١٠٦

ثم بين منازل الذين تفرقوا والذين لم يتفرقوا فقال عز وجل { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } يعني يوم القيامة حين يبعثون من قبورهم تكون وجوه المؤمنين مبيضة ووجوه الكفار مسودة ويقال إن ذلك عند قراءة الكتاب إذا قرأ المؤمن كتابه فرأى في كتابه حسنات استبشر وابيض وجهه وإذا قرأ الكافر والمنافق كتابه فرأى في كتابه سيئات اسود وجهه ويقال إن ذلك عند الميزان إذا رجحت حسناته ابيض وجهه وإذا رجحت سيئاته اسود وجهه ويقال عند قوله { وامتزوا اليوم أيها المجرمون } يس ٥٩ ويقال إذا كان يوم القيامة

يؤمر كل قوم بأن يجتمعوا إلى معبودهم فإذا انتهوا إليه حزنوا واسودت وجوههم فيبقى المؤمنون وأهل الكتاب والمنافقون فيقول اللّه تعالى للمؤمنين من ربكم فيقولون ربنا اللّه عز وجل فيقول لهم أتعرفونه إذا رأيتموه فيقولون سبحانه إذا عرفنا عرفناه فيرونه كما شاء اللّه تعالى فيخر المؤمنون سجدا للّه تعالى فتصير وجوههم مثل الثلج بياضا وبقي المنافقون وأهل الكتاب لا يقدرون على السجود فحزنوا واسودت وجوههم فذلك قوله تعالى { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } { فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم } يعني يقال لهم أكفرتم ولكن حذف القول لأن في الكلام دليلا عليه { بعد إيمانكم } يعني يوم الميثاق قالوا بلى يعني المرتدين والمنافقين ويقال هذا لليهود وكانوا مؤمنين بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن يبعث فلما بعث كفروا به وقال أبو العالية هذا للمنافقين خاصة يقول أكفرتم في السر بعد إيمانكم مع إقراركم في العلانية { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن

حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا محم بن صاعد حدثنا عباد بن الوليد قال حدثنا محمد بن عباد الهنائي قال حدثنا حميد بن الخياط قال سألت أبا العالية عن هذه الآية { فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم } فقال حدثنا أبو أمامة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال إنهم الخوارج وسألته عن قوله { لا تتخذوا بطانة من دونكم } آل عمران ١١٨ قال سمعته قال إنهم الخوارج

﴿ ١٠٦