٥

 النار ذات الوقود "

وروي في خبر آخر أن الملك كان على دين اليهودية ويقال له ذو نواس واسمه زرعة ملك حمير وما حولها

فكان هناك قوم دخلوا في دين عيسى فحفر لهم أخدودا فأوقد فيها النار وألقاهم في الأخدود فحرقهم وحرق كتبهم

ويقال كان الذين على دين عيسى بأرض نجران فسار إليهم من أرض حمير حتى أحرقهم وأحرق كتبهم فأقبل منهم رجل فوجد مصحفا فيها وإنجيلا محترقا بعضه فخرج به حتى أتى به ملك الحبشة فقال له إن أهل دينك قد أوقدت لهم النار فأحرقوا بها وحرقت كتبهم وهذه بعضه

ففزع الملك لذلك وبعث إلى صاحب الروم وكتب إليه يستمده بنجارين يعملون له السفن

فبعث إليه صاحب الروم من يعمل له السفن فحمل فيها الناس وسافر بهم

فخرجوا ما بين ساحل عدن إلى ساحل جازان وخرج إليهم أهل اليمن فلقوهم بتهامة واقتتلوا فلم ير ملك حمير له بهم طاقة وتخوف أن يأخذوه فضرب فرسه حتى وقع في البحر فمات فيه

فاستولى أهل الحبشة على ملك حمير وما حوله وبقي الملك لهم إلى وقت الإسلام

وروي في الخبر أن الغلام الذي قتله الملك دفن فوجد ذلك الغلام في زمان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه واضعا يده على صدغه كما كان وضعها حين قتل وكلما أخذت يد سال منه الدم وإذا أرسل يده انقطع الدم

فكتبوا إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليهم أن ذلك الغلام صاحب الأخدود فاتركوه على حاله حتى يبعثه اللّه تعالى يوم القيامة على حاله فذلك قوله تعالى { قتل أصحاب الأخدود } يعني لعن أصحاب الأخدود وهم الذين خدوا أخدودا { النار ذات الوقود } يعني الأخدود ذات النار الوقود

ويقال { قتل أصحاب الأخدود } يعني أهل الحبشة قتلوا أصحاب الأخدود أصحاب النار ذات الوقود

﴿ ٥