٢٢

قوله تعالى { هو الذي يسيركم في البر والبحر } يعني يحملكم في البر على الدواب وفي البحر على السفن ويقال هو الذي يحفظكم إذا سافرتم في بر أو بحر قرأ إبن عامر { ينشركم } بالنون والشين من النشر يعني يبثكم والقراءة المعروفة { يسيركم } من التسيير يعني يسهل لكم السير { حتى إذا كنتم في الفلك } يعني في السفن { وجرين بهم بريح } يقال للسفينة الواحدة جرت وللجماعة جرين وإسم الفلك يقع على الواحد وعلى الجماعة ويكون مذكرا إذا أريد به الواحد ومؤنثا إذا أريد به الجماعة كقوله { في الفلك المشحون } [ يس : ٤١ ] وقال { والفلك التي تجري في البحر } [ البقرة : ١٦٤ ] ذكرا بلفظ التأنيث مرة وبلفظ التذكير مرة وفيه الدليل أن الكلام يكون بعضه على وجه المخاطبة وبعضه على وجه المغايبة كما قال ها هنا { حتى إذا كنتم في الفلك } ذكر بلفظ المخاطبة

ثم قال { وجرين بهم } بلفظ المغايبة بريح { طيبة } يعني لينة ساكنة { وفرحوا بها } بالريح الطيبة { جاءتها } يعني السفينة { ريح عاصف } يعني شديدة { وجاءهم الموج من كل مكان } يعني من كل ناحية { وظنوا أنهم أحيط بهم } يعني علموا وأيقنوا أنه قد دنا هلاكهم وقال القتبي وأصل هذا أن العدو إذا أحاط بالقرية يقال دنا أهلها من الهلكة قال اللّه تعالى { وأحيط بثمره } [ الكهف : ٤٢ ] فصار ذلك كناية عن الهلاك { دعوا اللّه مخلصين له الدين } يعني إذا دنا هلاكهم أخلصوا للّه تعالى يعني بالدعاء وقالوا { لئن أنجيتنا من هذه } يعني من هذه الريح العاصف ويقال من هذه الأهوال { لنكونن من الشاكرين } يعني من الموحدين المطيعين { فلما أنجاهم إذا هم يبغون } يعني يعصون { في الأرض بغير الحق } يعني الدعاء إلى غير عبادة اللّه تعالى والعمل بالمعاصي والفساد

﴿ ٢٢