخ السعدى تمرد آنكه ماند بس از وى بجاى ... بل ومسجد وخان مهمان سراى هرآن كو نماند از بسش ياد كار ... درخت وجودش نياورد بار وركرفت آثار خيرش نماند ... نشايد بس از مرك الحمد خواند ومن السيآت كوظيفة وظفها بعض الظلمة على المسلمين مسانهة او مشاهرة وسكة احدثها فيها تحسيرهم وشئ احدث فيه صدّ عن ذكر اللّه من الحان وملاهى ونحوه قوله تعالى { ينبأ الانسان يومئذ بما قدم واخر } اى بما قدم من اعماله واخر من آثاره وفى المثنوى هركه بنهد سنت بد اى فتى ... تادر افتد بعد او خلق از عمى جمع كردد بر وى آن جملة بزه ... كوسرى بودست وايشان دم غزه فعلى العدول ان يرفعوا الاحداث التى فيها ضرر بين الناس فى دينهم ودنياهم والا فالراضى كالفاعل وكل مجزى بعمله از مكافات عمل غافل مشو ... كندم از كندم برويد جو زجو كين جنين كفتست بير معنوى ... كاى برادر هرجه كارى بدروى وقال بعض المفسرين هى آثار المشائين الى المساجد ولعل المراد انها من جملة الآثار كما فى الارشاد روى ان جماعة من الصحابة بعدت دورهم عن المسجد النبوى فارادوا النقلة الى جوار المسجد فقال عليه السلام ( ان اللّه يكتب خطواتكم ويثيبكم عليها فالزموا بيوتكم ) واللّه تعالى لا يترك الجزاء على الخطى سواء كانت فى حسنة او فى سيئة وفى الحديث ( اعظم الناس اجرا من يصلى ثم ينام ) واختلف فيمن قربت داره من المسجد هل الافضل له ان يصلى فيه او يذهب الى الابعد فقالت طائفة الصلاة فى الابعد افضل لكثرة الثواب الحاصل بكثرة الخطى وقال بعضهم الصلاة فى الاقرب افضل لما ورد ( لا صلاة لجار المسجد الا فى المسجد ) ولا حياء حق المسجد ولما له من الجوار وان كان فى جواره مسجد ليس فيه جماعة وبصلاته فيه يحصل الجماعة كان فعلها فى مسجد الجوار افضل لما فيه من عمارة المسجد واحيائه بالجماعة واما لو كان اذا صلى فى مسجد الجوار صلى وحده فالبعيد افضل ولو كان اذا صلى فى بيته صلى جماعة واذا صلى فى مسجد الجوار صلى وحده ففى بيته افضل قال بعضهم جار المسجد اربعون دارا من كل جانب وقيل جار المسجد من سمع النداء قال فى مجمع الفتاوى رجل لو كان فى جواره مسجدان يصلى فى اقدمهما لان له زيادة حرمة وان كانا سواء ايهما اقرب يصلى هناك وان كان فقيها يذهب الى الذى قومه اقل حتى يكثر بذهابه وان لم يكن فقيها يخير قالوا كل ما فيه الجماعة كالفرائض والتروايح فالمسجد فيه افضل فثواب المصلين فى البيت بالجماعة دون ثواب المصلين فى المسجد بالجماعة وفى الحديث ( صلاة الرجل فى جماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه ( خسمة وعشرين ضعفا ) وفى رواية ( سبعة وعشرين ) ) وذلك لان فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة والرواتب عشر فالجميع سبع وعشرون واكثر العلماء على ان الجماعة واجبة وقال بعضهم سنة مؤكدة وفى الحديث ( لقد هممت ان آمر رجلا يصلى بالناس وانظر الى اقوام يتخلفون عن الجماعة فاحرّق بيوتهم ) وهذا يدل على جواز احراق بيت المتخلف عن الجماعة لان الهم على المعصية لا يجوز من الرسول عليه السلام لانه معصية فاذا جاز احراق البيت على ترك الواجب او السنة المؤكدة فما ظنك فى ترك الفرض وفى الحديث ( بشروا المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة ) وفيه اشارة الى ان كل ظلمة ليست بعذر لترك الجماعة بل الظلمة الشديدة واطلاق اللفظ يشعر بان المتحرى للافضل ينبغى ان لا يتخلف عن الجماعة بأى وجه كان الا ان يكون العذر ظاهرا اليد والرجل من خلاف او مفلوجا او لا يستطيع المشى او اعمى والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة فى الصحيح وكذا الخوف من السلطان او غيره من المتغلبين جعلنا اللّه واياكم ممن قام بامره فى جميع عمره { وكل شئ } من الاشياء كائنا ما كان سواء كان ما يصنعه الانسان او غيره وهو منصوب بفعل مضمر يفسره قوله { أحصيناه } ضبطناه وبيناه قال ابن الشيخ اصل الاحصاء العد ثم استعير للبيان والحفظ لان العد يكون لاجلهما وفى المفردات الاحصاء التحصيل بالعدد يقال احصيت كذا وذلك من لفظ الحصى واستعمال ذلك فيه لانهم كانوا يعتمدون عليه فى العد اعتمادنا فيه على الاصابع { فى امام مبين } اصل عظيم الشان مظهر لجميع الاشياء مما كان وما سيكون وهو اللوح المحفوظ سمى اماما لانه يؤتم به ويتبع قال الراغب الامام المؤتم به انسانا كان يقتدى بقوله وبفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا وجمعه ائمة نحو قوله تعالى { يوم ندعو كل اناس بامامهم } اى بالذى يقتدرون به وقيل بكتابهم { وكل شئ احصيناه فى امام مبين } فقد قيل اشارة الى اللوح المحفوظ انتهى. وفى الاحصاء ترغيب وترهيب فان المحصى لم يصح منه الغفلة فى حال من الاحوال بل راقب نفسه فى كل وقت ونفس وحركة وسكنة وخاصية هذا الاسم تسخير القلوب فمن قرأه عشرين مرة على كل كسرة من الخبز والكسر عشرون فانه يسخر له الخلق فان قلت ما فائدة تسخير الخلق قلت دفع المضرة او جلب المنفعة واعظم المنافع التعليم والارشاد واختار بعض الكبار ترك التصرف والالتفات الى جانب الخلق بضرب من الحيل فان اللّه تعالى يفعل ما يريد والا هم تسخير النفس الامارة حتى تنقاد للامر وتطيع للحق فمن لم يكن له امارة على نفسه كان ذليلا فى الحقيقة وان كان مطاعا فى الظاهر وفى التأويلات النجمية { وكل شئ } مما يتقربون به الينا { احصيناه فى امام مبين } اى اثبتنا آثاره وانواره الملكوت منتقشة واسرار الجبروت منطبعة مما كان فى حد البشر دركه وطوق العقل الكلى كشفه وانما يحصل هذا بعد التصفية بحيث لم يبق فى القلب صورة ذرة مما يتعلق بالكونين ومعنى التصفية ازالة المتوهم ليظهر المتحقق فمن لم يدر المتوهم من المتحقق حرم من المتحقق : قال المولى الجامى قدس سره سككى مى شد استخوان بدهان ... كرده ره بر كنار آب روان بسكه آن آب صاف وروشن بود ... عكس آن استخوان در آب نمود برد بيجاره سك كمان كه مكر ... هست درآب استخوان دكر لب جو بكشاد سوى آن بستاد ... استخوان ازدهان در آب فتاد نيست را هستئ توهم كرد ... بهرآن نيست هست را كم كرد فعلى العاقل ان يجلو المرآة ليظهر صورة الحقيقة وحقيقة الوجود ويحصل كمال العيان والشهود نسأل اللّه سبحانه وتعالى ان يجعلنا من اهل الصفوة ويحفظنا من الكدورات والهفوة انه غاية المقصود ونهاية الامل من كل علم وعمل ١٣ { واضرب لهم مثلا اصحاب القرية } الى قوله خامدون يشير الى اصناف الطافه مع احبائه وانواع قهره مع اعدائه كما فى التأويلات النجمية امر اللّه تعالى سيد المرسلين صلّى اللّه عليه وسلّم بانذار مشركى مكة بتذكيرهم قصة اصحاب القرية ليحترزوا عن ان يحل بهم ما نزل بكفار اهل تلك القرية قال فى الارشاد ضرب المثل يستعمل على وجهين . الاول فى تطبيق حالة غريبة بحالة اخرى مثلها فالمعنى اجعل اصحاب القرية مثلا لاهل مكة فى الغلو فى الكفر والاصرار على تكذيب الرسل اى طبق حالهم بحالهم على ان مثلا مفعول ثان واصحاب القرية مفعولا الاول اخر عنه ليتصل به ما هو شرحه وبيانه . والثانى فى ذكر حالة غريبة وبيانها للناس من غير قصد الى تطبيقها بنظيرة لها فالمعنى اذكر بين لهم قصة هى فى الغرابة كالمثل فقوله اصحاب القرية اى مثل اصحاب القرية على تقدير المضاف كقوله { واسأل القرية } وهذا المقدر بدل من الملفوظ او بيان له والقرية انطاكية من قرى الروم وهى ذات عين وسور عظيم من صخر داخله خمسة اجبل دورها اثنا عشر ميلا كما فى القاموس ويقال لها انتاكية بالتاء بدل الطاء وهو المسموع من لسان الملك فى قصة ذكرت فى مشارع الاشواق قال الامام السهيلى نسبت انطاكية الى انطقيس وهو اسم الذى بناها من مدائن النار بشهادة النبى عليه السلام حيث قال ( اربع مدائن من مدائن الجنة مكة والمدينة وبيت القدس وصنعاء اليمن واربع مدائن من مدائن النار انطاكية وعمورية وقسطنطينية وظفار اليمن ) وهو كقطام بلد باليمن قرب صنعاء اليه ينسب الجزع وهو بالفتح خرز فيه سواد وبياض يشبه به الاعين وكانت انطاكية احدى المدن الاربع التى يكون فيها بطارقة النصارى وهى انطاكية والقدس والاسكندرية ورومية ثم بعدها قسطنطينة قال فى خريدة العجائب رومية الكبرى مدينة عظيمة فى داخلها كنيسة عظيمة طولها ثلاثمائة ذراع واركانها من نحاس مفرع مغطى كلها بالنحاس الاصفر وبها كنيسة ايضا بنيت على هيئة بيت المقدس وبها الف حمام فندق وهو الخان ورومية اكبر من ان يحاط بوصفها ومحاسنها وهى الروم مثل مدينة فرانسة للافرنج كرسى ملكهم ومجتمع امرهم وبيت ديانتهم وفتحها من اشراط الساعة { اذ جاءها المرسلون } بدل من اصحاب القرية بدل الاشتمال لاشتمال الظروف على ما حل فيها كأنه قيل واجعل وقت مجيئ المرسلين مثلا او بدل من المضاف المقدر كأنه قيل واذكر لهم وقت مجيئ المرسلين وهم رسل عيسى عليه السلام الى اهل انطاكية ١٤ { اذا ارسلنا اليهم اثنين } بدل من اذ الاولى اى وقت ارسالنا اثنين الى اصحاب القرية وهما يحيى ويونس ونسبة ارسالهما اليه تعالى بناء على انه بامره تعالى فكانت الرسل رسل اللّه . ويؤيده مسألة فقهية وهى ان وكيل الوكيل باذن الموكل بان قال الموكل له اعمل برأيك يكون وكيلا للموكل لا للوكيل حتى لا ينعزل بعزل الوكيل اياه وينعزل اذا عزله الموكل الاول { فكذبوهما } اى فاتياهم فدعواهم الى الحق فكذبوهما فى الرسالة بلا تراخ وتأمل وضربوهما وحبسوهما على ما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما وسيأتى { فعززنا } اى قويناهما فحذف المفعول لدلالة ما قبله عليه ولان القصد ذكر المعزز به وبيان تدبيره اللطيف الذى به عز الحق وذل الباطل يقال عزز المطر الارض اذا لبدها وسددها وارض عزاز اى صلبة وتعزز اللحم اشتد وعز كأنه حصل فى هزاز يصعب الوصول اليه وفى تاج المصادر [ التعزيز والتعزة : ليرومند كردند ] ومنه الحديث ( انكم لمعزز بكم ) اى مشدد [ وفرو نشاندن باران ومين را ] انتهى { بثالث } هو شمعون الصفار ويقال له شمعون الصخرة ايضا رئيس الحواريين وقد كان خليفة عيسى عليه السلام بعد رفعه الى السماء قال فى التكملة اختلف فى المرسليين الثلاثة فقيل كانوا انبياء رسلا ارسلهم اللّه تعالى وقيل كانوا من الحواريين ارسلهم عيسى بن مريم الى اهل القرية المذكورة ولكن لما كان ارساله اياهم عن امره اضاف الارسال اليه انتهى علم منه ان الحواريين لم يكونوا انبياء لا فى زمان عيسى ولا بعد رفعه واليه الاشارة بقوله عليه السلام ( ليس بينى وبينه نبى ) اى بين عيسى وان احتمل ان يكون المراد النبى الذى يأتى بشريعة مستقلة وهو لا ينافى وجود النبى المقرر للشريعة المتقدمة { فقالوا } اى جميعا { انا اليكم مرسلون } مؤكدين كلامهم لسبق الانكار لما ان تكذيبهما تكذيب للثالث لا تحاد كلمتهم قال فى كشف الاسرار [ قصة آنست كه رب العالمين وحى فرستاد بعيسى عليه السلام كه من ترا بآسمان خواهم برد حواريان را يكاد يكان دودان دوان بشهرها فرست تاخلق را بدين حق دعوت كنند عيسى ايشانرا حاضر كرد ورئيس ومهترايشان شمعون وايشانرا يكان يكان ودوان دوان قوم بقوم فرستاد وشهر شهر ايشانرا نامزد مى زد وايشانرا كفت جون من بآسمان رفتم شماهر كجا كه معين كرده ميرويد ودعوت ميكنيد واكر زبان آن قوم ندانيد درآن راه كه ميرويد شمارا فرستة بيش ايد جامى شراب بر دست نهاده از ان شراب نورانى بازخوريد تاز بان او قوم بدانيد ودوكس را بشهر انطاكيه فرستاد ] وكانوا عبدة اصنام وقال اكثر اهل التفسير ارسل اليهم عيسى اثنين قبل رفعة ولما امرهما ان يذهبا الى القرية قالا يا نبى اللّه انا لا نعرف لسان القوم فدعا اللّه لهما فناما بمكانهما فاستيقظا وقد حملتهما الملائكة والقتهما الى ارض انطاكية فكلم كل واحد صاحبه بلغة القوم فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار الذى ينحت الاصنام وهو صاحب يس لان اللّه تعالى ذكره فى سورة يس فى قوله تعالى { وجاء رجل من اقصى المدينة } فسلما عليه فقال من انتما فاخبراه بانهما من رسل عيسى [ آمده ايم تاشمارا بردين حق دعوت كنيم وراه راست وملت باك شما نماييم كه دين حق توحيداست وعبادت خداى يكتا يير كفت شمارا برراستى اين سخن هيج معجزه هست كفتند آرى ] نحن نشفى المريض ونبرئ الاكمه والابرص باذن اللّه وكان للرسل من المعجزة ما للانبياء بدعاى عيسى [ ييركفت مرا بسر يست ديوانه وياخود دير كاه تاوى بيماراست ودردوى علاج اطبا نه بذيرد خواهم كه اورا به بينيد ايشانرا نخانه برد ] فدعوا اللّه تعالى ومسحا المريض فقام باذن اللّه صحيحا قدم نهادى وبرهر دوديده جا كردى ... بيكنفس دل بيمارا را دوا كردى فآمن حبيب وفشا الخبر وشفى على ايديهما خلق وبلغ حديثهما الى الملك واسمه بحناطيس الرومى او انطيخس او شلاحن فطلبهما فاتياه فاستخبر عن حالهما فقالا نحن رسل عيسى ندعوك الى عبادة رب وحده فقال النا رب غير الهتنا قال نعم وهو من او جدك وآلهتك من آمن به دخل الجنة ومن كفر به دخل النار وعذب فيها ابدا فغضب وضربهما وحبسهما فانتهى ذلك الى عيسى فارسل ثالثا وهو شمعون لينصرهما فانه رفع بعده كما قاله البعض فجاء القرية متنكرا اى لم يعرف حاله ورسالته وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا حديثه الى الملك فانس به وكان شمعون يظهر موافقته فى دينه حيث كان يدخل معه على الصنم فيصلى ويتضرع وهو يظن انه من اهل دينه كما قال الشيخ سعدى فى قصة صنم سومنات لما دخل الكنيسة متنكرا واراد ان يعرف كيفية الحال بتك را يكى بوسه دادم بدست ... كه لعنت برو باد وبربت برست بتقليد كافر شدم روز جند ... برهمن شدم در مقالات زند فقال شمعون للملك يوما بلغنى انك حبست رجلين دعواك الى اله غير الهك فهل لك ان تدعوهما فاسمع كلامهما واخاصمهما عنك فدعاههما . وفى بعض الروايات لما جاء شمعون الى انطاكية دخل السجن اولا حتى انتهى الى صاحبيه فقال لهما ألم تعلما انكما لا تطاعان الا بالرفق واللطف جو بينى كه جاهل بكين اندراست ... سلامت بتسليم دين اندراست قال وان مثلكما مثل امرأة لم تلد زمانا من دهرها ثم ولدت غلاما فاسرعت بشأنه فاطعمته الخبز قبل اوانه فغص به فمات فكذلك دعوتكما هذا الملك قبل او ان الدعاء ثم انطلق الى الملك يعنى بعد التقرب اليه استدعاهما للمخاصمة فلما حضرا قال لهما شمعون من ارسلكما قالا اللّه الذى خلق كل شئ وليس له شريك فقال صفاه واوجزا قالا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال وما برهانكما على ما تدعيانه قالا ما يتمنى الملك فجيء بغلام مطموس العينين اى كان لا يتميز موضع عينيه من جبهته فدعوا اللّه حتى انشق له موضع البصر فاخذا بندقتين من الطين فوضعهما فى حدقيته فصارتا مقلتين ينظر بهما فتعجب الملك فقال له شمعون أرأيت لو سألت الهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف قال ليس لى عنك سر مكتوم ان الهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع ثم قال له الملك ان هنا غلاما مات منذ سبعة ايام كان لابيه ضيعة قد خرج اليها واهله ينتظرون قدومه واستأذنوا فى دفنه فامرتهم ان يؤخروه حتى يحضروا ابوه فهل يحييه ربكما فامر باحضار ذلك الميت فدعوا اللّه علانية ودعا شمعون سرا فقام الميت حيا باذن اللّه [ كفت جون جانم از كالبد جدا كشت مرا بهفت وادئ آتش بكذر انيدند از آنكه بكفر مرده ام ] وانا احذركم عما انتم فيه من الشرك فآمنوا [ وكفت اينك درهاى آسمان مى بينم كشاده وعيسى ييغمبر ايستاده زير عرش واز بهر اين ياران شفاعت ميكند وميكويدكه بارخدايا ايشانرا نصرت ده كه ايشان رسولان من اند ] حتى احيانى اللّه وانا اشهد ان لا اله اللّه وان عيسى روح اللّه وكلمته وان هؤلاء الثلاثة رسل اللّه قال الملك ومن الثلاثة قال الغلام شمعون وهذان فتعجب الملك فلما رأى شمعون ان قوم الغلام قد اثر فى الملك اخبره بالحال وانه رسول المسيح اليهم ونصحه فآمن الملك فقط كما حكاه القشيرى خفية على خوف من عتاة ملئه واصر قومه فرجموا الرسل بالحجارة وقالوا ان كلمتهم واحدة وقتلوا حبيب النجار وابا الغلام الذى احيى لانه ايضا كان قد آمن ثم ان اللّه تعالى بعث جبريل فصاح عليهم صيحة فماتوا كلهم كما سيجيء تمام القصة وقال وهب مب منبه وكعب الاحبار بل كفر الملك ايضا واصروا جميعا هو وقومه على تعذيب الرسل وقتلهم ويؤيده حكاية تماديهم فى اللجاج والعناد وركوبهم متن المكابرة فى الحجاج ولو آمن الملك وبعض قومه كما قال بعضهم لكان الظاهر ان يظاهروا الرسل ويساعدوهم قبلوا فى ذلك او قتلوا كدأب النجار الشهيد ولم ينقل ذلك مع ان الناس على دين ملوكهم لا سيما بعد وضوح البرهان ١٥ { قالوا } اى اهل انطاكية الذين لم يؤمنوا مخاطبين للثلاثة { ما انتم الا بشر } آدمى { مثلنا } هو من قبيل قصر القلب فالمخاطبون وهم الرسل لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا ولا منكرين لذلك لكنهم نزلوا منزلة المنكرين لاعتقاد الكفار ان الرسول لا يكون بشرا فنزلوهم منزلة المنكرين للبشرية لما اعتقدوا التنافى بين الرسالة والبشرية فقلبوا هذا الحكم وعكسوه وقالوا ما انتم الا بشر مثلنا اى انتم مقصورون على البشرية ليس لكم وصف الرسالة التى تدعونها فلا فضل لكم علينا يقتضى اخصاصكم بالرسالة دوننا ولو ارسل الرحمن الى البشر رسلا لجعلهم من جنس افضل منهم وهم الملائكة على زعمهم { وما انزل الرحمن من شئ } من وحى سماوة ومن رسول يبلغه فكيف صرتم رسلا وكيف يجب علينا طاعتكم وهو تتمة الكلام المذكور لانه يستلزم الانكار ايضا { ان انتم } اى ما انتم { الا تكذبون } فى دعوى رسالته ١٦ { قالوا ربنا يعلم } بعلمه الحضورى { انا اليكم لمرسلون } وان كذبتمونا استشهدوا بعلم اللّه وهو يجرى مجرى القسم فى التوكيد مع ما فيه من تحذيريهم معارضة علم اللّه وازادوا اللام المؤكدة لما شاهدوا منهم من شدة الانكار ١٧ { وما علينا } اى من جهة ربنا { الا البلاغ المبين } اى الا تبليغ رسالته تبليغا ظاهرا مبينا بالآيات الشاهدة بالصحة فانه لا بد للدعوى من البينة وقد خرجنا من عهدته فلا مؤاخذة لنا بعد ذلك من جهة ربنا ليس فى وسعنا اجباركم على الايمان ولا ان نوقع فى قلوبكم العلم بصدقنا فان آمنتم والا فينزل عليكم وفيه تعريض لهم بان انكارهم للحق ليس لخفاء حاله وصحته بل هو مبنى على محض العناد والحمية الجاهلية ١٨ { قالوا } لما ضاقت عليهم الحيل ولم يبق لهم علل { انا تطيرنا بكم } اصل التطير التفاؤل بالطير فانهم يزعمون ان الطائر السانح سبب للخير والبارح سبب الشر كما سبق فى النمل ثم استعمل فى كل ما يتشاءم به والمعنى انا تشاء منا بكم جريا على ديدن الجهلة حيث كانوا يتيمنون بكل ما يوافق شواتهم ان كان مستجلبا لكل شر ووبال ويتشاءمون بكل ما لا يوافقها وان كان مستتبعا لسعادة الدارين وقال النقشبندى قد تشاء منا بقدومكم اذا منذ قدمتم الى ديارنا ما نزل القطر علينا وما اصابنا هذا الشر الا من قبلكم اخرجوا من بيننا وارجعوا الى اوطانكم سالمين وانتهوا عن دعوتكم ولا تتفوهوا بها بعد . وكان عليه السلام يحب التفاؤل ويكره التطير والفرق بينهما ان الفأل انما هو من طريق حسن الظن باللّه والتطير انما هو من طريق الاتكال على شئي سواه وفى الخبر لما توجه النبى عليه السلام نحو المدينة لقى بريدة بن اسلم فقال ( من انت يا فتى ) قال بريدة فالتفت عليه السلام الى ابى بكر فقال ( برد امرنا وصلح ) اى سهل ومنه قوله ( الصوم فى الشتاء الغنيمة الباردة ) ثم قال عليه السلام ( ابن من انت يا فتى ) قال ابن اسلم فقال عليه السلام لابى بكر رضى اللّه عنه ( سلمنا من كيدهم ) وفى الفقه لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند البعض وفى الحديث ( ليس عبد الا سيدخل فى قلبه الطيرة فاذا احس بذلك فليقل انا عبد اللّه ما شاء اللّه لا قوة الا باللّه لا يأتى بالحسنات الا اللّه ولا يذهب بالسيآت الا اللّه اشهد ان اللّه على كل شئ قدير ثم يمضى بوجهه ) يعنى يمضى مارّا بوجهه اى بجهة وجهه فعدى يمضى بالباء لتضمين معنى المرور قالوا من تطيرنا منهيا عنه حتى منعه مما يريده من حاجته فانه قد يصيبه ما يكرهه كما فى عقد الدر { لئن لم تنتهوا } واللّه لئن لم تمتنعوا عن مقالتكم ههذ ولم تسكتوا عنا : وبالفارسية [ واكر نه باز ايستيد ازدعواى خود ] { لنرجمنكم } [ الرجم : سنكسار كردن ] اى لنرمينكم بالحجارة { وليمسنكم منا عذاب اليم } [ وبشما رسد ازما عذابى دردنماى ] اى لا نكفى برجمكم بحجر او حجرين بل نديم ذلك عليكم الى الموت وهو العذاب الاليم او ليمسنكم بسبب الرجم منا عذاب مؤلم . وفسر بعضهم الرجم بالشتم فيكون المعنى لا نكتفى بالشتم بل يكون شتمنا مؤديا الى الضرب والايلام الحسى حكى ان دباغا مر بسوق العطارين فغشى عليه وسقط فاجتمع عليه اهل السوق وعالجوه بكل ما يمكن من الاشياء العطرة فلم يفق بل اشتد عليه الحال ولم يدر احد من اين صار مصروعا ثم اخبر اقرباؤه بذلك فجاء اخوه وفى كمه شئ من نجاسة الكلب فسحقه حتى اذا وصلت رائحته الى شمه افاق وقام وهكذا حال الكفار كما قال جلال الدين قدسر سره فى المثنوى ناصحان او را بعنبر يا كلاب ... مى دوا سازند بهر فتح باب مر خبيثانرا نشايد طيبات ... در خورو لايق نباشد اى ثقات جون زعطر وحى كم كشتندوكم ... بدفغان شان كه تطيرنا بكم رنج وبيماريست مارا زين مقال ... نيست نيكو وعظتان مارا بفال كربيا غازيد نصحى آشكار ... ماكنيم آن دم شمارا سنكسار ما بلغوا ولهو فربه كشته ايم ... در نصيحت خويش را نسرشته ايم هست قوت مادروغ ولاف ولاغ ... شورش معده است مارا زين بلاغ هركرا مشك نصيحت سودنيست ... لا جرم بابوى بدخو كردنيست مشر كانرا ازان نجس خواندست حق ... كاندرون بشك زادند از سبق كرم كوزادست در سركين ابد ... مى نكرداند بعنبر خوى خود ١٩ { قالوا } اى المرسلون لاهل انطاكية { طائركم } اى سبب شؤمكم { معكم } لا من قبلنا وهو سوء اعتقادكم وقبح اعمالكم فالطائر بمعنى ما يتشاءم به مطلقا { آئن ذكرتم } بهمزتين استفهام وشرط اى وعظتم بما فيه سعادتكم وخوّفتم : وبالفارسية [ آيا اكربند داده مى شويد ] وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه اى تطيرتم او توعدتم بالرجم والتعذيب { بل انتم قوم مسرفون } اضراب عما تقضيه الشرطية من كون التذكير سببا للشؤم او مصححا للتوعد اى ليس الامر كذلك بل انتم قوم عادتكم الاسراف فى العصيان والتجاوز فيه عن الحد فلذلك اتاكم الشؤم او فى الظلم والعدوان ولذلك توعدتم وتشاءمتم بمن يجب اكرامه والتبرك به . وهؤلاء القوم فى الحقيقة هم النفس وصفاتها فانها اسرفت فى موافقة الطبع ومخالفة الحق فكل من كان فى يد مثل هذه النفس فهو لا يبالى بالوقوع فى المهالك ولا يزال يدعو الناس الى ما سلكه من شر المسالك هركرا باشد مزاج وطبع سست ... او نخواهد هيج كس را تن درست وكل من تخلص عنها وزكاها افلح هو من تبعه ولذا وعظ الانبياء والاولياء وذكروا ونبهوا الناس على خطاهم واسرافهم وردوهم عن طريقة اسلافهم ولكن الذكرى انما تنفع المؤمنين حكى ان غلام الخليل سعى بالصوفية الى خليفة بغداد وقال انهم زنادقة فاقتلهم ولك ثواب جزيل فاحضرهم الخليفة وفيهم الجنيد والشبلى والنورى فامر بضرب فتقدم ابو الحسين النورى فقال السياف أتدرى الى ما تبادر فقال نعم فقال وما يعجلك فقال اوثر اصحابى بحياة ساعة فتحير السياف وانهى الامر الى الخليفة فتعجب الخليفة ومن عنده من ذلك فامر بان يختبر القاضى حالهم فقال القاضى يخرج الىّ واحد منهم حتى ابحث معه فخرج اليه ابو الحسن النورى فالقى اليه القاضى مسائل فقهية فالتفت عن يمينه ثم التفت عن يساره ثم اطرق ساعة ثم اجابه عن الكل ثم اخذ يقول بعد فان لله عبادا اذا قاموا قاموا باللّه واذا انطقوا نطقوا باللّه وسرد كلاما بكى القاضى ثم سأله القاضى عن التفائه فقال سالتنى عن المسائل ولا اعلم لها جوابا فسألت عنها صاحب اليمين فقال لا علم لى ثم سألت صاحب الشمال فقال لا علم لى فسألت قلبى فاخبرنى قلبى عن ربى فاجبتك بذلك فارسل القاضى الى الخليفة ان كان هؤلاء زنادقة فليس على وجه الارض مسلم [ خليفة ايشانرا بخواند وكفت حاجتى خواهيد كفتند حاجت ما آنست كه مارا فراموش كنى نه بقبول خود مارا مشرف كردانى نه برد مهجور كه مارا رد توجون قبول تست خليفة بسياريكريس اوايشانرا باكرامى تمام روارنه كرد جون در نهاد خليفة وقاضى عدل وانصاف سرشته مى شد لا جرم بجانب حق ميل كردند ودر حق صوفية محققين طريقة ظلم واسراف سالك نشدند ] عصمنا اللّه واياكم من مخالفة الحق الصريح بعد وضوحه بالبرهان الصحيح ٢٠ { وجاء من اقصى المدينة } ابعد جوانب انطاكية : وبالفارسية [ وآمد ازدورتر جابى ازان شهر ] { رجل } فيه اشارة الى رجولية الجائى وجلادته وتنكيره لتعظيم شأنه لا لكونه رجلا منكورا غير معلوم فانه رجل معلوم عند اللّه تعالى وكان منزله عند اقصى باب فى المدينة وفى مجيئة من اقصى المدينة بيان لكون الرسل اتوا بالبلاغ المبين حتى بلغت دعوتهم الى اقصى المدينة حيث آمن الرجل وكان دور السور اثنى عشر ميلا كما سبق { يسعى } حال كونه يسرع فى مشيه فان السعى المشى السريع وهو دون العدو كما فى المفردات . والمراد حبيب بن مرى النجار المشهور عند العلماء بصاحب يس كما سبق وجهه وفى بعض التواريخ كان من نسل الاسكندر الرومى وانما سمى حبيب النجار لانه كان ينحت اصنامهم يقول الفقير هذا ظاهر على تقدير ان يكون ايمانه على ايدى الرسل وهو الذى عليه الجمهور واما قوله عليه السلام ( سباق الامم ثلاثة لم يكفروا باللّه طرفة عين على بن ابى طالب وصاحب يس ومؤمن آل فرعون ) فمعناه انهم لم يسجدوا للصنم ولم يخلوا بما هو من اصول الشرائع ولا يلزم من نحت الاصنام السجدة لها والاظهر انه كان نجارا كما فى التعريف للسهيلى ولا يلزم من كونه نجارا كونه ناحتا للاصنام وقد قالوا انه ممن آمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبينهما ستمائة سنة . وكان سبب ايمانه به انه كان من العلماء بكتاب اللّه ورأى فيه نعته ووقت بعثته فآمن به ولم يؤمن بنبى غيره عليه السلام قبل مبعثه وقد آمن به قبل مبعثه ايضا غير حبيب النجار كما قال السيوطى اول من اظهر التوحيد بمكة وما حولها قس بن ساعدة وفى الحديث ( رحم اللّه قسا انى لارجو يوم القيامة ان يبعث امة وحده ) وورقة بن نوفل ابن عم خديجة رضى اللّه عنها وزيد بن عمرو بن نفيل وكذا آمن به عليه السلام قبل مبعثه واظهر التوحيد تبع الاكبر وقصته انه اجتاز بمدينة الرسول عليه السلام وكان فى ركابه مائة الف وثلاثون الفا من الفرسان ومائة الف وثلاثة عشر الفا من الرجالة فاخبر ان اربعمائة رجل من اتباعه من الحكماء والعلماء تبايعوا ان لا يخرجوا منها فسألهم عن الحكمة فقالوا ان شرف البيت انما هو برجل يخرج يقال له محمد هذه دار اقامته ولا يخرج منها فبنى فيها لكل واحد منهم دارا واشترى له جارية واعتقها وزوجها منه واعطاهم عطاء جزيلا وكتب كتابا وختمه ورفعه الى عالم عظيم