١٠٧٦١٣٣ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن حماد بن سلـمة والربـيع بن صبـيح، عن أبـي مـجالد، عن أبـي أمامة: {فأمّا الّذِينَ اسْوَدّتْ وُجُوهُهُمْ أكَفَرْتُـم بَعْدَ إيَـمانِكُمْ} قال: هم الـخوارج. وقال آخرون: عنى بذلك كل من كفر بـاللّه بعد الإيـمان الذي آمن حين أخذ اللّه من صلب آدم ذريته وأشهدهم علـى أنفسهم بـما بـين فـي كتابه. ذكر من قال ذلك: ٦١٣٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا علـيّ بن الهيثم، قال: أخبرنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، عن أبـي العالـية، عن أبـيّ بن كعب، فـي قوله: {يَوْمَ تَبْـيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدّ وُجُوه} قال: صاروا يوم القـيامة فريقـين، فقال لـمن اسودّ وجهه وعيرهم: {أكَفَرْتُـمْ بَعْدَ إيـمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِـمَا كُنْتُـمْ تَكْفُرُونَ} قال: هو الإيـمان الذي كان قبل الاختلاف فـي زمان آدم، حين أخذ منهم عهدهم وميثاقهم، وأقرّوا كلهم بـالعبودية، وفطرهم علـى الإسلام، فكانوا أمة واحدة مسلـمين، يقول: أكفرتـم بعد إيـمانكم، يقول بعد ذلك الذي كان فـي زمان آدم، وقال فـي الاَخرين: الذين استقاموا علـى إيـمانهم ذلك، فأخـلصوا له الدين والعمل، فبـيض اللّه وجوههم، وأدخـلهم فـي رضوانه وجنته. وقال آخرون: بل الذين عنوا بقوله: {أكَفَرْتُـمْ بَعْدَ إيـمَانِكُمْ}: الـمنافقون. ذكر من قال ذلك: ٦١٣٥ـ حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـي، عن عبـاد، عن الـحسن: {يَوْمَ تَبْـيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدّ وُجُوه}.. الاَية، قال: هم الـمنافقون كانوا أعطوا كلـمة الإيـمان بألسنتهم، وأنكروها بقلوبهم وأعمالهم. وأولـى الأقوال التـي ذكرناها فـي ذلك بـالصواب القول الذي ذكرناه عن أبـيّ بن كعب أنه عنى بذلك جميع الكفـار، وأن الإيـمان الذي يوبخون علـى ارتدادهم عنه، هو الإيـمان الذي أقرّوا به يوم قـيـل لهم: {ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلَـى شَهِدْنا}. وذلك أن اللّه جل ثناؤه جعل جميع أهل الاَخرة فريقـين: أحدهما سوداء وجوهه، والاَخر بـيضاء وجوهه، فمعلوم إذ لـم يكن هنالك إلا هذان الفريقان أن جميع الكفـار داخـلون فـي فريق من سوّد وجهه، وأن جميع الـمؤمنـين داخـلون فـي فريق من بـيض وجهه، فلا وجه إذا لقول قائل عنى بقوله: {أكَفَرْتُـمْ بَعْدَ إيـمَانِكُمْ} بعض الكفـار دون بعض، وقد عمّ اللّه جل ثناؤه الـخبر عنهم جميعهم، وإذا دخـل جميعهم فـي ذلك ثم لـم يكن لـجميعهم حالة آمنوا فـيها، ثم ارتدوا كافرين بعد إلا حالة واحدة، كان معلوما أنها الـمرادة بذلك. فتأويـل الاَية إذا: أولئك لهم عذاب عظيـم فـي يوم تبـيضّ وجوه قوم، وتسودّ وجوه آخرين¹ فأما الذين اسودّت وجوههم، فـيقال: أجحدتـم توحيد اللّه وعهده وميثاقه الذي واثقتـموه علـيه، بأن لا تشركوا به شيئا، وتـخـلصوا له العبـادة بعد إيـمانكم، يعنـي: بعد تصديقكم به، {فَذُوقُوا العَذَابَ بِـمَا كُنْتُـمْ تَكْفُرُونَ} يقول: بـما كنتـم تـجحدون فـي الدنـيا ما كان اللّه قد أخذ ميثاقكم بـالإقرار به والتصديق¹ وأما الذين ابـيضت وجوههم مـمن ثبت علـى عهد اللّه وميثاقه، فلـم يبدل دينه، ولـم ينقلب علـى عقبـيه بعد الإقرار بـالتوحيد، والشهادة لربه بـالألوهة، وأنه لا إله غيره {ففـي رَحْمَةِ اللّه } يقول: فهم فـي رحمة اللّه ، يعنـي فـي جنته ونعيـمها، وما أعدّ اللّه لأهلها فـيها، {هُمْ فـيها خَالِدُونَ} أي بـاقون فـيها أبدا بغير نهاية ولا غاية. |
﴿ ١٠٧ ﴾