سورة الرعد

وهي أربعون وخمس آيات كلها مكية غير آيتين قوله تعالى { ولا يزال الذين كفروا } { ومن عنده علم الكتاب } ويقال كلها مكية

١

قوله تعالى { المر } قال ابن عباس أنا اللّه أعلم وأرى ويقال معناه أنا اللّه أعلم وأرى ما تحت العرش إلى الثرى وما بينهما ويقال أنا اللّه أعلم وأرى ما لا يعلم الخلق وما لا يرى ويقال أنا اللّه أعلم وأرى ما يعملون ويقولون ويقال هذا قسم أقسم اللّه به { تلك آيات الكتاب } قال قتادة يعني التي قبل القرآن من التوراة والإنجيل { والذي } يعني القرآن { أنزل إليك من ربك الحق } يعني الكتب التي قبل القرآن والقرآن الذي أنزل إليك كله من اللّه تعالى وهو الحق والإيمان به واجب وقال ابن عباس { تلك آيات الكتاب } يعني تلك آيات القرآن ومعناه هذه آيات الكتاب { والذي أنزل من ربك هو الحق } يعني القرآن

ويقال { تلك آيات الكتاب } يعني الأحكام والحجج والدلائل { والذي أنزل إليك } يعني جبريل ليقرأ عليك من ربك الحق يعني اتبعوه واعملوا به { ولكن أكثر الناس } يعني أهل مكة { لا يؤمنون } يعني لا يصدقون أنه من اللّه تعالى

٢

فلما ذكر أنهم لا يؤمنون بين في الدلائل التي توجب التصديق بالخالق

فقال تعالى { اللّه الذي رفع السموات بغير عمد ترونها } يعني ليس لها عمد ترونها يعني بلا عمد تبصرونها وهذا قول الحسن وقتادة وقال ابن عباس وسعيد بن جبير معناه لها عمد ولكن لا ترونها يعني أنتم ترونها بغير عمد في المشاهدة ولكن لها عمد وكلا التفسيرين معناهما واحد لأن من قال إن لها عمدا ولكن لا ترونها يقول العمد هو قدرة اللّه تعالى التي تمسك السموات والأرض

{ ثم استوى على العرش } قال ابن عباس كان فوق العرش حين خلق السموات والأرض وقد ذكرناه من قبل { وسخر الشمس والقمر } يعني ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل وذلك لبني آدم { كل يجري لأجل مسمى } يقول يسير إلى وقت معلوم لا يجاوزه وللشمس والقمر منازل كل واحد منهما يغرب في كل ليلة في منزل ويطلع في منزل حتى ينتهي إلى أقصى منازله { يدبر الأمر } يعني يقضي القضاء ويبعث الملائكة بالوحي والتنزيل { يفصل الآيات } يقول يبين العلامات في القرآن { لعلكم بلقاء ربكم توقنون } يعني تصدقون بالبعث

٣

قوله تعالى { وهو الذي مد الأرض } يعني بسط الأرض من تحت الكعبة على الماء وكانت تكفي بأهلها كما تكفي السفينة فأرساها اللّه بالجبال الثقال وهو قوله تعالى { وجعل فيها رواسي } يعني الجبال الثوابت من فوقها { وأنهارا } يعني خلق في الأرض أنهارا { ومن كل الثمرات } يعني خلق فيها من ألوان كل الثمرات { جعل فيها زوجين إثنين } يعني خلق من كل شيء لونين من الثمار حلوا وحامضا ومن الحيوان ذكرا وأنثى

 { يغشي الليل النهار } يعني يعلو الليل على النهار ويعلو النهار على الليل واقتصر بذكر أحدهما إذا كان في الكلام دليل عليه قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر { يغشي } بنصب الغين وتشديد الشين وقرأ الباقون بالجزم والتخفيف ثم بين أن ما ذكر من هذه الأشياء فيه برهان وعلامات لمن تفكر فيها فقال { إن في ذلك } يعني فيما ذكر من صنعه { لآيات } يعني لعبرات { لقوم يتفكرون } في إختلاف الليل والنهار فيوحدونه ثم بين أن في الأرض علامات كثيرة ودلائل كثيرة لوحدانيته لمن له عقل سليم

٤

فقال تعالى { وفي الأرض قطع متجاورات } يعني بالقطع الأرض السبخة والأرض العذبة { متجاورات } يعني ملتصقات متدليات قريبة بعضها من بعض فتكون أرضا سبخة وتكون إلى جنبها أرض طيبة جيدة

وقال قتادة { قطع متجاورات } أي قرى متجاورات ويقال العمران والخراب والقرى والمفاوز { وجنات من أعناب } يعني الكروم { وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان } قرأ بعضهم بضم الصاد وقراءة العامة بالكسر وهما لغتان ومعناهما واحد

قال مجاهد وقتادة الصنوان النخلة التي في أصلها نخلتان وثلاث أصلهن واحد

وقال الضحاك يعني النخل المتفرق والمجتمع ويقال { صنوان } النخلة التي بجنبها نخلات { وغير صنوان } يعني المنفردة

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال لا تؤذوني في العباس فإن بقية آبائي وإن عم الرجل صنو أبيه قرأ إبن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص { وزرع ونخيل صنوان } كلها بالضم على معنى الإبتداء وقرأ الباقون بالكسر على معنى النعت للجنات ويقال على وجه المجاورة لأن الزرع لا يكون في الجنات

ثم قال { يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل } يعني أن الماء والتراب واحد وتكون الثمار مختلفة في ألوانها وطعومها فدل على نفسه وبراهينه على من ضل عنه لأنه لو كان ظهور الثمار بالماء والتراب لوجب في القياس أن لا تختلف الألوان والطعوم ولا يقع التفاضل في الجنس الواحد إذا ثبت في مغرس واحد وسقي بماء واحد ولكنه صنع اللطيف الخبير

وقال مجاهد هذا مثل لبني آدم أصلهم من أب واحد ومنهم صالح ومنهم خبيث

ثم قال تعالى { إن في ذلك } يعني فيما ذكر { لآيات لقوم يعقلون } أنه من اللّه تعالى قرأ حمزة والكسائي { يسقى } بالياء و { يفضل } بالياء وقرأ عاصم وابن عامر في إحدى الروايتين { يسقى } بالياء بلفظ التذكير { ونفضل } بالنون وقرأ الباقون { تسقى } بالتاء { ونفضل } بالنون

