١١

{ من ذا الذى يقرض اللّه قرضا حسنا } من مبتدأ خبره ذا والذى صفة ذا او بدله والاقراض حقيقة اعطاء العين على وجه يطلب بدله وقرضا حسنا مفعلو مطلق له بمعنى اقراضا حسنا وهو الاخلاص فى الانفاق اى الاعطاء لله وتحرى اكرم المال وأفضل الجهات والمعنى من ذا الذى ينفق ماله فى سبيل اللّه رجاء أن يعوضه فانه كمن يقرضه وقال فى كشف الاسرار كل من قدم عملا صالحا يستحق به مثوبة فقد أقرض ومنه قوله الايادى قروض وكذلك كل من قدم عملا سيئا يستوجب به عقوبة فقد أقرض فلذلك قالت تعالى

{ قرضا حسنا } لان المعصية قرض سيىء قال مية

لاتخلطن خبيثات بطيبة ... واخلع ثيابك منها وانج عريانا

كل امرىء سوف يجزى قرضه حسنا ... او سيئة ومدين مثل مادانا

وقيل المراد بالقرض الصدقة انتهى وههنا وجه آخر وهو ان القرض فى الاصل القطع من قرض الثوب بالمقراض اذا قطعه به ثم سمى به مايقطعه الرجل من أمواله فيعطيه عينا بشرط رد بدله فعلى هذا يكون قرضا حسنا مفعولا به والمعنى من ذا الذى يقرض اللّه مالا حسنا اى حلالا طيبا فانه تعالى لايقبل الا الحلال الطيب

{ فيضاعفه له } بالنصب على جواب الاستفهام باعتبار المعنى كأنه قيل أيقرض اللّه احد فيضاعفه له اى قيعطيه أجره اضعافا من فضله انما قلنا باعتبار المعنى لان الفاء انما تنصب فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه كما قاله أبو على الفارسى وههنا السؤال لم يقع عن القرض بل عن فاعله

{ وله أجر كريم } اى وذلك الأجر المضموم اليه الاضعاف كريم حسن مرضى فى نفسه حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون وان لم يضاعف فيكف وقد ضوعف اضعافا كثيرة ( وروى ) انه لما نزلت هذه الآية جعل ابو الدحداح يتصدق بنصف كل شىء يملكه فى سبيل اللّه حتى انه خلع احدى نعليه ثم جاء الى ام الدحداح فقال انى بايعت ربى فقالت ربح بيعك فقال النبى عليه السلام ( كم نخلة مدلاة عذوقها فى الجنة لابى الدحداح )

قال بعضهم سأل اللّه منهم القرض ولو كانوا على نعت المرؤة لخرجوا من وجودهم قبل سؤاله فضلا عن المال فان العبد وما يملكه لمولاه فاذا بذلوا الوجود المجازى وجدوا من اللّه بدله الوجود الحقيقى وله أجر كريم بحسب الاجتهاد فى السير الى اللّه والتوجه الى عتبة بابه الكريم

هركسى ازهمت والاى خويش ... سود برد درخور كالاى خويش

وفى الآية اشارة الى القرض الشرعى لمن يستقرض كما دل عليه قوله تعالى ( عبدى استطعمتك فلم تطعمنى ) فاعطاء القرض للعبد اعطاء اللّه تعالى والقرض أفضل من الصدقة لانه ربما سأل سائل وعنده مايكفيه

واما المستقرض فلا يستقرض الا من حاجة وقال بعضهم هذا القرض هو ان يقول سبحان اللّه والحمد لله ولا اله الا اللّه واللّه اكبر وهو أفضل الاذكار وعن الحسن هم التطوعات وفى المرفوع ( النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن احدكم هديته وليطيبها ) والحصال ان الكريم يرد القرض باحسن مايكون من الرد ويحسن ايضا فى مقابلة الهدية

﴿ ١١