وامره ان يدفع ذلك الكتاب لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم لم ينزل الى فى داره ووصل اليه عليه السلام الكتاب المذكور على يد بعض ولد العالم المسطور فى اول البعثة او حين هاجر وهويين مكة والمدينة ولما قرئ عليه قال ( مرحبا بتبع الاخ الصالح ) ثلاث مرات وكان ايمانه قبل مبعثه بالف سنة ويقال ان الاوس والخزرج من اولاد اولئك العلماء والحكماء . وذكر انه حفر قبر بصنعاء قبل الاسلام فوجد فيه امرأتان لم تبليا وعند رؤسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب هذا قبر فلانة وفلانة ابنتى تبع ماتتا وهما تشهدان ان لا اله اللّه اللّه ولا تشركان به وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما وفى الحديث ( من مات وهو يعلم لا اله الا اللّه دخل الجنة ) وانما لم يقل من مات وهو يؤمن او يقول ليعلمنا ان كل موحد لله فى الجنة يدخلها من غير شفاعة ولو لم يوصف بالايمان كقس ابن ساعدة واضرابه ممن لا شريعة بين اظهرهم يؤمنون بها وبصاحبها فقس موحد لا مؤمن كما فى المفردات المكية [ كفتند حبيب تجار خانة داشت درآن كوشه از شهر بدورتر جايى از مردمان وكسب كردى هرروز آنجه كسب وى بود يك نيمه بصدقة دادى ويك نيمه بخرج عيال كردى وخدايرا بنهان عبادت كردى وكس ازحال وى خبر نداشتى تا آن روز كه رسولان عيسى را رنجانيدند وجفا كردند ازان منزل خويش بشتاب بيامد وايمان خويش آشكارا كرد وكفته اند اهل انطاكية دارها بردند وآن رسولا نرا باجهل تن كه ايمان آورده بودند كلوهاى شان سوراخ كردند ورسنها بكلوا در كشيدند وازدار بياويختند خبر بحبيب نجار رسيد كه خدايرا مى برستيد درغارى جنانكه ابدال دركوه نشينند وازخلق عزلت كيرند بشاب ازمنزل خويش بيامد ] { قال } استئناف بيانى كأنه قيل فما قال عند ما جاء ساعيا ووصل الى المجمع ورآهم مجتمعين على الرسل قاصدين قتلهم فقيل قال { يا قوم } اصله يا قومى معناه : وبالفارسية [ اى كروه من ] خاطبهم بيا قوم لتأليف قلوبهم واستمالتها نحو قبول نصحيته وللاشارة الى انهلا يريد بهم الا الخير وانه غير متهم بارادة السوء بهم قال بعضهم وكان مشهورا بينهم بالورع واعتدال الاخلاق { اتبعوا المرسلين } المبعوثين اليكم بالحق تعرض لعنوان رسالتهم حثالهم على اتباعهم [ قتاده كفت جون بياند نخست رسولا نرا بديد كفت شما باين دعوت كه ميكنيد هيج مزد ميخواهيد كفتند ماهيج مزد نميخواهيم وجز اعلاى كلمة حق واظهار دين اللّه مقصود نيست جبيب قوم را بكفت ] ٢١ { اتبعوا من لا يسألكم } [ نمى خواهند ازشما ] { اجرا } اجرة ومالا على النصح وتبليغ الرسالة { وهم مهتدون } الى خير الدين والدنيا والمهتدى الى طريق الحق الموصل الى هذا الخير اذا لم يكن متهما فى الدعوة يجب اتباعه وان لم يكن رسولا فكيف وهم رسل ومهتدون ومن قال الا يغال هو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها تكون الآية عنده مثالا له لان قوله وهم مهتدون مما يتم المعنى بدونه لان الرسول مهتد لا محالة الا ان فيه زيادة حث على اتباع الرسل وترغيب فيه فقوله من لا يسألكم بدل من المرسلين معمول لاتبعوا الاول والثانى تأكيد لفظى للاول قال فى الارشاد تكرير للتأكيد ولتوسل به الى وصفهم بما يرغبهم فى اتباعهم من التنزه عن الغرض الدنيوى والاهتداء الى الخير الدنيا والدين انتهى وفيه ذم للمتشيخة المزّورين الذين يجمعون بتلبيساتهم اموالا كثيرة من الضعفاء الحمقى المائلين نحو اباطيلهم كما فى التأويلات النقشبندية ره كاروان شير مردان زنند ... ولى جامة مردم اينان كنند عصاى كليمند بسيار خوار ... بظاهر جنين زرد روى ونزار [ جون حبيب آن قوم را نصيحت كرد ايشان كفتند ] وانت مخالف لديننا ومتابع لهؤلاء الرسل فقال ٢٢ { ومالى } وأى شئ عرض لى { لا اعبد الذى فطرنى } خلقنى واظهرنى من كتم العدل وربانى بانواع اللطف والكرم وقد سبق الفطر فى اول فاطر وهذا تطلف فى الارشاد بايراده فى معرض اللطف والكرم وقد سبق الفطر فى اول فاطر وهذا تلطف فى الارشاد بايراده فى معرض المناصحة لنفسه وامحاض النصح حيث اراهم انه اختار لهم ما يختار لنفسه والمراد لنفسه والمراد تقريعهم على ترك عبادة خالقهم الى عبادة غيره كما ينبئ عنه قوله { واليه ترجعون } مبالغة فى التهديد اى اليه تعالى لا الى غيره تردون ايها القوم بعد البعثة للمجازاة او للمحاسبة قال فى فتح الرحمن اضاف الفطرة الى نفسه والرجوع اليهم لان الفطرة اثر النعمة وكانت عليه اظهر وفى الرجوع معنى الزجر وكان بهم أليق قال بعض العارفين العبودية ممزوجة بالفطرة والمعرفة فوق الخلقة والفطرة وهذا المعنى مستفاد من قول النبى عليه السلام ( كل مولود يولد على الفطرة ) ولو كانت المعرفة ممزوجة بالفطرة لما قال ( وابواه يهود انه ويمجسانه وينصرانه ) بل المعرفة تتعلق بكشف جماله وجلاله صرفا بالبديهة بغير علة واكتساب لقوله { ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل } قال بعضهم العبد الخالص من عمل على رؤية الفطرة لا غير واجل منه من يعمل على رؤية الفاطر ثم عاد على المساق الاول وهو ابراز الكلام فى صورة النصيحة لنفسه ٢٣ فقال { ءاتخذ من دونه } اى دون الذى فطرنى وهو اللّه تعالى { آلهة } باطلة وهى الاصنام وهو انكار ونفى لاتخاذ الآلهة على الاطلاق اى لا اتخذ ثم استأنف لتعليل النفى فقال { ان يردن الرحمن بضر } يعنى [ اكرخواهد رحمن ضررى بمن رسد ] والضر اسم لكل سوء ومكروه يتضر ربه { لا تغن عنى شفاعتهم } اى الآلهة { شيأ } اى لا تنفعنى شيأ من النفع اذ لا شفاعة لهم فتنفع فنصب شيأ على المصدرية وقوله لا تغن جواب الشرط والجملة الشرطية استئناف لا محل لها من الاعراب { ولا ينقذون } الانقاذ التخليص اى لا يخلصوننى من ذنيك الضر والمكروه بالنصرة والمظاهرة وهو عطف على لا تغن وعلامة الجزم حذف نون الاعراب لان اصله لا ينقذوننى وهو تعميم بعد تخصيص مبالغة بهما فى عجزهم وانتفاء قدرتهم قال الامام السهيلى ذكروا ان حبيبا كان به داء الجذام فدعا له الحوارى فشفى فلذلك قال ان يردن الرحمن الخ انتهى وقال بعضهم ان المريض كان ابنه كما سبق الا ان يقال لا مانع من ابتلاء كليهما او ان مرض ابنه فى حكم مرض نفسه فلذا اضاف الضر الى نفسه ويحتمل ان الضر ضر القوم لانه روى شفاء كثير من مرضاهم على يدى الرسل فاضافه حبيب الى نفسه على طريقة ما قبله من الاستمالة وتعريفا للاحسان بهم بطريق اللطف ٢٤ { انى اذا } اى اذا اتخذت من دونه آلهة { لفى ضلال مبين } فان اشراك ما ليس من شأنه النفع ولا دفع الضر بالخالق المقتدر الذى لا قادر غيره ولا خير الاخيرة ضلال بين لا يخفى على احد ممن له تمييز فى الجملة ٢٥ { انى آمنت بربكم } الذى خلقكم ورباكم بانواع النعم وانما قال آمنت بربكم وما قال آمنت بربى ليعلموا ان ربهم هو الذى يعبده فيعبدوا ربهم ولو قال انى آمنت بربى لعلهم يقولون انت تعبد ربك ونحن نعبد ربنا وهو آلهتهم { فاسمعون } اجيبونى فى وعظى ونصحى واقبلوا قولى كما يقال سمع اللّه لمن حمده اى قبله فالخطاب للكفرة شافههم بذلك اظهارا للتصلب فى الدين وعدم المبالاة بالقتل . واضافة الرب الى ضميرهم لتحقيق الحق والتنبيه على بطلان ما هم عليه من اتخاذ الاصنام اربابا كما فى الارشاد وانما اكده اظهارا لصدوره عنه بكمال الرغبة والنشاط ولما فرغ من نصيحته لهم وثبتوا عليه فوطئوه بارجلهم حتى خرجت امعاؤه من دبره ثم القى فى البئر وهو قول ابن مسعود رضى اللّه عنه وقال السدى رجموه يعنى [ ايشان اورا سنك مى زندند تاهلاك شد وهو يقول رب اهد قومى آن دليل است بركمال وفرط شفقت وى برخلق اني آنجنان است كه ابو بكر الصديق بنى تيم را كفت آنكه كه اورا مى رنجانيدند واز دين حق بادين باطل ميخواندند كفت ( اللهم اهد بنى تيم فانهم لا يعلمون يأمروننى بالرجوع من الحق الى الباطل ) كمال شفقت ومهربانئ ابو بكر رضى اللّه عنه برخلق خدا غرفة بود از بحر نبوت عربى عليه السلام بآن خبركه كفت ( ما صب اللّه تعالى شيأ فى صدرى الا وصببته فى صدر ابى بكر ) وخلق مصطفى عليه السلام باخلق جنان بود كه كافران بقصدون برخاسته بودند ودندان عزيزوى ميشكستند ونجاست برمهر نبوت مى انداختند وآن مهتر عالم دست شفقت برسر ايشان نهاده كه ] ( اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون ) وفى المثنوى طبع را كشتتد در حمل بدى ... ناحمولى بود هست ايزدى اى مسلمان خود ادب اندر طلب ... نيست الا حمل بى ادب وقال الحسن خرقوا خرقا فى حلق حبيب فعلقوه من وراء سور المدينة وقيل نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه وقيل القى فى البئر وهو الرس وقبره فى سوق انطاكية قيل طوّل معهم الكلام ليشغلهم بقتله تخلص الرسل كما فى حواشى ابن الشيخ وكذا قال الكاشفى [ وبقولى آنست بسلامت بيرون رفتد وحبيب كشته شد وقولى آنست كه ييغمبران وملك ومؤمنان كشته شدند ] كما قال ابو الليث فى تفسيره وقتلوا الرسل الثلاثة جون سفيها نراست اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الانبيا ٢٦ { قيل ادخل الجنة } قيل له اى لحبيب النجار ذلك لما قتلوه اكراما له بدخولها حينئذ كسائر الشهداء وقيل معناه البشرى بدخول الجنة وانه من اهلها يدخلها بعد البعث لا انه امر بدخولها فى الحال لان الجزاء بعد البعث وانما لم يقل قيل له لان الغرض بيان المقول لا المقول له لظهوره وللمبالغة فى المسارعة الى بيانه والجملة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية حاله كأنه قيل كيف كان لبقاء ربه بعد ذلك التصلب فى دينه والتسخى بروحه لوجهه تعالى فقيل قيل ادخل الجنة وكذا قوله تعالى { قال } الى آخره فانه جواب عن سؤال نشأ من حكاية حاله كأنه قيل فماذا قال عند نيله تلك الكرامة السنية فقيل قال متمنيا علم قومه بحاله ليحملهم ذلك على اكتساب مثله بالتوبة عن الكفر والدخول فى الايمان والطاعة جريا على سنن الاولياء فى كظم الغيظ والترحم على الاعداء وليعملوا انهم كانوا على خفاء عظيم فى امره وانه كان على الحق وان عداوتهم لم تكسبه الاسعادة { يا ليت قومى } يا فى مثل هذا المقام لمجرد التنبيه من غير قصد الى تعيين المنبه [ اى كاشكى قوم من ] { يعلمون } ٢٧ { بما غفر لى ربي } ما موصولة اى بالذى غفر لى ربى بسببه ذنوبى او مصدرية اى بمغفرة ربى والباء صلة يعلمون او استفهامية وردت على الاصل وهو ان لا تحذف الالف بدخول الجار والباء متعلقة بغفر اى بأى شئ غفر لى ربى يريد به تفخيم شأن المهاجرة عن ملتهم والمصابرة على اذيتهم لاعزاز الدين حتى قتل { وجعلنى من المكرمين } اى المنعمين فى الجنة وان كان على النصف اذتمامه انما يكون بعد تعلق الروح بالجسد يوم القيامة وفى الحديث المرفوع ( نصح قومه حيا وميت ) [ اكرآن قوم اين كرامت ديندى ايشان نيز ايمان آوردندى ] وهكذا ينبغى للمؤمن ان يكون ناصحا للناس لا يلتفت الى تعصبهم وتمردهم ويستوى حاله فى الرضى والغضب قال حمدون القصار لا يسقط عن النفس رؤية الخلق بحال ولو سقط عنها فى وقت لسقط فى المشهد الاعلى فى الحضرة ألا تراه فى وقت دخول الجنة يقول يا ليت قومى يعلمون يحدّث نفسه اذ ذاك يقول الفقير وذلك لان حجاب الامكان الذى هو متعلق بجانب النفس والخلق والكثرة لا يزول ابدا وان كان الانسلاخ التام ممكنا لا كامل البشر عند كمال الشهود فان هذا الانسلاخ لا يخرجهم عن حد الحدوث والامكان بالكلية والا يلزم ان ينقلب الحادث الممكن واجبا قديما وهو محال قال فى كشف الاسرار [ نشان كرامت بنده آنست كه مردوار در آيد وجان ودل وروزكار فداى حق ويدن اسلام كند جنانكه حبيب كرد تا از حضرت عزت اين خلعت كرامت بدور سيدكه { ادخل الجنة } دوستان اوجون بآن عقبة خطرناك رسند بايشان خطاب آيد { ألا تخافوا ولا تحزنوا } بازايشانرا بشارت دهند كه { وابشروا بالجنة } احمد بن حنبل رحمه اللّه در نزع بود بدست اشارت مى كرد وبزبان دند نه مى كفت عبد اللّه بسرش كوش بردهان او نهاد تاجه شنود او درخويشتن مى كفت ( لا بعد لا بعد ) بسرش كفت اى بدر اين جه جالتست كفت اى عبد اللّه وقتى باخطراست نه جاى ببردى اززحم ما ومن ميكويم ( لا بعد ) هنوز نه بايك نفس مانده جاى خطراست نه جاى امن وكار موقوف بعنايت حق . امير المؤمنين على رضى اللّه عنه كويد يكى را درخاك مى نهادم سه بار روى او بجانب قبله كردم هربار روى از قبلة بكردانيد بس ندايى شنيدكه اى على دست بدار آنكه ما ذليل كرديم توعزيز نتوانى كرد وكذا العكس در خبر آيد كه بندة مؤمن جون ازسراى فانى روى بدان منزل بقا نهد غسال اورا بدان نخته جوب خواباند تابشويد ازجناب قدم بنعت كرم خطاب آيدكه اى مقربان دركاه درنكريد جنانكه آن غسال ظاهر او بآب ميشويد ما باطن او بآب رحمت ميشوييم ساكنان حضرت جبروت كويند بادشاها مارا خبركن تا آنجه نورست كه ازدهان وى شعله مى زند وكويد از نور جلال ماست كه از باطن وى برظاهر تجلى ميكند حبيب نجار جون بآن مقام دولت رسيد اورا كفتند { ادخل الجنة } اى در آى درين جان ناز دوستان وميعادرا زمحبان ومنزل آسايش مشتاقان تاهم طوبى بينى هم زلفى هم حسنى . جون آن نواخت وكرامت ديد كفت { يا ليت قومى يعلمون } الخ آرزو كرد كه كاشكى قوم من دانستندى كه ماكجا رسيديم وجه ديديم نواخت حق ديديم وبمغفرت اللّه رسيديم ] آنجايكه ابرار نشستند نشتيم ... صد كونه شراب از كف اقبال جشيديم مارا همه مقصود بخشايش حق بود ... المنة لله كه بمقصود رسيديم ٢٨ { وما انزلنا على قومه } اى قوم حبيب وهم اهل انطاكية { من بعده } اى من بعد قتله { من جند } [ عسكر ] { من السماء } لاهلاكهم والانتقام منهم كما فعلناه يوم بدر والخندق بل كفينا امرهم بصيحة ملك { وما كنا منزلين } وما صح فى حكمتنا ان تنزل لاهلاك قومه جندا من السماء لما انا قدرنا لكل شئ سببا حيث اهلكنا بعض الامم بالحاصب وبعضهم بالصيحة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالاغراق وجعلنا انزال الجند من السماء من خصائصك فى الانتصار من قومك وفى الآية استحقار لاهل انطاكية ولاهلاكهم حيث اكتفى فى استئصالهم بما يتوسل به الى زجر نحو الطيور والوحوش من صيحة عبد واحد مأمور وايماء الى تفخيم شأن الرسول عليه السلام لانه اذا كان ادنى صيحة ملك واحد كافيا فى اهلاك جماعة كثيرة ظهر ان انزال الجنود من السماء يوم بدر والخندق لم يكن الا تعظيما لشأنه واجلالا لقدره لا لاحتياج الملائكة الى المظاهرة والمعاونة فانه قيل كما لم ينزل عليهم جندا من السماء لم يرسل اليهم جندا من الارض ايضا فما فائدة قوله من السماء فالجواب انه ليس للاحتراز بل لبيان ان النازل عليهم من السماء لم يكن الا صيحة واحدة اهلكتهم باسرهم ٢٩ { ان كانت } اى ما كانت الاخذة او العقوبة على اهل انطاكية { الا صيحة واحدة } [ مكر يك فرياد كه جبرائيل هردوبازى درشهر ايشان كرفته صيحة زد ] { فاذا هم } [ بس آنجا ايشان ] { خامدون } ميتون لا يسمع لهم حس ولا يشاهد لهم حركة شبهوا بالنار الخامدة رمزا الى ان الحى كالنار الساطعة فى الحركة والالتهاب والميت كالرماد يقال خمدت النار سكن لهبها ولم ينطفئ جمرها وهمدت اذا طفئ جمرها قال فى الكواشى لم يقل هامدون وان كان ابلغ لبقاء اجسادهم بعد هلاكهم ووقعت الصيحة فى اليوم الثالث من قتل حبيب الرسل او فى اليوم الذى قتلوهم فيه . وفى رواية فى الساعة التى عادوا فيها بعد قتلهم الى منازلهم فرحين مستبشرين وانما عجل اللّه عقوبتهم غضبا لاوليائه الشهداء فانه تعالى يغضب لهم كما يغضب الاسد لجروه نسأل اللّه ان يحفظنا من موجبات غضبه وسخطه وعذابه ٣٠ { يا حسرة على العباد } المصرين على العناد تعالى فهذه من الاحوال التى حقها ان تحضرى فيها وهى ما دل عليه قوله تعالى { ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزؤن } فان المستهزئين بالناصحين الذين نيطت بنصائحهم سعادة الدارين احقاء بان يتحسروا ويتحسر عليهم المتحسرون وقد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين فقوله { يا حسرة } نداء للحسرة عليهم والحسرة وهى اشد الغم والندامة على الشئ الفائت لا تدعى ولا يطلب اقبالها لانهامما لا تجيب والفائدة فى ندائها مجرد ننبيه المخاطب وايقاظه ليتمكن فى ذهنه ان هذه الحالة تقتضى الحسرة وتوجب والنداء عندهم يكون لمجرد التنبيه وقد جوز ان يكون تحسرا عليهم من جهة اللّه بطريق الاستعارة لتعظيم ما جنوه على انفسهم شبه استعظام اللّه لجنايتهم على انفسهم بتحسر الانسان على غيره لاجل ما فاته من الدولة العظمى من حيث ان ذلك التحسر يستلزم استعظام ما اصاب ذلك الغير والانكار على ارتكابه والوقوع فيه ويؤيده قراءة يا حسرتا لان المعنى يا حسرتى ونصبها لطولها بما تعلق بها من الجار اى لكونها مشابهة بالمنادى المضاف فى طولها بالجار المتعلق وفى بحر العلوم قوله { ما يأتيهم } الخ حكاية حال ماضية مستمرة اى كانوا فى الدنيا على الاستمرار يستهزئون بمن يأتيهم من الرسول من غاية الكبر ويستحقرون ويستنكفون عن قبول دينه ودعوته وفيه تسلية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن استهزاء قومه وفى تفسير العيون قوله { يا حسرة على العباد } بيان حال استهزائهم بالرسل اى يقال يوم القيامة يا حسرة وندامة على الكفار حيث لم يؤمنوا برسلهم وقوله { ما يأتيهم } الخ تفسير لسبب الحسرة النازلة بهم وفى الحديث ( ان المستهزئين بالناس فى الدنيا يفتح لهم يوم القيامة باب من ابواب الجنة فيقال لهم هلم هلهم فيأتيه احدهم بكربه وغمه فاذا اتاه اغلق دونه فلا يزال يفعل به ذلك حتى يفتح له الباب فيدعى اليه فلا يجيب من الاياس ) وقال مالك بن دينار قرأت فى زبور داود طوبى لمن لم يسلك سبيل الآثمين ولم يجالس الخطائين ولم يدخل فى هزؤ المستهزئين وفى المثنوى باره دوزى ميكنى اندر دكان ... زير اين دكان تو مدفون دو كان هست اين دكان كرآيى زودباش ... تيشه بستان وتكش را مى تراش تاكه تيشه ناكهان بركان نهى ... از دكان وباره دوزى وا رهى باره دوزى جيست خورد آب ونان ... مى زنى اين باره بر دلق كران هر زمان مى درد اين دلق تنت ... باره بروى مى زنى زين خوردنت بارة بركن ازين قعر دكان ... تابر آرد سربه ييش تو دو كان ييش ازان كين مهلت خانه كرى ... آخر آيد تو نبردى زو برى بس ترا بيرون كند صاحب دكان ... وين دكانرا بركند از روى كان توز حسرت كاه بر سر مى زنى ... كاه خام خود برميكنى كاى دريغا آن من بود اين دكان ... كور بودم برنخوردم زين مكان اى دريغا بود ما را برد باد ... تا ابد يا حسرة شد للعباد ٣١ { ألم يروا } وعيد للمشركين فى مكة بمثل عذاب الامم الماضية ليعتبروا ويرجعوا عن الشرك اى ألم يعلم اهل مكة { كم اهلكنا قبلهم من القرون } كم خبرية . والقرن القوم المقترنون فى زمن واحد اى كثرة اهلاكنا من قبلهم من المذكورين آنفا ومن غيرهم بشؤم تكذيبهم وقوله ألم يروا معلق عن العمل فيما بعده لان كم لا يعمل فيها ما قبلها وان كانت خبرية لان اصلها الاستفهام خلا ان معناه نافذ فى الجملة كما نفذ فى قولك ألم تر ان زيدا لمنطلق وان لم يعمل فى لفظه فالجملة منصوبة المحل بيروا { انهم اليهم لا يرجهون } بدل من اهلكنا على المعنى اى ألم يعلموا كثرة اهلاكنا القرون الماضية والامم السالفة كونهم اى الهالكين غير راجعين اليهم اى الى هؤلاء المشركين اى اهلكوا اهلاكا لارجوع لهم من بعده فى الدنيا : وبالفارسية [ ومشاهده نكردند كه هلاك شدكان سوى اينان بازنمى كردند يعنى بدنيا معاودت نمى كنند ] أفلا يعتبرون ولم لا ينتبهون فكما انهم مضوا وانقرضوا الى حيث لم يعودوا الى ما كانوا فكذلك هؤلاء سيهلكون وينقرضون اثرهم ثم لا يعودون وقال بعضهم ألم يروا ان خروجهم من الدنيا ليس كخروج احدهم من منزله الى السوق او الى بلد آخر ثم عودته الى منزله عند اتمام مصلحته هناك بل هو مفارق من الدنيا ابدا فكونهم غير راجعين اليهم عبارة عن هلاكهم بالكلية ويجوز ان يكون المعنى ان الباقين لا يرجعون الى المهلكين بسبب الولادة وقطعنا نسلهم واهلكناهم كما فى التفسير الكبير [ سلمان فارسى رضى اللّه عنه هر كاه كه بخرابى برطذشنة توقف كردى دل بدادند ومال ورفتكان آن منزل ياد كردى كفتى كجايند ايشان كه اين بنا نهادند واين مسكن ساختند وبزارى بناليدى وجان بردر باختند تا آن غرفها بياراستند جون دلبران نهادند وجون كل بشكفتند برك بريختند ودر كل خفتند ] سل الطارم العالى الذرى عن قطينه ... نجا ما نجا من بؤس عيش ولينه فلما استوى فى الملك واستعبد العدى ... رسول المنايا تله لجبينه وهذه الآية ترد قول اهل الرجعة اى من يزعم ان من الخلق من يرجع قبل القيامة بعد الموت كما حكى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه قيل له ان قوما يزعمون ان عليا رضى اللّه عنه مبعوث قبل يوم القيامة فقال بئس القوم نحن اذا نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه اى لو كان راجعا لكان حيا والحى لا تنكح نساؤه ولا يقسم ميراثه كما قال الفقهاء اذا بلغ الى المرأة وفاة زوجها فاعتدت وتزوجت وولدت ثم جاء زوجها الاول فهى امرأته لانها كانت منكوحته ولم يعترض شئ من اسباب الفرقة فبقيت على النكاح السابق ولكن لا يقربها حتى تنقضى عدتها من النكاح الثانى . ويجب اكفار الروافض فى قولهم بان عليا واصحابه يرجعون الى الدنيا فينتقمون من اعدائهم ويملأ الارض قسطا كما ملئت جورا وذلك القول مخالف للنص نعم ان روحانية على رضى اللّه عنه من وزراء المهدى فى آخر الزمان على ما عليه اهل الحقائق ولا يلزم من ذلك محذور قطعا لان الارواح تعين الارواح والاجسام فى كل وقت وحال فاعرف هذا ٣٢ { وان كل لما جميع لدينا محضرون } ان نافية وتنوين كل عوض عن المضاف اليه . ولما بمعنى الا . وجميع فعيل بمعنى مفعول جمع بين كل وجميع لان الكل يفيد الاحاطة دون الاجتماع والجميع يفيد ان المحشر يجمعهم . ولدينا بمعنى عندنا ظرف لجميع او لما بعده . والمعنى ما كل الخلائق الا مجموعين عندنا محضرون للحساب والجزاء وهذه الآية بيان لرجوع الكل الى المحشر بعد بيان عدم الرجوع الى الدنيا وان مات ترك على حاله ولو لم يكن بعد الموت بعث وجمع وحبس وعقاب وحساب لكان الموت راحة للميت ولكنه يبعث ويسأل فيكرم المؤمن والمخلص والصالح والعادل ويهان الكافر والمنافق والمرائى والفاسق والظالم فيفرح من يفرح ويتحسر من يتحسر فللعباد موضع التحسر ان لم يتحسروا اليوم واعلم انه غلبت على اهل زماننا مخالفة اهل الحق ومعاداة اولياء اللّه واستهزاؤهم بهم وبكلماتهم المستحسنة الا من يشاء اللّه به خيرا من اهل النظر وارباب الارادة وقليل ما هم فكما ان اللّه تعالى هدد كفار الشريعة فى هذا المقام من طريق العبارة كذك هدد كفار الحقيقة من طريق الاشارة فانه لم يفت منهم احد ولم ينفلت من قبضة القدرة الى يومنا هذا ولم يكن لواحد منهم عون ولا مدد وكلهم رجعوا اليه واحضروا لديه وعوتبوا بل عوقبوا على ما هم عليه ثم اعلم ان اللّه تعالى جعل هذه الامة آخر الامم فضلا منه وكرما ليعتبروا بالماضين وما جعلهم عبرة لامة اخرى وانه تعالى قد شكا لهم من كل امة وما شكا الى احد من غيرهم شكايتهم الا ما شكا الى نبيهم المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة المعراج كما قال عليه السلام ( شكا ربى من امتى شكايات . الاولى انى لم اكلفهم عمل الغد وهم يطلبون منى رزق الغد . والثانية انى لا ادفع ارزاقهم الى غيرهم وهم يدفعون عملهم الى غيرى . والثالثة انهم يأكلون رزقى ويشكرون غيرى ويخونون معى ويصالحون خلقى . والربعة ان العزة لى وانا المعز وهم يطلبون العز من سواى . والخامسة انى خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون ان يوقعوا انفسهم فيها ) فغان بديها كه در نفس ماست ... نه فعل نكوهست نه كفتار راست دوهواهنده بودن بمحشر فريق ... ندانم كدامين دهندم طريق حدايا دو جشمم زباطل بدوز ... بنورم كه فردا بنارت مسوز ٣٣ { وآية } علامة عظيمة ودلالة واضحة على البعث والجمع والاحضار وهو خبر مقدم للاهتمام به وقوله { لهم } اى لاهل مكة اما متعلق بآية لانها بمعنى العلامة او بمضمر هون صفة لها والمبتدأ قوله { الارض الميتة } اليابسة الجامدة : وبالفارسية [ خشك وبى كياه ] { احببناها } استئناف مبين لكيفية كون الارض الميتة آية كأن قائلا قال كيف تكون آية فقال احييناها والاحياء فى الحقيقة اعطاء الحياة وهى صفة تقتضى الحس والحركة والمعنى ههنا هيجنا القوى النامية فيها واحدثنا نضارتها بانواع النباتات فى وقت الربيع بانزال الماء من بحر الحياة وكذلك النشور فانا نحيى الابدان البالية المتلاشية فى الاجداث بانزال رشحات من بحر الجود فنعيدهم احياء كما ابدعناهم اولا من العدم { واخرجنا منها } اى من الارض { حبا } الحب الذى يطحن والبرز الذى يعصر منه الدهن وهو جمع حبة والمراد جنس الحبوب التى تصلح قواما للناس من الارز والذرة والحنطة وغيرها { فمنه } اى فمن الحب { يأكلون } تقديم الصلة ليس لحصر جنس المأكول فى الحب حتى يلزم ان لا يؤكل غيره بل هو لحصر معظم المأكول فيه فان الحب معظم ما يؤكل ويعاش به ومنه صلاح الانس حتى اذا قلّ قلّ الصلاح وكثر الضر والصياح واذا فقد فقد النجاح باختلال الاشباح والارواح ولامر ما قال عليه السلام ( اكرموا الخبز فان اللّه اكرمه فمن اكرم الخبز اكرمه اللّه ) وقال عليه السلام ( اكرموا الخبز فان اللّه سخر له بركات السموات والارض والحديد والبقر وابن آدم ولا تسندوا القصة بالخبز فانه ما اهانه قوم الا ابتلاهم اللّه بالرجوع ) وقال عليه السلام ( اللهم متعنا بالاسلام وبالخبز فلولا الخبز ما صمنا ولا صلينا ولا حجبنا ولا غزونا وارزقنا الخبز والحنطة ) كما فى بحر العلوم قال فى شرعة الاسلام ويكرم الخبز باقصى ما يمكن فانه يعمل فى كل لقمة يأكلها الانسان من الخبز ثلاثمائة وستون صانعا او لهم ميكائيل الذى يكيل الماء من خزانة الرحمة ثم الملائكة التى تزجر السحاب والشمس والقمر والافلاك وملائكة الهواء ودواب الارض وآخرهم الخباز : قال الشيخ سعدى قدس سره ابروباد ومه وخورشيد وفلك دركارند ... تاتونانى بكف آرى وبغفلت نخورى همه ازبهر توسر كشته وفرمان بردار ... شرط انصاف نباشد كه توفرمان نبرى ومن اكرام الخبز ان يلتقط الكسرة من الارض وان قلت فيأكلها تعظيما لنعمة اللّه تعالى وفى الحديث ( من اكل ما يسقط من المائدة عاش فى وسعة وعوفى فى ولده وولد ولده من الحمق ) ويقال ان التقاط الفتات مهور الحور العين ولا يضع القصعة على الخبز ولا غيرها الا ما يؤكل به من الادام . ويكره مسح الاصابع والسكين بالخبز الا اذا اكله بعده . وكذا يكره وضع الخبز جنب القصعة لتستوى . وكذا يكره اكل وجه الخبز او جوفه ورمى باقية لما فى كل ذلك من الاستحقاق بالخبز والاستخفاف بالخبز يورث الغلاء والقحط كذا فى شرح النقاية والعوارف وذكر ان الارز خلق من عرق النبى عليه السلام . زعم بعضهم ان اهل الهند لما