|
٦ { عينا } بدل من كافورا يعنى كافور جشمه ايست . والعين الجارية ويقال لمنبع الماء تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء فيها { يشرب بها عباد اللّه } صفة عين وعباد اللّه هنا الابرار من المؤمنين لان اضافة التكريم الى اسمه الاعظم مختصة بالمؤمن فى الغالب كالاضافة الى كناية التكلم كقوله يا عبادى لرعايتهم حق الربوبية فمن لم يراه فكأنه ليس بعبد له اى يشربون بها الخمر لكونها ممزوجة بها كما تقول شربت الماء بالعسل فيكون كناية عن قوتها فى لذتها وعلى هذا فيه اشارة الى ان المقربين الاقوياء يشربون شراب الكافور صرفا غير ممزوج والظاهر يشرب منها فالباء بمعنى من فان حروف العوامل ينوب بعضها مناب بعض ونظيره قوله تعالى فانزلنا به الماء اى انزلنا من السحاب الماء صرح به الشيخ المكى رحمه اللّه فى قوت القلوب { يفجرونها تفجيرا } التفجير والتفجرة آب راندن. وفى المفردات الفجر شق الشئ شقا واسعا كفجر الانسان السكر يقال فجرته فانفجر وفجرته فتفجر والمعنى يجرونها حيث شاؤا من منازلهم كما يفيده بناء التفعيل اذ التشديد للكثرة اجراء سهلا لا تمنع عليهم بل تجرى جريا بقوة واندفاع لان الانهار منقادة لاهل الجنة كالاشجار وغيرها فتفجيرا مصدر مؤكد للفعل المتضمن معنى السهولة والجملة صفة اخرى لعينا وفى التأويلات النجمية يشير بالابرار الى عبادة اللّه المخلصين المخصوصين بفيض الاسم الاعظم الشامل للاسماء الذين سقاهم ربهم المتجلى لهم باسمه الباسط بكأس المحبة طهور شراب العشق الممزوج بكافور برد اليقين المفجر الجارى فى انهار أوراحهم واسرارهم وقلوبهم من فرط الرحمة وشمول النعمة وقال القاشانى ان الابرار السعدآء الذين برزرا عن حجاب الآثار والافعال واحتجبوا بحجب الصفات غير واقفين معها بل متوجهين الى عين الذات مع البقاء فى عالم الصفات وهم المتوسطون فى السلوك يشربون من كأس محبة حسن الصفات لا صرفا بل كان فى شرابهم مزج من لذة محبة الذات وهى العين الكافورية المفيدة للذة يرد اليقين وبياض النورية وتفيح القلب المخترق بحرارة الشوق وتقويته فان للكافور خاصية التبريد والتفريج والبياض والكافور عين يشرب بها صرفة عباد اللّه الذين هم خاصته من اهل الوحدة الذاتية المخصوص محبتهم بعين الذات دون العسفات لا يفرقون بين القهر واللطعف والرفق والعنف والنعمة والبلاء والشدة والرخاء بل تستقر محبتهم مع الاضداد وتستمر لذتهم فىلنعماء والضرآء والرحمة والزحمة كما قال احدهم هواى له فرض تعطف ام جفا ... ومشربه عذب تكدر ام صفا وكلت الى المحبوب امرى كله ... فان شاء احيانى وان شاء اتلفا واما الابرار فلما كانوا يحبون المنعم واللطيف والرحيم لم تبق محبتهم عند تجلى القهار والمبتلى والمنتقم بحالها ولا لذتهم بل يكرهون ذلك يفجرونها تفجيرا لانهم متابعها لا اثنينية ثمة ولا غيرية والا لم يكن كافور الظلمة حجاب الانانية واثنينيته وسواده انتهى. قال بعضهم اختلفت احوالهم فى الدنيا فاختلفت مشاربهم فى الآأخرة فكل يسقى ما يليق بحاله كعيون الحياء وعيون الصبر وعيون الوفاء وغير ذلك ثم ان الكأس اما نفسانية شيطانية وهى ما تكون لاهل الفسق فى الدنيا وهى حرام وفى الحديث ( اذا تناول العبد كأس الخمر ناشده الايمان باللّه لا تدخلها على فانى لا استقرأنا وهى فى وعاء واحد فان أبى وشربها نفر الايمان نفرة لا يعود اليه اربعين صباحا فان تاب تاب اللّه عليه ونقص من عقله شئ لا يعود اليه أبدا ) واما جسمانية رحمانية وهى ما تكون للمؤمنين فى دار الآخرة عطاء ومنحة من اللّه الوهاب واما روحانية ربانية وهى ما تكون لاهل المحبة والشوق فى الدارين وهى ألذ الاقداح قال مولانا جلال الدين قدس سره ألا يا ساقيا انى نظمئان ومشتاق ... ادر كأسا ولا تنكر فان القوم قد ذاقوا خذ الدنيا وما فيها فان العشق يكفينا ... لنا فى العشق جنات وبلدان واسواق |
﴿ ٦ ﴾