٢٧٨القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّه وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرّبَا إِن كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ } يعنـي جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين آمنوا صدّقوا بـاللّه وبرسوله، اتقوا اللّه ، يقول: خافوا اللّه علـى أنفسكم فـاتقوه بطاعته فـيـما أمركم به، والانتهاء عما نهاكم عنه، وذروا، يعنـي ودعوا ما بقـي من الربـا، يقول: اتركوا طلب ما بقـي لكم من فضل علـى رءوس أموالكم التـي كانت لكم قبل أن تربوا علـيها إن كنتـم مؤمنـين، يقول: إن كنتـم مـحققـين إيـمانكم قولاً، وتصديقكم بألسنتكم بأفعالكم. وذكر أن هذه الآية نزلت فـي قوم أسلـموا، ولهم علـى قوم أموال من ربـا كانوا أربوه علـيهم، فكانوا قد قبضوا بعضه منهم، وبقـي بعض، فعفـا اللّه جل ثناؤه لهم عما كانوا قد قبضوه قبل نزول هذه الآية، وحرّم علـيهم اقتضاء ما بقـي منه. ذكر من قال ذلك: ٥٠٣٠ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {يا أيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه وَذَرُوا مَا بَقِـيَ مِنَ الرّبـا} إلـى: {وَلا تُظْلَـمُونَ} قال: نزلت هذه الآية فـي العبـاس بن عبد الـمطلب ورجل من بنـي الـمغيرة كانا شريكين فـي الـجاهلـية، سلفـا فـي الربـا إلـى أناس من ثقـيف من بنـي عمرو، وهم بنو عمرو بن عمير، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيـمة فـي الربـا، فأنزل اللّه {ذَرُوا ما بَقِـيَ} من فضل كان فـي الـجاهلـية {مِنَ الرّبـا}. ٥٠٣١ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه وَذَرُوا ما بَقِـيَ مِنَ الرّبـا إِنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ} قال: كانت ثقـيف قد صالـحت النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم علـى أن ما لهم من ربـا علـى الناس، وماكان للناس علـيهم من ربـا فهو موضوع. فلـما كان الفتـح، استعمل عتاب بن أسيد علـى مكة، وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربـا من بنـي الـمغيرة وكانت بنو الـمغيرة يربون لهم فـي الـجاهلـية، فجاء الإسلام ولهم علـيهم مال كثـير. فأتاهم بنو عمرو يطلبون ربـاهم، فأبى بنو الـمغيرة أن يعطوهم فـي الإسلام، ورفعوا ذلك إلـى عتاب بن أسيد، فكتب عتاب إلـى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت: {يا أيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه وَذَرُوا مَا بَقِـيَ مِنَ الرّبـا إِنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ فـانْ لَـمْ تَفْعَلُوا فـأَذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللّه وَرَسُولِهِ} إلـى: {وَلا تُظْلِـمُونَ}، فكتب بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلـى عتاب وقال: (إِنْ رَضُوا وَإِلاّ فَآذِنْهُمْ بِحَرْبٍ). قال ابن جريج، عن عكرمة قوله: {اتّقُوا اللّه وَذَرُوا مَا بَقِـيَ مِنْ الرّبـا} قال: كانوا يأخذون الربـا علـى بنـي الـمغيرة يزعمون أنهم مسعود وعبد يالـيـل وحبـيب وربـيعة بنو عمرو بن عمير، فهم الذين كان لهم الربـا علـى بنـي الـمغيرة، فأسلـم عبد يالـيـل وحبـيب وربـيعة وهلال ومسعود. ٥٠٣٢ـ حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا جويبر، عن الضحاك فـي قوله: {اتّقُوا اللّه وَذَرُوا مَا بَقِـيَ مِنَ الرّبـا إِنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ} قال: كان ربـا يتبـايعون به فـي الـجاهلـية، فلـما أسلـموا أمروا أن يأخذوا رءوس أموالهم. |
﴿ ٢٧٨ ﴾