١٥٠القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ف... } يعنـي بقوله تعالـى ذكره: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ الـمَسْجِدِ الـحَرَام: من أيّ مكان وبقعة شخصت فخرجت يا مـحمد، فولّ وجهك تلقاء الـمسجد الـحرام وهو شطره. ويعنـي بقوله: وَحَيْثُ مَا كُنْتُـمْ فَوَلّوا وُجُوهَكُمْ وأينـما كنتـم أيها الـمؤمنون من أرض اللّه فولوا وجوهكم فـي صلاتكم تـجاهه وقبله وقصده. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَـخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِـي. فقال جماعة من أهل التأويـل: عنى اللّه تعالـى بـالناس فـي قوله: لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ أهل الكتاب. ذكر من قال ذلك: ١٧٨٨ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: لِئَلاّ يَكُونَ للنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ يعنـي بذلك أهل الكتاب، قالوا حين صرف نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلـى الكعبة البـيت الـحرام: اشتاق الرجل إلـى بـيت أبـيه ودين قومه. ١٧٨٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع فـي قوله: لِئَلاّ يَكُونَ للنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ يعنـي بذلك أهل الكتاب، قالوا حين صرف نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلـى الكعبة اشتاق الرجل إلـى بـيت أبـيه ودين قومه. فإن قال قائل: فأية حجة كانت لأهل الكتاب بصلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه نـحو بـيت الـمقدس علـى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه؟ قـيـل: قد ذكرنا فـيـما مضى ما رُوي فـي ذلك، قـيـل إنهم كانوا يقولون: ما درى مـحمد وأصحابه أين قبلتهم حتـى هديناهم نـحن، وقولهم: يخالفنا مـحمد فـي ديننا ويتبع قبلتنا فهي الـحجة التـي كانوا يحتـجون بها علـى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه علـى وجه الـخصومة منهم لهم، والتـمويه منهم بها علـى الـجهال وأهل العناد من الـمشركين. وقد بـينا فـيـما مضى أن معنى حجاج القوم إياه الذي ذكره اللّه تعالـى ذكره فـي كتابه إنـما هي الـخصومات والـجدال، فقطع اللّه جل ثناؤه ذلك من حجتهم وحسمه بتـحويـل قبلة نبـيه صلى اللّه عليه وسلم والـمؤمنـين به من قبلة الـيهود إلـى قبلة خـلـيـله إبراهيـم علـيه السلام، وذلك هو معنى قول اللّه جل ثناؤه: لِئَلاّ يَكُونَ للنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ يعنـي بـالناس: الذين كانوا يحتـجون علـيهم بـما وصفت. وأما قوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ فإنهم مشركو العرب من قريش فـيـما تأوّله أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٧٩٠ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ قوم مـحمد صلى اللّه عليه وسلم. ١٧٩١ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط عن السدي، قال: هم الـمشركون، من أهل مكة. ١٧٩٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ يعنـي مشركي قريش. ١٧٩٣ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، وابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ قال: هم مشركو العرب. ١٧٩٤ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ والذين ظلـموا مشركو قريش. ١٧٩٥ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج عن ابن جريج، قال: قال عطاء: هم مشركو قريش. قال ابن جريج: وأخبرنـي عبد اللّه بن كثـير أنه سمع مـجاهدا يقول مثل قول عطاء. فإن قال قائل: وأية حجة كانت لـمشركي قريش علـى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه فـي توجههم فـي صلاتهم إلـى الكعبة؟ وهل يجوز أن يكون للـمشركين علـى الـمؤمنـين حجة فـيـما أمرهم اللّه تعالـى ذكره به أو نهاهم عنه؟ قـيـل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهمت وذهبت إلـيه، وإنـما الـحجة فـي هذا الـموضع الـخصومة والـجدال. ومعنى الكلام: لئلا يكون لأحد من الناس علـيكم خصومة ودعوى بـاطلة، غير مشركي قريش، فإن لهم علـيكم دعوى بـاطلة وخصومة بغير حقّ بقـيـلهم لكم: رجع مـحمد إلـى قبلتنا، وسيرجع إلـى ديننا. فذلك من قولهم وأمانـيهم البـاطلة هي الـحجة التـي كانت لقريش علـى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ومن أجل ذلك استثنى اللّه تعالـى ذكره الذين ظلـموا من قريش من سائر الناس غيرهم، إذ نفـى أن يكون لأحد منهم فـي قبلتهم التـي وجههم إلـيها حجة. وبـمثل الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٧٩٦ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه تعالـى ذكره: لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ قوم مـحمد صلى اللّه عليه وسلم قال مـجاهد: يقول: حجتهم، قولهم: قد رَاجَعْتَ قبلَتنا. ١٧٩٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد مثله إلا أنه قال قولهم: قد رجعت إلـى قبلتنا. ١٧٩٨ـ حدثنا الـحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن قتادة وابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ قالا: هم مشركو العرب، قالوا حين صرفت القبلة إلـى الكعبة: قد رجع إلـى قبلتكم فـيوشك أن يرجع إلـى دينكم. قال اللّه عز وجل: فَلاَ تَـخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِـي. ١٧٩٩ـ حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة قوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ والذين ظلـموا مشركو قريش، يقول: إنهم سيحتـجون علـيكم بذلك، فكانت حجتهم علـى نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بـانصرافه إلـى البـيت الـحرام أنهم قالوا سيرجع إلـى ديننا كما رجع إلـى قبلتنا، فأنزل اللّه تعالـى ذكره فـي ذلك كله. ١٨٠٠ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، مثله. ١٨٠١ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي فـيـما يذكر عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس ، وعن مرة الهمدانـي، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا: لـما صُرف نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم نـحو الكعبة بعد صلاته إلـى بـيت الـمقدس قال الـمشركون من أهل مكة: تـحير علـى مـحمد دينه، فتوجه بقبلته إلـيكم، وعلـم أنكم كنتـم أهدى منه سبـيلاً، ويوشك أن يدخـل فـي دينكم. فأنزل اللّه جل ثناؤه فـيهم: لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَـخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِـي. ١٨٠٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنـي الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قوله: لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ؟ قال: قالت قريش لـما رجع إلـى الكعبة وأمر بها: ما كان يستغنـي عنا قد استقبل قبلتنا. فهي حجتهم، وهم الذين ظلـموا. قال ابن جريج: وأخبرنـي عبد اللّه بن كثـير أنه سمع مـجاهدا يقول مثل قول عطاء، فقال مـجاهد: حجتهم: قولهم رجعت إلـى قبلتنا. فقد أبـان تأويـل من ذكرنا تأويـله من أهل التأويـل قوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ عن صحة ما قلنا فـي تأويـله وأنه استثناء علـى معنى الاستثناء الـمعروف الذي يثبت فـيهم لـما بعد حرف الاستثناء ما كان منفـيا عما قبلهم، كما أنّ قول القائل: (ما سار من الناس أحد إلا أخوك) إثبـات للأخ من السير ما هو منفـيّ عن كل أحد من الناس، فكذلك قوله: لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَـيْكُمْ حُجّةٌ إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ نفـى عن أن يكون لأحد خصومة وجدل قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ودعوى بـاطلة علـيه وعلـى أصحابه بسبب توجههم فـي صلاتهم قبل الكعبة، إلا الذين ظلـموا أنفسهم من قريش، فإن لهم قبلهم خصومةً ودعوى بـاطلة بأن يقولوا: إنـما توجهتـم إلـينا وإلـى قبلتنا لأنا كنا أهدى منكم سبـيلاً، وأنكم كنتـم بتوجهكم نـحو بـيت الـمقدس علـى ضلال وبـاطل. وإذ كان ذلك معنى الآية بإجماع الـحجة من أهل التأويـل، فبـيّنٌ خطأ قول من زعم أن معنى قوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ: ولا الذين ظلـموا منهم، وأن (إلا) بـمعنى الواو لأن ذلك لو كان معناه لكان النفـي الأول عن جميع الناس أن يكون لهم حجة علـى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه فـي تـحوّلهم نـحو الكعبة بوجوههم مبـينا عن الـمعنى الـمراد، ولـم يكن فـي ذكر قوله بعد ذلك: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ إلا التلبـيس الذي يتعالـى عن أن يضاف إلـيه، أو يوصف به. هذا مع خروج معنى الكلام إذا وجهت (إلا) إلـى معنى الواو، ومعنى العطف من كلام العرب، وذلك أنه غير موجودة إلا فـي شيء من كلامها بـمعنى الواو إلا مع استثناء سابق قد تقدمها، كقول القائل: سار القوم إلا عمرا إلا أخاك، بـمعنى: إلا عمرا وأخاك، فتكون (إلا) حينئذ مؤدّية عما تؤدّي عنه الواو لتعلق (إلا) الثانـية ب(إلاّ) الأولـى، ويجمع فـيها أيضا بـين (إلا) والواو، فـيقال: