|
١٦ { قوارير من فضة } اى تكونت وحدثت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها ولين الفضة وبياضها يرى ما فى داخلها من خارجها فكان تامة وقوارير الاول حال من فاعل كانت على المبالغة فى التشبيه يعنى ان القوارير انما تتكون من الزجاج لا من الفضة فليس المعنى انها قوارير زجاجية متخذة من الفضة بل الحكم عيلها بانها قوارير وانها من فضة من باب التشبيه البليغ لانها فى نفسها ليست زجاجة الفضة لما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما انه قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة الا الاسماء فثبت ان آنية الجنة مباينة فى الحقيقة لقارورة الدنيا وفضتها ولان قارورة الدنيا سريعة الانكسار والهلاك وما فى الجنة لا يقبل ذلك وفضة الدنيا كثيفة الجوهر لا لطافة فيها وما فى الجنة ليس كذلك وان شارك كل واحد منهما الآخر فى بعض الاوصاف فشبهت بالفضة فى بياضها ونقائها وبقائها وبالقارورة فى شفافيتها وصفائها فهى حقيقة مغايرة لهما جامعة لاوصافهما وذلك كاف فى صحة اطلاق اسم القارورة والفضة عليها وعن ابن عباس رصى اللّه عنهما ان ارض الجنة من فضة واوانى كل ارض تتخذ من تربه تلك الارض ويستفاد من هذا الكلام وجه آخر لكون تلك الاكواب من فضة ومن قوارير وهو ان اصل القوارير فى الدنيا الرمل واصل قوارير الجنة هو فضة الجنة فكما ان الجنة قارورة صافية بالغرض من ذكر هذه الآية التنبيه على ان نسبة قارورة الجنة الى قارورة الدنيا كنسبة الفضة الرمل فكما انه لا نسبة بين هذين الاصلين فكذا بين القارورتين كذا فى حواشى ابن الشيخ قال بعضهم لعل الوجه فى اختيار كون كانت تامة مع امكان جعلها ناقصة وقوارير الاول خبرا بتكوين اللّه فيكون فيه تفخيم للآنية بكونها اثر قدرة اللّه تعالى وقوارير الثانى بدل من الاول فى سبيل الايضاح والتبيين اى قوارير مخلوقة من فضة والجملة صفة لاكواب وقرئ بتنوين قوارير الثانى ايضا وقرئا بغير تنوين وقرئ الثانى بالرفع على هى قوارير ثال ابن الجرزى وكلهم وقفوا عليه بالالف الا حمزة وورشا وانما صرفه من صرفه لانه وقع فى مصحف الامام بالألف وانما كتب فى المصحف بالألف لانه رأس آية فشابه القوافى والفواصل التى تزاد فيها الألف للوقف { قدروها تقديرا } صفة لقوارير ومعنى تقدير الشاربين المطاف عليهم لها أنهم قدروها فى أنفسهم وأرادوا أن تكون على مقادير واشكال معينة موافقة لشهواتهم فجاءت حسبما قدروها فان منتهى ما يريده الرجل فى الآأنية التى يشرب منها الصفاء فقد ذكره اللّه بقوله كانت قوارير وايضا النقاء فقد ذكره اللّه بقوله من فضة وايضا الشكل والمقدار فقد ذكره اللّه بقوله قدروها تقديرا او قدروها باعمالهم الحسنة فجاءت على حسبها وقيل الضمير للطائفين بها المدلول عليهم بقوله ويطاف عليهم اى قدرو اشرابها على اضمار المضاف على قدر استروآئهم وريهم من غير زيادة ولا نقصان وهو ألذ للشارب لكونه على مقدار حاجته فان طرفى الاعتدال مذمومان كما قال مجاهد لا فيض فيها ولا غيض اى لا كثرة ولا قلة وقال الضحاك على قدرا كف الخدم. |
﴿ ١٦ ﴾