منعوا من اخراجه الى الروم اطمعوه البط ثم ذبحوه فاخرجوه خيفة منهم بهذه الحيلة قال بعض الكبار من لم يأكل الارز بهذا الزعم فليأكل السم ٣٤ { وجعلنا فيها } وخلقنا فى الارض { جنات } بساتين مملوءة { من نخيل } جمع نخلة { واعناب } جمع عنب اى من انواع النخل والعنب ولذلك جمعا دون الحب فان الدال على الجنس مشعر بالاختلاف ولا كذلك الدال على الانواع فان قلت لم ذكر النخيل دون التمور متى يطابق الحب والاعناب فى كونها مأكول لان التمور والحب والاعناب كلها مأكولة دون النخيل قلت لاختصاص شجرها بمزيد النفع وآثار الصنع وذلك لانها اول شجرة استقرت على وجه الارض وهى عمتنا لانها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام وهى تشبه الانسان من حيث استقامة قدّها وطولها وامتياز ذكرها من بين النبات واختصاصها باللقاح ورائحة طلعها كرائحة المنى ولطلعها غلاف كالمشيمة التى يكون الولد فيها ويقطع رأسها ماتت كما قالوا اقرب الجماد الى النبات المرجان لانه ينبت فى البحر كالنبات ويكون له اغصان واقرب النبات الى الحيوان النخل لانها تموت بقطع رأسها ولا تثمر بدون اللقاح كما ذكر واقرب الحيوان الى الانسان الفرس : يعنى [ ازحيثيت شعور وزيركى ] ويرى المنامات كبنى آدم ولو اصاب جمار النخلة آفة هلكت والجمار من النخلة كالمخ من الانسان واذا تقارب ذكورها واناثها حملت حملا كثيرا لانها تستأنس بالمجاورة واذا كانت ذكورها بين اناثها القحتها بالريح وربما قطع الفها من الذكور فلا تحمل لفراقة ويعرض لها العشق وهو ان تميل الى نخلة اخرى ويخف حملها وتهزل وعلاجه ان يشد بينها وبين معشوقها الذى مالت اليه بحبل او يعلق عليها سعفة منه او يجعل فيها من طلعة ومن خواص النخلة ان مضغ خوصها يقطع رائحة الثؤم وكذا رائحة الخمر واما العنب فقد جاء فى بعض الكتب المنزلة أتكفرون بى وانا خالق العنب وله خواص كثيرة وكذا الزبيب روى انه اهدى الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الزبيب فقال ( بسم اللّه كلوا نعم الطعام الزبيب يشد العصب ويذهب الوصب ويطفئ الغضب ويرضى الرب ويطيب النكهة ويذهب البلغم ويصفى اللون ) وماء الكرم الذى يتقاطر من قضبانها بعد كسحها ينفع للجرب شربا ويجمع ويسقى للمشغوف بالخمر بعد شرب الخمر من غير علمه فيبغض الخمر قطعا واول من استخرج الخمر جمشيد الملك فانه توجه مرة الى الصيد فرأى فى بعض الجبال كرمة وعليها عنب فظنها من السموم فامر بحملها حتى يجرّ بها ويطعم العنب لمن يستحق القتل فحملوه فتكسرت حباته فعصروها وجعلوا ماءها فى ظرف فما عاد الملك الى قصره الا وقد تخمر العصير فاحضر رجلا وجب عليه القتل فسقاه من ذلك فشربه بكره ومشقة ونام نومة ثقيلة ثم انتبه وقال اسقونى منه فسقوه ايضا مرارا فلم يحدث فيه الا السرور والطرب فسقوا غيره وغيره فذكروا انهم انبسطوا بعد ما شربوه ووجدوا سروا وطربا فشرب الملك فاعجبه ثم امر بغرسه فى سائر البلاد وكانت الخمر حلالا فى الامم السالفة فحرمها اللّه تعالى علينا لانها مفتاح لكل شر وجالبة لكل سوء وضرّ ومميته للقلب ومسخطه للرب وفى الحديث ( خير خلكم خل خمركم ) وذلك لان انقلاب الخمر الى الخل مرضاة للرب وفيه خواص كثيرة واكثر الناس السعال والتنحنح فى مجلس معاوية فامر بشرب خل الخل والخل ورد فيه ( نعم الادام ) وقد تعيش به كثير من السلف الكرام نسأل اللّه القناعة على الدوام { وفجرنا } الفجر شق الشئ شقا واسعا كما فى المفردات قال بعضهم التفجير كالتفتيح لفظا ومعنى وبناء التفعيل للتكثير : والمعنى بالفارسية [ در كشاديم وروانه كرديم ] { فيها } اى فى الارض { من العيون } جمع عين وهى فى الاصل الجارحة ويقال لمنبع الماء عين تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء منها ومن عين الماء اشتق ماء معين اى ظاهر للعيون ومعنى من العيون من ماء العيون فحذف الموصوف واقيمت الصفة مقامه او العيون ومن مزيدة على رأى الاخفش واعلم ان تفجير الانهار والعيون فى البلاد رحمة من اللّه تعالى على العباد اذ حياة كل شئ من الماء وللبساتين منه النضارة والنماء . والعيون اما جارية واما غير جارية والجارية غير الانهار اذ هى اكثر واوسع من العيون ومنبعها غير معلوم غالبا كالنيل المبارك حيث لم يوجد رأسه وغير الجارية هى الآبار . وفى الدنيا عيون وآبار كثيرة وفى بعضها خواص زائدة كعين شبرم وهى بين اصفهان وشيراز وهى من عجائب الدنيا وذلك ان الجراد اذا وقعت بارض يحمل اليها من ذلك العين ماء فى ظرف او غيره فيتبع ذلك الماء طيور سود تسمى السمرمر ويقال له السوادية بحيث ان حامل الماء لا يضعه الى الارض ولا يلتفت وراءه فتبقى تلك الطيور على رأس حامل الماء فى الجو كالسحابة السوداء الى ان يصل الى الارض التى بها الجراد فتصيح الطير عليها فتقتلها فلا يرى شئ من الجراد متحركا بل يموت من اصوات تلك الطيور يقول الفقير فى حد الروم ايضا عين يقال لها ماء الجراد وهى مشهورة فى جميع البلاد الرومية ينقل ماؤها من بلده الى بلدة لقتل الجراد اذا استولت وقد حصلت تلك الخاصية لها بنفس من انفاس بعض الاولياء وان كان التأثير فى كل شئ من اللّه تعالى ولهذا نظائر منها ان فى قبر ابراهيم بن ادهم قدس سره ثقبة اذا قصد ظالم بسوء البلدة التى فيها ذلك القبر المنيف يخرج من تلك الثقبة نحل وزنابير تلسعه ومن يتبعه فيتفرقون : وفى المثنوى اوليارا هست قوت ازآله ... تير جسته بازكر داند زراه نسأل اللّه العصمة والتوفيق والشرب من عين التحقيق ٣٥ { ليأكلوا من ثمره } متعلق بجعلنا وتأخيره عن تفجير العيون لانه من مبادى الاثمار اى وجعلنا فيها جنات من نخيل واعناب ورتبنا مبادى اثمارها ليأكلوا من ثمر ما ذكر من الجنات والنخيل ويواظبوا على الشكر اداء لحقوقنا ففيه اجراء الضمير مجرى اسم الاشارة { وما عملته ايديهم } عطف على ثمره وايديهم كناية عن القوة لان اقوى جوارح الانسان فى العمل يده فصار ذكر اليد غالبا فى الكناية ومثله ذلك بما قدمت ايديكم وفى كلام العجم [ بدست خويش كردم بخويشتن ] وانت لا تنوى اليد بعينها كما فى كشف الاسرار والمعنى وليأكلوا من الذى عملته ايديهم وهو ما يتخذ منه من العصير والدبس ونحوهما وقيل ما نافية والمعنى ان الثمر بخلق اللّه تعالى لا بفعلهم ومحل الجملة النصب على الحالية ويؤكد الاول قراءة عملت بلاهاء فان حذف العائد من الصلة احسن من الحذف من غيرها { أفلا تشكرون } انكار واستقباح لعدم شكرهم النعم المعدودة والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى يرون هذه النعم او يتنعمون بها فلا يشكرونها بالتوحيد والتقديس والتحميد [ صاحب بحر الحقائق فرموده كه معنئ آيت بزبان اهل اشارت آنست كه زمين دلر ازنده كرديم بباران عنايت وبيرون أورديم ازان حب طاعت تا ارواح ازان غذا مى يابند وساختيم بوستانها از نخيل اذكار واعناب اشواق وعيون حكمت دروى روان كرديم تازا ثمار مكاشفات ومشاهدات تمتع مى كيرند از نتايج اعمال كه كرده اند از صدقات وخيرات آيا سباس دارى نميكنند يعنى سباس نمى بايد داشت برين نعم ظاهره وباطنه تاموجب مزيد آن شودكه ] { لئن شكرتم لازيدنكم } كر شكر كنى زياده كردد نعمت ... وزدل ببرد دغدغة بيش وكمت بس زود بسر منزل مقصود رسى ... از منهج شكر آكه نلغزد قدمت ٣٦ { سبحان الذى خلق الازواج كلها } سبحان علم للتسبيح الذى هو التبعيد عن السوء اعتقادا وقولا اى اعتقاد البعد عنه والحكم به فان العلم كما يكون علما للاشخاص كزيد وعمرو وللاجناس كاسامة يكون للمعانى ايضا لكن علم الاعيان لا يضاف وهذا لا يجوز بغير اضافة كما فى الآية اقيم مقام المصدر وبين مفعوله باضافته اليه والمراد بالازواج الاصناف والانواع جمع زوج بالفارسية [ جفت ] خلاف الفرد ويقال للانواع ازواج لان كل نوع زوج بقسميه . وفى سبحان استعظام ماذكر فى حيز الصلة من بدائع آثار قدرته وروائع نعمائه الموجبة للشكر وتخصيص العبادة به والتعجب من اخلال الكفرة بذلك والحالة هذه فان التنزيه لا ينافى التعجب . والمعنى اسبح الذى اوجد الاصناف والانواع سبحانه اى انزهه عما لا يليق به كما فعله الكفار من الشرك وما تركوه من الشكر وتلقين للمؤمنين ان يقولوه ويعتقدوا مضمونه ولا يخلوا به لوا يغفلوا عنه وقال بعضهم سبحان مصدر كغفران اريد به التنزه التام والتباعد الكلى عن السوء على ان تكون الجملة اخبار من اللّه بالتنزه والمعنى تنزه تعالى بذاته عن كل لا ما يليق به تنزها خاصا ومن هو خالق الاصناف والانواع كيف يجوز ان يشرك به ما لا يخلق شيأ بل هو مخلوق عاجز قال ابن الشيخ والتنزيه يتناول التنزيه بالقلب وهو الاعتقاد الجازم وباللسان مع ذلك الاعتقاد وهو الذكر الحسن وبالاركان معهما جميعا وهو العمل الصالح والاول هو الاصل والثانى ثمرة الاول والثالث ثمرة الثانى والذى لان الانسان اذا اعتقد شيأ ظهر من قلبه على لسانه واذا قال ظهر صدقه فى مقاله من افعال جوارحه فاللسان ترجمان الجنان والاركان ترجمان اللسان { مما تنبت الارض } بيان للازواج من انفسهم اى الذكر والانثى { ومما لا يعلمون } اى والازواج مما لا يطلعهم على خصوصياته لعدم قدرتهم على الاحاطة بها ولما انه لم يتعلق بها شئ من مصالحهم الدينية والدنيوية قال القرطبى اى من اصناف خلقه فى البر والبحر والسماء والارض ثم يجوز ان يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر ويعلمه الملائكة ويجوز ان لا يعلمه مخلوق يقال دواب البحر والبر الف صنف لا يعلم الناس اكثرها قال فى بحر العلوم ويجوز ان يكون المعنى مما لا يدركون كنهه مما خلق من الاشياء من الثواب والعقاب كما قال عليه السلام ( اربع لا تدرك غايتها شرور النفس وخداع ابليس وثواب اهل الجنة وعقاب اهل النار ) ومنه الروح فانه ما بلغنا ان اللّه تعالى اطلع احدا على حقيقة الروح وفى الاية اشارة الى انه ما من مخلوق الا وقد خلق شفعا اذ الفردية من اخص اوصاف الربوبية كما قال عبد العزيز المكى رحمه اللّه خلق الازواج كلها ثم قال { ليس كمثله شئ } ليستدل بذلك ان خالق الاشياء منزه عن الزوج والى ان فى كل شئ دليلا على وجوده تعالى ووحدته وكمال قدرته قال فى كشف الاسرار [ هريكى برهستى اللّه وبريكانكئ وى نشان نه كواهى دهنده را خرد نه نشان دهنده را زبان ] وفى كل شئ له آية ... تدل على انه واحد قال فى انيس الوحدة وجليس الخلوة [ وقتى بادشاهى بوداورا بكفر وزندقه ميلى بود وزيرى داشت عاقل ومسلمان خواست كه باد شارها ازان باز آورد وعادت وزير آنجنان بودكه هرسال بادشاهرا يكبار ضيافت كردى جون وقت ضيافت در رسيد بادشاهرا دعوت كرد بزمين شورستان كفت آنجاى جه جاى ميزبانيست وزير كفت آنجا بوستانهاى خوش وانهار دلكش روان وعمارتهاى كران ظاهر شده است بى آنكه كسى مباشرت واقدام نموده بادشاه جون اين سخن دور از عقل شنيد بحنديد وكفت در عقل جه كونه كنجد كه بنابى بنا كننده ظاهر شود وزير كفت ظاهر شده عالم علوى وسفليست باجندين عجائب وغرائب بى آفريد كارى جه كونه معقول بود باد شاهرا اين سخن عظيم خوش آمد واورا سعادت وهدايت روى نمود ] جشمها وكوشهارا بسته اند ... جزمرا آنهاكه از خود رسته اند جزعنايت كى كشايد جشم را ... جز محبت كى نشاند خشم را جون كريزم زانكه بى توزنده نيست ... بى خداونديت بود بنده نيست توبه بى توفيقت اى نور بلند ... جيست جز بدريش توبه ريش خند نسأل اللّه الوقوف على اسراره والاستنارة بانوار آثاره انه الظاهر فى المجالى بحسن اسمائه وصفاته والباطن بحقائق كالاته فى غيب ذاته ٣٧ { وآية لهم } اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو مبتدأ خبره قوله { الليل } المظلم كأنه قيل كيف كان آية فقيل { نسلخ منه النهار } المضيئ اى نزيل النهار ونكشفه على مكان الليل ونلقى ظله بحيث لا يبقى معه شئ من ضوئه الذى هو شعاع الشمس فى الهواء مستعار من السلخ وهى ازالة ما بين الحيوان وجلده من الاتصال وان غلب فى الاستعمال تعليقه بالجلد يقال سلخت الاهاب بمعنى اخرجتها عنه { فاذا هم مظلمون } داخلون فى الظلام مفاجأة فان اذا للمفاجأة اى ليس لهم بعد ذلك امر سوى الدخول فيه وفيه رمز الى ان الاصل هو الظلمة والنور عارض متداخل فى الهواء فاذا خرج منه اظلم فعلى هذا المعنى كان الواقع عقيب اذهاب الضوء عن مواضع ظلمة الليل هو ظهور الظلمة كما كان الواقع عقيب سلخ الاهاب هو ظهور المسلوخ واما على معنى الا خراج فالواقع بعده وان كان هو الابصار دون الاظلام والمقام مقام ان يقال فاذا هم مبصرون لكن لما كان الليل زمان ترح وألم وعدم ابصار والنهار وقت فرح وسرور وابصار جعل الليل كأنه يفاجئهم عقيب اخراج النهار من الليل بلا مهلة اذزمان السرور ليس فيه مهلة حكما وان كان ممتدا بخلاف زمان الغم فانه كان فيه المهلة وان كان قصيرا كما قيل سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة وقيل ويوم لا اراك كألف شهر ... وشهر لا اراك كالف عام قال الحافظ آندم كه باتو باشم يكساله هست روزى ... واندم كه بى توباشم يكلحظه هست سالى محن الزمان كثيرة لا تنقضى ... وسروره يأتيك كالاعياد وفى الخبر عن سلمان رضى اللّه عنه قال الليل موكل به ملك يقال له شراهيك فاذا حان وقته اخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب فاذا نظرت اليها الشمس وجبت اى سقطت فى اسرع من طرفة العين وقد امرت ان لا تغرب حتى ترى الخرزة فاذا غربت جاء الليل وقد نشرت الظلمة من تحت جناحى الملك فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيئ ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع فاذا رأتها الشمس طلعت فى طرفة عين وقد امرت ان لا تطلع حتى ترى الخرزة البيضاء فاذا طلعت جاء النهار وقد نشر النور من تحت حناحى الملك فلنور النهار ملك موكل لظلمة الليل ملك موكل عند الطلوع والغروب كما وردت الاخبار ذكره السيوطى فى كتاب الهيئة السنية قال فى كشف الاسرار [ بزركى را برسيدند كه شب فاضلتر باروز جواب دادكه شب فاضلتركه درهمه شب آسايش وراحت بود والراحة من الجنة ودر روز سرور بالنسبة الى العامة ايضا اذا كانت ليلة الافطار فان للصائم فرحة عند ذلك كما ورد فى الحديث [ وبزركى كفت شب حظ مخلصا نست كه عبادت باخلاص كنند ريا دران نه وروز خظ مرائيا نست كه عبادت بريا كنند اخلاص دران نه وحى آمد ببعض انبياكه ] كذب من ادعى محبتى اذا جنة الليل نام عنى أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ها انا مطلع عليكم اسمع وارى وفى التأويلات النجمية { وآية لهم الليل } البشرية { نسلخ منه النهار } الروحانية { فاذا هم مظلمون } بظلمة الخلقية فان اللّه خلق الخلق بظلمة ثم رش عليهم من نوره ٣٨ { والشمس } معطوف على الليل اى وآية لهم الشمس المضيئة المشرقة على صحائف الكائنات كاشراق نور الوجود المطلق الفائض على هياكل الموجودات حسب التجليات الالهية كأنه قيل كيف كانت آية فقيل { تجرى } او حال كونها جارية وسائرة { لمستقر لها } فيه وجوه الاول ان اللام فى لمستقر للتعليل والمستقر اسم مكان اى تجرى لبلوغ مستقر وحد معين ينتهى اليه دورها فى آخر السنة فشبه بمستقر المسافر اذا قطع سيره والثانى ان اللام بمعنى الى والمستقر كبد السماء اى وسطها والمعنى تجرى الى ان تبلغ الى وسط السماء وتستقر فيه شبه بطؤ حركتها فيه بالوقفة والاستقرار والا فلا استقرار لها حقيقة كما قال فى المفردات الزوال يقال فى شئ قد كان ثابتا ومعلوم ان لاثبات للشمس فكيف يقال زوال الشمس فالجواب قالوه لاعتقادهم فى الظهيرة ان لها ثبانا فى كبد السماء وكما قال فى شرح التقويم فان قلت لم سميت السيارة بها وليست السموات بساكنة قلت لسرعة حركتها بالنسبة الى حركة الكواكب الباقية فان حركتها فى غاية البطؤ ولذلك تسمى ثوابت والثالث ان اللام لام العاقبة والمستقر مصدر ميمى اى تجرى بحيث يترتب على جريها استقرارها فى كل برج من البروج الاثنى عشر على نهج مخصوص بان تستقر فى كل برج شهرا ويأخذ الليل من النهار فى نصف الحول والنهار من الليل فى النصف الآخر منه وتبلغ نهاية ارتفاعها فى الصيف ونهاية انحطاطها فى الشتاء ويترتب عليه اختلاف الفصول الاربعة وتهيئة اسباب معاش الارضيات وتربيتها والرابع ان المعنى المنتهى مقدر لكل يوم من المشارق والمغارب فان لها فى دورها ثلاثمائة وستين مشرقا ومغربا تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب ثم لا تعود اليها الى العام القابل فالمستقر اسم زمان اى تجرى الى زمان استقرارها وانقطاع حركتها عند خراب العالم او الى وقت قرارها وتغير حالها بالطلوع من مغربها كما قال ابو ذر رضى اللّه عنه دخلت المسجد ورسول اللّه عليه السلام جالس فلما غابت الشمس قال عليه السلام ( يا ابا ذر أتدرى اين تذهب هذه الشمس ) فقلت اللّه ورسوله اعلم فقال ( تذهب تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك ان تسجد ولا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها ارجعى من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله والشمس تجرى لمستقر لها ) وفهم من الحديث ان المستقر ايضا تحت العرش والمراد بالسجدة الانقياد ويجوز ان تكون على حقيقتها فان اللّه تعالى قادر على ان يخلق فيها حياة وادراكا يصح معهما سجدتها كما سبق نظائرها قال بعض العارفين تسجد بروحها عند العرش كما تسجد الروح عند النوم اذا باتت على طهارة قال امام الحرمين وغيره من الفضلاء لاخلاف ان الشمس تغرب عند قوم وتطلع عند قوم آخرين والليل يطول عند قوم ويقصر عند قوم آخرين وعند خط الاستواء يكون الليل والنهار وسطها ارفع ولذلك سموا الجزيرة التى هى وسط الارض كلها المستوى فيها الليل والنهار قبة الارض وحول الارض البحر الاعظم المحيط فيه ماء غليظ منتن لا تجرى فيه المراكب وحول هذا البحر جبل قاف خلق من زمرد اخضر وسماء الدنيا مقبية عليه ومنه خضرتها وسئل الشيخ ابو حامد رضى اللّه عنه عن بلاد بلغار كيف يصلون لان الشمس لا تغرب عندهم الا مقدار ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع فقال يعتبر صومهم وصلاتهم باقرب البلاد اليهم والاصح عند اكثر الفقهاء انهم يقدرون الليل والنهار ويعتبرون بحسب الساعات كما قال عليه السلام فى حق الدجال ( يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة فيقدر الصلاة والصيام فى زمنه ) { ذلك } الجرى البديع المنطوى على الحكم العجيبة التى تتحير فى فهمها العقول والافهام { تقدير العزيز } الغالب بقدرته على كل مقدور { العليم } المحيط علمه بكل معلوم قال فى المفردات التقدير تبيين كمية الشئ وتقدير اللّه الاشياء على وجهين احدهما باعطاء القدرة . والثانى ان يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضته الحكمة وذلك ان فعل اللّه ضربان ضرب اوجده بالفعل ومعنى ايجاده بالفعل اظهاره . وضرب اجراه بالقوة وقدره على وجه لا يتأتى غير ما قدر فيه كتقديره فى النواة ان ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون وتقدير منى الآدمى ان يكون منه الانسان دون سائر الحيوانات فتقدير اللّه على وجهين . احدهما بالحكم منه ان يكون كذا ولا يكون كذا اما على سبيل الوجوب واما على سبيل الامكان . والثانى باعطاء القدرة عليه وفى الآية اشارة الى شمس نور اللّه فانها { تجرى لمستقر لها } وهو قلب استقر فيه رشاش نور اللّه { ذلك } المستقر { تقدير العزيز } الذى لا يهتدى اليه احد الابه { العليم } الذى يعلم حيث يجعل رسالته فليس كل قلب مستقرا لذلك النور فلا بد من التهيئة والتصقيل الى ان يتلطف ويزول منه كل ثقيل مما يتعلق بظلمات الكون والفساد كوهر انواررا دلهاى باك آمد صدف ... ٣٩ { والقمر قدرناه } بالنصب باضمار فعل يفسره الظاهر كما فى زيدا ضربته اى وقدرنا القمر قدرناه اى قدرنا له وعينا { منازل } وهى ثمان وعشرون مقسومة على الاثنى عشر برجا كما استوفينا الكلام عليها فى اوائل سورة يونس ينزل القمر كل ليلة فى واحدة من تلك المنازل لا يتخطاها ولا يتقاصر عنها فاذا كان فى آخر منازله دق واستقوس ويستتر ليلتين ان كان الشهر ثلاثين او ليلة ان كان تسعة وعشرين وقد صام عليه السلام ثمانية او تسعة رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما والباقى ثلاثين وقد قال عليه السلام ( شهرا العيد لا ينقصان ) اى حكمهما اذا كانا تسعا وعشرين مثل حكمهما اذا كانا ثلاثين فى الفضل وقد صح ان دور هذه الامة هو الدور القمرى العربى الذى حسابه مبنى على الشهر لا الدور الشمسى الذى مبنى حسابه على الايام { حتى عاد } [ تاعود كرد ماه ] قال ابن الشيخ حتى صار القمر فى آخر الشهر واول الشهر الثانى فى دقته واستقواسه واصفراره { كالعرجون } فعلون من الانعراج وهو الاعوجاج وهو عود العذق ما بين شماريخه الى منبته من النخلة . والعذق بالكسر فى النخل بمنزلة العنقود فى الكرم بالفارسية [ خوشه خرما ] . والشماريخ جمع شمراخ او شمروخ ما عليه البسر من العيدان { القديم } العتيق فاذا قدم وعتق دق وتقوس واصفر شبه به القمر فى آخر الشهر فى هذه الوجوه الثلاثة اى فى عين الناظر وان كان فى الحقيقة عظيما بنفسه فالقديم ما تقادم عهده بحكم العادة ولا يشترط فى اطلاق لفظ القديم عليه مدة بعينها اذ يقال لبعض الاشياء قديم وان لم يمض عليه حول وقيل اقل هذا القديم الحول فمن حلف كل مملوك قديم لى فهو حر عتق من مضى عليه الحول قال فى كشف الاسرار [ ازروى حكمت كفته اندكه زيادت ونقصان ماه از آنست كه درابتداى آفرينش نور او بركمال بود بخود نظرى كرد عجبى دروى ييدا شد رب العزة جبريل را فرمود تابرخويش بروى ماه زد وآن نور ازوى بستاد ابن عباس رضى اللّه عنهما كفت آن خطها كه برروى ماه مى بينيد نشان بر جبرائيل اسن نور از وى بست اما نقش برجاى بماند ونقش كلمة توحيداست برييشانى ماه نبشت ( لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) ياخود حروفى كه ازان اسم جميل حاصل ميشود جون نور ازماه بستدند اورا از خدمت دركاه منع كردند ماه ازفر شتكان مدد خواست تا از بهروى شفاعت كردند كفتند بار خدايا ماه درخدمت دركاه عزت خوى كرده هيج روى آن دارد كه بيكباركى اورا مهجور كنى رب العزه شفاعت ايشان قبول كرد واورا دستورى داد تاهر ماهى بيكبار سجود كند درشب جارده اكنون هرشب كه برآيد نورش بكمال رسد بازجون از جهارده در كذرد هرشب در نوروى نقصان مى آيد ازبساط خدمت دورتر مى كردد ] وقيل شبيه الشمس عبد يكون ابدا فى ضياء معرفته وهو صاحب تمكين غير متلون اشرقت شمس معرفته من بروج سعادته دائما لا يأخذه كسوف ولا يستره حجاب. وشبيه القمر عبد تكون احواله فى التنقل وهو صاحب تلوين له من البسط ما يرقيه الى حد الوصال ثم يرد الى الفترة ويقع فى القبض مما كان به من صفاء الحال فيتناقص ويرجع الى نقصان امره الى ان يرفع قلبه من وقته ثم يجود عليه الحق فيوفقه لرجوعه عن فترته وافاقته من سكرته فلا يزال يصفو حاله الى ان يقرب من الوصال ويرتقى الى ذروة الكمال فعند ذلك يقول بلسان الحال ما زلت انزل من ودادك منزلا تتحير الالباب عند نزوله وفى التأويلات النجمية وبقوله { والقمر قدرناه منازل } يشير الى قمر القلب فان القلب كالقمر فى استفادة النور من شمس الروح اولا ثم من شمس شهود الحق تعالى ثانيا وله ثمانية وعشرون منزلا على حسب حروف القرآن كما ان للقمر ثمانية وعشرون منزلا فالقلب ينزل فى كل حين منها بمنزل وهذه اسماؤها الالفة والبر والتوبة والثبات والجمعية والحلم والخلوص والديانة والذلة والرأفة والزلفة والكرم واللين والمروءة والنور والولاية والهداية واليقين فاذا صار الى آخر منازله فقد تخلق بخلق القرآن واعتصم بحبل اللّه وله آن ان يعتصم باللّه ولهذا قال اللّه تعالى لنبيه فى قطع منازل العبودية { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } ويقال للمؤمن فى الجنة اقرأ وارق يعنى اقرأ القرآن وارتق فى مقامات القرب وبقوله { حتى عاد كالعرجون القديم } يشير الى سير قمر القلب فى منازله فاذا الف الحق تعالى فى اول منزله ثم بر بالايمان والعمل الصالح ثم تاب وتوجه الى الحضرة ثم ثبت على تلك التوبة جعل له الجمعية مع اللّه فيستنير قمر قلبه بنور ربه حتى يصير بدرا كاملا ثم يتناقص بدنوه من شمس شهود الحق تعالى قليلا كلما ازداد دنوه من الشمس ازداد فى نفسه نقصانا الى ان يتلاشى ويخفى ولا يرى له اثر وهذا مقام الفقر الحقيقى الذى افتخر به النبى صلّى اللّه عليه وسلّم فى قوله ( الفقر فخرى ) لانه عليه السلام كلما ازداد دنوه الى الحضرة ليلة المعراج ازداد فى فقره عن الوجود كما اخبر اللّه تعالى عنه بقوله { ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسيثن او ادنى } كمل ههنا فقره عن الوجود فوجده اللّه تعالى عائلا فاغناه بجوده انتهى واعلم ان القمر مرآة قابلة لان تكتسب النور من قرص الشمس حسب المحاذاة بينهما ولما كان دور الشمس بطيئا كان ظهور اثرها دائرا على حصول الفصول الاربعة التى هى الربيع والصيف والخريف والشتاء ولما كان دور القمر سريعا كان ظهورا اثره فى الكون سريعا والى القمر ينظر القلب فى سرعة الحركة ولهذا السر اسكن اللّه آدم فى فلك القمر لمناسبة باطنه به فى سرعة حركاته وتقلباته. ثم ان القمر مرئى مدرك واما الشمس فى اشراقها واضاءتها وتلألؤ شعاعها لا تدرك كيفيتها وكميتها على ما هى عليه من تمنعها وامتناعها واحتيج الى طريق يتوصل به الى ابصارها بقدر الوسع فافادت الفكرة الخبرة أن يأخذ الانسان كثيفا ويملأه ماء صافيا نظيفا ويضعه فى مقابلة الشمس لتنعكس صورة من الشمس فى الماء فيلاحظ الانسان الشمس بغير دفع تلألؤ الاضواء ويراها فى اسفل قعر الاناء فان اللطيف من شأنه القبول والكثيف من شأنه الامساك فقبل الماء وامسك الاناء وهذا تدبير من يريد ابصار الشمس الظاهرة بمقلته الباصرة فاذا كان الشمس الظاهرة المتناهية لا يدرك عكسها بالاستعدادات السابقة والتدبيرات اللاحقة فما ظنك بشمس عالم الاحدية الالهية الربوبية الغير المتناهية وان نسبتها اليه فى الانارة والاضاءة والظهور والاظهار ودفع انوار العظمة ليست الا كذرّة فى الآفاق والسبع الطباق او كقطرة بالنسبة الى البحار الزاخرة او كجزء لا يتجزأ بالنسبة الى الدنيا والآخرة سبحان اللّه وله المثل الاعلى فى الارض والسماء فاذا عرفت هذا المثال عرفت حال القلب مع شمس الربوبية وانعكاس نورها فيه : قال الشيخ المغربى قدس سره نخست ديده طلب كنه بسى آنكهى ديدار ... از آنكه يار كند جلوه بر اولو الابصار ترا كه جشم نباشد جه حاصل از شاهد ... ترا كه كوش نباشد جه سود از كفتار اكرجه آينة دارى از براى رخش ... ولى جه سود كه دارى هميشه آينه تار بيا بصيقل توحيد زآينه بزدآى ... غبار شرك كه تا باك كردد از زنكار وقال ايضا كجا شود بحقيقت عيان جمال حقيقت ... اكر مظاهر وآينة مجاز نباشد مجوى دردل ما غير دوست زانكه نيابى ... از آنكه در دل محمود جز