٥

ثم قال تعالى { وإن تعجب فعجب قولهم } قال الكلبي يعني إن تعجب من تكذيب أهل مكة لك وكفرهم باللّه { فعجب قولهم } يقول أعجب من ذلك قولهم { أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد } وقال مقاتل { وإن تعجب } مما أوحينا إليك من القرآن فعجب قولهم { أئذا كنا ترابا } { أئنا لفي خلق جديد } إكذابا منهم بالبعث قرأ الكسائي { أإذا } بهمزتين على وجه الإستفهام وقرأ عاصم وحمزة كليهما بهمزتين وقرأ أبو عمرو { آيذا } بهمزة واحدة مع المد وكذلك في قوله { آينا } بالمد وقرأ إبن كثير { أيذا } بالياء وكذلك { أينا } وقرأ ابن عامر { إيذا كنا } بهمزة واحدة بغير إستفهام { أينا } بالهمزة والمد قال لأنهم لم يشكوا في الموت وإنما شكوا في البعث فينبغي أن يكون الإستفهام في الثاني دون الأول

ثم قال تعالى { أولئك الذين كفروا بربهم } يعني جحدوا بوحدانية اللّه تعالى { وأولئك الأغلال في أعناقهم } يعني تغل أيمانهم على أعناقهم بالحديد في النار { وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } أي دائمون فيها ولا يخرجون منها

٦

قوله تعالى { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } قال ابن عباس سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يأتيهم العذاب إستهزاء منهم بذلك فنزل { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } يعني بالعذاب قبل العافية { وقد خلت من قبلهم المثلات } يعني قد مضت من قبلهم العقوبات والنقمات قبل قريش فيمن هلك وأصل المثلة الشبه وما يعتبر به وجمعه المثلات { وإن ربك لذو مغفرة } يقول تجاوز { للناس على ظلمهم } يعني على شركهم إن تابوا ويقال بتأخير العذاب عنهم { وإن ربك لشديد العقاب } لمن مات منهم على شركه

٧

قوله تعالى { ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه } يعني هلا أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم علامة من ربه لنبوته

قال اللّه تعالى { إنما أنت منذر } يعني مخوفا ومبلغا لهذه الأمة الرسالة { ولكل قوم هاد } قال الكلبي داع يدعوهم إلى الضلالة أو إلى الحق وقال الضحاك يعني { إنما أنت منذر } وأنا الهادي وقال سعيد بن جبير الهادي هو اللّه وقال عكرمة محمد صلى اللّه عليه وسلم هو النذير وهو الهادي يعني يدعوهم إلى الهدى { ولكل قوم هاد } وقال مجاهد يعني لكل قوم نبي قرأ إبن كثير { هادي } بالياء عند الوقف وكذلك قوله { ما لك من اللّه من ولي ولا واق } [ الرعد : ٣٧ ] وقرأ الباقون بغير ياء

٨

قوله تعالى { اللّه يعلم ما تحمل كل أنثى } ذكرا أو أنثى ويعلم ما في الأرحام سويا أو غير سوي ثم قال { وما تغيض الأرحام } يعني ما تنقص الأرحام من تسعة أشهر في الحمل { وما تزداد } يعني على التسعة أشهر في ذلك الحمل { وكل شيء عنده بمقدار } قال قتادة رزقهم وأجلهم وقال ابن عباس من الزيادة والنقصان والمكث في البطن والخروج كل ذلك بمقدار قدره اللّه تعالى فلا يزيد ولا ينقص على ذلك

وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى { وما تغيض الأرحام } يعني الحامل إن ترى الدم نقص من الولد وإن لم تر الدم يزيد في الولد وروى أسباط عن السدي قال إن المرأة إذا حملت واحتبس حيضها كان ذلك الدم رزقا للولد فإذا حاضت على ولدها خرج وهو أصغر من الذي لم تحض عليه { وما تغيض الأرحام } وهي الحيضة التي على الولد { وما تزداد } فحين يستمسك الدم فلا تحيض وهي حبلى قال الفقيه هذا الذي قال السدي إن الحامل تحيض إنما هو على سبيل المجاز لأن دم الحامل لا يكون حيضا ولكن معناه إذا سال منها الدم فيكون ذلك استحاضه

قال حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا ابن خزيمة قال حدثنا علي قال حدثنا اسماعيل عن عبد اللّه بن دينار أنه سمع إبن عمر رضي اللّه عنه يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مفتاح الغيب خمس لا يعلمها إلا اللّه لا يعلم ما تغيض الأرحام أحد إلا اللّه ولا يعلم ما في غد أحد إلا اللّه ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا اللّه ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا اللّه ولا يعلم أحد متى تقوم الساعة إلا اللّه تعالى

٩

ثم قال تعالى { عالم الغيب والشهادة } يعني ما غاب عن العباد وما شاهدوه ويقال عالم بما كان وبما لم يكن ويقال عالم السر والعلانية { الكبير المتعال } يعني هو أكبر وأعلى من أن تكون له صاحبة وولد

١٠

قوله تعالى { سواء منكم من أسر القول } يعني سواء عند اللّه من أسر القول { ومن جهر به } يعني من أخفى العمل ومن أعلن بالعمل { ومن هو مستخف بالليل } يعني في ظلمة الليل { وسارب بالنهار } أي منصرف في حوائجه يقال سرب يسرب إذا انصرف ومعناه المختفي والظاهر عنده سواء وقال مجاهد المستخفي بالمعصية والسارب يعني الظاهر بالمعاصي { له معقبات } قال ابن عباس له حافظات { من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه } يعني بأمر اللّه حتى ينتهوا به إلى المقادير فإذا جاءت المقادير خلوا بينه وبين المقادير المعقبات يعني الملائكة يعقب بعضهم بعضا في الليل والنهار إذا مضى فريق يخلفه بعده فريق

وروي عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة

١١

 { له معقبات } قال الملائكة يتعاقبون بالليل والنهار { يحفظونه من أمر اللّه } يعني بأمر اللّه ويقال للمؤمن طاعات وصدقات { يحفظونه من أمر اللّه } أي من عذاب اللّه عند الموت وفي القبر وفي يوم القيامة

ثم قال { إن اللّه لا يغير ما بقوم } يعني لا يبدل ما بقوم من النعمة التي أنعمها عليهم { حتى يغيروا } يقول يبدلوا { ما بأنفسهم } بترك الشكر قال مقاتل { إن اللّه لا يغير ما بقوم } يعني كفار مكة نظيرها في الأنفال { ذلك بأنهم إستحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن اللّه لا يهدي القوم } [ الأنفال : ٥٣ ] إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف فلم يعرفوها فغير ما بهم فجعل ذلك لأهل المدينة قال الفقيه أبو الليث رحمه اللّه في الآية تنبيه لجميع الخلق ليعرفوا نعمة اللّه عليهم ويشكروه لكيلا تزول عنهم النعم

