١٠٦القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَوْمَ تَبْيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدّ وُجُوهٌ ...} يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: أولئك لهم عذاب عظيـم فـي يوم تبـيضّ وجوه وتسودّ وجوهوأما قوله: {فأمّا الّذِينَ اسْوَدّتْ وُجُوهُهُمْ أكَفَرْتُـمْ بَعْدَ إيـمَانِكُمْ} فإن معناه: فأما الذين اسودّت وجوههم، فـيقال لهم: {أكَفَرْتُـمْ بَعْدَ إيـمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِـمَا كُنْتُـمْ تَكْفُرُونَ}. ولا بدّ لـ (أمّا) من جواب بـالفـاء، فلـما أسقط الـجواب سقطت الفـاء معه، وإنـما جاز ترك ذكر (فـيقال) لدلالة ما ذكر من الكلام علـيهوأما معنى قوله جلّ ثناؤه: {أكَفَرْتُـمْ بَعْدَ إيـمَانِكُمْ} فإن أهل التأويـل اختلفوا فـيـمن عُنـي به، فقال بعضهم: عُنـي به أهل قبلتنا من الـمسلـمين. ذكر من قال ذلك: ٦١٣١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {يَوْمَ تَبْـيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدّ وُجُوه}.. الاَية، لقد كفر أقوام بعد إيـمانهم كما تسمعون، ولقد ذكر لنا أن نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: (وَالّذِي نَفْسُ مُـحَمّدٍ بِـيَدِهِ، لَـيَرِدَنّ عَلـيّ الـحَوْضَ مِـمّنْ صَحِبَنَـي أقْوَامٌ، حتـى إذَا رُفِعُوا إلـيّ ورأيْتُهُمْ اخْتُلِـجُوا دُونِـي، فلأَقُولَنّ رَبّ أصحابِـي أصحَابِـي، فَلَـيُقالَنّ إنّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ) وقوله: {وأمّا الّذِينَ ابْـيَضّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِـي رَحْمَةِ اللّه } هؤلاء أهل طاعة اللّه والوفـاء بعهد اللّه ، قال اللّه عز وجل: {فَفِـي رحْمة اللّه هُمْ فِـيها خالِدُونَ}. ٦١٣٢ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {يَوْمَ تَبْـيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدّ وُجُوه فأمّا الّذِينَ اسْوَدّتْ وُجُوهُهُمْ أكَفَرْتُـمْ بَعْدَ إيـمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِـمَا كُنْتُـمْ تَكْفُرُونَ} فهذا من كفر من أهل القبلة حين اقتتلوا. |
﴿ ١٠٦ ﴾