اياز نباشد به ييش عقل مكه قصهاى عشق كه آنرا ... قبول مى نكند آنكه عشقباز نباشد ٤٠ { لا الشمس ينبغى لها } هو ابلغ من لا ينبغى للشمس كما ان انت لا تكذب بتقديم المسند اليه آكد من لا تكذب انت لاشتمال الاول على تكرر الاسناد . ففى ذكر حرف النفى مع الشمس دون الفعل دلالة على ان الشمس مسخرة لايتيسر لها الا ما اريد بها وقدر لها وينبغى من الانفعال وثلاثية بغى يبغى بمعنى طلب تجاوز الاقتصار فيما يتحرى تجاوزه او لم يتجاوز واما استعمال انبغى ماضيا فقليل قال فى كشف الاسرار يقال بغيت الشئ فانبغى لى اى استسهلته فتسهل لى وطلبته فتيسر لى والمعنى لا الشمس يصح لها ويتسهل : وبالفارسية [ نه آفتاب سزد مرورا وشايد ] { ان تدرك القمر } فى سرعة سيره فان القمر اسرع سيرا حيث يقطع فلكه ويدور فى منازله الثمانى والعشرين فى شهر واحد بخلاف الشمس فانها ابطأ منه حيث لا تقطع فلكها ولا تدور فى تلك المنازل المقسومة على الاثنى عشر برجا الا فى سنة فيكون مقام الشمس فى كل منزلة ثلاثة عشر يوما فهى لا تدرك القمر فى سرعة سيره فانه تعالى جعل سيرها ابطأ من سير القمر واسرع من سير زحل وهو كوكب السماء السابعة وذلك لان الشمس كاملة النور فلو كانت بطيئة السير لدامت زمانا كثيرا فى مسامتة شئ واحد فتحرقه ولو كانت سريعة السير لما حصل لها لبث فى بقعة واحدة بقدر ما يخرج النبات من الارض والاوراق والثمار من الاشجار وبقدر ما ينضج الثمار والحبوب ويجف فلو ادركت القمر فى سرعة سيره لكان فى شهر واحد صيف وشتاء فيختل بذلك احكام الفصول وتكوّن النبات وتعيش الحيوان ويجوز ان يكون المعنى ليس للشمس ان تدرك القمر فى آثاره ومنافعه مع قوة نورها واشراقها فان لكل واحد منهما آثارا ومنافع تخصه وليس للآخر ان يدركه فيها كما قالوا الثمرة تنضجها الشمس ويلونها ويعطيها الطعم الكوكب وقالوا ان سهيلا وهو كوكب يمنىّ يعطى الحجر اللون الاحمر فيصير عقيقا . ويجوز ان يكون معى ان تدرك القمر اى فى مكانه فان القمر فى السماء الدنيا والشمس فى السماء الرابعة فهى لا تدركه فى مكانه ولا يجتمعان فى موضع اولا تدركه فى سلطانه اى نوره الذى هو برهان لوجوده فان نوره انما يكون بالليل فليس للشمس ان تجامعه فى وقت من اوقات ظهور سلطانه بان تطلع بالليل فتطمس نوره فسلطان القمر بالليل وسلطان الشمس بالنهار ولو ادركت الشمس القرم لذهب ضوءه وبطل سلطانه ودخل النهار على الليل وفى بعض التصاوير لا ينبغى للشمس ان تدرك سلطان القمر فتراه ناقصا وذلك ان اللّه تعالى لما قبض نور القمر سأله القمران لا ترى الشمس نقصانه وقال بعض الكبار جعل اللّه شهورنا قمرية ولم يجعلها شمسية تنبيها من اللّه تعالى للعارفين من عباده ان آية القمر بمحوه عن العالم الظاهر لمن اعتبر فى قوله تعالى وتدبر { لا الشمس ينبفى لها ان تدرك القمر } اى فى علو المرتبة والشرف فكان ذلك تقوية لكتم آياتهم التى اعطاها للمحمديين العربيين واجراها واخفاها فيهم يعنى ان آيات المحمدين ليست بظاهرة فى ظواهرهم غالبا كآية القمر وستظهر كراماتهم فى الآخرة التى هى آثار ما فى بواطنهم من العلوم والكشوف والحقائق والخوارق { ولا الليل سابق النهار } اى ولا الليل يسبق النهار فيعجزه من ان ينتهى اليه ويجيئ الليل بعده ولكن الليل يعاقب النهار ويناوبه وقيل المراد بهما آيتاهما وهما النيران وبالسبق سبق القمر الى سلطان الشمس فى محو نورها فيكون عكسا للاول فالمعنى لا يصح للقمر ايضا ان يطلع فى وقت ظهور سلطان الشمس وضوئها ب حيث يغلب نورها ويصير الزمان كله ليلا فهما يسيران الدهر ولا يدخل احدهما على الآخر ولا يجتمعان الا عند ابطال اللّه هذا التدبير ونقض هذا التأليف وتطلع الشمس من مغربها ويجتمع معها القمر كما قال تعالى { وجمع الشمس والقمر } وذلك من اشراط الساعة فان قلت اذا كان هذا عكس ما ذكر قبله كان المناسب ان يقال ولا الليل مدرك النهار قلت ايراد السبق مكان الادراك لانه الملائم لسرعة سيره وفيه اشارة الى انه كما لا يصير القمر شمسا والشمس قمرا فكذلك قمر القلب بتوجهه الى شمس شهود الحق يتنور بنورها كما قال تعالى { واشرقت الارض بنور ربها } ولكنه لا يصير الرب تعالى عبدا ولا العبد ربا فان للرب الربوبية وللعبد العبودية تعالى اللّه عما يقول اصحاب الحلول وارباب الفضول { وكل } اى وكلهم على ان التنوين عوض عن المضاف اليه الذى هو الضمير العائد الى الشمس والقمر والجمع باعتبار التكاثر العارض لهما بتكاثر مطلعهما فان اختلاف الاحوال يوجب تعددا ما فى الذات او الى الكواكب فان ذكرهما مشعر بها { فى فلك } مخصوص معين من الافلاك السبعة وفى بحر العلوم فى جنس الفلك كقولهم كساهم الامير حلة يريدون كساهم هذا الجنس والفلك مجرى الكواكب ومسيرها وتسميته بذلك لكونه كالفلك كما فى المفردات والجار متعلق { يسبحون } السبح المر السريع فى الماء او فى الهواء واستعير لمر النجوم فى الفلك كما فى المفردات وقال فى كشف الاسرار السبح الانبساط فى السير كالسباحة فى الماء وكل من انبسط فى شئ فقط سبح فيه والمعنى يسيرون بانبساط وسهولة لامزاحم لهم سير السابح فى سطح الماء واخرج السيوطى فى كتاب الهيئة السنية خلق اللّه بحرا دون السماء جاريا فى سرعة السهم قائما فى الهواء بامر اللّه تعالى لا يقطر منه قطرة يجرى فيه الشمس والقمر والنجوم فذلك قوله تعالى { وكل فى فلك يسبحون } والقمر يدور دوران العجلة فى لجة غمر ذلك البحر فاذا احب اللّه ان يحدث الكسوف حرف الشمس عن العجلة فتقع فى غمر ذلك البحر ويبقى سائرا على العجلة النصف او الثلث او ما شاء الرب تعالى للحكمة الربانية واقتضاء الاستعداد الكونى قال المنجمون قوله تعالى { يسبحون } يدل على ان الشمس والقمر والكواكب السيارة احياء عقلاء لان الجمع بالواو والنون لا يطلق على غير العقلاء وقال الامام الرازى ان ارادوا القدر الذي يصح به التسبيح فنقول به لان كل شئ يسبح بحمده وان ارادوا شيأ آخر فذلك لم يثبت والاستعمال لا يدل عليه كما فى قوله تعالى فى حق الاصنام { ما لكم لا تنطقون } وقوله { ألا تأكلون } وقال الامام النسفى جمع يسبحون بالواو والنون لانه تعالى وصفها بصفات العقلاء كالسباحة والسبق والادراك وان لم يكن لها اختيار فى افعالها بل مسخرة عليها يفعل بها ذلك تجبرا يقول الفقير هنا وجه آخر هو ان صيغة العقلاء باعتبار مبادى حركات الافلاك والنجوم فان مبادى حركاتها جواهر مجردة عن مواد الافلاك فى ذواتها ومتعلقة بها فى حركاتها ويقال لتلك الجواهر النفوس الفلكية على انه ليس عند اهل اللّه شئ خال عن الحياة فان سرّ الحياة سار فى جميع الاشياء ارضية كانت او سماوية لا سيما الشمس والقمر اللذان هما عينا هذا التعين الكونى جملة ذرات زيمن وآسمان ... مظهر سرّ حياتست اى جوان كى تواند يافتن آنرا خرد ... هست اوسرى خرد كى بى برد نسأل اللّه تعالى حقيقة الادراك والحفظ عن الزلق والهلاك ٤١ { وآية لهم } اى علامة عظيمة لاهل مكة على كمال قدرتنا وهو خبر مقدم لقوله { انا حملنا ذريتهم } [ الحمل : برداشتن ] قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق الشئ كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى قال الراغب الذرية اصلها الصغار من الاولاد وان كان يقع على الصغار والكبار فى المتعارف ويستعمل فى الواحد والجمع واصله الجمع انتهى ويطلق على النساء ايضا لا سيما مع الاختلاط مجازا على طريقة تسمية المحل باسم الحال لانهم مزارع الذرية كما فى حديث عمر رضى اللّه عنه حجوا بالذرية يعنى النساء وفى الحديث نهى عن قتل الزرارى يعنى النساء والمعنى انا حملنا اولادهم الكبار الذين يبعثونهم الى تجاراتهم { فى الفلك } [ در كشتى ] وهو ههنا مفرد بدليل وصفه بقوله { المشحون } اى المملوء منهم ومن غيرهم والشحناء عداوة امتلأت منها النفوس كما فى المفردات او حملنا صبيانهم ونساءهم الذين يستصحبونهم : يعنى [ برد اشتيم فرزندان خرد وزنان ايشانرا كه آنانرا قوت سفر نيست برخشكى ] وتخصيص الذرية بمعنى الضعفاء الذين يستحبونهم فى سفر البحر مع ان تسخير البحر والفلك نعمة فى حق انفسهم ايضا لما ان استقرارهم فى السفن اشق واستمساكهم فيها اعجب ٤٢ { وخلقنا لهم من مثله } مما يماثل الفلك { ما يركبون } من الابل فانها سفائن البر فتعريف الفلك للجنس لان المقصود من الآية الاحتجاج على اهل مكة ببيان صحة البعث وامكانه . استدل عليه اولا باحياء الارض الميتة وجعلها سببا لتعيشهم . ثم استدل عليه بتسخير الرياح والبحار والسفن الجارية فيها على وجهه يتوسلون بها الى تجارات البحر ويستحصبون من يهمهم حمله من النساء والصبيان كما قال تعالى { وحملناكم فى البر والبحر } وقيل تعريفه للعهد الخارجى والمراد فلك نوح عليه السلام المذكور فى قوله { واصنع الفلك باعيننا ووحينا } فيكون المعنى انا حملنا ذريتهم اى اولاده الى يوم القيامة فى ذلك الفلك المشحون منهم ومن سائر الحيوانات التى لا تعيش فى الماء ولولا ذلك لما بقى للآدمى نسل ولا عقب وخلقنا لهم من مثله اى مما يماثل ذلك الفلك فى صورته وشكله من السفن والزوارق : وبالفارسية [ جون زورق وصندل وناو ] فان قلت فعلى هذا لم لم يقل حملناهم وذريتهم مع ان انفسهم محو لون ايضا قلت اشارة الى ان نعمة التخليص عامة لهم ولاولادهم الى يوم القيامة ولو قيل حملناهم لكان امتنانا بمجرد تخليص انفسهم من الغرق وجعل السفن مخلوقة لله تعالى مع كونها من مصنوعات العباد ليس لمجرد كونها صنعتهم باقدار اللّه تعالى والهامه بل لمزيد اختصاص اهلها بقدرته تعالى وحكمته حسبما يعرب عنه قوله تعالى { واصنع الفلك باعيننا ووحينا } والتعبير عن ملابستهم بهذه السفن بالركوب لانها باختيارهم كما ان التعبير عن ملابسة ذريتهم بفلك نوح بالحمل لكونها بغير شعور منهم واختيار واما قوله تعالى فى سورة المؤمنين { وعليها وعلى الفلك تحملون } فبطريق التغليب وجعل بعضهم المعنى الثانى اظهر لانه اذا اريد بمثل الفلك واعتذر عنه فى الارشاد بان حديث خلق الابل فى خلال الآية بطريق الاستطراد لكمال التماثل بين الابل والفلك فكأنها نوع منه وقيل المراد بالذرية الآباء والاجداد فان الذرية تطلق على الاصول والفروع لانها من الذرء بمعنى الخلق فيصلح الاسم للاصل والنسل لان بعضهم خلق من بعض فالآباء ذريتهم لان منهم ذرأ الابناء . وفيه ان الذرية فى اللغة لم تقع الا على الاولاد وعلى النساء كما ذكر اللهم الا ان ايراد ذرية ابيهم ادم عليه السلام وهم الاصول والفروع الى قيام الساعة والعلم عند اللّه تعالى [ كفتند سه جيزر اللّه تعالى راند بكمال قدرت خويش شتران در صحرا وميغ در هوا وكشتى در دريا ] وفهم من الامتنان بالحمل جواز ركوب البحر الا من دخول الشمس العقرب الى آخر الشتاء فانه لا يجوز ركوبه حينئذ لانه من القاء الى التهلكة كما فى شرح حزب البحر للشيخ الزروقى قدس سره ٤٣ { وان نشأ نغرقهم } الخ من تمام الآية فانهم معترفون بمضمونه كما ينطق به قوله تعالى { واذا غشيهم موج كالظلل . دعوا اللّه مخلصين له الدين } وفى تعليق الاغراق وهو بالفارسية [ غرفة كردن ] بمحض المشيئة اشعار بانه قد تكامل ما يوجب هلاكهم من معاصيهم ولم يبق الاتعلق مشيئته تعالى به قال فى بحر العلوم وهو محمول على الفرض والتقدير بدليل قوله { ولا هم ينقذون الا رحمة منا } الخ والمعنى ان نشأ اغراقهم نغرقهم فى اليم ما حملناهم فيه من الفلك وبالفارسية [ واكر خواهيم اهل كشتى را كه مراد ذريت مذكوره غرقه سازيم ورد آب كشيم ] فان الغرق الرسوب فى الماء { فلا صريخ لهم } فعيل بمعنى مفعول اى مصرخ وهو المغيب بالفارسية [ فريادس ] والصريخ ايضا صوت المتسصرخ والمعنى فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق ويدفعه عنهم قبل وقوعه : وبالفارسية [ بس هيج فريادرسى نيست مر ايشانرا كه ازغرقه شدن نكه دارد ] قبل الوقوع { ولا هم ينقذون } ينجون منه بعد وقوعه يقال انقذه واستنقذه اذا خلصه من ورطة ومكروه ٤٤ { الا رحمة منا ومتاعا الى حين } استثناء مفرغ من اعم العلل الشاملة للباعث المتقدم والغاية المتأخرة اى لا يغاثون ولا ينقذون لشئ من الاشياء الا لرحمة عظيمة ناشئة من قبلنا داعية الى الاغاثة والانقاذ : وتمتع بالفارسية [ برخور دارى وانتفاع دادن ] بالحياة مترتب عليهما الى زمان قد لآجالهم وفى الآية رد على ما زعم الطبيعى من ان السفينة تحمل بمقتضى الطبيعة وان المجوف لا يرسب فقال تعالى فى رده ليس الامر كذلك بل لو شاء اللّه تعالى اغراقهم لا غرقهم وليس ذلك بمقتضى الطبيعة والا لما طرأ عليها آفة ورسوب والاشارة الى ان المنعم عليه ينبغى ان لا يأمن فى حال النعمة عذاب اللّه تعالى فان كفار الامم السالفة آمنوا من بطشه تعالى فاخذوا من حيث لا يشعرون فكيف يأمن اهل مكة واهل السفينة لكن لا يعرفون قدر النعمة الا بعد تحولها عنهم ولا قدر العافية الا بعد الابتلاء بمصيبة قال الشيخ سعدى [ بادشاهى باغلام عجمى در كشتى نشسة بود غلام دريارا هر كزنديده بود ومحنت كشتى نكشيده كريه وزارى درنهاد ولرزه براندامش افتلاد جندانكه ملاطفت كردند آرام نكرفت ملك را عيش ازو منغص شد جاره ندانستند حكيمى دران كشتى بود ملك را كفت اركر فرمان دهى من اورا بطريقى خاموش كنم كفت غايت لطف باشد فرمود تاغلام را بدريا انداختند بارى جند غوطه بخورد مويش كرفنند وسوى كشتى آوردند بهر دودست درسكان كشتى آويخت جون برآمد بكوشة بنشست وقرار كرفت ملك را عجب آمد وبرسيد درين جه حكمت بود كفت اى خداوند اول محنت غرق شدن ندشيده بود قدر سلامت كشتى نمى دانست همجنان قدر عافيت كسى داندكه بمصيبت كرفتار آيد اى سير ترا نان جوين ننمايد ... معشوق منست آنكه بنزديك توز شتست حوران بهشتى را دوزخ بود اعراف ... از دوز خيان برس كه اعراف بهشتست فلا بد من مقابلة النعمة بالشكر والعطاء بالطاعة والاجتهاد في طريق التوحيد والمعرفة فان المقصود من الامهال هو تدارك الحال وفى التأويلات النجمية { وآية لهم انا حملنا ذريتهم فى الفلك المشحون } يشير الى حمله عباده فى سفينة الشريعة خواصهم فى بحر الحقيقة وعوامهم فى بحر الدنيا فان من نجا من تلاطم امواج الهوى فى بحر الدنيا انما نجا بحمله للعناية فى سفينة الشريعة وكذا من نجا من تلاطم امواج الشبهات فى بحر الحقيقة انما نجا بحمله لعواطف احسان ربه فى سفينة الشريعة بملاحية ارباب الطريقة { وخلقنا من مثله ما يركبون } يعنى العوام فى بحر الدنيا والخواص فى بحر الحقيقة بكسر سفينة الشريعة فمن ركب من المتمنين بحر الحقيقة بلا سفينة الشريعة او كسروا السفينة اغرقوا فادخلوا نارا { فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون الا رحمة منا } وهم المشايخ فانهم صورة رحمة الحق تعالى { ومتاعا الى حين } اى الى تدركهم العناية الازلية انتهى ٤٥ { واذا قيل لهم } اى لكفار مكة بطريق الانذار : وبالفارسية [ وجون كفته شود مر كافرا نراكه ] { اتقوا } [ تبرسيد ] { ما بين ايديكم } اى العقوبات النازلة على الامم الماضية الذين كذبوا رسلهم واحذروامن ان ينزل بكم مثلها ان لم تؤمنوا جعلت الوقائع الماضية باعتبار تقدمها عليهم كأنها بين ايديهم { وما خلفكم } من العذاب المعد لكم فى الآخرة بعد هلاككم جعلت احوال الآخرة باعتبار انها تكون بعد هلاكهم كأنلها خلفكم او ما بين ايديكم من امر الآخرة فاعملوا لها وما خلفكم من الدنيا فلا تغتروا بها وقيل غير ذلك وما قدمناه اولى لان اللّه خوف الكفار فى القرآن بشيئين احدهما العقوبات النازلة على الامم الماضية والثانى عذاب الآخرة { لعلكم ترحمون } اما حال من واو اتقوا اى راجين ان ترحموا او غاية لهم اى كى ترحموا فتنجوا من ذلك لا عرفتم ان مناط النجاة ليس الا رحمة اللّه وجواب اذا محذوف اى اعرضوا عن الموعظة حسبما اعتادوه وتمرنوا عليه وزادوا مكابرة وعنادا كما دلت عليه الآية الثانية كسى را كه بندار درسر بود ... مبندار هركز كه حق بشنود زعلمش ملال آيد ازو عظ ننك ... شقايق بباران نرويد زسنك وفى التأويلات النجمية { واذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم } اى احذروا من الدنيا وما فيها من شهواتها ولذائذها { وما خلفكم } من الآخرة وما فيها من نعيمها وحورها وقصورها واشجارها واثمارها وانهارها وفيها ما تشتهى الانفس وتلذك الاعين منها { لعلكم ترحمون } بمشاهدة الجمال ومكاشفة الجلال وكمالات الوصال وقال بعضهم { اتقوا ما بين ايديكم } من احوال القيامة الكبرى { وما خلفكم } من احوال القيامة الصغرى فان الاولى تأتى من جهة الحق والثانية تأتى من جهة النفس بالفناء فى اللّه وبالتجرد عن الهيآت البدنية فى الثانية والنجاة منها والرحمة هى الخلاص من الغضب بالكلية فانه ما دامت فى النفس بقية فالعبد لا يخلو عن غضب وحجاب وتشديد بلاء وعذاب ٤٦ { وما } نافية { تأتيهم } تنزل اليهم { من } مزيدة لتأكيد العموم { آية } تنزيلية كائنة { من } تبعيضة { آيات ربهم } التى من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل من بدائع صنع اللّه سوابغ آلائه الموجبة للاقبال عليها والايمان بها { الا كانوا عنها } متعلق بقوله { معرضين } يقال اعرض اى اظهر عرضه اى ناحيته والجملة حالم من مفعول تأتى والاستثناء مفرغ من اعم الاحوال اى وما تأتيهم من آية من آيات ربهم فى حال من الاحوال الا حال اعراضهم عنها على وجه التكذيب والاستهزاء ويجوز ان يراد بالآيات ما يعم الآيات التنزيلية والتكوينية فالمراد باتيانهم ما يعم نزول الوحى وظهور تلك الامور لهم والمعنى ما يظهر لهم آية من الآيات الشاهدة بوحدانيته تعالى وتفرده بالالوهية الا كانوا تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدى الى الايمان به تعالى فكل ما فى الكون فهو صورة صفة من صفاته تعالى وسره من اسرار ذاته مغربى آنجه عالمش خواند ... عكس رخسارتست در مرآت وانجه او آدمش همى داند ... نسخة عالمست مظهر ذات وقال المولى الجامى قدس سره جهان مرآت حسن شاهد ماست ... فشاهد وجهه فى كل ذرات ثم ان اعظم الآيات واكبر العلامات الرجال البالغون الكاملون فى الدين من ارباب الحقيقة واهل اليقين فمن وفق للقبول والتسليم وتربى بتربيتهم الحسنة الى ان يحصل على القلب السليم نجا وكان مقبلا مقبولا . ومن قابلهم بالاعراض ونازلهم بالاعتراض هلك وكان مدبرا مردودا قال بعض الكبار من عدم الانصاف ايمان الناس بما جاء من اخبار الصفات على لسان الرسل وعدم الايمان بها اذا اتى بها احد من العلماء الورثين لهم فان البحر واحد واذا لم يؤمنوا بما جاءت به الاولياء فلا اقل من ان يأخذوه منهم على سبيل الحكاية وكما جاءت الانبياء بما تحيله العقول من الصفات وآمنا به كذلك يجب الايمان بما جاء به الاولياء المحفوظون وكمل سلمنا ما جاء به الاصل كذلك نسلم ما جاء به الفرغ بجامع الموافقة انتهى واما قول ابى حنيفة رضى اللّه عنه ما اتانا عن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم فعلى الرأس والعين وما اتانا عن الصحابة رضى اللّه عنهم فنأخذ تارة ونترك اخرى وما اتانا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال فانما هو بالنظر الى الاجتهاد الظاهر الذى يختلف فيه العلماء والاعراض فيه انتقال من الادنى الى الاعلى بحسب الدليل الاقوى وقد يفتح اللّه على الطالب على لسان شيخه بعلوم لم تكن عند الشيخ لحسن ادبه مع اللّه ومع شيخه وسأل الاعمش ابا حنيفة عن مسائل فاجاب فقال الاعمش من اين لك هذا قال مما حدثتنا به فقال يا معشر الفقهاء انتم الاطباء ونحن الصيادلة وهى الجماعة المنسوبة الى الصندل وهو شجر طيب الرائحة قلبت النون ياء كما يقال صندلانى وصيدلانى والمراد من يبيع مواد الادوية . ومن علامة العلم المكتسب دخوله فى ميزان العقول وعلامة العلم الموهوب ان لا يقبله ميزان الا فى النادر وترده العقول من حيث افكارها . ومن اعظم المكر بالعبد ان يرزق العلم ويحرم العمل به او يرزق العمل ويحرم الاخلاص فيه فاذا رأيت يا اخى هذا من نفسك او علمته من غيرك فاعلم ان المقبل به ممكور به فالاقبال الى اللّه تعالى انما هو الاخلاص فان وجه الرياء الى الغير حفظنا اللّه تعالى واياكم ٤٧ { واذا قيل لهم } اى للكافرين بطريق النصحية { انفقوا } على المحتاجين { مما رزقكم اللّه } اى بعض ما اعطاكم بطريق التفضل والانعام من انواع الاموال فان ذلك مما يرد البلاء ويدفع المكاره { قال الذين كفروا } بالصانع تعالى وهم زنادقة كانوا بمكة . والزنديق من لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شئ من الاشياء { للذين آمنوا } تهكما بهم وبما كانوا عليه من تعليق الامور بمشيئة اللّه تعالى حيث كانوا يقولون لو شاء اللّه لا غنى فلانا ولو شاء اللّه لاعزه ولو شاء لكان كذا وكذا وانما حمل على التهكم لان المعطلة تعظوننا به : وبالفارسية [ آيا طعام دهيم ] اى لا نطعم فان الهمزة للانكار والطعام فى الاصل البر وقوله عليه السلام ( انه طعام طعم وشفاء سقم ) فتنبيه منه انه غذاء بخلاف سائر المياه { من لو يشاء اللّه اطعمه } اى على زعمكم : يعنى [ خداكه بزعم شما قادرست بزاطعام خلق بايستى كه ايشانرا طعام دهدجون او طعام نداد ما نيز نمى دهيم { ان انتم } [ نيستيد شما اى مومنان ] { الا فى ضلال مبين } الضلال العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان او سهوا يسيرا كان او كثيرا لهذا صح ان يستعمل فيمن يكون منه خطأ ما كما فى المفردات . والمعنى فى خطأ بين بالفارسية [ كمراهى آشكارا ] حيث تأمروننا بما يخالف مشيئة اللّه تعالى [ واين سخن ازايشان خطا بود براى آنكه بعض مردم را خداى تعالى توانكر ساخته وبعضى را درويش كذشته وبجهت ابتلا حكم فرموده كه اغنيا مال خدايرا بفقرا دهند بس مشيت را بهانه ساختن وامر الهى راكه بانفاق فرموده فرو كذاشتن محض خطا وعين جفاست درويش را خدا بتوانكر حواله كرد ... تاكار او بسازد وفارغ كند دلش ازروى بخل اكر نشود ملتفت بوى ... فردا بود ندامت واندوه حاصلش وفى الحديث ( لو شاء اللّه لجعلكم اغنياء لا فقير فيكم ولو شاء لجعلكم فقراء لا غنى فيكم ولكنه ابتلى بعضكم ببعض لينظر كيف عطف الغنى وكيف صبر الفقير ) وهذه الآية ناطقة بترك شفقتهم على خلق اللّه وجملة اللّه وجملة التكاليف ترجع الى امرين التعظيم لامر اللّه والشفقة على خلق اللّه وهم قد تركوا الامرين جميعا وقد تمسك البخلاء بما تمسكوا به حيث يقولون لا نعطى من حرم اللّه ولو شاء لاغناه نعم لو كان مثل هذا الكلام صادرا عن يقين وشهود وعيان لكن مفيدا بل توحيدا محضا يدور عليه كمال الايمان ولكنهم سلكوا طريق التقليد والانكار والعناد الاكبر واذا مر بالفقراء يقول اياكم ان تغبنوا مرتين وعن على رضى اللّه عنه ان المال حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة فليكن مجلسه مع المساكين نسأل اللّه تعالى فضله الكثير ولطفه الوفير فانه مسبب الاسباب ومنه فتح الباب : وفى المثنوى ما عيال حضرتيم وشير خواه ... كفت الخلق عيال للاله آنكه او از آسمان باران دهد ... هم تواند كو زرحمت نان دهد كل يوم هو فى شأن بخوان ... مرورا بى كار وبى فعلى مدان ٤٨ { ويقولون } اى اهل مكة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين انكارا واستبعادا { متى } [ كى است ] { هذا الوعد } بقيام الساعة والحساب والحزاء . ومعنى طلب القرب فى هذا اما بطريق الاستهزاء واما باعتبار قرب العهد بالوعد . والوعد يستعمل فى الخير والشر والنفع والضر والوعيد فى الشر خاصة . والوعد هنا يتضمن الامرين لانه وعد بالقيامة وجزاء العباد ان خيرا فخير وان شرا فشر قال فى كشف الاسرار انما ذكر بلفظ الوعد دون الوعيد لانهم زعموا ان لهم الحسنى عند اللّه ان كان الوعد حقا يقول الفقير هذا انما يتمشى فى المشركين دون المعطلة وقد سبق انهم زنادقة كانوا بمكة { ان كنتم صادقين } فى وعدكم فقولوا متى يكون وهذا الاستعجال بهجوم الساعة والاستبطاء لقيام القيامة انما وقع تكذيبا للدعوة وانكارا للحشر والنشر ولو كان تصديقا واقرارا واستخلاصا من هذا السجن وشوقا الى اللّه تعالى ولقائه لنفعهم جدا ولما قامت عليهم القيامة عند الموت كما لا تقوم على المؤمنين بل يكون الموت لهم عيدا وسرورا وفى المثنوى خلق در بازار يكسان مى روند ... آن يكى در ذوق وديكر دردمند همجنان در مرك وزنده مى رويم ... نيم در خسران ونيمى خسرويم ٤٩ { ما ينظرون } جواب من جهته والنظر بمعنى الانتظار اى ما ينتظر كفار مكى { الا صيحة واحدة } لا تحتاج الى ثانية هى النفخة الاولى التى هى نفخة الصعق والموت والصيحة رفع الصوت { تأخذهم } مفاجأة وتصل الى جميع اهل الارض . والاخذ حو الشئ وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو { معاذ اللّه ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده } وتارة بالقهر نحو { لا تأخذه سنة ولا نوم } ويقال اخذته الحمى ويعبر عن الاسير بالمأخوذ والاخيذ { وهم يخصمون } اصله يختصمون فقلبت التاء صادا ثم اسكنت وادغمت فى الصاد الثانية ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين وخاصمته نازعته واصل المخاصمة ان يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم اى جانبه وان يجذب ان يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب وهو الجانب الذى فيه العروة . والمعنى والحال انهم يتخاصمون ويتنازعون فى تجاراتهم ومعاملاتهم ويشتغلون بامور دنياهم حتى تقوم الساعة وهم فى غفلة عنها فلا يغتروا لعدم ظهور علامتها ولا يزعموا انها لا تأتيهم عن ابن عباس رضى اللّه عنهما قال تهيج الساعة والرجلان يتبايعان قد نشرا اثوابهما فلا يطويانها والرجل يلوط حوضه فلا يستقى منه والرجل قد انصرف بلبن لقحته فلا يطعمه والرجل قد رفع اكلته الى فيه فلا يأكلها ثم تلا { تأخذهم وهم يخصمون } روى ان اللّه تعالى يبعث ريحا يمانية ألين من الحرير واطيب رائحة من المسك فلا تدع احدا فى قلبه مثقال ذرة من الايمان الاقبضته ثم يبقى شرار الخلق مائة عام لا يعرفون دينا وعليهم تقوم الساعة وهم فى اسواقها يتبايعون فان قلت هم ما كانوا منتظرين بل كانوا جازمين بعدم الساعة والصيحة قلت نعم الا انهم جعلوا منتظرين نظرا الى ظاهر قولهم متى يقع لان من قال متى يقع الشئ الفلانى يفهم من كلامه انه ينتظر وقوعه ٥٠ { فلا يستطيعون } الاستطاعة استفعال من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا اى لا يقدرون { توصية } مصدر بالفارسية [ وصيت كردن ] والوصية اسم من الايصاء يقال وصيت الشئ بالشئ اذا وصلته به وسمى الزام شئ من مال او نفقة بعد الموت بالوصية لانه لما اوصى به اى اوجب والزم وصل ما كان من امر حياته بما بعده من امر مماته والتنكير للتعميم اى فى شئ من امورهم اذ كانت فيما بين ايديهم قال ابن الشيخ لا يستطيعون توصية ما ولو كانت بكلمة يسيرة فاذا لم يقدرون عليها يكونون اعجز عما يحتاجون