٤٨قوله تعالى { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم } يعني مسيرهم ومعناه أن خروجهم لما كان للشيطان { زين لهم الشيطان أعمالهم } وذلك أن أهل مكة لما وجدوا العير أرادوا الرجوع إلى مكة فأتاهم إبليس على صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني فقال لهم لا ترجعوا حتى تستأصلوهم فإنكم كثير وعدوكم قليل ثم قال { وقال لا غالب لكم اليوم من الناس } يعني لا يطيقكم أحد لكثرتكم وقوتكم { وإني جار لكم } يعني معين لكم وهؤلاء بنو كنانة تأتيكم وهم على أثرى { فلما تراءت الفئتان } يعني إجتمع الجمعان جمع المؤمنين وجمع المشركين { نكص على عقبيه } يعني راجعا وراءه فقال له الحارث بن هشام أين ما ضمنت لنا { وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون } فقال له الحارث وهل ترى إلا جعاشيش أهل يثرب والجعاشيش جمع جعشوش وهو الرجل الحقير الدميم القصير فقال { إني أخاف اللّه واللّه شديد العقاب } قال ابن عباس خاف إبليس أن يأخذه جبريل أسيرا فيعرفه الناس فيراه الكفار فيعرفونه بعد ذلك فلا يطيعونه ولم يخف على نفسه الموت والقتل لأنه كان يعلم أن له بقاء إلى يوم ينفخ في الصور قال إبليس { إني أرى ما لا ترون } أي أرى جبريل معتجرا بردائه يقود الفرس فلما تولى قالوا هزم الناس سراقة فسار سراقة بعد رجوعهم إلى مكة وقال واللّه ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم فقالوا له ألم تأتنا يوم كذا وكذا فحلف أنه لم يحضر فلما أسلموا علموا أنه كان إبليس وقال مقاتل لم يجتمع جمع قط منذ كانت الدنيا أكثر من يوم بدر وذلك إن إبليس جاء بنفسه وحضرت الشياطين وحضر كفار الجن كلهم وتسعمائة وخمسين من المشركين وثلاثمائه عشر من المؤمنين وتسعون من مؤمني الجن وألفا من الملائكة وروي عن الحسن البصري أنه كان إذا قرأ هذه السورة كان يقول طوبى لجيش كان قائدهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومبارزهم أسد اللّه وجهادهم طاعة اللّه ومددهم ملائكة اللّه وجاسوسهم أمين اللّه وثوابهم رضوان اللّه |
﴿ ٤٨ ﴾