٢٣

قوله عز وجل { اللّه نزل أحسن الحديث } يعني أحكم الحديث وهو القرآن وذلك أن المسلمين قالوا لبعض مؤمني أهل الكتاب نحو عبد اللّه بن سلام أخبرنا عن التوراة فإن فيها علم الأولين والآخرين فأنزل اللّه تعالى { اللّه نزل أحسن الحديث } يعني أنزل عليكم أحسن الحديث وهو القرآن

ويقال { أحسن الحديث } يعني أحسن من سائر الكتب لأن سائر الكتب صارت منسوخة بالقرآن { كتابا متشابها } يعني يشبه بعضه بعضا ولا يختلف

ويقال { متشابها } يعني موافقا لسائر الكتب في التوحيد وفي بعض الشرائع

وروي عن الحسن البصري أنه قال { متشابها } يعني خيارا لا رذالة فيه

ويقال { متشابها } اشتبه على الناس تأويله

ثم قال { مثاني } يعني أن الأنباء والقصص تثنى فيه

ويقال سمي { مثاني } لأن فيه سورة المثاني يعني سورة الفاتحة { الحمد للّه رب العالمين }

ثم قال { تقشعر منه } يعني ترتعد مما فيه من الوعيد { جلود الذين يخشون ربهم }

ويقال { تقشعر منه } يعني تتحرك مما في القرآن من الوعيد

ويقال ترتعد منه الفرائص

{ ثم تلين جلودهم وقلوبهم } يعني بعد الاقشعرار { إلى ذكر اللّه } من آية الرحمة والمغفرة يعني إذا قرأت آيات الرجاء والرحمة تطمئن قلوبهم وتسكن

{ ذلك } يعني القرآن { هدى اللّه يهدي به } يعني بالقرآن { من يشاء } اللّه أن يهديه إلى دينه { ومن يضلل اللّه } عن دينه { فما له من هاد } يعني لا يقدر أحد أن يهديه بعد خذلان اللّه تعالى

﴿ ٢٣