فيه الى زمان طويل من اداء الواجبات ورد المظالم ونحوها لان القول ايسر من الفعل فاذا عجزوا عن ايسر ما يكون من القول تبين ان الساعة لا تمهلهم بشئ ما واختيار الوصية من جنس الكلمات لكونها اهم بالنسبة الى المختصر فالعاجز عنها يكون اعجز عن غيرها { ولا الى اهلهم } الاهل يفسر بالازواج والاولاد وبالعبيد والاماء والاقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما فى شرح المشارق لابن الملك قال الراغب اهل الرجل من يجمعه واياهم نسب وعبر باهل الرجل عن امرأته { يرجعون } ان كانوا فى خارج ابوابهم بل تبغتهم الصيحة فيموتون حيث ما كانوا : وبالفارسية [ يس نتوانند وصيت كردن با حاضران ونه بسوى ايشان كر غائب باشند باز كردند يعنى مجال از بازار بخانه رفتن نداشته باشند الحاصل دران وقت كه در بازار بخصومت وجدال ومعاملات مشغول باشند ومهمات دنيايى سازند يكبار اسرافيل بصور در دمد وهمه خلق برجاى بميرند ] الا ما شاء اللّه كما يأتى فى سورة الزمر ان شاء اللّه تعالى واعلم ان الموت يدرك الانسان سريعا والانسان لا يدرك كل الامانى فعلى العبد ان يتدارك الحال بقصر الآمال : قال الشيخ سعدى قدس سره تو غافل در انديشة سود ومال ... كه سرماية عمر شد بايمال غبار هوى جشم عقلت بدوخت ... شموس هوس كشت عمرت بسوخت خبر دارى اى استخوان قفس ... كه جان تو مرغيست نامش نفس جومرغ از قفس رفت وبكست قيد ... دكر ره نكردد بسعى تو صيد نكه دار فرصت كه عالم دميست ... دمى بيش دانا به از عالميست سكندر كه بر عالمى حكم داشت ... دران دم كه بكذشت عالم كذاشت ميسر نبودش كزو عالمى ... ستانند ومهلت دهندش دمى دل اندر دلارام دنيا مبند ... كه ننشست باكس كه دل برنكند سر ازجيب غفلت برآور كنون ... كه فردا نمانى بحسرت نكون طريقى بدست آر وصلحى بجوى ... شفيعى بر انكيز وعذرى بكوى كه يك لحظه صوت نبندد امان ... جو يميانه برشد بدور زمان دعا عمرو بن العاص رضى اللّه عنه حين احتضاره بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ( ان التوبة مبسوطة ما لم يغرغر ابن ادم بنفسه ) ثم استقبل القبلة فقال اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائد بك فان تعف فاهل العفو انت وان تعاقب فيما قدمت يداى سبحانك لا اله الا انت انى كنت من الظالمين فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى اللّه عنهما فقال استسلم الشيخ حين ايقن بالموت ولعله ينفعه ومن السنة حسن الوصية عند الموت ان كان يوصى عند الموت كالذى يقسم ماله عند الشبع . ومن مات بغير وصية لم يؤذن له فى الكلام بالبرزخ الى يوم القيامة ويتزاور الاموات ويتحدثون وهو ساكت فيقولون انه مات من غير وصية فيوصى بثلث ماله وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما الضرار فى الوصية من الكبائر ويوصى بارضاء خصومه وقضاء دينونه وفدية صلاته وصيامه جعلنا اللّه واياكم من المتداركين لحالهم والمتفكرين فى مآلهم والمكثرين من صالحات الاعمال والمنتقلين من الدنيا على اللطف والجمال ٥١ { ونفخ فى الصور } اى ينفخ فى الصور وصيغة الماضى للدلالة على تحقق الوقوع والنفخ نفخ الريح فى الشئ : وبالفارسية [ دردميد ] والجمهور على اسكان واو الصور وفيه وجهان احدهما انه القرن الذى ينفخ فيه اسرافين عليه السلام وفيه بعدد كل روح ثقبة هى مقامه فالمعنى ونفه فى القرن نفخا هو سبب لحياة الموتى . والثانى جمع صورة كصوف جمع صوفة ويؤيد هذا الوجه قراءة بعض القراء ونفخ فى الصور بفتح الواو فالمعنى ونفخ فى الصور الارواح وذلك ايضا بنفخ القرن والمراد النفخة الثانية التى يحيى اللّه بها كل ميت لا النفخة الاولى التى يميت اللّه بها كل حى وبينهما اربعون سنة تبقى الارض على حالها مستريحة بعدما مر بها من الاهوال العظام والزلازل وتمطر سماؤها وتجرى مياهها وتطعم اشجارها ولاحى على ظهرها من المخلوقات فاذا مضى بين النفختين اربعون عاما امطر اللّه من تحت العرش ماء غليظا كمنى الرجال يقال له ماء الحيوان فتنبت اجسامهم كما ينبت البقل وتأكل الارض ابن ادم الاعجب الذنب فانه يبقى مثل عين الجرادة لا يدركه الطرف فينشأ الخلق من ذلك وتركب عليه اجزاؤه كالهباء فى شعاع الشمس فاذا تكاملت الاجساد يحيى اللّه تعالى اسرافيل فينفخ فى الصور فيطير كل روح الى جسده ثم ينشق عنه القبر { فاذا هم } بغتة من غير لبث اى الكفار كما دل عليه ما بعد الاية { من الاجداث } اى القبور جمع جدث محركة وهو القبر كما فى القاموس فان قيل اين يكون فى ذلك الوقت اجداث وقد زلزلت الصيحة الجبال اجيب بان اللّه يجمع اجزاء كل ميت فى الموضع الذى اقبر فيه فيخرج من ذلك الموضع وهو جدثه { الى ربهم } اى الى ربهم ومالك امرهم على الاطلاق وهى دعوة اسرافيل للنشور او الى موقف ربهم الذى اعد للحساب والجزاء وقد صح ان بيت المقدس هى ارض المحشر والمنشر وكل من الجارين متعلق بقوله { ينسلون } كما دل عليه قوله { يوم يخرجون من الاجداث سراعا } اى يسرعون بطريق الاجبار دون الاختيار لقوله تعالى { لدينا محضرون } من نسل الثعلب ينسل اسرع فى عدوه والمصدر نسل ونسلان واذا المفاجأة بعد قوله { ونفخ فى الصور } اشارة الى كمال قدرته تعالى والى ان مراده لا يتخلف عن ارادته زمانا حيث حكم بان النسلان وهو سرعة المشى وشدة العدة ويتحقق فى وقت النفخ لا يتخلف عنه مع ان النسلان لا يكون الا بعد مراتب وهى جمع الاجزاء المتفرقة والعظام المتفتة وتركيبها واحياؤها وقيام الحى ثم نسلانه فان قيل قال تعالى فى آية اخرى { فاذا هم قيام ينظرون } وقال ههنا { فاذا هم من الاجداث الى ربهم ينسلون } والقيام غير النسلان وقد صدر كل واحد منهما فى موضعه باذا المفاجأة فيلزم ان يكونا معا والجواب من جهين . والاول ان القيام لا ينافى المشى السريع لان الماشى قائم ولا ينافى النظر ايضا . والثانى ان الامور المتعاقبة التى لا يتخلل بينها زمان ومهلة تجعل كأنها واقعة فى زمان واحد كما اذا قيل مقبل مدبر ٥٢ { قالوا } اى الكفار فى ابتداء بعثهم من القبور منادين لويلهم وهلاكهم من شدة ماغشيهم من امر القيامة { يا ويلنا } احضر فهذا او انك ووقت مجيئك وقال الكاشفى [ اى واى برما ] فويل منادى اضيف الى ضمير المتكلمين وهو كلمة عذاب وبلاء كما ان ويح كلمة رحمة { من } استفهام { بعثنا من مرقدنا } كان حفص يقف على مرقدنا وقفة لطيفة دون قطع نفس لئلا ان اسم الاشارة صفة لمرقدنا يم يبتدئ هذا ما وعد الرحمن على انها جملة مستأنفة ويقال لهذه الوقفة السكت وهى قطع الصوت مقدارا اخصر من زمان النفس . والبعث [ برانكيختن ] والمرقد اما مصدر اى من رقادنا وهو النوم او اسم مكان اريد به الجنس فينتظم مراقد الكل اى من مكاننا الذى كنا فيه راقدين : وبالفارسية [ كه برانكيخته يعنى بيدار كرد مارا زخوا بكاه ما ] فان كان مصدرا تكون الاستعارة الاصلية تصريحية فالمستعار منه الرقاد والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل والكل عقلى وان كان اسم مكان تكون الاستعارة تبعية فيعتبر التشبيه فى المصدر لان المقصود بالنظر فى اسم المكان تكون الاستعارة تبعية فيعتبر التشبيه فى المصدر لان المقصود بالنظر فى اسم المكان وسائر المشتقات انما هو المعنى القائم بالذات وهو الرقاد ههنا لانفس الذات وهى ههنا القبر الذى ينام فيه واعتبار التشبيه فى المقصود الا هم اولى قال فى الاسئلة المقحمة ان قيل اخبر الكفار بانهم كانوا فى القبر قبل البعث فى حال الرقاد وهذا يرد عذاب القبر قلت انهم لاختلاط عقولهم يظنون انهم كانوا نياما او ان اللّه تعالى يرفع عنه العذاب بين النفختين فكأنهم يرقدون فى قبورهم كالمريض يجد خفة ما فينسلخ عن الحس بالمنام فاذا بعثوا بعد النفخة الآخرة وعاينوا القيامة دعوا بالويل ويؤيد هذا الجواب قوله عليه السلام ( بين النفختين اربعون سنة وليس بينهما قضاء ولا رحمة ولا عذاب الا ما شاء ربك ) او ان الكفار اذا عاينوا جهنم وانواع عذابها وافتضحوا على رؤس الاشهاد وصار عذاب القبر فى جنبها كالنوم قالوا من بعثنا من مرقدنا وذلك ان عذاب القبر روحانى فقط وقول الامام الاعظم رحمة اللّه ان سؤال القبر للروح والجسد معا اراد به بيان شدة تعلق احدهما بالآخرة كارواح الشهداء ولذا عدوا احياء واما عذاب يوم القيامة فجسدانى وروحانى وهو اشد من الروحانى فقط { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } جملة من مبتدأ وخبر وما موصوله والعائد محذوف اى هذا البعث هو الذى وعده الرحمن فى الدنيا وانتم قلتم متى هذا الوعد انكارا وصدق فيه المرسلون بانه حق وهو جواب من قبل الملائكة او المؤمنين عدل به عن سنن سؤال الكفار تذكيرا لكفرهم وتقريعا لهم عليه وتنبيها على ان الذى يهمهم هو السؤال عن نفس العبث ماذا هو دون الباعث كأنهم قالوا بعثكم الرحمن الذى وعدكم ذلك فى كتبه وارسل اليكم الرسل فصدقوكم فيه وليس بالبعث الاكبر ذو الافزاع والاهوال ٥٣ { ان كانت } اى ما كانت النفخة الثانية المذكورة { الا صيحة واحدة } حصلت من نفخ اسرافيل فى الصور وقيل صيحة البعث هو قول اسرافيل على الصخرة بيت المقدس ايتها العظام البالية والاوصال المتقطعة والاعضاء المتمزقة والشعور المنتشرة ان اللّه المصور الخالق يأمركنّ ان تجتمعن لفصل القضاء فاجتمعوا هلموا الى العرض والى جبار الجبابرة يقول الفقير الظاهر ان هذا ليس غير النفخ فى الحقيقة فيجوز ان يكون المراد من احدهما المراد من الآخر او ان يقال ذلك اثناء النفخ بحيث يحصل هو والنفخ معا اذ ليس من ضرورة التكلم على الوجه المعتاد حتى يحصل التنافى بينهما { فاذا هم } بغتة من غير لبث ما طرفة عين وهم متبدأ خبره قوله { جميع } اى مجموع وقوله { لدينا } اى عندنا متعلق بقوله { محضرون } للفصل والحساب وفيه من تهوين امر البعث والحشر والايذان باستغنائهما عن الاسباب ما لا يخفى كما هو عسير على الخلق يسير على اللّه تعالى لعدم احتياجه الى مزاولة الاسباب ومعالجة الآلات كالخلق وانما امره اذا اراد شيأ ان يقول له كن فيكون وفى الآية اشارة الى الحشر المعنوى الحاصل لاهل السلوك فى الدنيا وذلك ان العالم الكبير صورة الانسان وتفصيله فكما انه تتلاشى اجزاؤه وقت قيام الساعة بالنفخ الاول ثم تجتمع بالنفخ الثانى فيحصل الوجود بعد العدم كذلك الانسان العاشق يتفرق انياته ويتقطع تعيناته وقت حصوله العشق بالجذبة القوية الالهية ثم يظهر ظهورا آخر فيحصل البقاء بعد الفناء فاذا وصل الى هذه وصل الى هذه المرتبة يكون هو اسرافيل وقته كما جاء فى المثنوى هين كه اسرافيل وقتند اوليا ... مرده را زايشان حياتست ونما جان هريك مردة از كورتن ... برجهد زآواز شان اندر كفن فالرقاد هو غفلة الروح فى جدث البدن ولا يبعثه فى الحقيقة غير فضل اللّه تعالى وكرمه ولا يفنيه عنه الا تجلى من جلاله والانبياء والاولياء عليهم السلام وسائط بين اللّه تعالى وبين ارباب الاستعداد فمن ليس له قابلية الحياة لا ينفعه الفنخ همه فيلسوفان يونان وروم ... ندانند كردانكبين از زقوم ز وحشى نيايدكه مردم شود ... بسعى اندر وتربيت كم شود بكوشش نرويد كل از شاخ بيد ... نه زنكى بكر ما به كردد سفيد نسأل اللّه المحسان كثير الاحسان ٥٤ { فاليوم } اى فيقال للكفار حين يرون العذاب المعد لهم اليوم اى يوم القيامة وهو منصوب بقوله { لا تظلم نفس } من النفوس برة كانت او فاجرة والنفس الذات والروح ايضا { شيأ } نصب على المصدرية اى شيأ من الظلم بنقص الثواب وزيادة العقاب { ولا تجزون الا ما كنتم تعملون } اى الاجزاء ما كنتم تعملونه فى الدنيا على الاستمرار من الكفر والمعاصى والاوزار ايها الكفار على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه للتنبيه على قوة التلازم والارتباط بينهما كأنهما شئ واحد او الا بما كنتم تعملونه اى بمقابلته او بسببه فقوله { لا تظلم نفس } ليأمن المؤمن وقوله { ولا تجزون } الخ لييأس الكافر فان قلت ما الفائدة فى ايثار اطريق الخطاب عند الاشارة الى يأس المجرم والعدول عن الخطاب عند الاشارة الى امان المؤمن فالجواب ان قوله { لا تظلم نفس شيأ } يفيد العموم وهو المقصود فى هذا المقام فانه تعالى لا يظلم احد مؤمنا كان او مجرما واما قوله { ولا تجزون } فانه يختص بالكافر فانه تعالى يجزى المؤمن بما لم يعمله من جهة الوراثة وجهة الاختصاص الالهى فانه تعالى يختص برحمته من يشاء من المؤمنين بعد جزاء اعمالهم فيوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله اضعافا مضاعفة فضل او بى نهايت ويايان ... لطف اواز تصورت بيرون فض او هم سعد آر امبذول ... اجر او ميشده غير ممنون ٥٥ { ان اصحاب الجنة } الخ من جملة ما سيقال لهم يومئذ زيادة لحسرتهم وندامتهم فان الاخبار بحسن حال اعدائهم اثر بيان سوء حالهم مما يزيدهم مساءة على مساءة { اليوم } اى يوم القيامة مستقون { فى شغل } قال فى المفردات الشغل بضم الغين وسكونها العارض الذى يذهل الانسان وفى الارشاد والشغل هو الشان الذى يصدر المرء ويشغله عما سواه من شؤونه لكونه اهم عنده من الكل اما الايجابه كمال المسرة والبهجة او كمال المساءة والغم والمراد هنا هو الاول والتنوين للتفخيم اى فى شغل عظيم الشان { فاكهون } خبر آخر لان من الفكاهة بفتح الفاء وهى طيب العيش والنشاط بالتنعم واما الفكاهة بالضم فالمزاج والشطارة اى حديث ذوى الانس ومنه قول على رضى اللّه عنه لا بأس بفكاهة يخرج بها الانسان من حد العبوس والمعنى متنعمون بنعيم مقيم فائزون بملك كبير . ويجوز ان يكون فاكهون هو الخبر وفى شغل متعلق به ظرف لغوله اى متلذذون فى شغل فشغلهم شغل التلذذ لا شغل فيه تعب كشغل اهل الدنيا . والتعبير عن حالهم هذه بالجملة الاسمية قبل تحققها تنزيل للمترقب المتوقع منزلة الواقع للايذان بغاية سرعة تحققها ووقوعها ولزيادة مساءة المخاطبين بذلك وهم الكفار ثم ان الشغل فسر على وجوه بحسب اقتضاء مقام البيان ذلك منها افتضاض الابكار وفى الحديث ( ان الرجل ليعطى قوة مائة رجل فى الاكل والشرب والجماع ) فقال رجل من اهل الكتاب ان الذى يأكل ويشرب يكون له الحاجة فقال عليه السلام ( يفيض من جسد احدهم عرف مثل المسك الاذفر فيضمر بذلك بطنه ) وفى الحديث ( ان احدهم ليفتض فى الغداة الواحدة مائة عذراء ) قال عكرمة فتكون الشهوة فى اخراهن كالشهوة فى اولادهن وكلما افتضها رجعت على حالها عذراء ولا تجد وجع الافتضاض اصلا مكا فى الدنيا وجاء رجل فقال يا رسول اللّه أنفضى الى نسائنا فى الجنة كما نفضى اليهن فى الدنيا قال ( والذى نفسى بيده ان المؤمن ليفضى فى اليوم الواحد الى الف عذراء ) [ عبد اللّه بن وهب كفت كه در جنت عرفه ايست كه ويرا عاليه كفته مى شود دروى حوريست ويرا غنجه كفته مى شود هر كاه كه دوست خداى بوى آيد آيد بوى جبرائيل اذن دهد ويرا بس برخيزد براطرافش باوى جهار هزار كنيزك باشد كه جمع كنند دامنهاى وى وكيسوهاى ويرا بخور كنند از براى وى بمجمر هاى بى آتس . كفته امد در صحبت بهشتيان منى ومذى وفضولات نباشد جنانكه دردنيا بلى لذت صحبت آن باشدكه زير هر تار موى يك قطره عرق بيايدكه رنكش رنك عرق بود وبويس بوى مشك ] وفى الفتوحات المكية ولذة الجماع اهل الدنيا اضعافا مضاعفة فيجد كل من الرجال والمرأة لذة لا يقدر قدرها لو وجداها فى الدنيا غشى عليهما من شدة حلاوتها لكن تلك اللذة انما تكون بخروج ريح اذ لا منى هناك كالدنيا كا صرحت به الاحاديث فيخرج من كل من الزوجين ريح كرائحة المسك وليس لاهل الجنة ادبار مطلقا لان الدبر انما خلق فى الدنيا مخرجا للغائط ولا غائط هناك ولولا ان ذكر الرجل او فرج المرأة يحتاج اليه فى جماعهم لما كان وجد فى الجنة فرج لعدم البول فيها ونعيم اهل الجنة مطلق والراحة فيها مطلقة الاراحة النوم فليس عندهم من نعيم راحته شئ لانهم لا ينامون ولا يعرف شئ الا بصده ومنها سماع الاصوات الطيبة والنغمات اللذيذة [ جون بندة مؤمن دربهست آرزوى سماع ] كند رب العزت اسرافيل را بفرستد تابر جانب راست وى بايستد وقرآن خواندن كيرد داود برجب بايستد زبور خواندن كيرد بندد سماع همى كند تاوقت وى خوش كردد وجان وى در شهود جانان مستغرق رب العزت در آن دم بردة جلال بردارد ديدار بنمايد بنده بجام شراب طهور بنوازد طه ويس خواندن كيرد جان بنده آنكه بحقيقت در سماع آيد ] ثم انه ليس فى الجنة سماع المزامير والاوتار بل سماع القرآن وسماع اصوات الابكار المغنية والاوراق والاشجار ونحو ذلك كما سبق بعض ما يتعلق بهذا المقام فى اوائل سورة الروم واواخر الفرقان قال بعض العلماء السماع محرك القلب مهيج لما هو الغالب عليه فان كان الغالب عليه الشهوة والهوى كان حراما والا فلا قال بعض الكبار اذا كان الذكر بنغمة لذيذة فله فى النفس اثر كما للصورة الحسنة فى النظر ولكن السماع لا يتقيد بالنغمات المعروفة فى العرف اذ فى ذلك الجهل الصرف فان الكون كله سماع عند صاحب الاستماع فالمنتهى غنى عن تغنى اهل العرف فان محركه فى باطنه وسماعه لا يحتاج الى الامر العارض الخارج المقيد الزائد ومنها التزاور : يعنى [ شغل ايشان دربهشت ريارت يكديكرست اين بزيارت آن ميرود وآن بزيارت اين مى آيد وقتى ييعمبران روند وقتى همه بهم جمع شوند بزيارت دركاه عزت وحضرت الهيت روند ] وفى الحديث ( ان اهل الجنة يزورون ربهم فى كل يوم جمعة فى رحال الكافور واقربهم منه مجلسا اسرعهم اليه يوم الجمعة وابكرهم غدوا ) قال بعض الكبار ان اهل النار يتزاورون لكن على حالة مخصوصة وهى ان لا يتزاور الا اهل كل طبقة مع اهل طبقته كالمحرور يزور المحرورين والمقرور يزور المقرورين فلا يزور المقرور محرورا وعكسه بخلاف اهل الجنة للاطلاق والسراح الذى لاهلها المشاكل للنعيم ضدما لاهل النار من الضيق والتقييد ومنها ضيافتة اللّه تعالى [ خدايرا عز وجل دو ضيافت است مر بندكانرا يكى اندر ربض بهشت بيرون بهشت ويكى ايد بهشت ولكن آن ضيافت كه در بهشت است متكرر ميشود جنانكه رؤيت وما ظنك بشغل من سعد بضيافة اللّه والنظر الى وجهه وفى الحديث ( اذا نظروا الى اللّه نسوا نعيم الجنة ) ومنها شغلهم عما فيه اهل النار على الاطلاق وشغلهم عن اهاليهم فى النار لا يهمهم ولا يبالون بهم ولا يذكرونهم كيلا يدخل عليهم تنغيص ف نعيمهم : يعنى [ بهشتيانرا جندان ناز ونعيم بودكه ايشانرا برواى اهل دوزخ نبود نه خبرايشان برسند نه برواى ايشان دارندكه نام ايشان بريد ] وذلك لان اللّه تعالى ينسيهم يخرجهم من خاطرهم اذ لو خطر ذكرهم بالبال تنعص عيش الوقت [ وكفته اند شغل بهشتيان ده جيزاست ملكى كه درو عزل نه . انسى كه ما او وحشت نه ] والظاهر ان المراد بالشغل ما هم فيه من فنون الملاذ التى تلهيهم عما عداهم الكلية أى شغل كان وفى الآية اشارة الى ان اهل النار لانعم لهم من الطعام والشراب والنكاح وغيرها لان النعيم من تجلى الصفات الجمالية وهم ليسوا من اهله لان حالهم القهر والجلال غير ان بعض الكبار قال اما اهل النار فينامون فى اوقات ببركة سيدنا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وذلك هو القدر الذى ينالهم من النعيم فنسأل اللّه العافية انتهى وهذا كلام من طريق الكشف وليس ببعيد اذ قد ثبت فى تذكرة القرطبى ان بعض العصاة ينامون فى النار الى وقت خروجهم منها ويكون عذابهم نفس دخولهم فى النار فانه عار عظيم وذل كبير ألا يرى ان من حبس فى السجن كان هو عذابا له بالنسبة الى مرتبته وان لم يعذب بالضرب والقيد ونحوهما ثم انا نقول والعلم عند اللّه تعالى [ ودر بحر الحقائق كويد مراد از اصحاب جنت طالبان بهشت اندكه مقصد ايشان نعيم جنات بوح حق سبحانه وتعالى ايشانرا بتنعم مشغول كرداند وآن حال اكرجه نسبت بادوزخيان ازجلائل احوال است نسبت باطالبان حق بغايت فرو مى نمايد واينجا سر ( اكثر اهل الجنة البله ) بى توان برد ] وعن بعض ارباب النظر انه كان واقفا على باب الجامع يوم الجمعة والخلق قد فرغوا من الصلاة وهم يخرجون من الجامع قال هؤلاء حشو الجنة وللمجالسة اقوام آخرون وقد قرئ عند الشبلى رحمه اللّه قوله تعالى { ان اصحاب الجنة } الخ فشهق شهقة وغاب فلما افاق قال مساكين لو علموا انهم عما شغلوا لهلكوا : يعنى [ بيجاركان اكرد انندكه از كه مشغول شده اند فى الحال درورطة هلاك مى افتند ودر كشف الاسرار از شيخ الاسلام الانصارى نقل ميكند كه مشغول نعمت بهشت ازان عامة مؤمنانست اما مقربان حضرت از مطالعة شهود وملاحظة نور وجود يك لحظه بانعيم بهشت نبردازند ] قال على رضى اللّه عنه لو حجبت عنه ساعة لمت روزيكه مرا وصل تودر جنك آيد ... از حال بهشتيان مرا ننك آيد وربى تو بصحراى بهشتم خوانند ... صحراى بهشت بر دلم تنك آيد وفى التأويلات النجمية ان لله تعالى عبدا استخصهم للتخلق باخلاقه فى سر قوله ( كنت سمعه وبصره فى بسمع وبى يبصر ) فلا يشغلهم شأن اشتغالهم بابدانهم مع اهلهم عن شأن شهود مولاهم فى الجنة كما انهم اليوم مستديمون لمعرفته بأى حال من حالاتهم ولا يقدح اشتغالهم باستيفاء حظوظهم من معارفهم فعلى العاقل ان يكون فى شغل الطاعات والعبادات لكن لا يحتجب به عن المكاشفات والمعاينات فيكون له شغلان شغل الظاهر وهو من ظاهر الحنة وشغل الباطن وهو من باطنها فمن طلبه تعالى لم يضره ان يطلب منه لان عدم الطلب مكابرة له فى ربوبيته ومن طلب منه فقط لم ينل لقاءه قال يحيى بن معاذ رضى اللّه عنه رأيت رب العزة فى منامى فقال لى يا معاذ كل الناس يطلبون منى الا ابا يزيد فانه يطلبنى واعلم ان كل مطلوب يوجد فى الآخرة فهو ثمرة بذر طلبه فى الدنيا سواء تعلق بالجنة او بالحق كما قال عليه السلام ( يموت المرء على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه ) ٥٦ { هم } الخ استثناف مسوق لبيان كيفية شغلهم وتفههم وتكميلها بما يزيدهم بهجة وسرورا من شركة ازواجهم لهم فيما هم فيه من الشغل والفكاهة وهم مبتدأ والضمير لاصحاب الجنة { وازواجهم } عطف عليه والمراد نساؤهم اللاتى كن لهم فى الدنيا او الحور العين او خلاؤهم كما فى قوله تعالى { احشروا الذين ظلموا وازواجهم } ويجوز ان يكون الكل مرادا فقوله وازواجهم اشارة الى عدم الوحشة لان المنفرد يتوحش اذا لم يكن له جليس من معارفه وان كان فى اقصى المراتب ألا ترى انه عليه السلام لحقته الوحشة ليله المعراج حين فارق جبريل فى مقامه فسمع صوتا يشابه صوت ابى بكر رضى اللّه عنه فزالت عنه تلك الوحشة لانه كان يأنس به وكان جليسه فى عامة الاوقات ولامر ما نهى عليه السلام عن ان يبيت الرجل منفردا فى بيت { فى ظلال على الارائك متكئون } قوله متكئون على الارائك خبرا ثانيا . والظلال جمع ظل كشعاب جمع شعب والظل ضد الضح بالفارسية [ سايه ] او جمع ظلة كقباب جمع قبة وهى الستر الذى يسترك من الشمس . والارائك جمع اريكة وهى كسفينة سرير فى حجلة وهى محركة موضع يزين بالثياب والستور للعروس كما فى القاموس قال فى المختار الاريكة سرير متخذ مزين فى قبة او بيت فاذا لم يكن فيه سرير فهو حجلة اى لا اريكة وتسميتها بالاريكة اما لكونها فى الاصل متخذة من الاراك وهو شجر يتخذ منه المسواك او لكونها مكانا للاقامة فان اصل الاروك الاقامة على رعى الاراك ثم تجوز به فى سائر الاقامات . والاتكاء الاعتماد بالفارسية [ تكيه زدن ] اى معتمدون فى ظلال على السرر فى الحجال والاتكاء على السرر دليل التنعم والفراغ قال فى كشف الاسرار [ معنى آنست كه ايشان وجفتان ايشان زير سايها اند بناها وخيمها كه از براى ايشان ساخته اند خيمهاست از مرواريد سفيد جهار فرسنك در جهار فرسنك آن خيمه زده شصت ميل ارتفاع آن ودران خيمه سريرها وتختها نهاده هر تختى سيصد كزار ارتفاع آن بهشتى جون خواهدكه بارن تخت شود تخت بزمين بهن باز شود تا بهشتى آسان بى رنج بر ان تخت شود ] فان قيل كيف يكون اهل الجنة فى ظلال والظل انما يكون حيث تكون الشمس وهم لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا اجيب بان المراد من الظل ظل اشجار الجنة من نور العرش لئلا يبهر ابصار اهل الجنة فانه اعظم من نور الشمس وقيل من نور قناديل العرش كذا فى حواشى ابن الشيخ وقال فى المفردات ويعبر بالظل عن العز والمنعة وعن الرفاهة قال تعالى { ان المتقين فى ظلال وعيون } اى فى عزة ومنعة واظلنى فلان اى حرسنى وجعلنى فى ظله اى فى عزه ومنعته وندخلهم ظلا ظليلا كناية عن نضارة العيش انتهى وقال الامام فى سورة النساء ان بلاد العرب كانت فى غاية الحرارة فكان الظل عندهم من اعظم اسباب الراحة وهذا المعنى جعلوه كناية عن الراحة قال عليه السلام ( السلطان ظل اللّه فى الارض ) وفى الآية الى ان اللّه تعالى يقول لا قوام فارغين عن الالتفات الى الكونين مراقبين للمشاهدات ان اصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون هم وازواجهم اى اشكالهم فارغبوا انتم الىّ واشتغلوا بى وتنعموا بنعيم وصالى وتلذذوا بمشاهدة جمالى فانه لا لذة فوقها رزقنا اللّه واياكم ذلك : قال الحافظ صحبت حور نخواهم كه بود عين قصور ... باخيال تواكر باد كرى بردازم وقال ايضا نعيم اهل جهان بيش عاشقان يك جو ... ٥٧ { لهم فيها فاكهة } الخ بيان لما يتمتعون به فى الجنة من المآكل والمشارب ويتلذذون به من الملاذ الجسمانية والروحانية بعد بيان مالهم فيها من مجالس الانس ومحافل القدس تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة والفاكهة الثمار كلها والمعنى لهم فى الجنة غاية مناهم فاكهة كثيرة من كل نوع من انواع الفواكة عظيمة لا توصف جمالا وبهجة وكمالا ولذة كما روى ان الرمانة منها تشبع السكن وهو اهل الدار بوالتفاحة تنفتق عن حوراء عيناء وكل ما هو من نعيم الجنة فانما يشارك نعيم الدنيا فى الاسم دون الصفة وفيه اشارة الى ان لا جوع فى الجنة لان التفكه لا يكون لدفع ألم الجوع { ولهم ما يدعون } الجملة معطوفة على الجملة السابقة وعدم الاكتفاء بعطف ما يدعون على فاكهة لئلا يتوهم كون ما عبارة عن توابع الفاكهة وتتماتها وما عبارة عن مدعو عظيم الشان معين او مبهم . ويدعون اصله يدتعيون على وزن يفتعلون من الدعاء لا من الادّعان بمعنى الاتيان بالدعوى : وبالفارسية [ دعوى كردن بركسى ] فبناء افتعل الشئ فعله لنفسه واعلاله انه استثقلت الضمة على الياء فنقلت الى ما قبلها فحذفت لاجتماع الساكنين فصار يدتعون ثم ابدلت التاء دالا فادغمت الدال فى الدال فصار يدعون والمعنى ولهم ما يدعون اللّه به لانفسهم من مدعو عظيم الشان او كل ما يدعون به كائنا ما كان من اسباب البهجة وموجبات السرور قال ابن الشيخ اى ما يصح ان يطلب فهو حاصل لهم قبل الطلب كما قال الامام ليس معناه انهم يدعون لانفسهم شيأ فيستجاب لهم بعد الطلب بل معناه لهم ذلك فلا حاجة الى الدعاء كما اذا سألك احد شيأ فقلت لك ذلك وان لم تطلبه ويجيئ الادعاء بمعى التمنى كما قال فى تاج المصادر [ الادعاء : آرزو خواستن ] من قولهم ادع على ما شئت بمعنى تمنه علىّ فالمعنى ولهم ما يتمنونه : وبالفارسية [ ومرايشانرا آنجه