٧

{ ان تكفروا } به تعالى بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه ومعرفة شؤونه العظيمة فى قوله تعالى

{ ان تكفروا انتم ومن فى الارض جميعا } { فان اللّه غنى عنكم } وعن العالمين اى فاعلموا انه تعالى غنى عن ايمانكم وشكركم غير متأثر من انتفائهما والغنى هو الذى يستغنى عن كل شىء لا يحتاج اليه لا فى ذاته ولا فى صفاته لانه الواجب من جميع جهاته

{ ولا يرضى لعباده الكفر } وان تعلقت به ارادته تعالى من بعضهم اى عدم رضاه بكفر عباده لاجل منفعتهم ودفع مضرتهم رحمة عليهم لا لتضرره به تعالى . وانما قيل لعباده لا لكم لتعميم الحكم للمؤمنين والكافرين وتعليله بكونهم عباده

واعلم ان الرضى ترك السخط واللّه تعالى لا يترك السخط فى حق الكافر لانه لسخطه عليه اعد له جهنم ولا يلزم منه عدم الارادة اذ ليس فى الارادة ما فى الرضى من نوع استحسان فاللّه تعالى مريد الخير والشر ولكن لا يرضى بالكفر والفسوق فان الرضى انما يتعلق بالحسن من الافعال دون القبيح وعليه اهل السنة وكذا اهل الاعتزال

وقال ابن عباس رضى اللّه عنهما والذى لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين ذكرهم فى قوله

{ ان عبادى ليس لك عليهم سلطان } فيكون عاما مخصوصا كقوله

{ عينا يشرب بها عباد اللّه } يريد بعض العباد وعليه بعض الماتريدية حيث قالوا ان اللّه يرضى بكفر الكافر ومعصية العاصى كما انه يريدهما صرح بذلك الخصاف فى احكام القرآن

ونقل ان هشام بن عبد الملك انما قتل غيلان القدرى باشارة علماء الشأم بقوله ان اللّه لا يرضى لعباده الكفر قال هشام ان لم يكن اللّه قادرا على دفع الكفر عن الكفار يكون عاجزا فلا يكون الها وان قدر فلم يدفع يكون راضيا فافحم غيلان

وفى الاسئله المقحمة فان قيل هل يقولون بان كفر الكافر قد رضيه اللّه تعالى للكافر قلنا ان اللّه تعالى خلق كفر الكافر ورضيه له وخلق ايمان المؤمن ورضيه له وهو مالك الملك على الاطلاق

وتكلف بعض اهل الاصول فقال ان اللّه تعالى لا يرضى بكون الكفر حسنا ودينا لانه تعالى يرضى وجوده وهو حسن ولا يخلقه وهو حسن وعلى هذا معنى قوله تعالى

{ واللّه لا يحب الفساد } والاليق باهل الزمان والابعد عن التشنيع والاقرب ان لا يرضى من عباده الكفر مؤمنا كان او كافرا

يقول الفقير ان رضى اللّه بكفر الكافر ومعصية العاصى اختياره وارادته له فى الازل فلذا لم يتغير حكمه فى الابد لا مدحه وثناؤه وترك السخط عليه فارتفع النزاع ومن تعمق فى اشارة قوله تعالى

{ ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم } انكشف له حقيقة الحال

{ وان تشكروا } تؤمنوا به تعالى وتوحدوه يدل عليه ذكره فى مقابلة الكفر

{ يرضه لكم } اصله يرضاه على ان الضمير عائد الى الشكر حذف الالف علامة للجزم وهو باختلاس ضمة الهاء عند اهل المدينة وعاصم وحمزة وباسكان الهاء عند ابى عمرو وباشباع ضمة الهاء عند الباقين لانها صارت بخلاف الالف موصولة بمتحرك.

والمعنى يرضى الشكر والايمان لاجلكم ومنفعتكم لانه سبب لفوزكم بسعادة الدارين لا لانتفاعه تعالى به

وفى التأويلات النجمية يعنى لا يرضى لكفركم لانه موجب للعذاب الشديد ويرضى لشكركم لانه موجب لمزيد النعمة وذلك لان رحمته سبقت غضبه يقول يا مسكين انا لا ارضى لك ان لا تكون لى يا قليل الوفاء كثير التجنى فان اطعتنى شكرتك وان ذكرتنى ذكرتك

{ ولا تزر وازرة وزر اخرى } بيان لعدم سراية كفر الكافر الى غيره اصلا . والوز الحمل الثقيل ووزره اى حمله . والمعنى ولا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس اخرى من الذنب والمعصية [ بلكه هريك بردارنده وزر خود بردارد جنانكه كناه كسى دردفتر ديكر نمىنوبسند ]

