٣

{ ليلة القدر } القيامها والعبادة فيها

{ خير من ألف شهر } اى من صيامها وقيامها ليس فيها ليلة القدر حتى لا يلزم تفضيل الشئ على نفسه فخير هنا اى افضل واعظم قدرا واكثر اجرا من تلك المدة وهى ثلاث وثمانون سنة واربعة اشهر وفى الحديث ( من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذبه وما تأخر ومن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) كما فى كشف الاسرار قال الخطابى قوله ايمانا واحتسابا اى بينية عزيمة وهو أن يصومه على التصديق والرغبة فى ثوابه طيبة به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول ايامه لعظم الثواب وقال البغوى قوله احتسابا اى طلبا لوجه اللّه وثوابه يقال فلان يحتسب الاخبار اى يطلبها كذا فى الترغيب والترهيب والمراد بالقيام صلاة التراويح وقال بعضهم المراد مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل قوله غفر له ما تقدم من ذنبه قيل المراد الصغائر وزاد بعضهم ويخفف من الكبائر اذا لم يصادف صغير وقوله وما تأخير هو كناية عن حفظهم من الكبائر بعد ذلك او معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة كذا فى شرح الترغيب المسمى بفتح القريب وقال سعيد بن المسيب من شهد المغرب والعشاء فى جماعة فقد اخذ حظه من ليلة القدر كما فى الكواشى ثم أن نهار ليلة القدر مثل ليلة القدر فى الخير وفيه اشارة الى أن ليلة القدر للعارفين خير من ألف شهر للعابدين لأن خزآئنه تعالى مملوءة من العبادات ولا قد الا للفناء واهله وللشهود واصحابه واختلفوا فى وقتها فاكثرهم على أنها فى شهر رمضان فى العشر الاواخر فى اوتارها لقوله عليه السلام ( التمسوها فى العشر الاواخر من رمضان ) فاطلبوها فى كل وتر وانما جعلت فى العشر الاخير الذى هو مظنة ضعف الصائم وفتوره فى العبادة ليتجدد جده فى العبادة رجاء ادراكها وجعلت فى الوتر لأن اللّه وتر يحب الوتر ويتجلى فى الوتر على ما هى مقتضى الذات الاحدية واكثر الاقوال انها السابعة لامارات واخبار تدل على ذلك احدها حديث ابن عباس رضى اللّه عنهما ان السورة ثلاثون كلمة قوله هى السابعة والعشرون منها ومنها ما قال ابن عباس ايضا ليلة القدر تسعة احرف وهو مذكور فى هذه السورة ثلاث مرات فتكون السابعة والعشرين ومنها انه كان لعثمان بن العاص غلام فقال يا مولاى ان البحر يعذب ماؤه ليلة من الشهر قال اذا كانت تلك الليلة فاعلمنى فاذا هىلسابعة والعشرون من رمضان ومن قال انها هى الليلة الاخيرة من رمضان استدل بقوله عليه السلام

( ان اللّه تعالى فى كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار يعتق ألف ألف عتيق من النار كلهم استوجبوا العذاب فاذا كان آخر ليلة من شهر رمضان اعتق اللّه فى تلك الليلة بعدد من اعتق من اول الشهر الى آخره ولأن الليلة الاولى كمن ولد له ذكر فهى ليلة شكر والليلة الاخيرة ليلة الفراق كمن مات له ولد فهى ليلة صبر ) وفرق بين الشكر والصبر فان الشاكر مع المزيد كقوله تعالى لئن شكرتم لازيدنكم والصابر مع اللّه لقوله تعالى ان اللّه مع الصابرين وعن عائشة رضى اللّه عنها أنها قالت سألت النبى عليه السلام لو وافقتها ماذا اقول قال ( قولى اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى وعنها ايضا لو ادركتها ما سألت اللّه الا العافية ) وفيه اشارة الى ما قال عليه السلام ( اللهم انى اسألك العفو والعافية والمعافاة فى الدين والدنيا والآخرة ) ولعل السر فى خفائها تحريض من يدريها لثواب الكثير باحياء الليالى الكثيرة رجاء لموافقتها

اى خواجه جه كويى زشب قدرنشانى ... هر شب شب قدرست اكر قدر بدانى

ونظيره اخفاء ساعة الاجابة فى يوم الجمعة والصلاة الوسطى فى الخمس واسمه الاعظم فى الاسماء ورضاه فى الطاعات حتى يرغبوا فى الكل وغضبه فى المعاصى ليحتروزا عن الكل ووليه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل

خورش ده بكنجشك وكبك وحمام ... كه يك روزت افتداهماى بدام

والمستجاب من الدعوات فى سائرها ليدعوه بكلها

جه هر كوشه تيرنياز افكنى ... اميدست كه ناكه كه صيدى زنى

ووقت الموت ليكون الملكف على احتياط فى جميع الاوقات وتسميتها بليلة القدر اما لتقدير الامور وقضائها فيها لقوله تعالى فيها يفرق كل امر حكيم اى اظهار تقديرها للملائكة بأن تكتبها فى اللوح المحفوظ والا فالتقدير نفسه ازلى فالقدر بمعنى التقدير وهو جعل الشئ على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبنا اقتضت الحكمة عن ابن عباس رضى اللّه عنهما ان اللّه قدر فيها كل ما يكون فى تلك السنة من مطر ورزق واحياء واماتة وغيرها الى مثل هذه الليلة من السنة الآيتة فيسلمه الى مدبرات الامور من الملائكة فيدفع نسخة الارزاق والنباتات والامطار الى ميكائيل ونسخة الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف الى جبرآئيل ونسخة الاعمال الى اسرافيل ونسخة المصائب الى ملك الموت