خواهند وآرزو برند وابن عباس رضى اللّه عنهما كفت كه بهشتى از اطعمه واشربه بى آنكه بزبان آرد بيش خود حاضر بيند ] ٥٨ { سلام } بدل من ما يدعون كأنه قيل ولهم سلام وتحية يقال لهم { قولا } كائنا { من } جهة { رب رحيم } اى يسلم عليهم من جهته تعالى بواسطة الملك او بدونها مبالغة فى تعظيمهم فقولا مصدر مؤكد لفعل هو صفة لسلام وما بعده من الجار متعلق بمضمر هو صفة له والاوجه ان ينتصب قولا على الاختصاص اى بتقدير اعنى فان المقام المدح من حيث ان هذا القول صادر من رب رحيم فكان جديرا بان يعظم امره وفى الحديث ( بينا اهل الجنة فى نعيمهم اذ سطع لهم نور فرفعوا رؤسهم فاذا الرب تعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا اهل الجنة فذلك قوله سلام قولا من رب رحيم فينظر اليهم وينظرون اليه فلا يلتفتون الى شئ من النعيم ما داموا ينظرون اليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم فى ديارهم ) سلام دوست شنيدن سعادتست وسلامت ... بوصل يار رسيدن فضيلتست وكرامت قال فى كشف الاسرار [ معنى سلام آنست كه سلمت عبادى من الحرقة والفرقة واشارت رحمت درين موضع آنست كه ايشانرا برحمت خويش قوت وطاقت دهد تابى واسطه كلام حق بشنون وديدار وى وايشانرا دهشت وحيرت نبود ] وفى التأويلات النجمية يشسير الى ان سلامه تبارك وتعالى كان قولا منه بلا واسطة واكده بقوله رب ليعلم انه ليس بسلام على لسان سفير وقوله رحيم فالرحمة فى تلك الحالة ان يرزقهم الرؤية حال ما يسلم عليهم ليكمل لهم النعمة وفى حقائق البقلى سلام اللّه ازلى الى الابد غير منقطع عن عباده الصادقين فى الدنيا والآخرة لكن فى الجنة يرع عن آذانهم جميع الحجب فيسمعون سلامه وينظرون الى وجهه كفاحا سلامت من دلخسته در سلام توباشد ... زهى سعادت اكر دولت سلام تويابم قال فى كشف الاسرار [ سلام خداوند كريم بربندكان ضعيف دو ضرب است يكى بسفير وواسطه ويكى بى سفير وبى سفير وبى واسطع اما آنجه بواسطه است اول سلام مصطفا ست عليه السلام : وذلك فى قوله { اذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم } اى محمد جون مؤمنان برتو آيند ونواخت ما طلبند تو بنيابت ما برايشان سلام كن وبكوى { كتب ربكم على نفسه الرحمة } باز جون روز كار حيات بنده برسد وبريد مرك در رسد دران دم زدن بازيسين ملك الموت را فرمان آيدكه توبريد حضرت ما يى يفرمان ما قبض روح بنده ميكنى نخست اورا شربت شادى ده ومرهمى بردل خستة بروى نه بروى سلام كن ونعمت بروى تمام كن اينست كه رب العزة كفت { تحيتهم يوم يلقونه سلام واعد لهم اجرا كريما } آن فرشتكان ديكركه اعوان ملك الموت اند جون آن نواخت وكرامت بينندهمه كويند { سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } اى بندة مؤمن در ساخت بهشت نه كه كار كارتست ودولت دولت تو وازان بس جون از حساب وكتاب ديوان قيامت فارغ شود بدر بهشت رسد ورضوان اورا استقبال كند كويد { سلام عليكم طبتم فادخلوا خالدين } سلام ودرود برشما خوش كشتيد وباك آمديد وباك زندكانى كرديد اكنون دررويد درين سراى جاودان وناز ونعيم بى كران وازان بس كه در بهشت آيد بغرفة خويش آرام كيرد فرستاد كان ملك آيندواورا مزده دهند وسلام رسانند وكونند { سالم عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } جون كوش بنده ازشنيدن سلام واسطه برشود وازدرود فرشتكان برشود آرزوى ديدار حق وسلام وكلام متكلم مطلق كند كود بزبان افتقار در حالت انكسارى بساط انبساط كه . اى معدن ناز من اين نياز من تاكى . اى شغل جان من اين شغل جان من تاكى . اى مشهود جان من اين خبر برسيدن من تاكى . خداوندا موجود دل عارفانى درذ كريكانه آرزوى مشتقانى درو جود يكانه هيج روى آن دارد خداوندا كه ديدار بنمايى وخود سلام كنى برين بنده ] فيتجلى اللّه عز وجل ويقول سلام عليكم يا اهل الجنة فذلك قوله { سلام قولا من رب رحيم } قيل سبعة اشياء ثواب لسبعة اعضاء لليد { يتنازعون فيها كأسا } للرجل { ادخولها بسلام } للبطن { كلوا واشربوا هنيئا } للعين { وتلذ الاعين } للفرج { وحور عين } للاذن سلام قولا للسان { وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين } ٥٩ { وامتازوا } يقال ام زه عنه يميزه ميزا اى عزله ونحاه فامتاز والتمييز الفصل بين المتشابهات ودل الامتياز على انه حين يحشر النسا يختلط المؤمن والكافر والمخلص والمنافق ثم يمتاز احد الفريقين عن الآخر كقوله تعالى { ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون } وهو عطف قصة سوء حال هؤلاء وكيفية عقابهم على قصة حسن حال اولئك ووصف ثوابهم وكان تغيير السبك لتخييل كمال التباين بين الفريقين وحاليهما ويجوز ان يكون معطوفا على مضمر ينساق اليه حكاية حال اهل الجنة كأنه قيل بعد بيان كونهم فى شغل عظيم الشان وفوزهم بنعيم مقيم يقصر عنه البيان فليقروا بذلك عينا وامتازوا عنهم وانفردوا { اليوم } وهو يوم القيامة والفصل والجزاء { ايها المجرمون } الى مصيركم فكونوا فى السعير وفنون عذابها ولهبها بدل الجنة لهم والوان نعمها وطربها : وبالفارسية [ وجدا شويد آنروز اى مشركان ازموحدان واى منافقان از مخلصان كه شما بزندان دشمنان مى رانند وايشسانرا ببوستان دوستان خوانند ] وعن قتادة اعتزلوا عما ترجون وعن كل خير او تفرقوا فى النار لكل كافر بيت من النار ينفرد به ويردم بابه بالنار فيكون فيه ابد الابدين لا يرى ولا يرى وهو على خلاف ما للمؤمن من الاجتماع بالاخوان وعذاب الفرقة عن القرناء والاصحاب من اسوء العذاب واشد العقاب وفى التأويلات يشير الى امتياز المؤمن والكافر فى المحشر والمنشر بابيضاض وجه المؤمن واسوداد وجه الكافر وبايتاء كتاب المؤمن بيمينه وبايتاء كتاب الكافر بشماله وبثقل الميزان وبخفته وبالنور وبالظلمة وثبات القدم على الصراط وزلة القدم عن الصراط وغير ذلك قال بعض الكبار اعلم ان اهل النار الذين لا يخرجون منها اربع طوائف المتكبرون والمعطلة والمنافقون والمشركون ويجمعها كلها المجرمون قال تعالى { وامتازوا اليوم ايها المجرمون } اى المستحقون لان يكونوا هلا لسكى النار فهؤلاء اربع طوائف هم الذى لا يخرجون من النار من انس وجن وانما جاء تقسيمهم الى اربع طوائف من غير زيادة لان اللّه تعالى ذكر عن ابليس انه يأتينا من بين ايدينا ومن خلفنا وعن ايماننا وعن شمائلنا ولا يدخل احد النار الا بواسطته فهو يأتى للمشرك من بين يديه ويأتى للمتكبر عن يمينه ويأتى للمنافق عن شماله ويأتى للمعطل من خلفه وانما جاء للمشرك من بين يديه لان المشرك بين يديه جهة غيبية فاثبت وجود اللّه ولم يقدر على انكاره فجعله ابليس يشرك باللّه فى الوهيته شيأ يراه ويشاهده وانما جاء للمتكبر من جهة اليمين لان اليمين محل القوة فلذلك تكبر لقوته التى احس بها من نفسه وانما جاء للمنافق من جهة شماله الذى هو الجانب الاضعف لكون المنافق اضعف الطوائف كما ان الشمال اضعف من اليمين ولذلك كان فى الدرك الاسفل من النار ويعطى كتابه بشماله وانما جاء للمعطل من خلفه لان الخلف ما هو محل نظر فقال له ما ثم شئ فهذه اربع مراتب لاربع التى هى المراتب فى السبعة ابوا كان الخارج ثمانية وعشرين منزلا عدد منازل القمر وغيره من الكواكب السيارة انتهى كلامه ٦٠ { ألم اعهد اليكم يا بنى آدم } الخ من جملة ما يقال لهم يوم القيامة بطريق التقريع والالزام والتبكيت بين الامر بالامتياز وبين الامر بدخول جهنم بقوله تعالى { اصلوها اليوم } الخ والعهد والوصية التقدم بامر فيه خير ومنفعة والمراد ههنا ما كلفهم اللّه تعالى على ألسنة الرسل من الاوامر والنواهى التى من جملتها قوله تعالى { ولا تتبعوا خطوات الشطان انه لكم عدو مبين } وغيرها من الآيات الكريمة الواردة فى هذا المعنى والمراد ببنى آدم المجرمون : والمعنى بالفارسية [ ايا عهد نكرده ام شمارا يعنى عهد كردم وفرمودم شمارا ] { ان لا تعبدوا الشيطان } ان مفسرة للعهد الذى فيه معنى القول بالامر النهى او مصدرية حذف منها الجار اى ألم اعهد اليكم فى ترك عبادة الشيطان والمراد بعبادة الشيطان عبادة غير اللّه لان الشيطان لا يعبده احد ولم يرد عن احد انه عبد الشيطان الا انه عبر عن عبادة غير اللّه بعبادة الشيطان لوقوعها بامر الشيطان وتزيينه والانقياد فيما سوّله ودعا اليه بوسوسته فسمى اطاعة الشيطان والانقياد له عبادة له تشبيها لها بالعبادة من حيث ان كل واحد منهما ينبئ عن التعظيم والاجلال ولزيادة التحذير والتنفير عنها ولوقوعها فى مقابلة عبادته تعالى قال ابن عباس رضى اللّه عنهما من اطاع شيأ عبده دل عليه { أفرأيت من اتخذ الهه هواه } والمعنى بالفارسية [ نيزستيد شيطانرا يعنى بتان بفرمودة شيطان ] { انه لكم عدو مبين } اى ظاهر العداوة لكم يريد ان يصدكم عما جبلتم عليه من الفطرة وكلفتم به من الخدمة وهو تعليل لوجوب الانتهاء عن المنهى عنه ووجه عداوة ابليس لبنى آدم انه تعالى لما اكرم آدم عليه السلام عاداه ابليس حسدا والعاقل لا يقبل من عدوه وان كان ما يلقاه اليه خيرا اذ لا امن من مكره فان ضربة الناصح خير من تحية العدو قال الشيخ سعدى قدس سره [ دشمن جون ازهمه حيلتى درماند سلسله دوستى بجنباند بس آنكاه بدوستى كارها كندكه هيج دشمن نتوانج كرد ] حذركن زانجه دشمن كويد آن كن ... كه بر زانو زنى دست تغابن كرت راهى نمايد راست جون تير ... ازان بر كرد وراه دست جب كير قال بعض الكبار اعلم ان عداوة ابليس لبنى آدم اشد من معاداته لابيهم آدم عليه السلام وذلك ان بنى آدم خلقوا من ماء والماء منافر للنار واما آدم فجمع بينه وبين ابليس اليبس الذى فى التراب فبين التراب والنار جامع ولهذا صدقه لما اقسم له باللّه انه لناصح وما صدقه الابتاء لكونه لهم ضدا من جميع الوجوه فبهذا كانت عداوة الابناء اشد من عداوة الاب ولما كان العدو محجوبا عن ادراك الابصار جعل اللّه لنا علامات فى القلب من طريق الشرع نعرفه بها تقوم لنا مقام البصر فنتحفظ بتلك العلامة من القائه واعانة اللّه عليه بالملك الذى جعله اللّه مقابلا له غيبا بغيب انتهى وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى كمال رأفته وغاية مكرمته فى حق بنى آدم اذ يعاتبهم معاتبة الحبيب للحبيب ومناصحة الصديق للصديق وانه تعالى يكرمهم ويجعلهم عن ان يعبدوا الشيطان لكمال رتبتهم واختصاص قربتهم بالحضرة وغاية ذلة الشيطان وطرده ولعنه من الحضرة وسماه عدوا له وله سمى بنى آدم الاولياء والاحباب وخاطب المجرمين منهم كالمتعذر الناصح لهم ألم اعهد اليكم ألم انصح ألم اخبركم عن خباثة الشيطان وعداوته لكم وانكم اعز من ان تعبدوا مثله ملعونا مهينا ٦١ { وان اعبدونى } لان مثلكم يستحق لعباده مثلى فانى انا العزيز وانى العزيز الغفور وانى خلقتكم لنفسى وخلقت المخلوقات لاجلكم وعززتكم واكرمتكم بان اسجدت لكم ملائكتى المقربين وعبادى المكرمين وهو عطف على ان لا تعبدوا وان فيه كما هى فيه اى وحدونى بالعبادة ولا تشركوا بها احدا وتقديم النهى على الامر لما ان حق التحلية التقدم على التحلية ولتصل به قوله تعالى { هذا صراط مستقيم } فانه اشارة الى عبادته تعالى التى هى عبارة عن التوحيد والاسلام وهو المشار اليه بقوله تعالى { هذا صراط مستقيم } والمقصود بقوله تعالى { لاقعدن لهم صراطك المستقيم } والتنكير للتفخيم قال البقلى طلب الحق منهم ما خلق فى فطرتهم من استعداد قبول الطاعة اى اعبدونى بى لابكم فهذا صراط مستقيم حيث لا تنقطع العبودية عن العباد ابدا ولا يدخل فى هذا الصراط اعوجاج واضطراب اصلا وكل قول يقبل الاختلاف بين المسلمين الاقول ( لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه ) فانه غير قابل للاختلاف فمعناه متحقق وان لم يتكلم به احد قال الواسطى من عبد اللّه لنفسه فانما يعبد نفسه ومن عبده لاجله فانه لم يعرف ربه ومن عبده بمعنى ان العبودية جوهرة فطرة الربوبية فقد اصاب ومن علامات العبودية ترك الدعوى واحتمال البلوى وحب المولى وحفظ الحدود والوفاء بالعهود وترك الشكوى عند المحنة وترك المعصية عند النعمة وترك الغفلة عند الطاعة قال بعض الكبار لا يصح مع العبودية رياسة اصلا لانها ضد لها ولهذا قال المشايخ رضوان اللّه عليهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الجاه واعلم انه كم نصح اللّه ووعظ وانذر وحذر ووصل القول وذكر ولكن المجرمين لم يقبلوا النصح ولم يتعظوا بالوعظ ولم يعملوا بالامر بل عملوا بامر الشيطا وقبلوا اغواءه اياهم فليرجع العاقل من طريق الحرب الى طريق الصلح : قال الشيخ سعدى قدس سره نه ابليس در حق ما طعنه زد ... كزاينان نيايد بجز كاربد فغان ازبديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن ابليس راست جو ملعون بسند آمدش قهرما ... خدايش بر انداخت ازبهر ما كجا بر سر آيم ازين عاروننك ... كه باو بصلحيم وباحق بجنك نظر دوست تادر كند سوى تو ... كه درروى دشممن بودروى تو ندانى كه كمترنهد دوست باى ... دوبيند كه دشمن بوددر سراى وقال ايضا من طريق الاشارة نه مارا درميان عهد ووفا بود ... جفا كردى وبدعهدى نمودى هنوزت ارسر صلحست باز آى ... كزان محبوبتر باشى كه بودى ٦٢ { ولقد اضل منكم جبلا كثيرا } جواب قسم محذوف والخطاب لبنى آدمه وفى الارشاد الجملة استئناف مسوق لتشديد التوبيخ وتأكيد التقريع ببيان ان جناياتهم ليست بنقض العهد فقط بل به وبعدم الاتعاظ بما شاهدوا من العقوبات النازلة على الامم الخالية بسبب طاعتهم للشيطان والخطاب لمتأخريهم الذين من جملتهم كفار مكة خصوا بزيادة التوبيخ والتقريع لتضاعف جناياتهم والجبل بكسر الجيم وتشديد اللام الخلق اى المخلوق ولما تصور من الجبل العظم قيل للجماعة العظيمة جبل تشبيها بالجبل فى العظم واسناد الاضلال الى الشيطان مجاز والمراد سببيته كما فى قوله تعالى { رب انهن اضللن كثيرا من الناس } والا فالهداية والاضلال والارشاد والاغواء صفة اللّه تعالى فى الحقيقة بدليل قوله عليه السلام ( بعثت داعيا ومبلغا وليس الىّ من الهدى شئ وخلق ابليس مزينا وليس اليه من الضلالة شئ ) والمعنى وباللّه لقد اضل الشيطان منكم خلقا كثيرا يعنى صار سببا لضلالهم عن ذلك الصراط المستقيم الذى امرتكم بالثبات عليه فاصابهم لاجل ذلك ما اصابهم ومن العقوبات الهائلة التى ملأ الآفاق اخبارها وبقى مدى الدهر آثارها وقال بعضهم وكيف تعبدون الشيطان وتنقادون لامره مع انه قد اضل منكم يا بنى ادم جماعة متعددة من بنى نوعكم فانحرفوا باضلاله عن سواء السبيل فحرموا من الجنة الموعودة لهم { أفلم تكونوا تعقلون } الفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أكنتم تشاهدون آثار عقوباتهم فلم تكونوا تعقلون انها لضلالهم وطاعتهم ابليس او فلم تكونوا تعقلون شيأ اصلا حتى ترتدعوا عما كانوا عليه كيلا يحيق بكم العقاب وقال الكاشفى [ ايا نيستيد شما كه تعقل كنيد وخودرا دردام فريب او بيفكنيد ] وفى كشف الاسرار هو استفهام تقريع على تركهم الانتفاع بالعقل وفى الحديث ( قسم اللّه العقل ثلاثة اجزاء فمن كانت فيه فهو العاقل حسن المعرفة باللّه ) اى الثقة باللّه فى كل امر والتفويض اليه والائتمار له على نفسك واحوالك والوقوف عند مشيئته لك فى كل امر دنيا وآخرة وحسن الطاعة لله وهو ان تطيعه فى كل اموره وحسن الصبر لله وهو ان تصبر فى النوائب صبرا لا يرى عليك فى الظاهر اثر النائبة كذا فى درر الاصول وفى التأويلات النجمية { ولقد اضل منكم جبلا كثيرا } عن صراط مستقيم عبوديتى وابعدكم عن جوارى تظلموا على انفسكم وارجعوا الى ربكم واعلم ان العقل نور يستضاء به كما قال فى المثنوى كربصورت وانمايد عقل رو ... تيره باشد روز ييش نوراو ورمثال احمقى ييدا شود ... ظلمت شب ييش اوروشن بود اندك اندك خوى كن بانور روز ... ورنه خفاشئ بمانى بى فروز ثم اعلم ان الجاهل الاحمق والضال المطلق فى يد الشيطان يقوده حيث يشاء ولو علم حقيقة الحال وعقل ان اللّه الملك المتعال واهتدى الى طريق التوحيد والطاعة لحفظه اللّه من تلك الساعة فان التوحيد حصنه الحصين ومن دخل فيه امن من مكر العدو المهين ومن خرج عنه طالبا للنجاة ادركه الهلاك ومات فى يد الآفات ومن اهمل نفسه فلم يتحرك لشئ كان كمجنون لا يعرف شمسا من فئ فنسأل اللّه الاشتغال بطاعته واستيعاب الاوقات بعبادته وطرد الشيطان بانوار الخدمة وقهر النفس بانواع الهمة ٦٣ { هذه جهنم التى كنتم } ايها المجرمون { توعدون } اى توعدونها على ألسنة الرسل فى الدنيا فى ازمنتها المتطاولة بمقابلة عبادة الشيطان مثل قوله تعالى { لاملأن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } وغير ذلك وهو استئناف يخاطبون به من خزنة جهنم بعد تمام التوبيخ والتقريع والالزام والتبكيت عند اشرافهم على شفير جهنم ٦٤ { اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون } يقال صلى اللحم كرمى يصليه صليا شواه والقاه فى النار وصلى النار قاسى حرها واصله اصليوها فاعل كاحشيوا وهو امر تنكيل واهانة كقوله تعالى { ذق انك انت العزيز الكريم } والمعنى ادخلولها وقاسوا حرها وفنون عذابها اليوم بكفركم المستمر فى الدنيا وفى ذكر اليوم ما يوجب شدة ندامتهم وحسرتهم يعنى ان ايام لذاتكم قد مضت ومن هذا الوقت واليوم وقت عذابكم قال ابو هريرة رضى اللّه عنه او قدت النار الف عام فابيضت ثم اوقدت الف عام فاحمرت ثم اوقدت الف عام فاسودت فهى سوداء كالليل المظلم وهى سجن اللّه تعالى لمجرمين قال النبى عليه السلام لجبرائيل ( مالى لم أر ميكائيل ضاحكا قط ) قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار قال بعضهم ذكر النار شديد فكيف العطيعة والفضيحة فيها ولذا ورد فضوح الدنيا اهون من فضوح الآخرة وقال العطار رحمه اللّه لوان نارا اوقدت ان اصل النار لخلاصى من القى نفسه فيها صار لاشيا لخشيت ان اموات من الفرح قبل ان اصل الى النار لخلاصى من العذاب الابدى فانظر الى انصاف هؤلاء السادات كيف اساؤا الظن بانفسهم مع انهم موحدون توحيدا حقيقيا عابدون عارفون وقد جعل دخول النار مسببا عن الكفر والشرك والاوزار خدايا بعزت كه خوارم مكن ... بذل كنه شر مسارم مكن مرا شر مسارى زروى توبس ... دكر شر مسارم مكن ييش كس بلطفم بخوان يابران ازدرم ... ندارد بجز آستانت سرم بحقت كه جشم زباطل بدوز ... بنورت كه فردا بنارم مسوز ٦٥ { اليوم نختم على افواههم } الختم فى الاصل الطبع ثم استعير للمنع والافواه جمع فم واصل فم فوه بالفتح وهو مذهب سيبويه والبصريين كشوب واثواب حذفت الهاء حذفا على غير قياس لخفائها ثم الواو لاعتدالها ثم ابدل الواو المحذوفة ميما لتجانسهما لانهما من حروف الشفة فصار فم فلما اضيف رد الى اصله ذهابا به مذهب اخواته من الاسماء وقال الفراء جمع فوه بالضم كسوق واسواق وفى الآية التفات الى الغيبة للايذان بان ذكر احوالهم القبيحة استدعى ان يعرض عنهم ويحكى احوالهم الفظيعة لغيرهم مع ما فيه من الايمان الى ان ذلك من مقتضيات الختم لان الخطاب لتلقى الجواب وقد انقطع بالكلية والمعنى نمنع افواهم من النطق ونفعل بها ما لا يمكنهم معه ان يتكلموا فتصير افواههم كأنها مختومة فتعترف جوارحهم بما صدر عنها من الذنبوب { وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم } باستنطاقنا اياها { بما كانوا يكسبون } فتنطق الاربع بما كسبوه من السيآت والمراد جميع الجوارح لا ان كل عضو يعترف بما صدر منه [ والكسب : حاصل كردن كسى جيزى را والمعنى بالفارسية [ امروز مهر مى نهيم بر دهنهاى ايشان جون ميكويد كه مشرك نبوده وتكذيب رسل نكرده وشيطانرا نبرستيده وسخن كويد باما دستهاى ايشان وكواهى دهد بايهاى ايشان بآنجه بودند در دنيا ميكردند ] قال بعضهم لما قيل لهم { ألم اعهد اليكم يا بنى آدم ان لا تعبدوا الشيطان } جحدوا وقالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين وما عبدنا من دونك من شئ وما اطعنا الشيطان فى شئ من المنكرات فيختم على افواههم وتعترف جوارحهم بمعاصيهم . والختم لازم للكفار ابدا . اما فى الدنيا فعلى قلوبهم كما قال تعالى { ختم اللّه على قلوبهم } واما فى الآخرة فعلى افواهم ففى الوقت الذى كان الختم على قلوبهم كان قولهم بافواههم كما قال تعالى { ذلك قولهم بافواههم } فلما ختم على افواههم ايضا لزم ان يكون قولهم باعضائهم لان الانسان لا يملك غير القلب وللسان والاعضاء فاذا لم يبق القلب واللسان تعين الجوارح والاركان وفى كشف الاسرار [ روز قيامت عمل كافران بركافران عرضه كنند وصحيفهاى كردار ايشان بايشان نمايند آن رسواييها بينند وكردها برمثال كوهاى عظيم انكار كنند وخصومت دركيرند وبر فرشتكان دعوى دروغ كنند كويند ما اين كه در صحيفهاست نكرده ايم وعمل ما نيست همسايكان برايشان كواهى دهند همسايكانرا دروغ زن كيرند اهل عشيرت كواهى دهند وايشانرا نيز دروغ زن كيرند بس رب العزت مهر برد هنهاى ايشا نهد وجوارح ايشان بسخن آردتا بر كردهاى ايشان كواهى دهند ] وعن انس رضى اللّه عنه كنا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فضحك فقال ( هل تدرون مم اضحك ) قلنا اللّه ورسوله اعلم قال ( فى مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرنى من الظلم يقول بلى فيقول لا اجيز عن نفسى الا شاهدا منى فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لاركانه انطقى فتنطق باعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت اناضل ) اى ادافع واول عظم من الانسان فى نطق الاعضاء والجوارح بما صدر عنها ليعلم ان ما كان عونا على المعاصى صار شاهدا فلا ينبغى لاحد ان يلتفت الى ما سوى اللّه ويصحب احدا غير اللّه لئلا يفتضح ثمة بسبب صحبته نكشود صائب از مدد خلق هيج كار ... از خلق روى خود به خدا ميكنيم ما وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الغالب على الافواه الكذب كما قال { يقولون بافواههم ما ليس فى قلوبهم } والغالب على الاعضاء الصدق ويوم القيامة يوم يسأل الصادقين عن صدقهم فلا يسأل الافواه فانها كثيرة الكذب ويسأل الاعضاء فانها كثيرة الصدق فتشهد بالحق اما الكفار فشهادة اعضائهم عليهم مبيدة لهم واما العصاة من المؤمنين الموحدين فقد تشهد عليهم اعضاؤهم بالعصيان ولكن تشهد لهم بعض اعضائهم ايضا بالاحسان كما جاء فى بعض الاخبار المروية المسندة ان عبدا تشهد عليه اعضاؤه بالزلة فتتطاير شعرة من جفن عينيه فتستأذن بالشهادة له فيقول الحق تعالى تكلمى يا شعرة جفن عين عبدى واحتجى عن عبدى فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادى مناد هذا عتيق اللّه بشعرة [ در كشف الاسرار فرمود كه جنانكه جوارح اعدا برافعال بدايشان كواهى ميدهد همجنين اعضاى برطاعت ايشان اقامت شهادت كند جنانجه در آثار آورده اندكه حق سبحانه وتعالى بندة مؤمن را خطاب كند كه جه آوردة او شرم دارد كه عبادات وخيرات خود برشمارد حق سبحانه اعضاى ويرا بسخن در آورد تاهريك اعمال خودرا باز كويند انامل كواهى بردهد بر تسبيحات ] كما قال عليه السلام لبعض النساء ( عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالانامل فانهن مسءولات مستنطقات ) يعنى بالشهادة يوم القيامة ولذا سن عد الاذكار بالاصابع وان لم يعلم العقد المعهود يعدّهن باصابعه كيف شاء كما فى الاسرار المحمدية وقال بعض العرفاء معى الختم على الافواه وتكلم الايدى وشهادة الارجل تغيير صورهم وحبس ألسنتهم عن النطق وتصوير ادييهم وارجلهم على صورة تدل بهيآتها واشكالها على اعمالها وتنطق بألسنة احوالها على ما كان من هيئة افعالها انتهى. فكما ان هيئة اعضاء المجرمين تدل على قبح احوالهم وسوء افعالهم كذلك شكل جوارح المؤمنين يدل على حسن احوالهم وجمال افعالهم وكل اناء يترشح بما فيه فطوبى للسعداء ومن يتبعهم فى زيهم وهيآتهم وطاعاتهم وعباداتهم بى نيك مردان بيايد شتافت ... كه هركين سعادت طلب كرد يافت وليكن تو دنبال ديو خسى ... ندانم كه در صالحان كى رسى ييمبر كسى را شفاعت كرست ... كه برجادة شرع ييغمبرست ٦٦ { ولو نشاء } لو للمضى ان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه اى ولو اردنا عقوبة المشركين فى الدنيا هم اهل مكة { لطمسنا على اعينهم } طمس الشئ ازالة اثره بالكلية يقال طمسته اى محوته واستأصلت اثره كما فى القاموس اى لسوينا اعينهم ومحوناها بان ازلنا ضوءها وصورتها بحيث لا يبدو لها شق ولا جفن وتصير مطموسة ممسوخة كسائر اعضائهم : وبالفارسية [ هرأينه ناييدا كنيم يعنى رقم محو كشيم برجشمهاى ايشان ] يعنى كما اعمينا قلوبهم ومحونا بصائرهم لو نشاء لاعمينا ابصارهم الظاهرة وازلناها بالكلية فيكون عقوبة على عقوبة { فاستبقوا الصراط } الاستباق افتعال : وبالفارسية [ بريكديرك ييش كرفتن ] والصراط من السبيل مالا لاتواء فيه بل يكون على سبيل القصد وانتصابه بنزع الجار لان الصراط مسبوق اليه لا مسبوق اى فارادوا ان يستبقوا ويتبادروا الى الطريق الواسع الذى اعتادوا سلوكه : وبالفارسية [ بس ييشى كيرند وآهنك كنند راهى راكه در سلوك آن معتادند ] { فأنى يبصرون } اى فكيف يبصرون الطريق وجهة السلوك الى مقاصدهم حين لاعين لهم للابصار فضلا عن غيره اى لا يبصرون لان أنى بمعنى كيف وكيف هنا انكار فتفيد النفى وحاصله تهديد لاهل مكة بالطمس فان اللّه تعالى قادر على ذلك كما فعل بقول لوط حين كذبوه وراودوه عن ضيفه وفى التأويلات النجمية يشير الى طمس عين الظاهر بحيث لا يكون لها شق فكيف تبكى حتى تشهد بالبكاء على صاحبها ويشير ايضا الى طمس عين الباطن فاذا كانت مطموسة كيف يبصر بها الحق والباطل ليرجع من الباطل الى الحق واذا لك يبصر بها الحق كيف يخاف من الباطل ليحترق قلبه بنار الخوف فيسيل منه الدمع ليشهد له بالبكاء من الخوف كريه وزارى دليل رهبتست ... هركرا اين نيست اهل شقوتست ٦٧ { ولو نشاء لمسخناهم } المسخ تحويل الصورة الى ما هو اقبح منها سواء كان ذلك التحويل بقبلها الى صورة البهيمية مع بقاء الصورة الحيوانية او بقلبها حجرا ونحوه من الجمادات بابطال القوى الحيوانية . والمعنى ولو نشاء نسقطهم عن رتبة التكليف ودرجة الاعتبار لغيرنا صورهم بان جعلناهم قردة وخنازير كما فعلنا بقوم موسى اى بنى اسرائيل فى زمان داود عليه السلام اوبان جعلناهم حجارة ومدرة وهذا اشد من الاول واقبح لان الاول خروج عن رتبة الانسانية الى الحيوانية وهذا عن الحيوانية الى الجمادية التى ليس فيها شعور اصلا وقطعا { عل مكانتهم } بمعنى المكان الا ان المكانة اخص كالمقامة والمقام اى مكانهم ومنزلهم الذى هم فيه قعود : وبالفارسية [ برجاى خويش تاهم آنجا افسرده شوند ] قال بعضهم لاقعدناهم على ارجلهم وازمناهم { فما استطاعوا مضيا } ذهابا واقبالا الى جانب امامهم اى لم يقدروا ان يبرحوا مكانهم باقبال . اصله مضوى قلبت الواو ياء وادغمت الياء فى الياء وكسرت الضاد قبل الياد لتسلم الياء ومن قرأ مضيا بكسر الميم فانما كسرها