ثم قال تعالى { وإذا أراد اللّه بقوم سوءا فلا مرد له } يعني إذا أراد بهم عذابا أو هلاكا فلا مرد لقضائه { وما لهم من دونه من وال } يعني ليس لهم من عذابه ولي ولا قريب يمنعهم ولا ملجأ يلجؤون إليه

١٢

قوله تعالى { هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا } يعني خوفا للمسافر وطمعا للمقيم الحاضر ويقال { خوفا } لمن يخاف ضرر المطر { وطمعا } لمن يحتاج إلى المطر لأن المطر يكون لبعض الأشياء ضررا ولبعضها رحمة

ثم قال { وينشىء السحاب الثقال } يعني يخلق السحاب الثقال من الماء

١٣

قوله تعالى { ويسبح الرعد بحمده } يعني بأمره قال حدثنا عمرو بن محمد قال حدثنا أبو بكر الواسطي قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا وكيع عن عمرو بن أبي زائدة أنه قال سمعت عكرمة يقول الرعد ملك يزجر السحاب بصوته كالحادي بالإبل

وروى وكيع عن المسعودي عن سلمة بن كهيل أنه سئل عن الرعد فقال هو ملك يزجر السحاب وسئل عن البرق فقال هو مخاريق بأيدي الملائكة وسئل وهب بن منبه عن الرعد فقال ثلاث ما أظن أحدا يعلمهن إلا اللّه عز وجل الرعد والبرق والغيث وما أدري من أين هن وما هن فقيل له { أنزل من السماء ماء } قال نعم ولا ندري أنزل من السماء أو من السحاب فتلقحت فيه أو يخلق في السحاب فيمطر وسمى السحاب سماء

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه سئل عن الرعد فقال هو ملك في السماء واسمه الرعد والصوت الذي يسمع هو زجر السحاب ويؤلف بعضه إلى بعض فيسوقه

ثم قال { والملائكة من خيفته } يقول يسبح الملائكة كلهم خائفين للّه تعالى { ويرسل الصواعق } وهي نار من السماء لا دخان لها { فيصيب بها من يشاء } من خلقه { وهم يجادلون في اللّه وهو شديد المحال } قال ابن عباس يعني اللّه تعالى { شديد المحال } ويقال أصله في اللغة الحيلة وقال قتادة يعني الحيلة والقوة للّه ويقال هو شديد القدرة والعذاب ويقال { المحال } في اللغة هو الشدة

وقال بعضهم هو كناية عن الذي يجادل ويكون معناه { فيصيب بها من يشاء } { وهم يجادلون في اللّه } يعني يصيبهم في حال جدالهم وقال مجاهد جاء يهودي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال يا محمد أخبرني من أي شيء ربك أمن لؤلؤ هو

فأرسل اللّه عليه صاعقة فقتلته فنزل { وهم يجادلون في اللّه وهو شديد المحال } يعني شديد العداوة وقال قتادة دخل عامر بن الطفيل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال أسلم على أن لك المدر ولي الوبر يعني لك ولاية القرى ولي ولاية البوادي فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم أنت من المسلمين لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم قال عامر لك الوبر ولي المدر فأجابه بمثل ذلك قال عامر ولي الأمر من بعدك فأجابه بمثل ذلك فغضب عامر وقال لأملأنها عليك رجالا ألفا رجل أشعر وألفا أمرد فخرج ولقي أربد بن قيس فقال له ادخل على محمد والهه بالكلام حتى أدخل فأقتله فدخلا عليه فجعل عامر يسأله ويقول أخبرنا يا محمد عن إلهك أمن ذهب هو أم من فضة فلما طال حديثه قاما وخرجا فقال عامر مالك لم تقتله قال كلما أردت أن أقتله وجدتك بيني وبينه فجاء جبريل فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك فدعا عليه فأصابته صاعقة فقتلته فنزل { ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في اللّه وهو شديد المحال }

١٤

قوله تعالى { له دعوة الحق } يعني كلمة الإخلاص لا إله إلا اللّه يدعو الخلق إليها ويقال معناه له على العباد دعوة الحق أن يدعوه فيجيبهم { والذين يدعون من دونه } يعني الأصنام والأوثان { لا يستجيبون لهم بشيء } يقول لا ينفعهم بشيء { إلا كباسط كفيه } يعني كماد يديه { إلى الماء ليبلغ فاه } والعرب تقول لمن طلب شيئا لا يجده هو كقابض الماء يعني كمن هو مشرف يدعو الماء بلسانه ومشرف يدعو الماء بلسانه فلا يجيبه أبدا أو يشير باليد { وما هو ببالغه } يقول فلا يناله أبدا وقال مجاهد كالذي يشير بيده إلى الماء فيدعوه بلسانه فلا يجيبه أبدا هذا مثل ضربه اللّه تعالى للمشرك الذي عبد مع اللّه إلها آخر أنه لا يجيبه الصنم ولا ينفعه كمثل العطشان الذي ينظر إلى الماء من بعيد ولا يقدر عليه { وما دعاء الكافرين } يقول ما عبادة أهل مكة { إلا في ضلال } يضل عنهم إذا احتاجوا إليه في الآخرة

١٥

قوله تعالى { وللّه يسجد من في السموات والأرض } من الخلق { طوعا وكرها } قال قتادة أما المؤمن فيسجد للّه طائعا وأما الكافر فيسجد كرها ويقال أهل الإخلاص يسجدون للّه طائعين وأهل النفاق يسجدون له كرها ويقال من ولد في الإسلام يسجد { طوعا } ومن سبي في دار الحرب يسجد { كرها } ويقال { يسجد للّه } يعني يخضع له من في السموات والأرض ولا يقدر أحد أن يغير نفسه عن خلقته { وظلالهم } يعني تسجد ظلالهم وسجود الظل دورانه ويقال ظل المؤمن يسجد معه وظل الكافر يسجد للّه تعالى إذا سجد الكافر للصنم { بالغدو والآصال } يعني أول النهار وآخره

وقال أهل اللغة الأصيل ما بين العصر إلى المغرب وجمعه أصل والآصال جمع الجمع

١٦

قوله تعالى { قل من رب السموات والأرض } يعني قل يا محمد لأهل مكة من خالق السموات والأرض فإن أجابوك وإلا ف { قل اللّه }