كه كناه دكران برتونخواهند نوشت ... { ثم الى ربكم مرجعكم } اى رجوعكم بالبعث بعد الموت لا الى غيره

{ فينبئكم } عند ذلك : وبالفارسية [ بس خبر دهد شمارا ]

{ بما كنتم تعملون } اى بما كنتم تعملونه فى الدنيا من اعمال الكفر والايمان اى يجازيكم بذلك ثوابا وعقابا كما قال الكاشفى [ واخبار ازآن بمحاسبه ومجازات باشد ]

وفى تفسير ابى السعود فى غير هذا المحل عبر عن اظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لكم على رؤس الاشهاد ويعلمكم أى شىء شنيع كنتم تفعلونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء

{ انه } تعالى

{ عليم بذات الصدور } تعليل للتنبئة اى مبالغ فى العلم بمضمرات القلوب فكيف بالاعمال الظاهرة واصله عليم بمضمرات صاحبة الصدور

وفى الآية دليل على ان ضرر الكفر والطغيان يعود الى نفس الكافر كما ان نفع الشكر والايمان يعود الى نفس الشاكر واللّه غنى عن العالمين كما وقع فى الكلمات القدسية ( يا عبادى لو ان اولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ) اى على تقوى اتقى قلب رجل ( ما زاد ذلك فى ملكى شيأ يا عبادى لو ان اولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ ) وفى آخر الحديث فمن وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه

واعلم أن الشكر سبب الرضوان ألا ترى الى قوله تعالى وان تشكروا يرضه لكم ولشرف الشكر امر انبياءه فقال لموسى فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين روى أنه اخذ التوارة وهى خمسة الواح او تسعة من الياقوت وفيها مكتوب يا موسى من لم يصبر على قضائى ولم يشكر نعمائى فليطلب ربا سواى وكان الانبياء لمعرفتهم لفضل الشكر يبادرون اليه روى أنه عليه السلام لما تورمت قداماه من قيام الليل اى انتفختا من الوجع الحاصل من طول القيام فى الصلاة قالت عائشة رضى اللّه عنها أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال عليه السلام افلا اكون عبدا شكورا اى مبالغا فى شكر ربى وفى ذلك تنبيهه على كمال فضل قيام الليل حيث جعله النبى عليه السلام شكرا لنعمته تعالى ولا يخفى أن نعمه عظيمة وشكره ايضا عظيم فاذا جعل النبى عليه السلام قيام الليل شكراً لمثل هذه نعم الجليلة ثبت أنه من اعظم الطاعات وافضل العبادات وفى الحديث صلاة فى مسجدى هذا افضل من عشرة آلاف فى غيره الا المسجد الحرام وصلاة فى المسجد الحرام افضل من مائة ألف صلاة فى غيره ثم قال ألا ادلكم على ما هو افضل من ذلك قالوا نعم قال رجل قام فى سودا الليل فاحسن الوضوء وصلى ركعتين يريد بهما وجه اللّه تعالى وعن عائشة رضى اللّه عنها أن النبى عليه السلام كان اذا فاته قيام الليل بعذر قضاه ضحواة اى من غير وجوب عليه بل على طريق الاحتياط فان الورد الملتزم اذا فات عن محله يلزم أن يتدارك فى وقت آخر حتى يتصل الاجر ولا ينقطع الفيض فانه بدوام التوجه يحصل دوام العطا وشرط عليه السلام ارادة وجه اللّه تعالى فانه تعالى لا يقبل ما كان لغيره ولذا وعدوا وعد بقوله انه عليم بذات الصدور فمن اشتمل صدره على الخلوص تخلص من يد القهره ومن اشتمل على الشرك والرياء وجد اللّه عند عمله فوفاه حسابه

اكر جز بحق ميرود جاده ات ... در آتش فشانند سجاده ات

اكر جانب حق ندارى نكاه ... بكويى بروز اجل آه آه

جه وزن آورد جايى انبان باد ... كه ميزان عدلست وديوان داد

مرايى كه جندان عمل مى نمود ... بديدند هيجش در انبان نبوت

منه آب روى ريارا محل ... كه اين آب در زير دارد وحل

جعلعنا اللّه واياكم من الصالحين الصادقين المخلصين فى الاقوال والافعال والاحوال دون الفاسقين الكاذبين المرائين آمين يا كريم العفو كثير النوال

﴿ ٧