|
٨ { ولو شاء اللّه لجعلهم } اى فى الدنيا والضمير لجميع الناس المشار اليهم بالفريقين { امة واحدة } فريقا واحدا وجماعة واحدة مهتدين او ضالين وهو تفصيل لما اجمله ابن عباس رضى اللّه عنهما فى قوله على دين واحد { ولكن يدخل من يشاء } ان يدخله { فى رحمته } وجنته ويدخل من يشاء ان يدخله فى عذابه ونقمه ولا ريب فى أن مشيئته تعالى لكل من الادخالين تابعة لاستحقاق كل من الفريقين لدخول مدخله ومن ضرورة اختلاف الرحمة والعذاب اختلاف حال الداخلين فيهما قطعا فلم يشأ جعل الكل امة واحدة بل جعلهم فريقين { والظالمون } اى المشركون { ما لهم من ولى } اى مالهم ولى ما يلى امرهم ويغنيهم وينفعهم فمن مزيدة لاستغراق النفى { ولا نصير } يدفع العذاب عنهم ويخلصهم منه وفيه ايذان بان الادخال فى العذاب من جهة الداخلين بموجب سوء اختيارهم لا من جهته تعالى كما فى الادخال فى الرحمة قال سعدى المفتى فى حواشيه لعل تغيير المقابل حيث لم يأت المقابل ويدخل من يشاء فى نقمته بل عدل الى ما فى النظم للمبالغة فى الوعيد فان فى نفى من يتولاهم وينصرهم فى دفع العذاب عنهم دلالة على ان كونهم فى العذاب امر معلوم مفروغ عنه وايضا فيه سلوك طريق واذا مرضت فهو يشفين وايضا ذكر السبب الاصلى فى جانب الرحمة ليجتهدوا فى الشكر والسبب الظاهرى فى جانب النقمة ليرتدعوا عن الكفر وفى التأويلات النجمية ولو شاء اللّه لجعلهم امة واحدة كالملائكة المقربين لا يعصون اللّه ما امرهم الآية او جعلهم كالشياطين المبعدين المطرودين المتمردين ولكن الحكمة الالهية اقتضت ان يجعلهم مركبين من جوهر الملكى والشيطانى ليكونوا مختلفين بعضهم الغالب عليه الوصف الملكى مطيعا لله تعالى وبعضهم الغالب عليه الوصف الشيطانى متمردا على اللّه تعالى ليكونوا مظاهر صفات لطفه وقهره مستعدين لمرءآتية صفات جماله وجلاله متخلقين باخلاقه وهذا سر قوله تعالى { وعلم آدم الاسماء كلها } ومن ههنا قالت الملائكة سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا ويدل على هذا التأويل قوله { ولن يدخل من يشاء فى رحمته } اى ليكون مظهر صفات لطفه والظالمون مالم من ولى ولا نصير اى ليكونوا مظاهر صفات قهره |
﴿ ٨ ﴾