١٧

{ والذين اجتنبوا الطاغوت } [ الاجتناب : بايك سو شدن ] يقال اجتنبه بعد عنه . والطاغوت البالغ اقصى غاية الطغيان وهو تجاوز الحد فى العصيان فلعوت من الطغيان بتقديم اللام على العين لان اصله طغيوت بنى للمبالغة كالرحموت والعظموت ثم وصف به للمبالغة فى النعت كأن عين الشيطان طغيان لان المراد به هو الشيطان وتاؤه زائدة دون التأنيث كما قال فى كشف الاسرار التاء ليست باصلية هى فى الطاغوت كهى فى الملكوت والجبروت واللاهوت والناسوت والرحموت والرهبوت ويذكر اى الطاغوت ويؤنث كما فى الكواشى ويستعمل فى الواحد والجمع كما فى المفردات والقاموس

قال الراغب وهو عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون الله

وفى القاموس الطاغوت اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال والاصنام وكل ما عبد من دون اللّه ومردة اهل الكتاب

وقال فى كشف الاسرار كل من عبد شيأ غير اللّه فهو طاغ ومعبوده طاغوت

وفى التأويلات النجمية طاغوت كل احد نفسه وانما يجتنب الطاغوت من خالف هواه وعانق رضى مولاه ورجع اليه بالخروج عما سواه رجوعا بالكلية

وقال سهل الطاغوت الدنيا واصلها الجهل وفرعها المآكل والمشارب وزينتها التفاخر وثمرتها المعاصى وميراثها القسوة والعقوبة : والمعنى بالفارسية [ وآنانكه بيكسو رفتند ازشيطان يابتان يا كهنه يعنى از هرجه بدون خداى تعالى برستند ايشان بر طرف شدند ]

{ ان يعبدوها } بدل اشتمال منه فان عبادة غير اللّه عبادة للشيطان اذ هو الآمر بها والمزين لها

قال فى بحر العلوم وفيها اشارة الى ان المراد بالطاغوت ههنا الجمع

{ وانابوا الى اللّه } واقبلوا عليه معرضين عما سواه اقبالا كليا

قال فى البحر واعلم ان المراد باجتناب الطاغوت الكفر بها وبالانابة الى اللّه الايمان باللّه كما قال تعالى

{ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن باللّه فقد استمسك بالعروة الوثقى } وقدم اجتناب الطاغوت على الانابة الى اللّه كما قدم الكفر بالطاغوت على الايمان باللّه على وفق كلمة التوحيد لا اله الا اللّه حيث قدم نفى وجود الآلهية على اثبات الالوهية لله تعالى

{ لهم البشرى } بالثواب والرضوان الاكبر على ألسنة الرسل بالوحى فى الدنيا او الملائكة عند حضور الموت وحين يحشرون وبعد ذلك

وقال بعض الكبار لهم البشرى بانهم من اهل الهداية والفضل من اللّه وهى الكرامة الكبرى { فبشر عباد }

﴿ ١٧