١٠

{ اعد اللّه لهم } مع ذلك فى الآخرة ولام لهم لام التخصيص لا لام النفع كما فى قولهم دعا له فى مقابلة دعا عليه

{ عذابا شديدا } اى قدره فى علمه على حسب حكمته او هيأ اسبابه فى جهنم بحيث لا يوصف كهنه فهم اهل الحساب والعذاب فى الدنيا والآخرة لا فى الدنيا فقط فان ما اصابهم فى الدنيا لم يكن كفارة لذنوبهم لعدم رجوعهم عن الكفر فعذبوا بعذاب الآخرة ايضا وهذا المعنى من قوله فحاسبناها الى هنا وهو اللائق بالنظم الكريم هكذا ألهمت به حين المطالعة ثم وجدت فى تفسير الكواشى وكشف الاسرار وأبى الليث والاسئلة المقحمة ما يدل على ذلك والحمد لله تعالى فلا حاجة الى ان يقال فيه تقديما وتأخيرا وان المعنى انا عذبناها عذابا شديدا فى الدنيا ونحاسبها حسابا شديدا فى الآخر على ان لفظ الماضى للتحقيق كأكثر ألفاظ القيامة فان فيه وفى نحوه تكلفا بينا على ما ارتكبه من يعد من اجلاء المفسرين ودل قوله فى الاثر حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا على ان المحاسبة عامة لما فى الدارين وان المراد بها فى بعض المواضع هو التضييق والتشديد مطلقا

{ فاتقوا اللّه يا أولى الالباب } اى اعتبروا بحال الامم الماضين من المنكرين المعاندين وما نزل بهم من العذاب والوبال فاتقوا اللّه اوامره ونواهيه ان خلصت عقولكم من شوب الوهم فان اللب هو العقل الخالص من شوآئب الوهم وذلك بخلوص القلب من شوآئب صفات النفس والرجوع الى الفطرة الاولى واذا خلص العقل من الوهم والقلب من النفس كان الايمان يقينا فلذلك وصفهم بقوله

{ الذين آمنو } اى الايمان التحققى اليقينى العيانى الشهودى وفيه اشارة الى ان منشأ التقوى هو الخلوص المذكور ولا ينافى ذلك زيادة الخلوص بالتقوى فكم من شئ يكون سببا لاصل شئ آخر ويكون سببا فى زيادته وقوته على ذلك الآخر وبكمال التقوى يحصل الخروج من قشر الوجود المجازى والدخول فى لب الوجود الحقيقى والاتصاف بالايمان العيانى

قال بعضهم الذين آمنوا حقا وصدقا ويجوز أن يكون صفة كاشفة لا مقيدة فانه لا يليق أن يعد غير المؤمنين من اولى الالباب اللهم الا أن يراد باللب العقل العارة عن الضعف بأى وجه كان من البلادة والبله والجنون وغيرها فنخصيص الامر بالتقوى بالمؤمنين من بينهم لانهم المنتفعون انتهى والظاهر ان قوله الذين آمنوا مبتدأ خبره قوله تعالى

{ قد انزل اللّه اليكم } والخطاب من قبيل الالتفات

{ ذكرا } هو النبى عليه السلام كما بينه بأن ابدل منه قوله

﴿ ١٠