|
٣ { انا هديناه السبيل } مرتب على ما قبله من اعطاء الحواس فانه استئناف تعليلى لجعله سميعا بصيرا يعنى ان اعطاء الحواس الظاهرة والباطنة والتحلى بها متقدم على الهداية والمعنى أريناه وعرفناه طريق الخير ولاشر والنجاة والهلاك بانزال الآيات ونصب الدلائل كما قال وهديناه النجدين اى بينا له طريق الخير والشر فان النجد الطريق الواضح المرتفع فالمراد بالهداية مجرد الدلالة لا الدلالة الموصلة الى البغية كام فى بعض التفاسير { اما شاكرا واما كفورا } حالا من مفعول هديناه قال فى الارشاد اى مكناه وأقدرناه على سلوك الطريق الموصل الى البغية فى حالتيه جميعا فاما التفصيل ذى الحال فانه مجمل من حيث الدلالة على الاحوال لا يعلم ان المراد هدايته فى حال كفره او فى حال ايمانه وبالتفصيل تبين انها تعلقت به فى كل واحدة من الحالين فالشاكر الموحد والكفور الجاحد لان الشكر الاقرار بالمنعم ورأس الكفر ان جحوده ويقال شاكر النعمة وكفورها قال الراغب الكفور يقال فى كافر النعمة وكافر الدين جميعا ويجوز أن يكون اما للتقسيم بأن يعتبر ذو الحال من حيث انه مطلق وهو اللفظ الدال على الماهية من حيث هى ويجعل كل واحد من مدخولى اما قيدا له فيحصل بالتقييد بكل منهما قسم منه اى مقسوما اليهما بعضهم شاكر بالاهتدآء والاخذ فيه وبعضهم كفور بالاعراض عنه وايراد الكنور لمراعاة الفواصل اى رؤوس الآى والاشعار بأن الانسان قلما بخلوا من كفران ما وانما المؤاخذ عليه الكفر المفرط والشكور قليل منهم ولذا لم يقل اما شكورا واما كفورا واما شاكرا واما كافرا والحاصل ان الشاكر والكفور كنايتان عن المثاب والمعاقب ولما لم يكن مجرد الكفران مستلزما للمواخذة لم يصح أن الاثابة على مطلق الشكر لا على المبالغة فيه كما ادير المؤآخذة على المبالغة فى الكفران لا على اصله وكل ذلك بمقتضى سعة رحمة اللّه وسبقها على غضبه وقرأ ابو السماك بفتح الهمزة فى اما وهى قرآءة حسنة والمعنى اما كونه شاكرا فبتوفيقنا واما كونه كفورا فبسوء اختياره وفى التأويلات النجمية انا خيرناه فى الاهتدآء الى سبيل التنكر المتعلق باليد اليمنى الجمالية او الى سبيل الكفر المتعلق باليد اليسرى الجلالية فاختار بعضهم سبيل الشكر من مقتضى حقائقهم واستعداداتهم الازلية واختار بعضهم سبيل الكفر من مقتضى حقائقهم وقابليتهم الازلية ايضا كام قال هؤلاء اهل الجنة ولا الالى وهؤلاء اهل النار ولا ابالى اى المدح والذم يتعلق بهم لابى ولما ذكر الفريقين اتعبهما الوعيد والوعد فقال |
﴿ ٣ ﴾