٦منامها كأن راكبا أقبل على بعير أورق ومعه راية سوداء فدخل المسجد الحرام ثم نادى بأعلى صوته يا آل فلان يا آل فلان إنفروا إلى مصارعكم إلي ثلاث ثم إرتقى على أبي قبيس ونادى ثلاث مرات ثم قلع صخرة من أبي قبيس فرماها على أعلى مكة فتكسرت فلم يبق أحد من قريش إلا أصابته فلقة منها فلما أصبحت قصت رؤياها على أخيها العباس وقالت إني خاف أن يصيب قومك سوء فاغتم العباس بما سمع منها وذكر العباس ذلك للوليد بن عتبة وكان صديقا له فذكر الوليد ذلك لأبيه عتبة بن ربيعة فذكر ذلك عتبة لأبي جهل بن هشام وفشا ذلك الحديث في قريش فخرج العباس إلى المسجد وقد إجتمع فيه صناديد قريش يتحدثون عن رؤيا عاتكة فقال أبو جهل يا أبا الفضل متى حدثت فيكم هذه النبية أما رضيتم أن قلتم منا نبي حتى قلتم منا نبية فواللّه لننتظرن بكم ثلاثا فإن جاء تأويل هذه الرؤيا وإلا كتبنا عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب فقال له العباس يا كذاب يا مصفر الاست تااللّه أنت أولى بالكذب واللؤم منا فلما كان اليوم الثالث جاء ضمضم وقد شق قميصه وجدع أذن ناقته وجعل التراب على رأسه وهو ينادي يا معشر قريش الغوث الغوث أدركوا عيركم فقد عرض لها محمد صلى اللّه عليه وسلم فاجتمعوا وخرجوا وهم كارهون مشفقون لرؤيا عاتكة ومعهم القينات والدفوف بطرا ورياء كما قال اللّه تعالى { خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس } [ الأنفال : ٤٧ ] وكل يوم يطعمهم واحد من أغنيائهم وخرج النبي صلى اللّه عليه وسلم من المدينة وأمر أصحابه بالخروج فخرج معه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار فخرجوا على نواضحهم ليس لهم ظهر غيرها ومعهم ثلاثة أفراس ويقال فرسان فخرجوا بغير قوت ولا سلاح لا يرون أنه يكون ثمة قتالا فلما نزلوا بالروحاء نزل جبريل على محمد صلى اللّه عليه وسلم فأخبره بخروج المشركين من مكة إلى عيرهم وقال يا محمد إن اللّه تعالى وعدكم إحدى الطائفتين إما العير وأما العسكر فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم أصحابه بخروج المشركين من مكة إلى عيرهم فشق ذلك على بعضهم وقالوا يا رسول اللّه هلا كنت أخبرتنا أنه يكون ثم قتالا فنخرج معنا سلاحنا وقسينا وفرسنا إنما خرجنا نريد العير والعير كانت أهون شوكة وأعظم غنيمة فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه أشيروا علي فكان أبو بكر وعمر يشيران عليه بالمسير وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول أشيروا علي وكان يحب أن يكلمه الأنصار فقال سعد بن معاذ يا رسول اللّه إمض حيث شئت وأقم حيث شئت فواللّه لئن أمرتنا أن نخوض في البحر لنخوضنه ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى { فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون } [ المائدة : ٢٤ ] ولكن نقول إذهب أنت وربك فقاتلا ونحن معكما متبعون فنزل { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق } يعني إمض من الروحاء { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق } { وإن فريقا من المؤمنين لكارهون } يعني القتال { يجادلونك في الحق } يخاصمونك في الحرب { بعدما تبين } يعني بعد ما تبين لهم أنك لا تصنع إلا ما أمرك اللّه به { كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون } يعني ينظرون إلى القتل |
﴿ ٦ ﴾