اتباعا للضاد { ولا يرجعون } اى ولا رجوعا وادبارا الى جة خلفهم فوضع موضع الفعل لمراعاة الفاصلة وليس مساق الشرطين لمجرد بيان قدرته تعالى على ما ذكر من عقوبة الطمس والمسخ بل لبيان انهم بما هم عليه من الكفر ونقض العهد وعدم الاتعاظ بما شاهدوا من آثار دثار امثالهم احقاء بان يفعل بهم فى الدنيا تلك العقوبة كما فعل بهم فى الآخرة عقوبة الختم وان المانع من ذلك ليس الا عدم تعلق المشيئة الالهية به كأنه قيل لو نشاء عقوبتهم بما ذكر من الطمس والمسخ لفعلناها لكنا لم نفعل جريا على سنن الرحمة العامة والحكمة التامة الداعيتين الى امهالهم زمانا الى ان يتوبوا ويؤمنوا ويشكروا النعمة اوالى ان يتولد منهم من يتصف بذلك قال بعض الحكماء المسخ ضربان خاص وهو تشويه الخلق بالفتح وعام فى كل زمان وهو تبديل الخلق بالضم وذلك ان يصير الانسان متخلقا بخلق ذميم من اخلاق بعض الحيوانات نحو ان يصير فى شدة الحرص كالكلب او الشره كالخنزير او الغمارة كالثور . فعبارة الآية فى تحويل الصورة واشارتها فى تحويل الصفات الانسانية بالصفات السبعية والشيطانية فلا يقدرون على ازالة هذه الصفات ولا يقدرون على رجوعهم الى صفاتهم الانسانية فمن مسخه اللّه فى الدنيا بصفات حشره فى صورة صفته الممسوخة كما جاء فى الحديث الصحيح ( ان آزر يحشر على صفة ضبع ) قال فى حياة الحيوان فى الحديث يلقى ابراهيم عليه السلام اباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له ابراهيم ألم اقل لك لا تعص فيقول ابوه فاليوم لا اعصيك فيقول ابراهيم يا رب انك وعدتنى ان لا تخزينى يوم يبعثون فأى خزى اخزى من ان يكون ابى فى النار فيقول اللّه تعالى انى حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا ابراهيم ما تحت رجليك فينظر فاذا هو بذبح متلطخ وهو بكسر الذال والخاء المعجمتين ذكر الضباع الكثيرة الشعر فيؤخذ بقوائمة ويلقى فى النار والحكمة فى كون آزر مسخ ضبعا دون غيره من الحيوان ان الضبع تغفل عما يجب التيقظ له وتوصف بالحمق فلما لم يقبل آزر النصيحة من اشفق الناس عليه وقبل خديعة عدوه الشيطان اشبه الضبع الموصوفة بالحمق لان الصياد اذا اراد ان يصيدها رمى فى حجرها بحجر فتحسبه شيأ تصيده فتخرج لتأخذه فتصاد عند ذلك ولان آزر لو مسخ كلبا او خنزيرا كان فيه تشويه لخلقه فاراد اللّه تعالى اكرام ابراهيم عليه السلام بجعل ابيه على هيئة متوسطة قال فى المحكم يقال خزيته اى ذللته فلما خفض ابراهيم عليه السلام له جناح الذل من الرحمة لم يخز بصفة الذل يوم القيامة فاذا كان حال ابراهيم فما ظنك بغيره ممن لم يأت اللّه بقلب سليم فينبغى ان لا يلتفت الى الا كتساب بل يؤخذ بصالحات الاعمال وخالصات الاحوال نرجو من اللّه المتعال ان لا يفضحنا يوم السؤال ٦٨ { ومن نعمره } [ التعمير : زندكانى دادن ] والعمر مدة عمارة البدن بالروح اى ومن نطل عمره فى الدنيا : وبالفارسية [ هركرا عرم دراز دهيم ] { ننكسه فى الخلق } [ التنكيس : نكونسار كردن ] وهو ابلغ والنكس اشهر وهو قلب الشئ على رأسه ومنه نكس الولد اذا خرج رجله قبل رأسه والنكس فى المرض ان يعود فى مرضه بعد افاته والنكس فى الخلق وهو بالفارسية [ آفرينش ] الرد الى ارذل العمر والمعنى نقلبه فيه ونخلقه على عكس ما خلقناه اولا فلا يزال يتزايد ضعفه وتتناقص قوته وتنتقض بنيته ويتغير شكله وصورته حتى يعود الى حالة شبيهة بحال الصبى فى ضعف الجسد وقلة العقل والخلو عن الفهم والادراك ارانى كل يوم فى انتقاص ... ولا يبقى على النقصان شئ { أفلا يعقلون } اى أيرون ذلك فلا يعقلون ان من قدر على ذلك يقدر على ما ذكر من الطمس والمسخ فانه مشتمل عليهما وزيادة غير ان على تدرج وان عدم ايقاعهما لعدم تعلق مشيئة تعالى بهما نزد قدرت كارها دشوار نيست ... وفى البحر فان لم نفعلها بكم فى الدنيا نفعلها بكم فى الآخرة ان لم تتوبوا عن الكفر والمعاصى فانه روى ان بعض الناس من هذه الامة يحشرون على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكوسين ارجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها وبعضهم عميا وبعضهم صما وبكما وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهى مدلاة على صدورهم يسيل القيح من افواههم يتقذرهم اهل الجمع الى عير ذلك وسيجيئ تفصيله فى محله قال ابو بكر الوراق قدس سره من عمره اللّه بالغفلة فان الايام والاحوال مؤثرة فيه حالا فحالا من طفولة وشباب وكهولة وشيبة الى ان يبلغ ما حكى اللّه عنه من قوله { ومن نعمره ننكسه فى الخلق } ومن احياه اللّه بذكره فان تلون الاحوال لا يؤثر فيه فانه متصل الحياة بحياة الحق حى به وبقربه قال اللّه تعالى { فلنحيينه حيوة طيبة } قال كشف الاسرار [ اين بندكانرا تنبيهى است عظيم بيدار كردن ايشان ازخواب غفلت يعنى خودرا درايابيد وروز كار جوانى وقوت بغنيمت داريد وعمل كنيد ييش ازانكه نتوانيد قال النبى صلّى اللّه عليه وسلّم ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك ) [ بس اكرروز كار جوانى ضايع كند ودر عمل تقصير كند برسر ييرى وعجز عذرى باز خواهد هم نكوبود ] قال النبى عليه السلام ( اذا بلغ الرجل تسعين سنة غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكتب اسير اللّه فى الارض وشفعفىهل بيته واذا بلغ مائة سنة استحيى اللّه عز وجل منه ان يحاسبه ) اى رضى عنه وسامح فى حسابه : قال الشيخ سعدى قدس سره دلم ميدهد وقت وقت اين اميد ... كه حق شرم دارد زموى سفيد عجب دارم ار شرم دارد زمن ... كه شرمم نمى آيد از خويشتن ٦٩ { وما علمناه الشعر } رد وابطال لما كانوا يقولون فى حقه عليه السلام من انه شاعر وما يقوله شعر والظاهر فى الرد ان يقال انه ليس بشاعر وان ما يتلوه عليكم ليس بشعر الا ان عدم كونه شاعرا لما كان ملزوما لعدم كون معلمه علمه الشعر نفى اللازم واريد نفى الملزوم بطريق الكناية التى هى ابلغ من التصريح قال الراغب يقال شعرت اصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا اى علمت علما فى الدقة كاصابة الشعر وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته فالشعر فى الاصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام والشاعر المختص بصناعته وفى القاموس الشعر غلب على منظوم القول لشرفه بالوزن والقافية وان كان كل علم شعرا والجمع اشعار يقال شعر به كنصر وكرم علم به وفطن له وعقله والشعر عند الحكماء القدماء ليس على وزن وقافية ولا الوزن والقافية ركن فى الشعر عندهم بل الركن فى الشعر ايراد المقدمات المخيلة فحسب ثم قد يكون الوزن والقافية معينين فى التخيل فان كانت المقدمة التى تورد فى القياس الشعرى مخيلة فقط تمحض القياس شعريا وان انضم اليها قول اقناعى تركبت المقدمة من معنيين شعرى واقناعى وان كان الضميم اليه قولا يقينيا تركبت المقدمة من شعرىّ وبرهانىّ قال بعضهم الشعر اما منطقى وهو المؤلف من المقدمات الكاذبة واما اصطلاحى وهو كلام مقفى موزون على سبيل القصد والقيد الا خير يخرج ما كان وزنه اتفاقيا كآيات شريفة اتفق جريان الوزن فيها اى من بور الشعر الستة عشر نحو قوله تعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا } وقوله { وجفان كالجواب وقدور راسيات } وقوله { نصر من اللّه وفتح قريب } ونحو ذلك كلمات شريفة نبوية جاء الوزن فيها اتفاقيا من غير قصد اليه وعزم عليه نحو قوله عليه السلام حين عثر فى بعض الغزوات فاصاب اصبعه حجر فدميت هل انت الا اصبع دميت ... وفى سبيل اللّه ما لقيت وقوله يوم حنين حين نزل ودعا واستنصر او يوم فتح مكة انا النبى لا كذب ... انا ابن عبد المطلب وقوله يوم الخندق باسم الاله وبه بدانا ... ولو عبدنا غيره شقينا وغير ذلك سواء وقع فى خلال المنثورات والخطب ام لا . والمراد بالشعر الواقع فى القرآن الشعر المنطقى سواء كان مجردا عن الوزن ام لا والشعر المنطقى اكثر ا يروج بالاصطلاحى قال الراغب قال بعض الكفار للنبى عليه السلام انه شاعر فقيل لما وقع فى القرآن من الكلمات الموزونة والقوافى وقال بعض المحصلين ارادوا انه كاذب لان ظاهر القرآن ليس على اساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الاغتم من العجم فضلا عن بلغاء العرب فانما رموه بالكذب لان اكثر ما يأتى به الشاعر كذب ومن ثمة سموا الادلة الكاذبة شعرا قال الشريف الجرجانى فى حاشية المطالع والشعر وان كان مفيدا للخواص والعوام فان الناس فى باب الاقدام والاحجام اطوع للتخييل منهم للصدق لما شهد به قوله تعالى { وماعلمناه الشعر } الآية والمعنى وما علمنا محمدا الشعر بتعليم القرآن على معنى ان القرآن ليس بشعر فان الشعر كلام متكلف موضوع ومقال مزخرف مصنوع منسوج على منوال الوزن والقافية مبنى على خيالات واوهام واهية فاين ذلك التنزيل الجليل الخطر المنزه عن مماثلة كلام البشر المشحون بفنون الحكم والاحكام الباهرة الموصلة الى سعادة الدنيا والآخرة ومن اين اشتبه عليهم الشؤون واختلط بهم الظنون قاتلهم اللّه انى يؤفكون وفى الآية اشارة الى ان النبى عليه السلام معلم من عند اللّه لانه تعالى علمه علوم الاولين والآخرين وما علمه الشعر لان قرآن ابليس وكلامه لانه قال رب اجعل لى قرآنا قال تعالى { وما علمناه الشعر } اعلم ان الشعر محل للاجمال واللغز والتورية اى وما رمزنا لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم شيأ ولا ألغزنا ولا خاطبناه بشئ ونحن نريد شيأ ولا اجملنا له الخطاب حيث لم يفهم انتهى وهل يشكل على هذه الحروف المقطعة فى اوائل السور ولعله رضى اللّه عنه لا يرى ان ذلك من قبيل المتشابه او ان المتشابه ليس مما استأثر اللّه بعلمه وفى التأويلات النجمية يشير قوله { وما علمناه الشعر } الى ان كل اقوال واعمال واحوال تجرى على العباد فى الظاهر والباتطن كلها تجرى بتعليم الحق تعالى حتى الحرف والصنائع وذلك سر قوله تعالى { وعلم آدم الاسماء كلها } وتعليمه الصنائع لعباده على ضربين بواسطة وبغير واسطعة اما بالواسطة فبتعليم بعضهم بعضا واما بغير الواسطة فكما علم داود عليه السلام صنعة اللبوس وكل حرفة وصنعة يعملها الانسان من قريحته بغير تعليم احد فهى من هذا القبيل انتهى وفى المثنوى قابل تعليم وفهمست اين جسد ... ليك صاحب وحى تعليمش دهد جملة حرفتها يقين از وحى بود ... اول اوليك عقل آنرا فزود هيج حرفت را ببين كين عقل ما ... داند او آموختن بى اوستا كرجه اندر مكر موى اشكاف بد ... هيج بيشه رام بى استاد شد ثم حكى قصة قابيل فانه تعلم حفر القبر من الغراب حتى دفن اخاه هابيل بعد قتله وحمله على عاتقه اياما { وما ينبغى له } البغاء الطلب والانبغاء انفعال منه يقال بغيته اى طلبته فانطلب قال الراغب هو مثل قوله النار ينبغى ان تحرق الثوب اى هى مسخرة للاحراق والمعنى وما يصح لمحمد الشعر ولا يتسخر ولا يتسهل ولا يتأتى له لو طلبه اى جعلناه بحيث لو اراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يكن لسانه يجرى به الا منكسرا عن وزنه بتقديم وتأخير او نحو ذلك كما جعلناه اميا لا يهتدى للخط ولا يحسنه ولا يحسن قراءة ما كتبه غيره لتكون الحجة اثبت وشبهة المرتابين فى حقية رسالته ادحض فانه لو كان شاعرا لدخلت الشبهة على كثير من الناس فى ان ما جاء به يقوله من عند نفسه لانه شاعر صناعته نظم الكلام وقال فى انسان العيون والحاصل ان الحق الحقيق بالاعتماد وبه تجتمع الاقوال ان المحرم عليه صلّى اللّه عليه وسلّم انما هو انشاء الشعر اى الاتيان بالكلام الموزون عن قصد وزنه وهذا هو المعنى بقوله { وما علمناه الشعر } فان فرض وقوع كلام موزون منه عليه السلام لا يكون ذلك شعرا اصطلاحا لعدم قصد وزنه فليس من الممنوع منه والغالب عليه انه اذا انشد بيتا من الشعر متمثلا به او مسندا لقائله لا يأتى به موزونا وادعى بعض الادباء انه عليه السلام كان يحسن الشعر اى يأتى به موزونا قصدا ولكنه كان لا يتعاطاه اى لا يقصد الاتيان به موزونا قال وهذا اتم واكمل مما لو قلنا انه كان لا يحسنه وفيه ان فى ذلك تكذيبا للقرآن وفى التهذيب للبغوى من ائمتنا قيل كان عليه السلام يحسن الشعر ولا يقوله والاصح انه كان لا يحسنه ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئه ولعل المراد بين الموزون منه وغير الموزون ثم رأيته فى ينبوع الحياة قال كان بعض الزنادقة المتظاهرين بالاسلام حفظا لنفسه وماله يعرض فى كلامه بان النبى عليه السلام كان يحسن الشعر يقصد بذلك تكذيب كتاب اللّه تعالى فى قوله { وما علمناه الشعر وما ينبغى له } الآية الكل فى انسان العيون يقول الفقير اغناه اللّه القدير هذا ما قالوه فى هذا المقام وفيه اشكال كما لا تخفى على ذوى الافهام لانهم حين حملوا الشعر فى هذا الكلام على المنطقى ثم بنوا قوله وما ينبغى له على القريض لم يتجاوب آخر النظم باوله والظاهر ان المراد وما ينبغى له من حيث نبوته وصدق لهجته ان يقول الشعر لان المعلم من عند اللّه لايقول الا حقا وهذا لا ينافى كونه فى نفسه قادرا على النظم والنثر ويدل عليه تميزه بين جيد الشعر ورديئه اى موزونه وغير موزونه على ما سبق ومن كان مميزا كيف لا يكون قادرا على النظم فى الالهيات والحكم لكن القدرة لا تستلزم الفعل فى هذا الباب صونا عن اطلاق لفظ الشعر والشاعر الذى يوهم التخييل والكذب وقد كان العرب يعرفون فصاحته وبلاغته وعذوبة لفظه وحلاوة منطقه وحسن سرده والحاصل ان كل كمال انما هو مأخوذ منه كما سبق فى اواخر الشعراء. وكان احب الحديث اليه صلّى اللّه عليه وسلّم الشعر اى ما كان مشتملا على حكمة او وصف جميل من مكارم الاخلاق او نصرة الاسلام او ثناء على اللّه ونصيحة للمسلمين. وايضا كان ابغض الحديث اليه صلّى اللّه عليه وسلّم الشعر اى ما كان فيه كذب وقبح وهجو ونحو ذلك . واما ما روى من انه عليه السلام كان يضع لحسان فى المسجد منبرا فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول اللّه والمؤمنين فذلك من قبيل المجاهدة التى اشير اليها فى قوله { جاهدوا باموالكم وانفسكم وألسنتكم } شاعران شيران شدند وهجوشان ... همجوجنكال وجو دندانست دان تيز كن دندان وموزى قطع كن ... اين جنين باشد مكاقات بدان { ان هو } اى ما القرآن { الا ذكر } اى عظة من اللّه تعالى وارشاد للانس والجن كما قال تعالى { ان هو الا ذكر للعالمين } { وقرآن مبين } اى كتاب سماوى بين كونه كذلك او فارق بين الحق والباطل يقرأ فى المحاريب ويتلى فى المعابد وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدين فكم بينه وبين ما قالوا . فعطف القرآن على الذكر عطف الشئ على احد اوصافه فان القرآن ليس مجرد الوعظ بل هو مشتمل على المواعظ والاحكام ونحوها فلا تكرار قال فى كشف الاسرار [ هر ييغمبرى كه آمد برهان نبوت وى ازراه ديدها در آمد جو آتش ابراهيم وعصا ويد بيضاء موسى واحياء موتاى عيسى عليهم السلام وبرهان نبوت محمد عربى ازراه دلها در آمد بل هو آيات بينات فى صدور الذين اوتوا العلم اكرجه مصطفى را نيز معجزات بسيار بود كه محل اطلاع ديدها بود جون انشقاق قمر وتسبيح حجر وكلام ذئب واسلام ضب وغير آن اما مقصود آنست كه موسى تحدى بعصا كرد وعيسى تحدى باحياء موتى كرد ومصطفى عليه السلام تحدى بكلام كرد { فأتوا بسورة من مثله } عصاى موسى هرجند درو صفت ربانى تعبيه بوداز درخت عوسج بود ودم عيسى هرجند كه درو لطف الهى تعبيه يود اما وديعت سنية بشر يود اى محمد توكه مى روى دمى وجوبى باخود مبر جوب نفقة خران باشد ودم نصيب بيماران توصفت قديم ما قرآن مجيد باخود ببرتا معجزة توصفت ما بود ] ٧٠ { لينذر } اى القرآن متعلق بقوله وقرآن او بمحذوف دل عليه قوله الا ذكر وقرآن اى الا ذكر انزل ليندر ويخوف { من كان حيا } اى عاقلا فهيما يميز المصلحة من المفسدة ويستخدم قلبه فيما خلق له ولا يضيعه فيما لا يعنيه فان الغافل بمنزلة الميت وجعل العقل والفهم للقلب بمنزلة الحياة للبدن من حيث ان منافع القلب منوطة بالعقل كما ان منافع البدن منوطة بالحياة وفيه اشارة الى ان كل قلب تكون حياته بنور اللّه وروح منه يفيده الانذار ويتأثر به وامارة تأثره الاعراض عن الدنيا والاقبال على الآخرة والمولى وقال بعضهم من كان حيا اى مؤمنا فى علم اللّه فان الحياة الابدية بالايمان يعنى ان ايمان من كان مؤمنا فى علم اللّه بمنزلة الحياة للبدن لكونه سببا للحياة الابدية قال ابن عطاء من كان فى علم اللّه حيا احياه اللّه بالنظر اليه والفهم عنه والسماع منه والسلام عليه وقال الجنيد الحى من كان حياته بحياة خالقه لا من تكون حياته ببقاء نفسه ومن كان بقاؤه ببقاء نفسه فانه ميت فى وقت حياته ومن كان حياته بربه كان حقيقة حياته عند وفاته لانه يصل بذلك الى رتبة الحياة الاصلية وتخصيص الانذار بمن كان حى القلب مع انه عام له ولمن كان ميت القلب لانه المنتفع به { ويحق القول } اى يجب كلمة العذاب وهو { لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين } { على الكافرين } المصرين على الكفر لانه اذا انتفت الريبة الا المعاندة فيحق القول عليهم وفى ايرادهم بمقابلة من كان حيا اشعار بانهم لخلوهم عن آثار الحياة واحكامها التى هى المعرفة اموات فى الحقيقة كالجنين ما لم ينفخ ما لم ينفخ فيه الروح فالمعرفة تؤدى الى الايمان والاسلام والاحسان التى لا يموت اهلها بل ينتقل من مكان الى مكان قال حضرة شخيى وسندى روح اللّه روحه حالة النوم وحالة الانتباه اشارة الى الغفلة ويقظة البصيرة فوقت الانتباه كوقت انتباه القلب فى اول الامر ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم الشروع فى الصلاة اشارة الى التوجه الالهى والعبور من عالم الملك والناسوت والدخول فى عالم الملكوت ففى الحركات بركات كما اشار اليه المولوى فى قوله فرقتى لو لم تكن فى ذا السكوت ... لم يقل انا اليه راجعون ثم ان الانذار صفة النبى عليه السلام فى الحقيقة وقد قرئ لتنذر بتاء بالخطاب ثم صفة وارثه الا كمل الذى هو على بصيرة من امره قال الشيخ الشهير بافتاده قدس سره ان الوعظ لا يليق بمن لم يعرف المراتب الاربع لانه يعالج مرض الصفراء بعلاج البلغم او السوداء نعم يحصل له الثواب اذا كان لوجه اللّه تعالى ولكن لا يحصل الترقى قدرذرة فانه لا بد ان يعرف الواعظ ان أية آية تتعلق بالطبيعة وأية آية تتعلق بالنفس ولذلك بكى الاصحاب دما فمن وجب عليه القول الازلى بموت قلبه وقساوته كالكافرين والغافلين فلا يتأثر بالانذار اذ الباز الاشهب انما يصيد الصيد الحى فنسأل اللّه الحياة واليقظة والتأثر من كل الانذار والتنبيه والعظة ٧١ { أولم يروا } الهمزة للانكار والتعجب والواو للعطف على مقدر والضمير للمشركين من اهل مكة اى ألم يتفكروا ولم يعلموا علما يقينيا هو فى حكم المعاينة اى قدرأوا وعملوا { انا } بمقتضى جودنا { خلقنا لهم } اى لاجلهم وانتفاعهم { مما عملت ايدينا } العمل كل فعل من الحيوان يقصد فهو اخص من الفعل اى مما تولينا احداثه بالذات لم يشاركنا فيه غيرنا بمعاونة وتسبب وذكر الايدى واسناد العمل اليها استعارة تمثيلية من عمل يعمل بالايدى لانه تعالى منزه عن الجوارح قال الكاشفى [ ميان مردمان مثاليست هركارى كه تنها كند كويند من اين مهم بدست خود ساخته ام يعنى ديكر مرا درساختن يارى نداده ] وانما تخاطب العرب بما يستعملون فى مخاطباتهم [ اينجا نيز ميفر مايدكه ماآفريديم براى ايشان بخود بى مشاركت غيرى ] قال الراغب الايدى جمع يد بمعنى الجارحة خص لفظ اليد لقصورنا اذ هى القنطرة وهذا القصر على يدى فلان . وفى الخبر على اليد ما اخذت حتى تؤديه فالامانة مؤداة وان لم تباشر باليد فيقول مالى فى يد فلان او اليتيم تحت يد القيم فاليد يكنى بها عن الملكة والضبط وقال فى الاسئلة المقحمة الايدى هنا صلة وهو كقوله { فبما كسبت ايديهم } ومذهب العرب الكناية باليد والوجه عن الجملة انتهى وهذه المعانى متقاربة فى الحقيقة { انعاما } مفعول خلقنا اخر جمعا بينه وبين احكامه المتفرعة عليه بقوله تعالى { فهم } الخ جمع نعم وهو المال الراعية وهى الابل والبقر والغنم والمعز مما فى سيره نعمومة اى لين ولا يدخل فيها الخيل والبغال والحمر لشدة وطئها الارض وخص بالذكر من بين سائر ما خلق اللّه من المعادن والنبات والحيوان غير الانعام لما فيها من بدائع الفطرة كما فى الابل وكثرة المنافع كما فى البقر والغنم اى الضأن والمعز { فهم لها مالكون } قال ابن الشيخ الفاء للسببية ومالكون من ملك السيد والتصرف اى فهم لسبب ذلك مالكون لتلك الانعام بتمليكنا اياها وهم متصرفون فيها بالاستقلال يختصون بالانتفاع بها لا يزاحمهم فى ذلك غيرهم ٧٢ { ذللناهم لهم } [ التذليل : خوار وذليل ومنقاد كردن والذل بالضم ويكسر ضد الصعوبة وفى المفردات الذل ما كان عن قهر والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر وذلت الدابة بعد شماس ذلا وهى ذلول ليست بصعبة . والمعنى وصيرنا تلك الانعام منقادة لهم : وبالفارسية [ رام كرديم انعام را براى ايشان ] بحيث لا تستعصى عليهم فى شئ مما يريدون بها من الركوب والحمل والسوق الى ما شاؤا والذبح مع كمال قوتها وقدرتها فهو نعمة من النعم الظاهرة ولهذا الزم اللّه الراكب ان يشكر هذه النعمة ويسبح بقوله { سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين } { فمنها ركوبهم } بفتح الراء بمعنى المركوب كالحلوب بمعنى المحلوب اى فبعض منها مركوبهم اى معظم منافعها الركوب وقطع المسافات وعدم التعرض للحمل لكونه من تتمات الركوب قال الكاشفى [ بس بعضى ازان مركوب ايشانست كه بران سوارى كنند جون شتر ] والركوب فى الاصل كون الانسان على ظهر حيوان وقد يستعمل فى السفينة والراكب اختص فى التعارف بمتطى البعير [ والامتطاء : مركب ومطيه كرفتن ] { ومنها يأكلون } اى وبعض منها يأكلون لحمه وشحمه ٧٣ { ولهم فيها } اى فى الانعام المركوبة والمأكولة { منافع } اخر غير الركوب والاكل كالجلود والاصواف والاوبار والاشعار والنسيلة اى النتائج وكالحراثة بالثيران { ومشارب } من اللبن جمع مشروب والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره { أفلا يشكرون } اى أيشانهدون هذه النعم التى يتنعمون بها فلا يشكرون المنعم بها بان يوحده ولا يشركوا به فى العبادة فقد تولى المنعم احداث تلك النعم ليكون احداثها ذريعة الى ان يشكروها فجعلوها وسيلة الى الكفران كما شكا مع حبيبه ٧٤ { واتخذوا } اى مع هذه الوجوه من الاحسان { من دون اللّه } اى متجاوزين اللّه المتفرد بالقدرة المتفضل بالنعمة { آلهة } من الاصنام واشركوها به تعالى فى العبادة { لعلهم ينصرون } رجاء ان ينصروا من جهتهم فيما اصابهم من الامور او ليشفعوا لهم فى الآخرة ثم استأنف ٧٥ فقال { لا يستطيعون نصرهم } اى لا تقدر آلهتهم على نصرهم والواو لوصفهم الاصنام باوصاف العقلاء { وهم } اى المشركون { لهم } اى لآلهتهم { جند } عسكر { محضرون } اثرهم فى النار اى يشيعون عند مساقهم الى النار ليجعلوا وقودا لها : وبالفارسية [ سباه اند حاضر كرده شد كان فردا كه لشكر ايشانند بايشان حاضر شوند جردزخ ] قال الكواشى روى انه يؤتى بكل معبود من دون اللّه ومعه اتباعه كأنهم جنده فيحضرون فى النار هذه لمن امر بعبادة نفسه او كان جمادا عابد ومعبود باشد در جحيم ... حسرت ايشان شود تاكه عظيم ٧٦ { فلا يحزنك قولهم } الفاء لترتيب النهى على ما قبله والنهى وان كان بحسب الظاهر متوجها الى قولهم لكنه فى الحقيقة متوجه الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونهى له عن التأثر منه بطريق الكناية على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشئ ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهانى وابطال للسبيية . وقد يوجه النهى الى المسبب ويراد النهى عن السبب كما فى قوله لا ارينك ههنا يريد به نهى مخاطبه عن الحضور لديه والمراد بقولهم ما ينبئ عنه ما ذكر من اتخاذهم الاصنام آلهة فان ذلك مما لا يخلو عن التفوه بقولهم هؤلاء آلهتنا وانهم شركاء اللّه تعالى فى المعبودية وغير ذلك مما يورث الحزن كذا فى الارشاد قال ابن الشيخ الفاء جزائية اى اذا سمعت قولهم فى اللّه ان له شريكا وولدا وفيك انك كاذب شاعر وتألمت من اذائهم وجفائهم فتسل باحاطة علمى بجميع احوالهم وبانى اجازيهم على تكذيبهم اياك واشراكهم بى { انا نعلم ما يسرون وما يعلنون } قال فى الارشاد تعليل صريح للنهى بطريق الاستئناف بعد تعليله بطريق الاشعار فان العلم بما ذكر مستلزم للمجازاة قطعا اى نعلم بعلمنا الحضورى عموم ما يضمرون فى صدورهم من العقائد الفاسدة ومن العداوة والبغض وجميع ما يظهرون بألسنتهم من كلمات الكفر والشرك باللّه والانكار للرسالة فنجازيهم على جميع جناياتهم الخافية والبادية بآشكار نهان هرجه كفتى وكردى * جزا دهد بتو داناى آشكار ونهان وتقديم السر على العلن اما للمبالغة فى بيان شمول علمه تعالى لجميع المعلومات كأن علمه تعالى بما يسرون اقدم منه بما يعلنون مع استوائهما فىلحقيقة فان علمه تعالى بمعلوماته ليس بطريق حصول صورها بل وجود كل شئ فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى وفى هذا المعنى لا يختلف الحال بين الاشياء البارزة والكامنة واما لان مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن اذ ما من شئ يعلن الا وهو او مباديه مضمر فى القلب قبل ذلك فتعلق علمه بحالته الاولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية حقيقة وفى الاية اشارة الى ان كلام الاعداء الصادر من العداوة والحسد جدير ان يحزن قلوب الانبياء مع كمال قوتهم وانهم ومتابعيهم مأمورون بعدم الالتفات وتطييب القلوب فى مقاساة الشدائد فى اللّه بان لها ثمرات كريمة عند اللّه واللحساد مطالب بها عند اللّه كما قال { انا نعلم ما يسرون } من الحسد والضغائن { وما يعلنون } من العداوة والطعن وانواع الجفاء واذا علم العبد ان المه آت من الحق هان عليه ما يقاسيه لا سيما اذا كان فى اللّه كما فى التأويلات النجمية قال بعض الكبار ليخفف ألم البلاء علمك بان اللّه هو المبتلى هرجه ازجانان مى آيد صفا باشد مرا هذا قال فى برهان القرآن قوله { فلا يحزنك قولهم انا نعلم } وفى يونس { ولا يحزنك قولهم ان العزة لله جميعا } تشابها فى الوقف على قولهم فى السورتين لان الوقف عليه لازم وان فيهما مكسور فى الابتداء لا فى الحكاية ومحكى القول فيهما محذوف ولا يجوز الوصل لان النبى صلّى اللّه عليه وسلّم منزه عن ان يخاطب بذلك انتهى قال فى بحر العلوم قوله { انا } الخ تعليل للنهى على الاستئناف ولذلك لو قرئ انا بفتح الهمزة على حذف لام التعليل جاز وعليه تلبية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ( لبيك ان الحمد والنعمة لك ) كسر ابو حنيفة وفتح الشافعة وكلاهما تعليل انتهى وفى الكواشى وزعم بعضهم ان من فتح { انا } بطلت صلاته وكفر وليس كذلك لانه لا يخلو اما ان