ثم قال { قل أفاتخذتم من دونه أولياء } يعني أفعبدتم غيره { لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير } أي كما لا يستوي الأعمى والبصير كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن ويقال { الأعمى } الجاهل الذي لا يتفكر ولا يرغب في الحق { والبصير } العالم الذي يتفكر ويرغب في الحق { أم هل تستوي الظلمات والنور } أي كما لا تستوي الظلمات والنور فكذلك لا يستوي الإيمان والكفر قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر { يستوي } بلفظ التذكير وقرأ الباقون بالتاء بلفظ التأنيث لأن تأنيثه ليس بحقيقي فيجوز أن يذكر ويؤنث ولأن الفعل مقدم على الاسم

ثم قال { أم جعلوا للّه شركاء } يعني بل جعلوا للّه شركاء من الأصنام ويقال معناه أجعلوا للّه شركاء والميم صلة

ثم قال { خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم } يعني هل خلق الأوثان خلقا كما خلق اللّه فاشتبه عليهم خلق اللّه تعالى من خلق غيره فلما ضرب اللّه مثلا لآلهتهم سكتوا

قال اللّه تعالى { قل اللّه خالق كل شيء } قل يا محمد اللّه عز وجل خالق جميع الموجودات { وهو الواحد القهار } يعني الذي لا شريك له القاهر لخلقه القادر عليهم ثم ضرب اللّه تعالى مثلا للحق والباطل لأن العرب كانت عادتهم أنهم يوضحون الكلام بالمثل وقد أنزل اللّه تعالى القرآن بلغة العرب فأوضح لهم الحق من الباطل بالمثل

١٧

فقال { أنزل من السماء ماء } يعني المطر { فسالت أودية بقدرها } يعني سال في الوادي الكبير بقدره وفي الوادي الصغير بقدره فشبه القرآن بالمطر وشبه القلوب بالأودية وشبه الهدى بالسيل { فاحتمل السيل زبدا رابيا } يعني عاليا على الماء فشبه الزبد بالباطل يعني احتملته القلوب على قدر أهوائها باطلا كبيرا فكما أن السيل يجمع كل قذر كذلك الأهواء تحتمل الباطل وكما أن الزبد لا وزن له فكذلك الباطل لا ثواب له

فذلك قوله { فأما الزبد فيذهب جفاء } يعني يذهب كما جاء ويقال يذهب { جفاء } أي سريعا وقال مقاتل { جفاء } أي يابسا فلا ينتفع به ويقذفه السيل وقال القتبي الجفاء ما رمى به الوادي في جنباته ويقال جفأت القدر بزبدها إذا ألقته عنها

{ وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } يعني يبقى الماء الصافي في الأرض فكذلك الإيمان واليقين ينتفع به أهله في الآخرة كما ينتفع بالماء الصافي في الدنيا والباطل لا ينتفع به لا في الدنيا ولا في الآخرة

ثم ضرب مثلا آخر بالذهب والفضة فقال تعالى { ومما يوقدون عليه في النار } من الذهب والفضة { ابتغاء حلية } يعني التماس حلية تلبسونها يخرج منها الخبث ويبقى الذهب والفضة خالصا

ثم ضرب مثلا آخر فقال { أو متاع زبد مثله } يعني النحاس والحديد والصفر يزول عنها الخبث ويبقى الصفر والحديد خالصا فيتخذ منها المتاع فهذه ثلاثة أمثال ضربها اللّه تعالى في مثل واحد كما يضمحل هذا الزبد ويبقى خالص الماء وخالص الذهب والفضة والحديد والصفر فكذلك يضمحل الباطل عن أهله وكما يمكث الماء في الأرض ويخرج نباتها وكما يبقى خالص الذهب والفضة حين يدخلان النار فكذلك يبقى الحق وثوابه لصاحبه

وقال القتبي في قوله { فاحتمل السيل زبدا رابيا } قال هذا مثل ضربه اللّه تعالى للحق والباطل يقول الحق الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال وعلا فإن اللّه سيمحقه ويبطله ويجعل العاقبة للحق وأهله مثل مطر سال في الأودية بقدرها { فاحتمل السيل زبدا رابيا } أي عاليا على الماء كما يعلو الباطل تارة على الحق ومن جواهر الأرض التي تدخل الكور توقدون عليها يعني الذهب والفضة للحلية { أو متاع } يعني الشبه والحديد والآنك يكون للآنية له خبث يعلوها مثل زبد الماء فأما الزبد فيذهب جفاء يتعلق بأصول الشجر وكنبات الوادي وكذلك خبث الفلز يعني الجوهر يقذفه فهذا مثل الباطل وأما ما ينفع الناس وينبت المرعى فيمكث في الأرض فكذلك الصفر من الفلز يبقى صالحا فهو مثل الحق

ثم قال { كذلك يضرب اللّه الحق والباطل } على وجه التقديم والتأخير يعني هكذا يضرب اللّه المثل للحق والباطل ويقال معناه هكذا يبين اللّه الحق من الباطل { فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } على معنى التقديم والتأخير وقد ذكرناه من قبل { كذلك يضرب اللّه الأمثال } يعني يبين اللّه الأشباه ويوضح الطريق ويقيم الحجة

١٨

ثم قال { للذين استجابوا لربهم الحسنى } يعني للذين أجابوا ربهم بالطاعات في الدنيا لهم الجنة في الآخرة

ثم قال { والذين لم يستجيبوا له } يعني لم يجيبوه ولم يطيعوه في الدنيا { لو أن لهم ما في الأرض جميعا } يوم القيامة { ومثله معه } يعني وضعفه معه { لافتدوا به } يقول لفادوا به أنفسهم من العذاب ولو فادوا به لا يقبل منهم { أولئك لهم سوء الحساب } يعني شديد العقاب ويقال { سوء الحساب } المناقشة في الحساب

وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال أتدرون ما سوء الحساب قالوا لا قال هو الذنب يحاسب عليه العبد ثم لا يغفر له وعن الحسن أنه سئل عن سوء الحساب قال يؤخذ العبد بذنوبه كلها فلا يغفر له منها ذنب

ثم قال { ومأواهم جهنم } أي مصيرهم ومرجعهم إلى جهنم { وبئس المهاد } يعني الفراش من النار ويقال بئس موضع القرار في النار

١٩

قوله تعالى { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق } يعني يعلم أن القرآن الذي أنزل من اللّه تعالى هو الحق { كمن هو أعمى } يعني كمن هو لا يعلم ويقال { أفمن يعلم } أن ما ذكر من المثل حق كمن لا يعلم وهذا كقوله { فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم } [ البقرة : ٢٦ ] يعني المثل ويقال { أفمن يعلم } يقول أفمن يرغب في الحق أي يعلم أن ما أنزل إليك من ربك هو الحق { كمن هو أعمى } يعني كمن لا يرغب فيه

