٢٠٢القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أُولَـَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مّمّا كَسَبُواْ وَاللّه سَرِيعُ الْحِسَابِ } يعنـي بقوله جل ثناؤه: أولئك الذين يقولون بعد قضاء مناسكهم: رَبّنا آتِنا فِـي الدّنْـيا حَسنَةً وفـي الاَخِرَة حَسَنَةً وَقِنا عَذَابَ النّارِ رغبة منهم إلـى اللّه جل ثناؤه فـيـما عنده، وعلـما منهم بأن الـخير كله من عنده، وأن الفضل بـيده يؤتـيه من يشاء. فأعلـم جل ثناؤه أن لهم نصيبـا وحظا من حجهم ومناسكهم وثوابـا جزيلاً علـى عملهم الذي كسبوه، وبـاشروا معاناته بأموالهم وأنفسهم خاصا ذلك لهم دون الفريق الاَخر الذين عانوا ما عانوا من نصب أعمالهم وتعبها، وتكلفوا ما تكلفوا من أسفـارهم بغير رغبة منهم فـيـما عند ربهم من الأجر والثواب، ولكن رجاء خسيس من عرض الدنـيا وابتغاء عاجل حطامها. كما: ٣٣١١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فـي قوله: فَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبّنا آتِنا فِـي الدّنـيْا وَما لَه فِـي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ قال: فهذا عبد نوى الدنـيا لها عمل ولها نصب، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبّنا آتِنا فِـي الدّنْـيا حَسَنَةً وفِـي الاَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذَابَ النّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصيبٌ مـمّـما كَسَبُوا أي حظ من أعمالهم. ٣٣١٢ـ وحدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي: فَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقولُ رَبّنا آتِنا فِـي الدّنْـيا وَما لَهُ فِـي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ إنـما حجوا للدنـيا والـمسألة، لا يريدون الاَخرة ولا يؤمنون بها، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبّنا آتِنا فِـي الدّنْـيَا حَسَنَةً وفِـي الاَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذَابَ النّارِ قال: فهؤلاء النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم والـمؤمنون أُولَئِكَ لَهُمْ نَصيبٌ مـمّا كَسَبُوا وَاللّه سَرِيعُ الـحِسابِ لهؤلاء الأجر بـما عملوا فـي الدنـيا. وأما قوله: وَاللّه سَرِيعُ الـحِسابِ فإنه يعنـي جل ثناؤه: أنه مـحيط بعمل الفريقـين كلـيهما اللذين من مسألة أحدهما: ربنا آتنا فـي الدنـيا ومن مسألة الاَخر: ربنا آتنا فـي الدنـيا حسنة وفـي الاَخرة حسنة وقنا عذاب النار فمـحص له بأسرع الـحساب، ثم إنه مُـجازٍ كلا الفريقـين علـى عمله. وإنـما وصف جل ثناؤه نفسه بسرعة الـحساب، لأنه جل ذكره يحصي ما يحصى من أعمال عبـاده بغير عقد أصابع ولا فكر ولا روية فعل العجزة الضعفة من الـخـلق، ولكنه لا يخفـى علـيه شيء فـي الأرض ولا فـي السماء، ولا يعزب عنه مثقال ذرّة فـيهما، ثم هو مـجاز عبـاده علـى كل ذلك فلذلك جل ذكره امتدح بسرعة الـحساب، وأخبر خـلقه أنه لـيس لهم بـمثل فـيحتاج فـي حسابه إلـى عقد كف أو وعي صدر. |
﴿ ٢٠٢ ﴾