فكم من فتى يسمى ويصبح آمنا ... وقد نسجت اكفانه وهو لا يدرى

وكم من شيوخ ترتجى طول عمرهم ... وقد رهقت اجسادهم ظلمة القبر

وكم من عروس زينوها لزوجها ... وقد قبضت ارواحهم ليلة القدر

يقال ان ميكائيل هو الامين على الارزاق والاغذية المحسوسة ويقابله منك الكبد فهو الذى يعطى الغذآء لجميع البدن وكذل اسرافيل يغذى الاشباح بالارواح ويقابله منك الدماغ وجبرآئيل يغذى الرواوح بالعلوم والمعارف ويقابله منك العقل وكل محدث لا بدله من غذآئه فغذآه الجسم بالتأليف والعقل بالعلوم الضرورية والروح القدسى ايضا متعطش ولا يرتوى الا بالعلوم الالهية هذا

واما لخطرها وشرفها على سائر الليالى فالقدر بمعنى المنزلة والشرف اما باعتبار العامل على معنى أن من اتى بالطاعة فيها صار ذا قدر وشرف

واما باعتبار نفس العمل على معنى أن الطاعة الواقعة فى تلك الليلة لها قدر وشرف زآئد وعن ابى بكر الوراق رحمه اللّه سميت ليلة القدر لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر على لسان ملك ذى القدر لأمة لها قدر ولعله تعالى انما ذكر لفظ القدر فى هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب وقال الخليل رحمه اللّه سميت ليلة القدر اى ليلة الضيق لأن الارض تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق لأن الارض تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق كما فى قوله تعالى ومن قدر عليه رزقه وتخصيص الالف بالذكر اما للتكثير لأن العرب تذكر الالف فى غاية الاشياء كلها ولا تريد حقيقتها او لما روى أنه عليه السلام ذكر رجلا من بنى اسرآئيل اسمه شمسون لبس السلاح فى سبيل اللّه ألف شهر فتجب المؤمنون منه وتقاصرت اليهم عمالهم فاعطوا ليلة هى خير من مدة ذلك الغازى

وقيل ان الرجل فيما مضى كان لا يقال له عابد حتى يعبد اللّه الف شهر فاعطوا ليلة ان احيوها كانوا احق بان يسموا عابدين من اولئك العباد من اولئك العباد

وقيل رأى النبى عليه السلام اعمار الامم كافة فاستقصر اعمار امته فخاف ان لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم فى طول العمر فاعطاه اللّه ليلة القدر وجعلنا خيرا من ألف شهر لسائر الامم

وقيل كان ملك سليمان عليه السلام خمسمائة شهر وملك ذلى القرنين خمسمائة شهر فجعل اللّه العمل فى هذه الليلة لمن ادركها خيرا من ملكهما وروىعن الحسن بن على بن ابى طالب انه قال حين عوتب فى تسليمه الامر لمعاوية ان اللّه ارى نبيه عليه السلام فى المنام بنى امية بنزول على منبره القردة اى يثبون قاغتم لذلك فاعطاه اللّه ليلة القدر وهى خير له ولذريته لأهل بيته من ألف شهر وهى مدة ملك بنى امية واعلمه انهم يملكون امر الناس هذا القدر من الزمان ثم كشف الغيب ان كان من سنة الجماعة الى قتل مروان الجعدى خر ملوكهم هذا القدر من الزمان بعينه كما فى فتح الرحمن ودل كلام اللّه تعالى على ثبوت ليلة اقدر فمن قال ان فضلها كان لنزول القرءآن يقول انقطعت فكانت مرة والجمهور على انها باقية آتية فى كل سنة فضلا من اللّه ورحمة على عباده غير مختصة برمضان عند البعض وهو قول الامام ابى حنيفة رحمه اللّه وحضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر حتى لو علق احد طلاق امرأته او عتق عبده بليلة القدر فانه لا يحكم به الا بأن يتم الحول وعند الاكثرين مختصة به وكان عليه السلام اذا دخل العشر شد مئزره واحيى ليله وايقظ اهله وكان الصالحون يصلون فىليلة من العشر ركعتين بنية قيام ليلة القدر وعن بعض الاكابر من قرأ كل ليلة عرش آيات على تلك النية لم يحرم بركتها وثوابها قال الامام أبو الليث رحمه اللّه اقل صلاة ليلة القدر ركعتان واكثرها ألف ركعة واوسطها مائة ركعة واوسط القرآءة فى كل ركعة أن يقرأ بعد الفاتحة انا انزلناه مرة وقل هو اللّه احد ثلاث مرات ويسلم على كل ركعتين ويصلى على النبى عليه السلم بعد التسليم ويقوم حتى يتم ما اراد من مائة او اقل او اكثر ويكفى فى فضل صلاتها ما بين اللّه من جلالة قدرها وما اخبر به الرسول عليه السلام من فضيلة قيامها وصلاة التطوع بالجماعة جائزة من غير كراهة لو صلوا بغير تداع وهو الاذن والاقامة كما فى الفرآئض صرح بذلك كثير من العلماء قال شرح النقاية وغيره وفى المحيط لا يكره الاقتدآء بالمام فى النوافل مطلقا نحو القدر والرغائب وليلة النصف من شعبان ونحو ذلك لأن ما رأه المؤمنون حسنا فهو عند اللّه حسن فلا تلتفت الى قول من لا مذاق لهم من الطاعنين فانهم بمنزلة العنين لا يعرفون ذوق المناجاة وحلاوة الطاعات

هركس ازجلوه كل فهم معانى نكند ... شرح آن دفتر ننوشته زبلبل بشنو

﴿ ٣