٢٠

قوله عز وجل { وما أرسلنا قبلك من المرسلين } جوابا لقولهم { ما لهذا الرسول يأكل الطعام } { إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } يعني كانت الرسل من الآدميين ولم يكونوا من الملائكة عليهم السلام

ثم قال { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون } يقول إبتلينا بعضكم ببعض الفقير بالغني والضعيف بالقوي وذلك أن الشريف إذا رأى الوضيع قد أسلم أنف عن الإسلام وقال أأسلم فأكون مثل هذا فثبت على دينه حمية يقول اللّه تعالى للشريف { أتصبرون } أن تكونوا شرعا سواء في الدين { وكان ربك بصيرا } يعني عالما بمن يؤمن وبمن لا يؤمن ويقال { جعلنا بعضكم لبعض فتنة } يعني بلية الغني للفقير والقوي للضعيف لأن ضعفاء المسلمين وفقراءهم إذا رأوا الكفار في السعة والغنى يتأذون منهم وكان في ذلك بلية لهم فقال تعالى { أتصبرون } اللفظ لفظ الإستفهام والمراد به الأمر يعني إصبروا كقوله { أفلا يتوبون إلى اللّه } [ المائدة : ٧٤ ] يعني توبوا إلى اللّه ويقال أهل النعم بلية لأهل الشدة لأن أهل الشدة إذا رأوا أهل النعمة تنغص عيشهم فأمرهم اللّه تعالى بالصبر

وذكر عن بعض المتقدمين أنه كان إذا رأى غنيا من الأغنياء يقول نصبر يا رب يريد جوابا لقوله { أتصبرون } ثم قال { وكان ربك بصيرا } يعني عالما بمن يصلح له الغنى والفقر ويقال { وكان ربك بصيرا } يعني عالما بثواب الصابرين

﴿ ٢٠