٥٢

{ أولم يعلموا } اقالوا ذلك ولم يعلموا او اغفلوا ولم يعلموا

{ ان اللّه يبسط الرزق لمن يشاء } ان يبسط له اى يوسعه فان بسط الشىء نشره وتوسيعه : يعنى [ نه براى رفعت قدراوبلكه بمحض مشيت ]

{ ويقدر } لمن يشاء ان يقدره له اى يقتر ويضيق له من غير ان يكون لاحد مدخل ما فى ذلك حيث حبس عنهم الرزق سبعا ثم بسط لهم سبعا

وقال الكاشفى [ وننك ميكند برهركه ميخواهدنه براى خوارى وبى مقدارى اوبلكه از روى حكمت ] روى انهم اكلوا فى سنى القحط الجيف والجلود والعظام والعلهز وهو الوبر بان يخلط الدم باوبار الابل ويشوى على النار وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع فلم ينفعهم ذلك حيث اصروا على الكفر والعناد

{ ان فى ذلك } الذى ذكر من القبض والبسط

{ لآيات } دالة على ان الحوادث كافة من اللّه تعالى بوسط عادى او غيره

{ لقوم يؤمنون } اذهم المستدلون بتلك الآيات على مدلولاتها

وفى الآيات فوائد

منها ان من خصوصية نفس الانسان ان تضطرّ الى اللّه تعالى بالدعاء والتضرع فى الشدة والضر والبلاء فلا عبرة بهذا الرجوع بالاضطرار الى اللّه تعالى لانه اذا انعم اللّه عليه بالخلاص والعافية من تلك الشدة والبلاء اعرض عن اللّه ويكفر بالنعمة ويقول ان ما اوتيته على علم عندى وانما العبرة بالرجوع الى اللّه والتعرف اليه فى الرخاء كما قال عليه السلام ( تعرّف الى اللّه فى الرخاء يعرفك فى الشدة )

ومنها ان المدعين يقولون نحن اهل اللّه فاذا وصل اليهم بلاؤه فزعوا اليه ليرفع عنهم البلاء طلبا لراحة انفسهم ولا يرون المبلى فى البلاء وهم مشركون فى طريق المعرفة فاذا وصل اليهم نعمة ظاهرة احتجبوا بها فاذا هم اهل الحجاب من كلا الطرفين احتجبوا بالبلاء عن المبلى وبالنعمة عن المنعم

قال الجنيد رضى اللّه عنه من يرى البلاء ضرا فليس بعارف فان العارف من يرى الضر على نفسه رحمة والضر على الحقيقة ما يصيب القلوب من القسوة والرين والنعمة اقبال القلوب على اللّه تعالى ومن رأى النعمة على نفسه من حيث الاستحقاق فقد جحد النعمة

ومنها ان اكثر اهل النعمة لا يعلمون فتنة النعمة وسوء عاقبتها وببطر النعمة والاغترار بها تقسو قلوبهم وتستولى عليهم الغفلة وتطمئن نفوسهم بها وتنسى الآخرة والمولى

ومنها ان نعمة الدنيا والآخرة وسعادتهما وكذا نقمتهما وشقاوتهما مبنية على مشيئة اللّه تعالى لا على مشيئة العباد فالاوجب للمؤمنين ان يخرجوا عن مشيئتهم ويستسلموا لمشيئة اللّه وحكمه وقضائه

كليد قدر نيست دردست كس ... تواناى مطلق خدايست وبس

قال بعضهم

هرجه بايد بهر كه ميشايد ... تودهى آنجنانكه مى بايد

توشناسى صلاح كار همه ... كه تويى آفريد كار همه

ومنها ان ضيق حال اللبيب وسعة حال الابله دليل على الرازق وتقديره

ويرد بهذه الآية على من يرى الغنى من الكيس والفقر من العجز اوحى اللّه تعالى الى موسى عليه السلام أتدرى لم رزقت الاحمق قال يا رب لا قال ليعلم العاقل ان طلب الرزق ليس بالاحتيال فالكل بيد اللّه ألا الى اللّه تصير الامور وبه ظهر فساد قول ابن الراوندى

كم عاقل عاقل اعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا

هذا الذى ترك الاوهام حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا

اى كافرا نافيا للصانع العدل الحكيم قائلا لو كان له الوجود لما كان الامر كذلك ولقد احسن من قال

كم من اديب فهم عقله ... مستكمل العقل مقل عديم

ومن جهول مكثر ماله ... ذلك تقدير العزيز العليم

يعنى ان من نظر الى التقدير علم ان الامور الجارية على اهل العالم كلها على وفق الحكمة وعلى مقتضى المصلحة ففيه ارشاد الى اثبات الصانع الحكيم لا الى نفى وجوده

﴿ ٥٢