٦

{ ذلك } اى ما ذكر من العذاب الذى ذاقوه فى الدنيا وما سيذوقونه فى الآخرة

{ بأنه } اى بسبب ان الشان

{ كانت تأتيهم رسلهم بالبينات } اى بالمعجزات الظاهرة والباء اما للملابسة او للتعدية

{ فقالوا } عطف على كانت

{ ابشر } آيا آدميان مثل ما

{ يهدوننا } راه نمايند مارا . اى قال كل قوم من المذكورين فى حق رسولهم الذى اتاهم بالمعجزات منكرين لكون الرسول من جنس البشر متعجبين من ذلك ابشر وآدمى مثلنا يهدينا ويرشدنا الى الدين او الى اللّه والتقرب منه كما قالت ثمود ابشرا منا واحد نتبعه انكروا أن يكون الرسول بشرا ولم ينكروا أن يكون المعبود حجرا وقد أجمل فى الحكاية فأسند القول الى جميع الاقوام وأريد بالبشر الجنس فوصف بالجمع كما أجمل الخطاب والامر فى قوله تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا وارتفاع بشر على انه فاعل فعل مضمر يفسره مان بعده فيكون من باب الاشتغال وهو اولى من جعله مبتدأ وما بعده خبرا لان اداة الاستفهام تطلب الفعل ظاهرا او مضمرا قال القاشانى لما حجبوا بصفات نفوسهم عن النور الذى هو به يفضل عليهم بما لا يقاس ولم يجدوا منه الا البشرية انكروا هدايته فان كان كل عارف لا يعرف معروفه الا بالمعنى الذى فيه فلا يوجد النور الكمالى الا بالنور الفطرة ولا يعرف الكمال الا الكامل ولهذا قيل لا يعرف اللّه غير اللّه وكل طالب وجد مطلوبه بوجه ما والا لما امكنه التوجه نحوه وكذا كل مصدق بشئ فانه واحد للمعنى المصدق به فما بى نفسه من ذلك المعنى فلما لم يكن فيهم شئ من النور الفطرة اصلا لم يعرفوا منه الكمال فأنكروه ولم يعرفوا من الحق شيأ ولم يحدث فيهم طلب حتى يحتاجوا الى الهداية فأنكروا الهداية وقال بعضهم العارفين معرفة مقام الاولياء أصعب من الممكن من معرفة اللّه تعالى لان اللّه تعالى معروفة بكماله وجماله وجلاله وقهره بخلاف الولى الكامل فانه ملآن من شهود الضعف يأكل ويشرب ويبول مثل غيره من الخلق ولا كرامة له تظهر الا بأن يناجى ربه وانى للخلق معرفة مقامه و واللّه لو كشف للخلق عن حقيقة الولى لعبد كما عبد عيسى عليه السلام ولو كشف لهم عن مشرقات نوره لانطوى نور الشمس والقمر من مشرقات نور قلبه ولكن فى ستر الحق تعالى المقام الولى حكم واسرار وأدنى ما فى الستر أن لا يتعرض احد لمحاربة اللّه تعالى اذا آذاهم بعد أن عرفهم انهم اولياء اللّه فكان ستر مقامهم عن اخلق رحمة بالخلق وفتحا لباب اعتذار من آذاهم من غالب الخلق فان الاذى لم يزل من الخلق لهم فى كل عصر لجهلهم بمقامهم

{ فكفروا } ابى بالرسل بسبب هذا القول لانهم قالوه استصغارا لهم ولم يعلموا الحكمة فى اختيار كون الرسل بشرا

{ وتولوا } عن التدبير فيما اتوا به من البينات وعن الايمان بهم

{ واستغنى اللّه } اى اظهر استغناءه عن ايمانهم وطاعتهم حيث اهلكهم وقطع دابرهم ولوا غناه تعالى عنهما لما فعل ذلك وقال سعدى والمفتى هو حال بتقدير قد وهو بمعنى غنى الثلاثى والمراد كمال الغنى اذا لطلب يلزمه الكمال

{ واللّه غنى } عن العالمين فضلا عن ايمانهم وطاعتهم

{ حميد } يحمده كل مخلوق بلسان الحال ويدل على اتصافه بالصفات الكمالية او يحمده اولياؤه وان امتنع اعداؤه والحمد هو ذكر اوصاف الكمال من حيث هو كمال ومن عرف انه الحميد فى ذاته وصفاته وافعاله شغله ذكره والثناء عليه فان العبد وان كثرت محامده من عقائد واخلاقه وافعاله واقواله فلا يخلو عن مذمة ونقص الا النبى عليه السلام فانه محمد واحمد ومحمود من كل وجه وله المحمدة والكمال وفى الاربعين الادريسية يا حميد الفعال ذا المن على جميع خلقه بلطفه قال السهروردى رحمه اللّه من داومه يحصل له من الاموال مالا يمكن ضبطه.

﴿ ٦