سار القوم إلا عمرا وإلا أخاك، فتـحذف إحداهما فتنوب الأخرى عنها، فـيقال: سار القوم إلا عمرا وأخاك، أو إلا عمرا إلا أخاك، لـما وصفنا قبل. وإذ كان ذلك كذلك فغير جائز لـمدّع من الناس أن يدعي أن (إلا) فـي هذا الـموضع بـمعنى الواو التـي تأتـي بـمعنى العطف. وواضح فساد قول من زعم أن معنى ذلك: إلا الذين ظلـموا منهم فإنهم لا حجة لهم فلا تـخشوهم، كقول القائل فـي كلامه: الناس كلهم لك حامدون إلا الظالـم الـمعتدي علـيك، فإن ذلك لا يعتدّ بعداوته ولا بتركه الـحمد لـموضع العداوة. وكذلك الظالـم لا حجة له، وقد سمي ظالـما لإجماع جميع أهل التأويـل علـى تـخطئة ما ادّعى من التأويـل فـي ذلك. وكفـى شاهدا علـى خطأ مقالته إجماعهم علـى تـخطئتها. وظاهر بطلان قول من زعم أن الذين ظلـموا هَهنا ناس من العرب كانوا يهودا ونصارى، فكانوا يحتـجون علـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأما سائر العرب فلـم تكن لهم حجة، وكانت حجة من يحتـجّ منكسرة لأنك تقول لـمن تريد أن تكسر علـيه حجته: إن لك علـيّ حجة، ولكنها منكسرة، وإنك لتـحتـجّ بلا حجة، وحجتك ضعيفة. ووجّه معنى: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ إلـى معنى: إلا الذين ظلـموا منهم من أهل الكتاب، فإن لهم علـيكم حجة واهية أو حجة ضعيفة. ووَهْيُ قول من قال: (إلا) فـي هذا الـموضع بـمعنى (لكن)، وضَعْفُ قول من زعم أنه ابتداء بـمعنى: إلا الذين ظلـموا منهم فلا تـخشوهم لأن تأويـل أهل التأويـل جاء فـي ذلك بأن ذلك من اللّه عز وجل خبر عن الذين ظلـموا منهم أنهم يحتـجون علـى النبـي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه بـما قد ذكرنا، ولـم يقصد فـي ذلك إلـى الـخبر عن صفة حجتهم بـالضعف ولا بـالقوّة وإن كانت ضعيفة لأنها بـاطلة وإنـما قصد فـيه الإثبـات للذين ظلـموا ما قد نفـى عن الذين قبل حرف الاستثناء من الصفة. ١٨٠٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، قال: قال الربـيع: إن يهوديا خاصم أبـا العالـية فقال: إن موسى علـيه السلام كان يصلـي إلـى صخرة بـيت الـمقدس، فقال أبو العالـية: كان يصلـي عند الصخرة إلـى البـيت الـحرام قال: قال: فبـينـي وبـينك مسجد صالـح، فإنه نـحته من الـجبل. قال أبو العالـية: قد صلـيت فـيه وقبلته إلـى البـيت الـحرام. قال الربـيع: وأخبرنـي أبو العالـية أنه مرّ علـى مسجد ذي القرنـين وقبلته إلـى الكعبة. وأما قوله: فَلاَ تَـخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِـي يعنـي فلا تـخشوا هؤلاء الذين وصفت لكم أمرهم من الظّلَـمة فـي حجتهم وجدالهم وقولهم ما يقولون من أن مـحمدا صلى اللّه عليه وسلم قد رجع إلـى قبلتنا وسيرجع إلـى ديننا، أو أن يقدروا لكم علـى ضرّ فـي دينكم أو صدّكم عما هداكم اللّه تعالـى ذكره له من الـحق ولكن اخشونـي، فخافوا عقابـي فـي خلافكم أمري إن خالفتـموه. وذلك من اللّه جل ثناؤه تقدّمٌ إلـى عبـاده الـمؤمنـين بـالـحضّ علـى لزوم قبلتهم والصلاة إلـيها، وبـالنهي عن التوجه إلـى غيرها. يقول جل ثناؤه: واخشونـي أيها الـمؤمنون فـي ترك طاعتـي فـيـما أمرتكم به من الصلاة شطر الـمسجد الـحرام. وقد حكي عن السدي فـي ذلك ما: ١٨٠٤ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط عن السدي: فَلاَ تَـخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِـي يقول: لا تـخشوا أن أردكم فـي دينهم. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: وَلاِتِـمّ نِعْمَتِـي عَلَـيْكُمْ وَلَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ. يعنـي بقوله جل ثناؤه: وَلاِتِـمّ نِعْمَتِـي عَلَـيْكُمْ: ومن حيث خرجت من البلاد والأرض إلـى أيّ بقعة شخصت فولّ وجهك شطر الـمسجد الـحرام، وحيث كنت يا مـحمد والـمؤمنون، فولوا وجوهكم فـي صلاتكم شطره، واتـخذوه قبلة لكم، كيلا يكون لأحد من الناس سوى مشركي قريش حجة، ولأتـمّ بذلك من هدايتـي لكم إلـى قبلة خـلـيـلـي إبراهيـم علـيه السلام الذي جعلته إماما للناس نعمتـي فأكمل لكم به فضلـي علـيكم، وأتـمـم به شرائع ملتكم الـحنـيفـية الـمسلـمة التـي وصيت بها نوحا وإبراهيـم وموسى وعيسى وسائر الأنبـياء غيرهم. وذلك هو نعمته التـي أخبر جل ثناؤه أنه متـمّها علـى رسوله صلى اللّه عليه وسلم والـمؤمنـين به من أصحابه. وقوله: وَلَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ يعنـي: وكي ترشدوا للصواب من القبلة. ولَعَلّكُمْ عطف علـى قوله: وَلاِتِـمّ نِعْمَتِـي عَلَـيْكُمْ وَلأتـمّ نعمتـي علـيكم عطف علـى قوله لئلا يكون. |
﴿ ١٥٠ ﴾