١٠

قوله تعالى { في قلوبهم مرض } يعني شكا ونفاقا وظلمة وضعفا لأن المريض يكون فيه فترة ووهن والشاك أيضا في أمره فترة وضعف وعبر بالمرض عن الشك لأن المنافقين فيهم ضعف ووهن ألا ترى إلى قوله تعالى { يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو } المنافقون٤ ويقال إن المريض يعرض للّهلاك فسمي النفاق مرضا لأن النفاق يهلك صاحبه

ثم قال تعالى { فزادهم اللّه مرضا } وهذا اللفظ يحتمل معنين يحتمل الخبر عن الماضي ويحتمل الدعاء فإن كان المراد به الخبر فمعناه في قلوبهم مرض فزادهم اللّه مرضا إلى مرضهم كما قال آية أخرى { فزادتهم رجسا إلى رجسهم } التوبة ١٢٥ لأن كل سورة نزلت يشكون فيها فكان ذلك زيادة المرض لهم وللمؤمنين زيادة اليقين وإن كان المراد به الدعاء فمعناه فزادهم اللّه مرضا على مرضهم على وجه الذم والطرد لهم كما قال في آية أخرى { قتلهم اللّه } التوبة ٣٠

فإن قيل كيف يجوز أن يحمل على وجه الدعاء وإنما يحتاج إلى الدعاء عند العجز

قيل له هذا تعليم من اللّه تعالى أنه يجوز الدعاء على المنافقين والطرد لهم لأنهم شر خلق اللّه تعالى ولأنه وعد لهم يوم القيامة الدرك الأسفل من النار

ثم قال { ولهم عذاب أليم } يعني مؤلما أي عذاب وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم قوله { بما كانوا يكذبون } يعني مجازاة لتكذيبهم قرأ حمزة وابن عامر { فزادهم اللّه } بكسر الزاي وهي لغة لبعض العرب وقرأ أبو عمرو وعاصم بالفتح وهي اللغة الظاهرة وقرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي { يكذبون } بتخفيف الذال وقرأ الباقون بتشديد الذال فمن قرأ بالتخفيف معناه بما كانوا يكذبون بقولهم إنهم مؤمنون وجحدوا في السر لأنهم كفروا باللّه وبمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم في السر ومن قرأ بالتشديد فمعناه بما كانوا يكذبون يعني ينسبون محمدا إلى الكذب ويجحدون نبوته

﴿ ١٠