ثم قال { إنما يتذكر أولو الألباب } يعني يتعظ بما أنزل إليك من القرآن ذوو العقول من الناس وهم المؤمنون

٢٠

ثم وصفهم فقال تعالى { الذين يوفون بعهد اللّه } يعني العهد الذي بينهم وبين اللّه تعالى والعهد الذي بينهم وبين الناس { ولا ينقضون الميثاق } يعني الميثاق الذي أخذ عليهم يوم الميثاق ويقال يعني الميثاق الذي أخذ على أهل الكتاب في كتابهم

٢١

قوله { والذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل } يعني يصلون الأرحام ولا يقطعونها وقال يعني الإيمان بجميع الأنبياء { ويخشون ربهم } يعني يمتنعون عما نهاهم اللّه تعالى عنه والخشية من اللّه الإمتناع عن المحرمات والمعاصي { ويخافون سوء الحساب } يعني شدة الحساب

٢٢

قوله { والذين صبروا } يعني صبروا عن المعاصي وصبروا عن أداء الفرائض وصبروا على المصائب والشدائد وصبروا على أذى الكفار والمنافقين { ابتغاء وجه ربهم } يعني صبروا على ما ذكر ابتغاء مرضاة اللّه تعالى { وأقاموا الصلاة } يعني أتموها بركوعها وسجودها في مواقيتها { وأنفقوا مما رزقناهم } يعني من الأموال { سرا وعلانية } يعني يتصدقون في الأحوال كلها ظاهرا وباطنا ويقال مرة يتصدقون سرا مخافة الرياء ومرة يتصدقون علانية لكي يقتدى بهم ويقال يتصدقون صدقة التطوع في السر ويتصدقون صدقة الفريضة في العلانية { ويدرؤون بالحسنة السيئة } يقول يدفعون بالكلام الحسن السيئة يعني الكلام القبيح فهذا كله صفة ذوي الألباب وهم الذين استجابوا لربهم

ثم بين ثوابهم ومرجعهم في الآخرة فقال { أولئك لهم عقبى الدار } يعني هؤلاء لهم الجنة وهم المهاجرون والأنصار ومن كان في مثل حالهم إلى يوم القيامة

٢٣

ثم قال تعالى { جنات عدن يدخلونها ومن صلح } يعني ومن آمن وأطاع اللّه تعالى { من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } يدخلون أيضا جنات عدن وهذا كقوله { ألحقنا بهم ذريتهم } [ الطور : ٢١ ] { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } ويسلمون عليهم ويقولون لهم

٢٤

{ سلام عليكم بما صبرتم } على أمر اللّه تعالى وطاعته { فنعم عقبى الدار } يعني نعم العاقبة الجنة فقد بين حال الذين استجابوا لربهم والذين يعلمون أن الذي أنزل إليك هو الحق

ثم بين حال الذين لم يستجيبوا له وهم الذين ينقضون الميثاق

٢٥

فقال تعالى { والذين ينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه } يعني من بعد تأكيده وتغليظه يعني بعد إقرارهم بالتوحيد يوم الميثاق { ويقطعون ما أمر اللّه به أن يوصل } يعني الأرحام ويقال الإيمان بالنبيين { ويفسدون في الأرض } بالدعاء إلى عبادة غير اللّه تعالى أي عبادة الأوثان { أولئك لهم اللعنة } يعني يلعنهم في الدنيا والآخرة { ولهم سوء الدار } يعني سوء المرجع ويقال { لهم اللعنة } يعني هم مطرودون من رحمة اللّه تعالى في الدنيا والآخرة { ولهم سوء الدار } يعني عذاب النار في الآخرة

٢٦

قوله تعالى { اللّه يبسط الرزق لمن يشاء } يعني يوسع الرزق لمن يشاء من عباده { ويقدر } يعني يقتر في الرزق يعني يختار للغني الغنى وللفقير الفقر في رزق اللّه تعالى لأنه يعلم أن صلاحه فيه

وروي عن ابن عباس أنه قال إن اللّه تعالى خلق الخلق وهو بهم عليم فجعل الغنى لبعضهم صلاحا وجعل الفقر لبعضهم صلاحا فذلك الخيار للفريقين وقال الحسن البصري ما أحد من الناس يبسط اللّه له في الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر به فيها إلا كان قد نقص علمه وعجز رأيه وما أمسكها اللّه من عبد فلم يظن أنه خير له فيها إلا كان قد نقص علمه وعجز رأيه

ثم قال { وفرحوا بالحياة الدنيا } يقول استأثروا الحياة الدنيا على الآخرة { وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع } يعني الدنيا بمنزلة الأواني التي لا تبقى مثل السكرجة والزجاجة وأشباه كل ذلك التي يتمتع بها ثم يذهب فكذلك هذه الدنيا تذهب وتفنى

وروي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ماء يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع وقال مجاهد { إلا متاع } أي قليل ذاهب وهكذا قال مقاتل

٢٧

قوله تعالى { ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه } يعني هلا أنزل عليه آية من ربه يعني علامة لنبوته { قل إن اللّه يضل من يشاء } يعني من عباده عن الهدى يعني إذا لم يرغب فيه { ويهدي إليه } يعني يرشد إلى دينه { من أناب } يعني من رجع إلى الحق ويقال رجع عن الشرك

٢٨

ثم قال تعالى { الذين آمنوا } هذا مقرون بالأول يعني ويهدي الذين آمنوا { وتطمئن قلوبهم } يعني تسكن قلوبهم وترضى { بذكر اللّه } يعني إذا ذكروا اللّه تعالى بوحدانيته آمنوا به غير شاكين وقال الكلبي يعني وتسكن وترضى قلوبهم لمن يحلف لهم باللّه { ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب } يعني تسكن وترضى قلوب المؤمنين

٢٩

{ الذين آمنوا } يعني صدقوا باللّه وبمحمد وبالقرآن { وعملوا الصالحات } يعني الطاعات { طوبى لهم } يعني غبطة لهم قال مجاهد { طوبى لهم } يعني الجنة ويقال { طوبى } شجرة في الجنة

قال الفقيه حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي اليسر عن أبي أوفى عن مغيث بن سمي في قوله تعالى { طوبى لهم } قال طوبى شجرة في الجنة ليس لأهل الجنة من دار إلا ويظلهم غصن من أغصانها قال ابن عباس { طوبى } شجرة في الجنة ساقها من ذهب الورقة منها تغطي الدنيا ليس في الجنة منزل إلا وفيه غصن من أغصانها

