|
٥ { ومن شر حاسد اذا حسد } الوقف ثم يكبر لان الوصل لا يخلو من الايهام اى اذا اظهر ما فى نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه ترتيب مقدمات الشر ومبادى الاضرار بالمحسود قولا او فعلا والتقييد بذلك ما ان ضرر الحسد قبله انما يحيق بالحاسد لا غير وفى الكشاف فان قلت فلم عرض بعض المستعاذ منه ونكر بعضه قلت عرف النفاثات لان كل نفاثة شريرة ونكر غاسق لان كل غاسق لا يكون فيه الشر انما يكون فى بعض درن بعض وكذلك كل حاسد لا يضر ورب حسد محمود وهو الحسد فى الخيرات ويجوز ان يراد بالحاسد قابيل لانه حسد اخاه هابيل والحسد الاسف على الخير عند الغير وفى فتح الرحمن تمنى زوال النعمة عن مستحقها سوآء كانت نعمة دين او دنيا وفى الحديث ( المؤمن يغبط والمنافق يحسد ) وعنه عليه السلام الحسد يأكل الحسنات كما تاكل النار الحطب واول ذنب عصى اللّه به فى السماء حسد ابليس لآدم فأخرجه من الجنة فطرد وصار شيطانا رجيما وفى الارض قابيل لاخيه هابيل فقتله قال الحسين بن الفضل رحمه اللّه ذكر اللّه الشرور فى هذه السورة ثم ختمها بالحسد ليظهر انه اخبث الطبائع كما قال ابن عباس رضى اللّه عنهما اكر درعالم ازحسد بدتر بودى ... ختم اين سوره بدان كردى حسد آتشى دان كه جون بر فروخت ... حسود لعين را همان لحظه سوخت كرفتم بصورت همه دين شوى ... حسدكى كذاردكه حق بين شوى وفيه اشارة الى حسد النفس الامارة اذا حسدت القلب وأرادت ان تطفئ نوره وتوقعه فى التلوين وكفران النعمة الذى هو سبب لزوالها وفى الحديث ان النبى عليه السلام قال لعتبة بن عامر رضى اللّه عنه ( ألم تر آيات انزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ) قوله ألم تر كلمة تعجب وما بعدها بيان لسبب التعجب يعنى لم يوجد آيات كلهن تعويذ غير هاتين السورتين وهما قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس وفى الحديث دليل على انهما من القرءآن ورد على من نسب الى ابن مسعود رضى اللّه عنه انهما ليستا منه وفى عين المعانى الصحيح انهما من القرءآن الا انهما لم تثبتا فى مصحفه للأمن من نستانهما لانهما تجريان على لسان كل انسان انتهى. اعلم ان مصحف عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه حذف منه ام الكتاب والمعوذتان ومصحف ابى بن كعب رضى اللّه عنه زيد فيه سورة القنوت ومصحف زيد بن ثابت رضى اللّه عنه كان سليما من ذلك فكان كل من مصحفى ابن مسعود وباى منسوخا ومصحف زيد معمولا به وذلك لانه عليه السلام كان يعرض القرءآن على جبرييل عليه السلام فى كل شهر رمضان مرة واحدة فلما كان العام الذى قبض فيه عرضه مرتين وكان قرآءة زيد من آخر العرض دون قرآءة ابى وابن مسعود رضى اللّه عنهما وتوفى عليه السلام وهو يقرأ على ما فى مصحف زيد ويصلى به قال عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه جميع سورة القرءآن مائة واثنتا عشرة سورة قال الفقيه فى البستان انما قال انها مائة واثنتا عشر سورة لانه اكن لا يعد المعوذتين من القرءآن وكان لا يكتبهما فى مصحفه يوقل انهما منزلتان من السماء وهما من كلام رب العالمين ولكن النبى عليه السلام كان يرقى ويعوذ بهما فاشتبه عليه انهما من القرءآن او ليستا منه فلم يكتبهما فى المصحف وقال مجاهد جميع سور القرءآن مائة وثلاث عشرة سورة وانما قال ذلك لانه كان يعد الانفال والتوبة سورة واحدة وقال ابى بن كعب رضى اللّه عنه جميع سورة القرءآن ماسة وست عشرة سورة وانما قال ذلك لانه كان يعد القنوت سورتين احداهما من قوله اللهم انا نستعينك الى قوله من يفجرك والثانية من قوله اللهم اياك نعبد الى قوله ملحق وقال زيد بن ثابت رضى اللّه عنه جميع سور القرءآن مائة واربع عشرة سورة وهذا قول عامة الصحابة رضى اللّه عنهم وهكذا فى مصحف الامام عثمان بن عفان رضى اللّه عنه وفى مصاحف اهل الامصار فالمعوذتان سورتان من القرءآن روى ابو معاوية عن عثمان بن واقد قال ارسلنى ابى الى محمد بن المنكدر وسأله عن المعوذتين اهما من كتب اللّه قال من لم يزعم انهما من كتاب اللّه فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس اجمعين وفى نصاب الاحتساب لو أنكر آية من القرءآن سوى المعوذتين يكفر انتهى وفى الاكمل عن سفيان بن سختان من قال ان المعوذتين ليستا من القرءآن لم يكفر لتأويل ابن مسعود رضى اللّه عنه كما فى المغرب للمطرزى وقال فى هدية المهديين وفى انكار قرءآنية المعوذتين اختلاف المشايخ والصحيح انه كفر انتهى |
﴿ ٥ ﴾