٣٠ { انك ميت وانهم ميتون } تمهيد لما يعقبه من الاختصام يوم القيامة اذ كان كفار قريش يتربصون برسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وسلم موته : يعنى [ كفارمكه ميكفتند جشم ميداريم كه محمد بميرد واز وبازرهيم ] . والموت صفة وجودية خلقت ضدا للحياة وفى المفردات الموت زوال القوة الحساسية الحيوانية وابانة الروح عن الجسد . والتأكيد بالنون لتنزيل المخاطب منزلة المتردد فيه تنبيها له على ظهور ادلته وحثا على النظر فيها . والمعنى انكم جميعا بصدد الموت فالموت يعمكم ولا معنى للتربص والشماتة بل هو عين الجهالة مكن شادمانى بمرك كسى ... كه دهرت نماند بس ازوى بسى فمعنى قوله ميت وميتون : بالفارسية [ مرده خواهى شد وزود بميرند ] اى ستموت وسيموتون والشىء اذا قرب من الشىء يسمى باسمه فلا بد لكل من الموت قريبا وبعيدا وكل آت فهو قريب روى ان آدم عليه السلام لما اهبط الى الارض قيل له لد للفناء وابن للخراب قرأ بعضهم انك مائت وانهم مائتون لانه مما سيحدث وتوضيحه ان المائت صفة حادثة فى الحال او فى المستقبل بدليل صحة قولك زيد مائت الآن او غدا بخلاف الميت فانه صفة لازمة كالسيد للعريق فى السؤدد والسائد لمن حدث له السؤدد وقيل الموت ليس ما اسند الى ابانة الروح عن الجسد بل هو اشارة الى ما يعترى الانسن فى كل حال من الخلل والنقص وان البشر ما دام فى الدنيا يموت جزأ فجزأ وقد عبر قوم عن هذا المعنى وفصلوا بين الميت والمائت فقالوا هو المتخلل قال القاضى على بن عبد العزيز ليس فى لغتنا مائت على حسب ما قالوه وانما يقال موت مائت كقولنا شعر شاعر وسيل سائل قال ابن مسعود رضى اللّه عنه لما دنا فراق رسول اللّه جمعنا فى بيت امنا عائشة رضى اللّه عنها ثم نظر الينا فدمعت عيناه وقال ( مرحبا بكم حياكم اللّه رحمكم اللّه اوصيكم بتقوى اللّه وطاعته قد دنا الفراق وحان المنقلب الى اللّه تعالى والى سدرة المنتهى وجنة المأولى يغسلنى رجال اهل بيتى ويكفنوننى فى ثيابى هذه ان شاؤا او فى حلة يمانية فاذا غسلتمونى وكفنتمونى ضعونى على سريرى فى بيتى هذا على شفير لحدى ثم اخرجوا عنى ساعة فاول من يصلى علىّ حبيبى جبرائيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنودهم ثم ادخلوا علىّ فوجا فوجا فصلوا علىّ ) فلما سمعوا فراقه صاحوا وبكوا وقالوا يا رسول اللّه انت رسول ربنا وشمع جمعنا وبرهان امرنا اذا ذهبت عنا فالى من نرجع فى امورنا قال ( تركتكم على المحجة البيضاء ) اى على الطريق الواضح الواسع ( ليلها كنهارها ) اى فى الوضوح ( ولا يزيغ بعدها الا هالك وتركت لكم واعظين ناطقا وصامتا فالناطق القرآن والصامت الموت فاذا اشكل عليكم امر فارجعوا الى القرآن والسنة واذا قست قلوبكم فلينوها بالاعتبار فى احوال الاموات ) فمرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من يومه ذلك من صداع عرض له وكان مريضا ثمانية عشر يوما يعوده الناس ثم مات يوم الاثنين كما بعثه اللّه فيه فغسله على رضى اللّه عنه وصب الماء اى ماء بئر غرس الفضل بن العباس رضى اللّه عنهما ودفنوه ليلة الاربعاء وسط الليل وقيل ليلة الثلاثاء فى حجرة عائشة رضى اللّه عنها وفى الحديث ( من اصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بى فانها افظع المصائب ) وانشد بعضهم اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بان المرء غير مخلد واذا اعترتك وساوس بمصيبة ... فاذكر مصابك بالنبى محمد وفى التأويلات النجمية يشير بقوله { انك ميت } الخ الى نعيه عليه السلام ونعى المسلمين اليهم ليفرغوا باجمعهم عن مأتمهم ولا تعزية فى العادة بعد ثلاث ومن لم يتفرغ عن مأتم نفسه وانواع همومه فليس له من هذا الحديث شمة فاذا فرغ قلبه عن حديث نفسه وعن الكونين بالكلية فحينئذ يجد الخير من ربه وليس هذا الحديث الا بعد فنائهم عنهم ولهذا اوحى اللّه تعالى الى داود عليه السلام فقال ( يا داود فرغ لى بيتا اسكن فيه قال يا رب انت منزه عن البيت كله قال فرغ لى قلبك ) وقال لنبينا عليه السلام { ألم نشرح لك صدرك } يعنى قلبك وقال { وثيابك فطهر } اى قلبك عن لوث تعلقات الكونين سالك باك رو نخوانندش ... آنكه ازماسوى منزه نيست وقال المولى الجامى قدس سره روزشب درنظرت موج زنان بحر قدم ... حيف باشد كه بلوث حدث آلوده شوى |
﴿ ٣٠ ﴾