وقال أبو هريرة { طوبى } شجرة في الجنة وقال قتادة هي كلمة عربية يقول الرجل طوبى لك إذا أصبت خيرا وقال عكرمة { طوبى لهم } أي نعمى لهم ويقال { طوبى لهم } أي خير لهم ثم قال تعالى { وحسن مآب } يعني حسن المرجع في الآخرة

٣٠

قوله تعالى { كذلك أرسلناك في أمة } يقول هكذا بعثناك في أمة كما بعثنا إلى من كان قبلك من الرجال في الأمم الخالية { قد خلت من قبلها أمم } يعني قد مضت من قبل قومك { أمم لتتلو عليهم } يعني أرسلناك لتقرأ عليهم { الذي أوحينا إليك } من القرآن { وهم يكفرون بالرحمن } يعني يجحدون ويكذبون وذلك أن عبد اللّه بن أمية المخزومي وأصحابه قالوا ما نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب

قال اللّه تعالى { قل هو ربي } يعني قل يا محمد الرحمن الذي تكفرون به هو اللّه ربي الذي { لا إله إلا هو عليه توكلت } يعني فوضت أمري إليه { وإليه متاب } يعني وإليه أتوب وأرجع

٣١

قوله تعالى { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } وذلك أن عبد اللّه بن أمية وغيره من كفار مكة قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم سير لنا جبال مكة ذهبا وفضة حتى نعلم أنك صادق في مقالتك أو قرب أسفارنا كما فعل سليمان بن داود بريحه أو كلم موتانا كما فعل عيسى بدعائه فنزل { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } عن أماكنها { أو قطعت به الأرض } غدوها شهر ورواحها شهر { أو كلم به الموتى } فلم يذكر جوابه لأن في الكلام دليلا عليه يعني لو فعلنا ذلك بقرآن قبل قرآن محمد صلى اللّه عليه وسلم لفعلنا ذلك بقرآن محمد صلى اللّه عليه وسلم ويقال لو فعل أحد من الأنبياء ما سألتموني لفعلت لكم ولكن الأمر إلى اللّه تعالى إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل

فذلك قوله تعالى { بل للّه الأمر جميعا } ويقال معناه ولو أن قرآنا سيرت به الجبال عن أماكنها أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى لم يؤمنوا به وهذا كقوله { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا } [ الأنعام : ١١١ ] الآية إلى قوله { ما كانوا ليؤمنوا } [ الأنعام : ١١١ ] { بل للّه الأمر جميعا } إن شاء هدى من كان أهلا لذلك وإن شاء لم يهد من لم يكن أهلا لذلك

قوله تعالى { أفلم ييأس الذين آمنوا } قال الحسن وقتادة أفلم يعلم الذين آمنوا وقال الفراء لم أجد في العربية مثل هذا ويقال معناه أفلم يتبين للذين آمنوا ويقال هو من الإياس ومعناه أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم اللّه تعالى بأنهم لا يؤمنون { أن لو يشاء اللّه لهدى الناس جميعا } يعني إنهم لم يكونوا أهلا لذلك فلم يهدهم

وروى ابن أبان بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأ { أفلم يتبين للذين آمنوا } فقيل له إنها { أفلم ييأس الذين آمنوا } فقال إني أرى الكاتب كتبها وهو ناعس

وروي في خبر آخر أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن قوله { أفلم ييأس } قال أفلم يعلم الذين آمنوا وقال ابن عباس أما سمعت مالك بن عوف وهو يقول

( قد يئس الأقوام أني أنا ابنه وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا )

ثم قال { ولا يزال الذين كفروا } يعني أهل مكة { تصيبهم بما صنعوا قارعة } يعني نكبة وشدة ويقال { قارعة } داهية تقرع ويقال لكل مهلكة قارعة ويقال نازلة تنزل لأمر شديد فالمراد هنا سرية من سرايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تأتيهم وتصيبهم من ذلك شدة { أو تحل قريبا من دارهم } يعني تنزل أنت يا محمد بجماعة أصحابك قريبا من دارهم يعني من مكة وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سار بجنوده حتى أتى عسفان ثم بعث مائتي راكب حتى انتهوا قريبا من مكة ثم قال { حتى يأتي وعد اللّه } يعني فتح مكة قالوا هذه الآية مدنية

ثم قال { إن اللّه لا يخلف الميعاد } أي بفتح مكة على النبي صلى اللّه عليه وسلم

٣٢

قوله تعالى { ولقد استهزىء برسل من قبلك } كما استهزأ بك قومك { فأمليت للذين كفروا } يعني أمهلتهم بعد الإستهزاء ولم أعاقبهم { ثم أخذتهم } بالعذاب عند المعصية بالتكذيب فأهلكتهم { فكيف كان عقاب } يعني فكيف رأيت إنكاري وتعييري عليهم بالعذاب لم ير النبي صلى اللّه عليه وسلم عقوبتهم إلا أنه علم بحقيقته فكأنه رأى عيانا

٣٣

قوله تعالى { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } يقول هو اللّه القائم على كل نفس برة وفاجرة بالرزق لهم والدفع عنهم وجوابه مضمر يعني كمن هو ليس بقائم على ذرة وهذا كقوله { أفمن يخلق كمن لا يخلق } [ النحل : ١٧ ]

ثم قال { وجعلوا للّه شركاء } يعني قالوا ووصفوا للّه شركاء وقال مقاتل { وجعلوا للّه شركاء } يقول يعني السواء أنا القائم على كل نفس بأرزاقهم وأطعمتهم كالذين يصفون أن لي شريكا معناه لا تكون عبادة اللّه كعبادة غيره { قل سموهم } يعني قل يا محمد سموا هؤلاء الشركاء يعني سموا دلائلهم وبراهينهم وحججهم ويقال سموا منفعتهم وقدرتهم

ثم قال { أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض } يعني تخبرونه بما علم أنه لا يكون ويقال معناه أتشركون معه جاهلا لا يعلم ما في الأرض ويقال معناه أتخبرون اللّه بشيء لا يعلم من آلهتكم يعني يعلم اللّه أنه ليس لها في الأرض قدرة { أم بظاهر من القول } يعني أتقولون قولا بلا برهان ولا حجة ويقال بباطل من القول يعني إن قلتم إن لها قدرة لقلتم باطلا وقال قتادة الظاهر من القول الباطل وكذلك قال مجاهد