يفتحها تعليلا فمعناه كالمكسورة او يفتحها بدلا من قولهم وليس بكفر ايضا لجواز ان يخاطب هو صلّى اللّه عليه وسلّم والمراد غيره نحو تأكدي { لئن اشركت ليحبطن عملك } بل ان اعتقد ان محمدا عليه السلام يحزن لعلمه تعالى سرهم وعلانيتهم فقد كفر او يفتحها معمولة قولهم عند من يعمل القول بكل حال وليس بكفر ايضا انتهى كلامه باجمال ٧٧ { أولم ير الانسان انا خلقناه من نطفة } كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان انكارهم البعث بعد ما شاهدوا فى انفسهم اوضح دلائله واعدل شواهده كما ان ما سبق مسوق لبيان بطلان اشراكهم باللّه بعد ما عاينوا فيما بايديهم ما يوجب التوحيد والاسلام . والهمزة للانكار والتعجيب والواو للعطف على مقدر والرؤية قلبية والنطفة الماء الصافى ويعبر بها عن ماء الرجل روى ان جماعة من كفار قريش منهم ابىّ بن خلف ووهب بن حذافة بن جمح وابو جهل العاص بن وائل والوليد بن المغيرة اجتمعوا يوما فقال ابىّ بن خلف ألا ترون الى ما يقول محمد ان اللّه يبعث الاموات ثم قال اللات والعزى لاذهبن اليه ولا خصمنه واخذ عظما باليا فجعل يفته بيده ويقول يا محمد ان اللّه يحيى هذا بعدما رمّ قال عليه السلام ( نعم ويبعثك ويدخلك جهنم ) فنزلت ردا عليه فى انكاره البعث لكنها عامة تصلح ردا لكل من ينكره من الانسان لان الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وفى الارشاد وايراد الانسان موضع المضمر لان مدار الانكار متعلق باحواله من حيث هو انسان كما فى قوله تعالى { أو لا يذكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيأ } والمعنى ألم يتفكر الانسان المنكر للبعث ايا من كان ولم يعلم علما يقينيا انا خلقناه من نطفة : وبالفارسية [ آيا ند وندانست ابىّ وغيروا آنراكه ما بيافريديم اورا از آبى مهين در قرارى مكين جهل روز اوراد در طور نطفه نكه داشتيم تامضغة كشت مصطفى عليه السلام كفت ( ان خلق احدكم يجمع فى بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث اللّه عز وجل اليه ملكا باربع كلمات فيقول اكتب اجله ورزقه وانه شقى او سعيد ) آنكه تقطيع هيكل او صورت شخص او در ظهور آورديم واورا كسوت بشريت بوشانيديم وازان قرار مكين باين فضاى رحيب آورديم واز بستان برازخون اورا شير صافى داديم وبعقل وفهم وسمع وبصر ودل وجان اورا بياراستيم وبقبض وبسط ومشى وحركات اورا قوت داديم وجون ازان نطفه باين رتب رسانيديم وسخن كوى ودليركشت ] { فاذا هو } [ بس أنكاء او ] { خصيم } شديد الخصومة والجدال بالباطل { مبين } اى مبين فى خصومته او مظهر للحجة وهو عطف على الجملة المنفية ففاجأ خصومتنا فى امر يشهد بصحته وتحققه مبدأ فطرته شهادة بينة فهذا حال الانسان الجاهل الغافل ونعم ما قيل اعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رمانى اعلمه القوافى كل حين ... فلما قال قافية هجانى وما قيل لقد ربيت جروا طول عمرى ... فلما صار كلبا عض رجلى قال السمرقندى العامل فى اذا المفاجأة معنى المفاجأة وهو عامل لا يظهر استغنى عن اظهاره بقوة ما فيها من الدلالة عليه ولا يقع بعدها الا الجملة المركبة من المبتدأ والخبر وهو فى المعنى فاعل لان معنى { فاذا هو خصيم مبين } فاجأة خصومة بينة كما ان معنى قوله { اذا هم يقنطون } فاجأهم قنوطهم او مفعول اى فاجأ الخصومة وفاجأوا القنوط يعنى خاصم خالقه مخاصمة ظاهرة وقنطوا من الرحمة ٧٨ { وضرب لنا مثلا } عطف على الجملة الفجائية اى ففاجأ خصومتنا وضرب لنا مثلا اى اورد فى شأننا قصة عجيبة فى نفس الامر وهى فى الغرابة والبعد عن العقول كالمثل وفى انكار احيانا العظام ونفى قدرتنا عليه قال ابن الشيخ المثل يستعار للامر العجيب تشبيها له فى الغرابة بالمثل العرفى الذى هو القول السائر ولا شك ان نفى قدرة اللّه على البعث مع انه من جملة الممكنات وانه تعالى على كل شئ قدير من اعجب العجائب { ونسى خلقه } عطف على ضرب داخل فى حيز الانكار والتعجيب والمصدر مضاف الى المفعول اى خلقنا اياه من النطفة اى ترك التفكر فى بدء خلقه ليدله ذلك على قدرته على البعث فانه لا فرق بينهما من حيث ان كلا منهما احياء موات وجماد وقال البقلى فى خلق الانسان والوجوه الحسان من علامات قدرته اكثر مما يكون فى الكون لان الكونين والعالمين فى الانسان مجموعون وفيه علمه معلوم لو عرف نفسه فقد عرف ربه لان الخليقة مرآة الحقيقة تجلت الحقيقة فى الخلقية لاهل المعرفة ورب قلب ميت احياه بجمالته بعد موته بجهالته { قال } استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن حكاية ضرب المثل كأنه قيل أى مثل ضرب او ماذا قال فقيل قال { من يحيى العظام } منكرا له اشد النكير مؤكدا له بقوله { وهى رميم } اى بالية اشد البلى بعيدة من الحياة غاية البعد حيث لاجلد عليها ولا لحم ولا عروق ولا اعصاب يقال رمّ العظم يرم رمة بكسر الراء فيهما اى بلى فهو رميم وعدم تأنيث الرميم مع وقوعه خبرا للمؤنثة لانه اسم لا بلى من العظام غير صفة كالرفات وقد تمسك بظاهر الآية الكريمة من اثبت للعظم حياة وبنى عليه الحكم بنجاسة عظم الميت وهو الشافعى ومالك واحمد واما اصحانا الخنفية فلا يقولون بنجاسته كالشعر ويقولون المراد باحياء العظام ردها الى ما كانت عليه من الغضاضة والرطوبة فى بدن حى حساس واختلفوا فى الآدمى هل يتنجس بالموت فقال ابو حنيفة يتنجس لانه دموى الا انه يطهر بالغسل كرامة له وتكره الصلاة عليه فى المسجد وقال الشافعى واحمد لا يتنجس به ولا تكره الصلاة عليه فيه وعن مالك خلاف والاظهر الطهارة واما الصلاة عليه فى المسجد فالمشهور من مذهبه كراهتها كقول ابى حنيفة ٧٩ { قل } يا محمد تبكيتا لذلك الانسان المنكر بتذكير ما نسيه من فطرة الدالة على حقيقة الحال وارشاده الطريقة للاشتشهاد بها { يحيها } اى تلك العظام { الذى أنشأها } اوجدها { اول مرة } اى فى اول مرة ولم تكن شيأ فان قدرته كما هى لاستحالة التغير فيها والمادة على حالها فى القابلية اللازمة لذاتها وهو من النصوص القاطعة الناطقة بحشر الاجساد استدلالا بالابتداء على الاعادة وفيه رد على من لم يقل به وتكذيب له { وهو } اى اللّه المنشئ { بكل خلق عليم } مبالغ فى العلم بتفاصيل كيفيات الخلق والايجاد انشاء واعادة محيط بجميع الاجزاء المتفتتة المتبددة لكل شخص من الاشخاص اصولها وفروعها واوضاع بعضا من بعض من الاتصال والانفصال والاجتماع والافتراق فيعيد كلا من ذلك على النمط السابق مع القوى التى كانت قبل وفى بحر العلوم بليغ العلم بكل شئ من المخلوقات لا يخفى عليه شئ من الاجزاء المتفتتة واصولها وفروعها فاذا اراد ان يحيى الموتى يجمع اجزاءهم الاصلية ويعيد الارواح اليها ويحيون كما كانوا احياء وهو معنى حشر الاجساد والارواح وبعث الموتى قال القاضى عضد الدين فى المواقف هل يعدم اللّه الاجزاء البدنية ثم يعيدها او يفرقها ويعيد فيها التأليف والحق انه لم يثبت ذلك ولا نجزم فيه نفيا ولا اثباتا لعدم الدليل على شئ من الطرفين وقوله تعالى { كل شئ هالك الا وجهه } لا يرجح احد الاحتمالين لان هلاك الشئ كما يكون باعدام اجزائه يكون ايضا يتفريقها وابطال منافعها انتهى. فالجسم المعاد هو المبتدأ قد فنى بتفرق اجزائه الاصلية وبطلان منافعها ثم انه تعالى الف بين الاجزاء المتفرقة وضم بعضها الى بعض على النمط السابق وخلق فيها الحياة واعلم ان المنكرين للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلا ولا شبهة بل اكتفى بمجرد الاستبعاد وهمم الاكثرون كقولهم { ائذا ضللنا فى الارض ائنا لفى خلق جديد } وقولهم { ائذا متنا وكنا ترابا وعظاما ائنا لمبعوثون } ومن قال { من يحيى العظام وهى رميم } قاله على طريق الاستبعاد فابطل اللّه استبعادهم بقوله { ونسى خلقه } اى نسى انا خلقناه من تراب ثم من نطفة متشابهة الاجزاء ثم جعلنا له من ناصيته الى قدمه اعضاء مختلفة الصور وما اكتفينا بذلك حتى اودعناه ما ليس من قبيل هذه الاجرام وهو النطق والعقل اللذان بهما استحق الاكرام فان كانوا يقنعون بمجرد الاستبعاد اعادة النطق والعقل من نطفة قذرة لم تكن محلا للحياة اصلا ويستبعدون اعادة النطق والعقل الى محل كانا فيه ومنهم من ذكر شبهة وان كانت فى آخرها تعود الى مجرد الاستبعاد وهى على وجهين . الاول انه بعد العدم لم يبق شيأ فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود فاجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله { قل يحيها الذى انشأها اول مرة } يعنى انه كما خلق الانسان ولم يك شيأ مذكورا كذلك يعيده وان لم يبق شيأ مذكورا. والثانى ان من تفرقت اجزاؤه فى مشارق العالم ومغاربه وصار بعضه فى ابدان السباع وبعضه فى حواصل الطيور وبعضه فى جدران المنازل كيف يجتمع وابعد من هذه انه لو اكل انسان انسانا وصارت اجزاء المأكول داخلة فى اجزاء الآكل فان اعيدت اجزاء الآكل لا يبقى للمأكل اجزاء تتخلق منها اعضاؤه وان اعيدت الاجزاء المأكولة الى بدن المأكول واعيد المأكول باجزائه لا تبقى للآكل اجزاء يتخلق منها فابطل اللّه هذه الشبهة بقوله { وهو بكل خلق عليم } ووجهه ان فى الآكل اجزاء اصلية واجزاء فضلية وفى المأكل ايضا كذلك فاذا اكل انسان انسانا صارت الاجزاء الاصلية للمأكل فضلة بالنسبة الى الآكل والاجزاء الاصلية للآكل وهى ما كان قبل الاكل هى التى تجمع وتعاد مع الآكل والاجزاء المأكولة مع المأكول واللّه بكل خلق عليم يعلم الاصل من الفضل فيجمع الاجزاء الاصلية للآكل ويجمع الاجزاء الاصلية للمأكول وينفخ فيه الروح وكذلك يجمع الاجزاء المتفرقة فى البقاع المتباعدة بحكمته وقدرته قال بعض الافاضل لما كان تمسكهم بكون العظام رميمة من وجهين . احدههما اختلاط اجزاء الابدان والاعضاء بعضها مع بعض فكيف يميز اجزاء بدن من اجزاء رميمة يابسة جدا مع ان الحياة تستدعى رطوبة البدن . اشار الى جواب الاول بقوله { وهو بكل خلق عليم } فيمكنه تمييز اجزاء الابدان والاعضاء . والى جواب الثانى ٨٠ { الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارا } بدل من الموصول الاول وعدم الاكتفاء بعطف الصلة للتأكيد ولتفاوتهما فى كيفية الدلالة . والشجر من النبت ماله ساق . والخضرة احد الالوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب فلهذا سمى الاسود اخضر والاخضر اسود . وقيل سواد العراق للموضع الذى تكثر فيه الخضرة ووصف الشجر بالاخضر اسود . وقيل سواد العراق للموضع الذى تكثر فيه الخضرة ووصف الشجر بالاخضر دون الخضراء نظرا الى اللفظ فان لفظ الشجر مذكر ومعناه مؤنث لانه جمع شجرة كثمر وثمرة والجمع مؤنث لكونه بمعنى الجماعة . والمعنى خلق لاجلكم ومنفعتكم من الشجر الاخضر كالمرخ والعفار نارا والمرخ بالخاء المعجمة شجر سريع العورى والعفار بالعين المهملة كسحاب شجر آخر تقدح منه النار قال الحكماء لكل شجر نار الا العناب فمن ذلك يدق القصار الثوب عليه ويتخذ منه المطرقة والعرب تتخذ زنودها من المرخ والعفار وهما موجدان فى اغلب المواضع من بوادى العرب يقطع الرجل منهما غصنين كالمسواكين وهما اخضران يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو انثى فتنقدح النار باذن اللّه تعالى وذلك قوله تعالى { فاذا انتم منه توقدون } اذا للمفاجأة والجار متعلق بتوقدون والضمير راجع الى الشجر [ والايقاد : آتش افروختن ] اى تشعلون النار من ذلك الشجر لا تشكون فى انها تخرج منه كذلك لا تشكون فى ان اللّه يحيى الموتى ويخرجهم من القبور للسؤال والجزاء من الثواب والعقاب فان من قدر على احداث النار واخراجها من الشجر الاخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفية كان اقدر على اعادة الغضاضة الى ما كان غضا فطرأ عليه اليبوسة والبلى وعلم منه ان اللّه تعالى جامع الاضداد ألا يرى انه جمع الماء النار فى الخشب فلا الماء يطفئ النار ولا النار تحرق الخشب ويقال ان اللّه تعالى خلق ملائكة نصف ابدانهم من الثلج ونصفها من النار فلا الثلج يطفئ النار ولا النار تذيب الثلج وفى الآية اشارة الى شجر اخضر البشرية ونار المحبة فمصباح القلوب انما يوقد منه قال بعض الكبار ظاهر البدن من عالم الشهادة والقلب من عالم الملكوت وكما تنحدر من معارف القلب آثار الى الجوارح فكذلك قد ترتفع من احوال الجوارح التى هى من عالم الشهادة آثار الى القلب والحاصل انه يتقدح الظاهر بالاعمال فيحدث منها نور يتنور به البال ويزيد الحال ادخلوا الابيات من ابوابها ... واطلبوا الاغراض من اسبابها نسأل اللّه الدخول فى الطريق والوصول الى منزل التحقيق ٨١ { أوليس الذى خلق السموات والارض } الهمزة للانكار وانكار النفى والواو للعطف على مقدر المقام فهمزة الانكار وان دخلت على حرف العطف ظاهرا لكنها فى التحقيق داخلة على كلمة النفى قصدا الى اثبات القدرة له وتقريرها . والمعنى أليس القادر المقتدر الذى انشأ الاناسى اول مرة وأليس الذى جعل لهم من الشجر الاخضر نارا وأليس الذى خلق السموات اى الاجرام العلوية وما فيها والارض اى الاجرام السفلية وما عليها مع كبر جرمهما وعظم شأنهما : وبالفارسية [ آيانيست آنكس كه بيافريد آسمانها وزمينها بابزركى اجرام ايشان ] { بقادر } فى محل النصب لانه خبر ليس { على ان يخلق } فى الآخرة { مثلهم } اى مثل الاناسى فى الصغر والحقارة بالنسبة اليهما ويعيدهم احياء كما كانوا فان بديهة العقل قاضية بان من قدر على خلقهما فهو على خلق الاناسى اقدر كما قال تعالى { لخلق السموات والارض اكبر من خلق الناس } او مثلهم فى اصول الذات وصفاتها وهو المعاد فان المعاد مثل الاول فى الاشتمال على الاجزاء الاصلية والصفات المشخثة وان غايره فى بعض العوارض لان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضرسه مثل احد وغير ذلك وقال شرف الدين الطيبى لفظ مثل ههنا كناية عن المخاطبين نحو قولك مثلك يجودى اى على ان يخلقهم وفى التأويلات النجمية قال ان الاعادة فى معنى الابتداء فاذا اقررتم بالابتداء فأى اشكال بقى فى جواز الاعادة فى الانتهاء ثم قال الذى قدر على خلق النار فى الاغصان من المرخ والعفار قادر على خلق الحياة فى الرمة البالية ثم زاد فى البيان بان قال القدرة على مثل الشئ كالقدرة عليه لاستوائهما بكل وجه وانه يحيى النفوس بعد موتها فى العرصة كما يحيى الانسان من النطفة والطير من البيضة ويحيى القلوب بالعرفان لاهل الايمان كما يحيى نفوس اهل الكفر بالهوى والطغيان دل عاشق جوباغ وفيض حق ابر بهارآسا ... حيات تازه بخشد حق دمادم باع دلهارا { بلى } جواب من جهته تعالى وتصريح با افاده الاستفهام الانكارى من تقرير ما بعد النفى وايذان بتعين الجواب نطقوا به او تلعثموا فيه مخافة الالزام قال ابن الشيخ هى مختصة بايجاب النفى المتقدم ونقضه فهى ههنا لنقض النفى الذى بعد الاستفهام اى بلى انه قادر كقوله تعالى { ألست بربكم قالوا بلى } ونعم يقال فى الاستفهام المجرد نحو { هل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم } ولا ههنا بلى فاذا قيل ما عندى شئ فقلت بلى فهو رد لكلامه فاذا قلت نعم فاقرار منك انتهى { وهو الخلاق العليم } عطف على ما يفيده الايجاب اى بلى هو قارد على ذلك والمبالغ فى العلم والخلق كيفا وكما وقال بعضهم كثير المخلوقات والمعلومات يخلق خلقا بعد خلق ويعلم جميع الخلق ذكر البرهان الرشيدى ان صفات اللّه تعالى التى على صيغة المبالغة كلها مجاز لانها موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها لان المبالغة ان يثبت للشئ اكثر مما له وصفاته تعالى متناهية فى الكمال لا يمكن المبالغة فيها. وايضا فالمبالغة تكون فى صفات تفيد الزيادة والنقصان وصفات اللّه منزهة عن ذلك واستحسنه الشيخ تقى الدين السبكى وقال الزركشى فى البرهان التحقيق ان صيغة المبالغة قسمان . احدهما ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل . والثانى بحسب زيادة المفعولات ولا شك ان تعددها لا يوجب للفعل زيادة اذ الفعل الواقع قد يقع على جماعة متعددين وعلى هذا القسم تنزل صفات اللّه وارتفع الاشكال ولهذا قال بعضهم فى حكيم معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة الى الشرائع وقال فى الكشاف المبالغة فى التواب للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده او لانه بليغ فى قبول التوبة صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه ٨٢ { انما امره } اى شأنه تعالى { اذا اراد شيأ } وجود شئ من الاشياء خلقه { ان يقول له كن } اى ان يعلق به قدرته { فيكون } قرئ بالنصب على ان يكون معطوف على يقول والجمهور على رفعه بناء على انه فى تقدير فهو يكون بعطف الجملة الاسمية على الاسمية المتقدمة وهى قوله انما امره ان يقول له كن فالمعنى فهو يحدث من غير توقف على شئ آخر اصلا . وهذا تمثيل لتأثير قدرته تعالى فيما اراده بامر الآمر المطاع للمأمور المطيع فى سرعة حصول المأمور به من غير توقف على شئ ما وهو قول ابى منصور الما تريدى لانه لا وجه لحمل الكلام على الحقيقة اذ ليس هناك قول ولا آمر ولا مأمور لان الامر ان كان حال وجود المكون فلا وجه للامر وان كان حال عدمه فكذلك اذ لا معنى لان الامر ان كان حال وجود المكون فلا وجه للامر وان كان حال عدمه فكذلك اذ لا معنى لان يؤمر المعدوم بان يوجه نفسه قال النقشبندى والتعقيب فى فيكون انما نشأ من العبارة والا فلا تأخير ولا تعقيب فى سرعة نفوذ قضائه سبحانه [ وكويند اين كن كلمة علامتيست كه جون ملائكة بشنوند دانندكه خير حادث خواهد شد ] حرفيست كاف ونون زتو امير صنع او ... ازقاف تابقاف بدين حرف كشته دال وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الارادة الازلية كما تعلقت بايجاد المكونات تعلقت القدرة الازلية على وفق الحكمة الازلية بالمقدورات الى الابد على وفق الارادة باشارة امر كن فيكون الى الابد ما شاء فى الازل انتهى فان قلت ارادته قديمة فلو كان القول قديما صار المكون قديما قلت تعلق الارادة حادث فى وقت معين وهو وقت وجود المكون فى الخارج والعين فلا يلزم ذلك وعن بعض الكبار فى قوله عليه السلام ( ان اللّه فرد يحب الفرد ) ان مقام الفردية يقتضى التثليث فهو ذات وصفة وفعل وامر الايجاد يبتنى على ذلك واليه الاشارة بقوله { انما امره } الخ فهو ذات وارادة وقول والقول مقلوب اللقاء بعد الاعلال فليس عند الحقيقة هناك قول وانما لقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه فافهم هذه الدقيقة وعليها يدور سر قول تعالى { ونفخت فيه من روحى } اذ لا نفخ هناك اصلا وانما هو تصوير قال الحسين النورى قدس سره ابدأ الاكوان كلها بقوله كن اهانة وتصغيرا ليعرف الخلق اهانتها ولا يركنوا اليها ويرجعوا الى مبدئها ومنشئها فشغل الخلق زينة الكون فتركهم معه واختار من خواصه من اعتقهم من رق الكون واحياهم به فلم يجعل للعلل عليهم سبيلا ولا للآثار فيهم طريقا محو معنى وفارع از صورم ... نيست از جلوة صور خبرم تاشدم ازسواى حق فانى ... يافتم من وجود حقانى شد زمن غائب عالم اكوان ... ديده ام كشت برزنور جهان ٨٣ { فسبحان الذى بيده ملكوت كل شئ } الملكوت والرحموت والرهبوت والجبروت مصادر زيدت الواو والتاء فيها للمبالغة فى الملك والرحمة والرهبة والجبر قال فى المفردات الملكوت مختص بملك اللّه تعالى والملك ضبط الشئ والتصرف فيه بالامر والنهى اى فاذا تقرر ما يوجب تنزهه تعال تنزيهه اكمل ايجاب من الشئون المذكورة كالانشاء والاحياء وان ارادته لا تتخلف عن مراده ونحو ذلك فنزهوا اللّه الذى بيده اى تحت قدرته وفى تصرف قبضته ملك كل شئ وضبطه وتصرفه عما وصفوه تعالى به من العجز وتعجبوا مما قالوه فى شأنه تعالى من النقصان : وبالفارسية [ بس وصف كنيد به باكى وبى عيبى آنكسى راكه بدست اقتدار اوست بادشاهى همه جيز ] { واليه } لا الى غيره اذ لا مالك سواه على الاطلاق { ترجعون } تردون بعد الموت فيجازيكم باعمالكم وهو وعد للمقرين ووعيد للمنكرين : يعنى [ وعدة دوستانست ووعيد دشمنان اينانرا شديد العقابست وآنانرا ] وطوبى لم وحسن مآب فالخطاب للمؤمنين والكافرين وفى التأويلات النجمية اثبت لكل شئ ملكوتا وملكوت الشئ ما هو الشئ به قائم ولو لم يكن للشئ ملكوت يقوم به لما كان شئ والملكوتات قائمة بيد قدرته { واليه ترجعون } بالاختيار القبول وبالاضطرار اهل الرد عصمنا اللّه من الرد بفضله وسعة كرمه اه وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما كنت لا اعلم ما روى فى فضل يس وقراءتها كيف خصت به فاذا انه لهذه الآية وفى الحديث ( اقرأوا سورة يس على موتاكم ) قال الامام وذلك لان الانسان حينئذ ضعيف القوة وكذا الاعضاء لكن القلب يكون مقبلا على اللّه تعالى بكليته قاذا قرئ عليه هذه السورة الكريمة تزداد قوة قلبه ويشتد تصديقه بالاصول فيزداد اشراق قلبه بنور الايمان وتتقوى بصيرته بلوامع العرفان انتهى يقول الفقير اغناه اللّه القدير وايضا ان المشرف على النزع يناسبه خاتمة السورة اذ الملكوت الذى هو الروح القائم هو به وسر الفائض عليه من ربه يرجع الى اصله حينئذ وينسلخ عن عالم الملك وقتئذ واليه الاشارة بالقول المذكور لابن عباس رضى اللّه عنهما وفى الحديث ( ان لكل شئ قلبا وقلب القرآن يس ) خدايت لشكرى داده زقرآن ... بس آنكه قلب آن لشكر زيس قيل انما جعل يس قلب القرآن اى اصله ولبه لان المقصود الا هم من انزال الكتب بيان انهم يحشرون وانهم جميعا لديه محضرون وان المطيعين يجازون باحسن ما كانوا يعملون ويمتاز عنهم المجرمون وهذا كله مقرر فى هذه السورة بابلغ وجه واتمه ونقل عن الغزالى انه انما كانت قلب القرآن لان الايمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهذا المعنى مقرر فيها بابلغ وجه فشابهت القلب الذى يصح به البدن وقال ابو عبد اللّه القلب امير على الجسد وكذلك يس امير على سائر السور موجود فيه كل شئ. ويجوز ان يقال فى وجه شبهه بالقلب انه لما كان القلب غائبا عن الاحساس وكان محلا للمعانى الجليلة وموطنا للادراكات الخفية والجلية وسببا لصلاح البدن وفساده شبه الحشر به فانه من عالم الغيب وفيه يكون انكشاف الامور والوقوف على حقائق المقدور وبملاحظته واصلاح اسبابه تكون السعادة الابدية وبالاعراض عنه وافساد اسبابه يبتلى بالشقاوة السرمدية وقال النسفى يمكن ان يقال فى كونه قلب القرآن ان هذه السورة ليس فيها الا تقرير الاصول الثلاثة الوحدانية والرسالة والحشر وهو الذى يتعلق بالقلب والجنان واما الذى باللسان والاركان ففى غير هذه السورة فلما كان فيها اعمال القلب لا غير سماها قلبا . وآخر الحديث المذكور ( من قرأها يريد بها وجه اللّه غفر اللّه له واعطى من الاجر كأنما قرأ القرآن ثنتين وعشرين مرة وايما مسلم قرئ عنده اذا نزل به ملك الموت يس نزل بكل حرف منها عشرة املاك يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه وايما مسلم قرأ يس وهو فى سكراته لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان بشربة من الجنة يشربها وهو على فراشه ويقبض روحه وهو ريان ويمكث فى قبره وهو ريان ولا يحتاج الى حوض من حياض الانبياء حتى يدخل الجنة وهوريان ) وفى الحديث ( ان فى القرآن لسورة تشفع لقارئها ويغفر لسامعها تدعى فى التوراة المعمة ) قيل يا رسول اللّه وما المعمة قال ( تعم صاحبها بخير الدارين وتدفع عنه اهاويل الآخرة وتدعى الدافعة والقاضية ) قيل يا رسول اللّه وكيف ذلك قال ( تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضى له كل حاجة ) وفى الحديث ( من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها كان له ثواب صدقة الف دينار فى سبيل اللّه ومن كتبها ثم شربها ادخلت جوفه الف دواء والف نور والف بركة والف رحمة ونزع منه كل داء وغل ) وفى الحديث ( من قرأ سورة يس فى ليلة اصبح مغفور له ) وعن يحيى بن كثير قال بلغنا انه من قرأ يس حين يصبح لم يزل فى فرح حتى يمسى ومن قرأها حين يمسى لم يزل فى فرح حتى يصبح وفى الحديث ( اقرأوا يس فان فيها عشر بركات ما قرأها جائع الاشبع وما قرأها عار الا اكتسى وما قرأها اعزب الا تزوج وما قرأها خائف الا أمن وما قرأها مسجون الا فرج وما قرأها مسافر الا اعين على سفره وما قرأها رجل ضلت له ضاله الا وجدها وما قرئت عند ميت الا خفف عنه وما قرأها عطشان الا روى وما قرأها مريض الا برئ ) وفى الحديث ( يس لما قرئت له ) وفى الحديث ( من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف عنهم يؤمئذ وكان له بعدد من فيها حسنات ) وفى ترجمة الفتوحات [ وجون ببالين محتضر حاضر شوى سورة يس بخوان شيخ اكبر قدس سره ميفرما يدكه وقتى بيمار بودم ودرين مرض مراغشيانى شد بحدى كه مرا از جملة مردكان شمردند دران حالت قومى ديدم منظر هاى كريه وصورتهاى قبيح ميخواستند كه بمن اذيتى رسانند وشخصى ديدم بغايت خوب روى باقوت تمام وازوى بوى خوش مى آمد آن طائفه را ازمن دفع كرد وتابدان حدكه ايشانرا مقهور كردانيد اورا برسيدم توكيستى كفت من سورة يس ام ازتو دفع ميكنم جون ازان حالت بهوش آمدم بدر خودرا ديدم كه ميكريست وسورة يس ميخواند دران لحظه ختم كرد اورا از آنجه مشاهده كرده بودم خبر دادم وبعد ازان بمدتى از رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمن رسيدكه ( اقرأوا على موتاكم يس ) قال الامام اليافعى قد جاء فى الحديث ( ان عمل الانسان يدفن معه فى قبره فان كان العمل كريما اكرم صاحبه وان كان لئيما آلمه ) اى ان كان عملا صالحا وبشره ووسع عليه قبره ونورّه وحماه من الشدائد والاهوال وان كان عملا سيئا فزع صاحبه وروّعه واظلم عليه قبره وضيقه وعذبه وخلى بينه وبين الشدائد والاهوال والعذاب والوبال كما جاء فى المثنوى در زمانه مرترا سه همره اند ... آن يكى وافى واين يك غد رمند آن يكى ياران وديكر رخت ومال ... وآن سوم وافيست وان حسن الفعال مال نايد باتو بيرون از قصور ... يار آيد ليك آيد تابكور جون ترا روز اجل آيد به ييش ... يار كويد از زبان حال خويش تابد نيجا بيش همره نيستم ... بر سر كورت زمانى بيستم فعل تو وافيست زوكن ملتحد ... كه در آيد باتو در قعر لحد بس يمير كفت بهر اين طريق ... باو فاتر از عمل نبود وفيق كربود نيكوابد يارت شود ... وربود بد در لحد مارت شود وعن بعض الصالحين فى بعض بلاد اليمن انه لما دفن بعض الموتى وانصرف الناس سمع فى القبر صوتا ودقا عنيفا ثم خرج من القبر كلب اسود فقال له الشيخ الصالح ويحك أى شئ انت فقال انا عمل الميت قال فهذا الضرب فيك ام فيه قال فى وجدت عنده سورة يس واخواتها فاحلت بينه وبينى وضربت وطردت قال اليافعى قلت لما قوى عمله الصالح غلب عمله الصالح وطرد عنه بكرم اللّه ورحمته ولو كان عمله القبيح اقوى لغلبه وافزعه وعذبه نسأل اللّه الكريم الرحيم لطفه ورحمته وعفوه وعافتيه لنا ولا حبابنا ولا خواننا المسلمين اللهم اجب دعانا بحرمة سورة يس |
﴿ ٠ ﴾