١٣٩القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ } وهذا من اللّه تعالـى ذكره تعزية لأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علـى ما أصابهم من الـجراح والقتل بـأُحد، قال: ولا تهنوا ولا تـحزنوا يا أصحاب مـحمد، يعنـي ولا تضعفوا بـالذي نالكم من عدوّكم بـأُحد من القتل والقروح، عن جهاد عدوكم وحربهم، من قول القائل: وهن فلان فـي هذا الأمر فهو يهن وهنا: {وَلا تَـحْزَنُوا}: ولا تأسوا فتـجزعوا علـى ما أصابكم من الـمصيبة يومئذ، فإنكم أنتـم الأعلون، يعنـي الظاهرون علـيهم، ولكم العقبى فـي الظفر والنصرة علـيهم، يقول: إن كنتـم مؤمنـين، يقول: إن كنتـم مصدّقـي فـي نبـيـي مـحمد صلى اللّه عليه وسلم فـيـما يعدكم، وفـيـما ينبئكم من الـخبر عما يئول إلـيه أمركم وأمرهم. كما: ٦٣٧٧ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن يونس، عن الزهري، قال: كثر فـي أصحاب مـحمد صلى اللّه عليه وسلم القتل والـجراح، حتـى خـلص إلـى كل امرىء منهم الـيأس، فأنزل اللّه عزّ وجلّ القرآن، فآسى فـيه الـمؤمنـين بأحسن ما آسى به قوما من الـمسلـمين كانوا قبلهم من الأمـم الـماضية فقال: {وَلاَ تَهْنُوا وَلا تَـحْزَنُوا وأنتُـمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْنُـمْ مُوءْمِنِـينَ} إلـى قوله: {لَبَرَزَ الّذِينَ كُتِبَ عَلَـيْهِمُ القَتْلُ إلـى مَضَاجِعِهِمْ}. ٦٣٧٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَلاَ تَهْنُوا وَلا تَـحْزَنُوا وأنتُـمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ}: يعزّي أصحاب مـحمد صلى اللّه عليه وسلم كما تسمعون، ويحثهم علـى قتال عدوّهم، وينهاهم عن العجز والوهن فـي طلب عدوّهم فـي سبـيـل اللّه . ٦٣٧٩ـ حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـي، قال: حدثنا عبـاد، عن الـحسن، فـي قوله: {وَلاَ تَهْنُوا وَلا تَـحْزَنُوا وأنتُـمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ} قال: يأمر مـحمدا يقول: ولا تهنوا أن تـمضوا فـي سبـيـل اللّه . ٦٣٨٠ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد في قول اللّه عز وجل: {وَلاَ تَهْنُوا}: ولا تضعفوا. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ٦٣٨١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، فـي قوله: {وَلاَ تَهْنُوا وَلا تَـحْزَنُوا} يقول: ولا تضعفوا. ٦٣٨٢ـ حدثنـي القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: {وَلاَ تَهْنُوا} قال ابن جريج: ولا تضعفوا فـي أمر عدوكم، {وَلا تَـحْزَنُوا وأنتُـمُ الأعْلَوْنَ} قال: انهزم أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فـي الشعب، فقالوا: ما فعل فلان؟ ما فعل فلان؟ فنعى بعضهم بعضا، وتـحدثوا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد قتل، فكانوا فـي همّ وحزن. فبـينـما هم كذلك، إذ علا خالد بن الولـيد الـجبل بخيـل الـمشركين فوقهم وهم أسفل فـي الشعب¹ فلـما رأوا النبـي صلى اللّه عليه وسلم فرحوا، وقال النبـي صلى اللّه عليه وسلم: (اللّه مّ لا قُوّةَ لَنا إلاّ بِكَ، ولَـيْسَ يَعْبُدُكَ بِهَذِهِ البَلْدَةِ غَيْرُ هَولاءِ النّفَرِ) قال: وثاب نفر من الـمسلـمين رماة، فصعدوا، فرموا خيـل الـمشركين حتـى هزمهم اللّه ، وعلا الـمسلـمون الـجبل¹ فذلك قوله: {وأنتُـمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ}. ٦٣٨٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: {وَلاَ تَهْنُوا} أي لا تضعفوا، {وَلا تَـحْزَنُوا} ولا تأسوا علـى ما أصابكم، {وأنتُـمُ الأعْلَوْنَ} أي لكم تكون العاقبة والظهور، {إنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ}: إن كنتـم صدقتـم نبـيـي بـما جاءكم به عنـي. ٦٣٨٤ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قال: أقبل خالد بن الولـيد يريد أن يعلو علـيهم الـجبل، فقال النبـي صلى اللّه عليه وسلم: (اللّه مّ لا يَعْلُونَ عَلَـيْنَا!) فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {وَلاَ تَهْنُوا وَلا تَـحْزَنُوا وأنتُـمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُـمْ مُوءْمِنِـينَ}. |
﴿ ١٣٩ ﴾