ثم قال { بل زين للذين كفروا مكرهم } يقول ولكن زين للذين كفروا من أهل مكة كفرهم وقولهم الشرك { وصدوا عن السبيل } قرأ إبن كثير ونافع وأبو عمرو { وصدوا عن السبيل } بنصب الصاد يعني إن الكافرين صدوا الناس عن دين اللّه الإسلام وقرأ الباقون { وصدوا } بضم الصاد على فعل ما لم يسم فاعله مثل قوله { فزين لهم } [ فاطر : ٨ ]

ثم قال { ومن يضلل اللّه } يعني من يخذله اللّه عن دينه الإسلام ولا يوفقه { فما له من هاد } يعني ما له من مرشد إلى دينه غير اللّه تعالى

٣٤

قوله تعالى { لهم عذاب في الحياة الدنيا } يعني لهم في الدنيا الشدائد والأمراض ويقال عند الموت ويقال القتل على أيدي المسلمين والغلبة عليهم { ولعذاب الآخرة أشق } يعني أشد { وما لهم من اللّه من واق } يعني ملجأ يلجؤون إليه يقيهم من عذاب اللّه

٣٥

قوله تعالى { مثل الجنة التي وعد المتقون } قال بعضهم المثل هنا أراد به الصفة ولم يرد به التشبيه لأنه قد ذكر من قبل حديث الجنة وهو قوله تعالى { للذين استجابوا لربهم الحسنى } [ الرعد : ١٨ ] وقال بعد ذلك { جنات عدن يدخلونها } [ الرعد : ٢٣ ] ثم بين ها هنا صفة الجنة يعني صفة الجنة { التي وعد المتقون } الذين يتقون الشرك والفواحش

روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه كان يقرأ { أمثال الجنة التي وعد المتقون } يعني صفاتها وأحاديثها { تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم } يعني حملها ونعيمها لا ينقطع عنهم أبدا { وظلها } يقول وهكذا ظلها دائم أبدا ليس فيها شمس

وقال بعضهم أراد به التشبيه لأن اللّه عرفنا نعيم الجنة وأمورها التي لم نرها ولم نشاهدها بما شهدنا من أمور الدنيا ومعناه { مثل الجنة التي وعد المتقون } جنة تجري من تحتها الأنهار

ثم قال { تلك عقبى الذين اتقوا } يعني تلك الجنة جزاء الذين اتقوا الشرك والفواحش { وعقبى الكافرين النار } يعني مصيرهم وجزاؤهم النار

٣٦

ثم قال تعالى { والذين آتيناهم الكتاب } أي التوراة { يفرحون بما أنزل إليك } وهم مؤمنو أهل الكتاب يعجبون بذكر الرحمن { ومن الأحزاب من ينكر بعضه } يعني أهل مكة ينكرون ذكر الرحمن ويقولون ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب ويقال { ومن الأحزاب من ينكر بعضه } يعني من أهل الكتاب من ينكر ما كان فيه نسخ شرائعهم ( قل ) يا محمد { إنما أمرت أن أعبد اللّه } يعني أمرت أن أقيم على التوحيد { ولا أشرك به } شيئا

ثم قال { إليه أدعو } يقول أدعوالخلق إلى توحيده { وإليه مآب } يعني المرجع في الآخرة

٣٧

ثم قال { وكذلك أنزلناه } يعني القرآن أنزلنا جبريل ليقرأ عليك القرآن { حكما } يعني القرآن حكما على الكتب كلها ويقال محكما { عربيا } يعني القرآن بلغة العرب { ولئن إتبعت أهواءهم } قال الكلبي يعني لئن صليت إلى قبلتهم نحو بيت المقدس { بعد ما جاءك من العلم } يعني من بعد ما أتاك العلم بأن قبلتك نحو الكعبة ويقال { ولئن إتبعت أهواءهم } يعني أهل مكة فيما يدعونك إلى دين آبائك بعد ما ظهر لك أن الإسلام هو الحق { ما لك من اللّه } يعني من عذابه { من ولي } ينفعك { ولا واق } يقيك من عذاب اللّه والخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد به أصحابه

٣٨

قوله تعالى { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك } وذلك أن اليهود عيروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقالوا لو كان هذا نبيا كما يزعم لشغلته النبوة عن تزوج النساء فنزل { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك } يا محمد { وجعلنا لهم أزواجا وذريه } قال الكلبي كان لسليمان بن داود عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية وتسعمائة سرية وكان لداود مائة إمرأة

ثم قال { وما كان لرسول } يعني ليس ينبغي لرسول { أن يأتي بآية } إلى قومه { إلا بإذن اللّه } يعني بأمر اللّه تعالى ويقال معناه ما كان أحد يقدر أن يأتي بآية من الآيات إلا بإذن اللّه { لكل أجل كتاب } أي لكل أجل من آجال الدنيا كتاب مكتوب لا يزاد عليه ولا ينقص منه ويقال لكل أجل وقت قد كتب فيه وقال الفراء هذا مقدم ومؤخر أي لكل كتاب أجل مثل قوله { وجاءت سكرة الموت بالحق } [ ق : ١٩ ] أي سكرة الحق بالموت وكذلك قال ابن عباس

٣٩

ثم قال تعالى { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } روى شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن قريشا لما نزلت هذه الآية { وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن اللّه } [ الرعد : ٣٨ ] قالوا ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرغ من الأمر فنزلت هذه الآية تخويفا ووعيدا لهم فإنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما نشاء فيمحو اللّه ما يشاء ويثبت ما يشاء من أرزاق العباد ومصايبهم فيما يعطيهم وبما يرزقهم ويقسم لهم وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل أنه كان يقول في دعائه اللّهم إن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا وإن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ما تشاء وعندك أم الكتاب

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } إلا الشقاوة والسعادة والموت والحياة

وروى منصور عن مجاهد أنه قال الشقاوة والسعادة لا يتغيران ويقال { يمحو اللّه ما يشاء } يعني من أعمال بني آدم وما كتبت الحفظة ما ليس فيه جزاء خير ولا شر { ويثبت } ما فيه جزاء خير أو شر وروي عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت إن الحفظة إذا رفعت ديوان العبد فإن كان في أوله وآخره خير يمحو اللّه ما بينهما من السيئات وإن لم يكن في أوله وآخره حسنات يثبت ما فيه من السيئات وقال مقاتل { يمحو اللّه } يعني ينسخ اللّه ما يشاء من القرآن { ويثبت } يقول ويقر المحكم الناسخ ما يشاء فلا ينسخه ويقال { يمحو اللّه ما يشاء } يعني المعرفة عن قلب من يشاء { ويثبت } في قلب من يشاء وهو مثل قوله { يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب } [ الرعد : ٢٧ ] وفي آية أخرى { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } أي يمحو من الشرائع والكتب الممحوة التوراة والإنجيل والزبور والمثبت هو القرآن الذي أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم وهذا القول هو المختار ويقال يقضي على العبد البلاء فيدعو العبد فيزول عنه كما روي في الخبر الدعاء يرد البلاء

