٥٥القول في تأويل قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مّن صَدّ عَنْهُ وَكَفَىَ بِجَهَنّمَ سَعِيراً }. يعني بذلك جلّ ثناؤه: فمن الذين أوتوا الكتاب من يهود بني إسرائيل الذين قال لهم جلّ ثناؤه: {آمِنوا بِمَا نَزّلْنا مُصَدّقا لمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ نَطْمِسَ وُجُوها فنرُدّها على أدْبارِها} {مَنْ آمَنَ بِهِ} يقول: من صدّق بما أنزلنا على محمد صلى اللّه عليه وسلم مصدّقا لما معهم. {ومِنْهُمْ مَنْ صَدّ عَنْهُ} ومنهم من أعرض عن التصديق به. كما: ٧٨٥٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ} قال: بما أنزل على محمد من يهود {ومِنْهُمْ مَنْ صَدّ عَنْهُ}. حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وفي هذه الاَية دلالة على أن الذين صدّوا عما أنزل اللّه على محمد صلى اللّه عليه وسلم من يهود بني إسرائيل الذين كانوا حوالي مهاجَرِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إنما رفع عنهم وعيد اللّه الذي توعدهم به، في قوله: {آمِنُوا بِمَا نَزّلْنا مُصَدّقا لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ نَطْمِسَ وُجُوها فَنرُدّها على أدْبارِها أوْ نَلْعَنَهُمْ كمَا لَعَنّا أصحَابَ السّبْتِ وكانَ أمْرُ اللّه مَفْعُولاً} في الدنا، وأخرت عقوبتهم إلى يوم القيامة، لإيمان من آمن منهم. وإن الوعيد لهم من اللّه بتعجيل العقوبة في الدنيا إنما كان على مقام جميعهم على الكفر بما أنزل على نبيه صلى اللّه عليه وسلم، فلما آمن بعضهم خرجوا من الوعيد الذي توعده في عاجل الدنيا، وأخّرت عقوبة المقيمين على التكذيب إلى الاَخرة، فقال لهم: كفاكم بجهنم سعيرا. ويعني قوله: {وكَفَى بِجَهَنّمَ سَعِيرا}: وحسبكم أيها المكذّبون بما أنزلت على محمد نبيـي ورسولي بجهنم سعيرا، يعني: بنار جهنم تُسَعّر عليكم: أي توقد عليكم. وقيل: {سعيرا} أصله مسعورا، من سعرت تسعر فهي مسعورة، كما قال اللّه : {وَإذَا الجَحِيمُ سُعّرَتْ} ولكنها صرفت إلى فعيل، كما قيل: كفّ خضيب ولحية دهين، بمعنى مخضوبة ومدهونة، والسعير: الوقود. |
﴿ ٥٥ ﴾