٢٤٣

قوله تعالى { ألم تر إلى الذين خرجوا } يقول ألم تخبر وهذا على سبيل التعجب كما يقال ألا ترى إلى ما صنع فلان ويعنى { ألم تر } ويقال ألم تعلم ويقال ألم ينته إليك خبرهم أي الآن نخبرك عنهم قال ابن عباس رضي اللّه عنه وذلك أن ملكا من ملوك بني إسرائيل أمر الناس بالخروج إلى الغزو فخرجوا فبلغهم أن في ذلك الموضع طاعونا فامتنعوا عن الخروج إلى هناك ونزلوا في موضعهم فهلكوا كلهم فبلغ خبرهم إلى بني إسرائيل فخرجوا ليدفنوهم فعجزوا عن ذلك لكثرتهم فحظروا عليهم الحظائر ثم أحياهم اللّه تعالى بعد ثمانية أيام وبقيت منهم بقايا لم تحيى

وقال بعضهم بلغهم أن هناك للعدو شوكة وقوة فامتنعوا عن الخروج إليهم فأهلكهم اللّه تعالى

وقال بعضهم أن أرضا كان وقع بها الوباء فخرج الناس منها هاربين فنزلوا منزلا فماتوا كلهم فمر بهم نبي يقال له حزقيل عليه السلام فقال الحمد للّه القادر الذي يحيي هذه النفوس البالية ليعبدوه فدعا لهم فأحياهم اللّه تعالى فذلك

قوله تعالى { إلم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف } قال ابن عباس في رواية الكلبي وفي رواية الضحاك ثمانية آلاف ويقال سبعون ألفا ويقال ثمانية عشر ألفا

وقال بعضهم { وهم ألوف } كما قال اللّه تعالى ولا يعرف كم عددهم إلا اللّه { حذر الموت } يعني خرجوا من ديارهم مخافة الموت { فقال لهم اللّه موتوا } يعني أماتهم اللّه { ثم أحياهم إن اللّه لذو فضل على الناس } يعني على أولئك الكفار حين أحياهم يقال هو ذو من على جميع الناس ويقال على الذين أحياهم { ولكن أكثر الناس لا يشكرون } رب هذه النعمة يعني الكفار ويقال على الذين أحياهم

وفي هذه الآية دلالة نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم حيث أخبر عمن قبله ولم يكن قرأ الكتب فظهر ذلك عند اليهود والنصارى وعرفوا أنه حق وفي هذه الآية إبطال قول من يقول إن الإحياء بعد الموت لا يجوز وينكر عذاب القبر لأن اللّه تعالى يخبر أنه قد أماتهم ثم أحياهم

﴿ ٢٤٣