ثم قال تعالى { وعنده أم الكتاب } يعني أصل الكتاب وجملته وهو اللوح المحفوظ كتب فيه كل شيء قبل أن يخلقهم

٤٠

قوله تعالى { وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم } من العذاب والزلازل والمصائب في الدنيا إذ كذبوك وأنت حي { أو نتوفينك } يقول أو نميتنك قبل أن نرينك { فإنما عليك البلاغ } بالرسالة { وعلينا الحساب } يعني الجزاء

٤١

ثم قال { أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } يعني نفتحها من نواحيها

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال هو ذهاب العلماء وقال ابن عباس ذهاب فقهائها وخيار أهلها وعن إبن مسعود نحوه وقال الضحاك أو لم ير المشركون أنا ننقصها من أطرافها يعني يأخذ النبي صلى اللّه عليه وسلم ما حولهم من أراضيهم وقراهم وأموالهم أفهم الغالبون يعني أو لا يرون أنهم المغلوبون والمنتقصون وعن عكرمة أنه قال الأرض لا تنقص ولكن تنقص الثمار وينقص الناس وعن عطاء أنه قال هو موت فقهائها وخيارها وقال السدي يعني ينقص أهلها من أطرافها ولم تهلك قرية إلا من أطرافها يعني تخرب قبل ثم يتبعها الخراب { واللّه يحكم لا معقب لحكمه } يقول لا راد لحكمه ولا مغير له ولا مرد لما حكم لمحمد صلى اللّه عليه وسلم بالنصر والغنيمة { وهو سريع الحساب } إذا حاسب فحسابه سريع

٤٢

قوله تعالى { وقد مكر الذين من قبلهم } يعني صنع الذين من قبلهم كصنيع أهل مكة بمحمد صلى اللّه عليه وسلم { فللّه المكر جميعا } يعني يجازيهم جزاء مكرهم وينصر أنبياءه ويبطل مكر الكافرين ثم قال { يعلم ما تكسب كل نفس } برة أو فاجرة { وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار } يعني الجنة

٤٣

قوله تعالى { ويقول الذين كفروا لست مرسلا } يعني كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وسائر اليهود ويقال يعني أهل مكة { قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم } يقول كفى باللّه شاهدا بيني وبينكم على مقالتكم { ومن عنده علم الكتاب } يعني ومن آمن من أهل الكتاب مثل عبد اللّه بن سلام وأصحابه { شهيدا بيني وبينكم } لأنهم وجدوا نعته وصفته في كتبهم قرأ إبن كثير وأبو عمرو وعاصم { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } بجزم الثاء والتخفيف وقرأ الباقون بنصب الثاء وتشديد الباء ومعناهما واحد وقرأ إبن كثير ونافع وأبو عمرو { وسيعلم الكافر } بلفظ الجماعة

وروي عن عبد اللّه بن مسعود أنه كان يقرأ { ومن عنده } بالكسر

قوله تعالى { وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم } من العذاب والزلازل والمصائب في الدنيا إذ كذبوك وأنت حي { أو نتوفينك } يقول أو نميتنك قبل أن نرينك { فإنما عليك البلاغ } بالرسالة { وعلينا الحساب } يعني الجزاء

ثم قال { أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها } يعني نفتحها من نواحيها

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال هو ذهاب العلماء وقال ابن عباس ذهاب فقهائها وخيار أهلها وعن إبن مسعود نحوه وقال الضحاك أو لم ير المشركون أنا ننقصها من أطرافها يعني يأخذ النبي صلى اللّه عليه وسلم ما حولهم من أراضيهم وقراهم وأموالهم أفهم الغالبون يعني أو لا يرون أنهم المغلوبون والمنتقصون وعن عكرمة أنه قال الأرض لا تنقص ولكن تنقص الثمار وينقص الناس وعن عطاء أنه قال هو موت فقهائها وخيارها وقال السدي يعني ينقص أهلها من أطرافها ولم تهلك قرية إلا من أطرافها يعني تخرب قبل ثم يتبعها الخراب { واللّه يحكم لا معقب لحكمه } يقول لا راد لحكمه ولا مغير له ولا مرد لما حكم لمحمد صلى اللّه عليه وسلم بالنصر والغنيمة { وهو سريع الحساب } إذا حاسب فحسابه سريع

قوله تعالى { وقد مكر الذين من قبلهم } يعني صنع الذين من قبلهم كصنيع أهل مكة بمحمد صلى اللّه عليه وسلم { فللّه المكر جميعا } يعني يجازيهم جزاء مكرهم وينصر أنبياءه ويبطل مكر الكافرين ثم قال { يعلم ما تكسب كل نفس } برة أو فاجرة { وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار } يعني الجنة

قوله تعالى { ويقول الذين كفروا لست مرسلا } يعني كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وسائر اليهود ويقال يعني أهل مكة { قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم } يقول كفى باللّه شاهدا بيني وبينكم على مقالتكم { ومن عنده علم الكتاب } يعني ومن آمن من أهل الكتاب مثل عبد اللّه بن سلام وأصحابه { شهيدا بيني وبينكم } لأنهم وجدوا نعته وصفته في كتبهم قرأ إبن كثير وأبو عمرو وعاصم { يمحو اللّه ما يشاء ويثبت } بجزم الثاء والتخفيف وقرأ الباقون بنصب الثاء وتشديد الباء ومعناهما واحد وقرأ إبن كثير ونافع وأبو عمرو { وسيعلم الكافر } بلفظ الجماعة وروي عن عبد اللّه بن مسعود أنه كان يقرأ { ومن عنده } بالكسر يعني القرآن من عند اللّه تعالى

وروي عنه أيضا { وسيعلم الكافرون } وقرأ أبي بن كعب { وسيعلم الذين كفروا } وقال عبد اللّه بن مسعود هذه السورة مكية وعبد اللّه بن سلام أسلم بعد ذلك بمدة فكيف يجوز أن يكون المراد به عبد اللّه بن سلام

وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ بالكسر وقرأ بعضهم { ومن عنده علم الكتاب } بضم العين وكسر اللام على معنى فعل ما لم يسم فاعله

وروى عن ابن عباس أنه كان يقول هذه الآية مدنية وكان يقرأ { ومن عنده } بالنصب واللّه أعلم وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وسلم

﴿ ٠