٦٢

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَتَرَىَ كَثِيراً مّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى اللّه عليه وسلم: وترى يا مـحمد كثـيرا من هؤلاء الـيهود الذين قصصت علـيك نبأهم من بنـي إسرائيـل يُسَارِعُونَ فِـي الإثْمِ والعُدْوَانِ

يقول: يعجلون بـمواقعة الإثم.

وقـيـل: إن الإثم فـي هذا الـموضع معنىّ به الكفر.

٩٦٢٣ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ فـي قوله: وَتَرَى كَثِـيرا مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِـي الإثْمِ وَالعُدوَانِ قال: الإثم: الكفر.

٩٦٢٤ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وَتَرى كَثِـيرا مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِـي الإثْمِ وَالعُدْوَانِ وكان هذا فـي حُكّام الـيهود بـين أيديكم.

٩٦٢٥ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: يُسارِعُونَ فِـي الإثْمِ والعُدْوَانِ قال: هؤلاء الـيهود لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلا يَنْهاهُمْ الرّبّـانِـيّونَ... إلـى قوله: لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ قال: يصنعون ويعملون واحد

قال: لهؤلاء حين لـم يُنْهُوا، كما قال لهؤلاء حين عملوا.

قال: وهذا القول الذي ذكرناه عن السديّ وإن كان قولاً غير مدفوع جواز صحته، فإن الذي هو أولـى بتأويـل الكلام أن يكون القوم موصوفـين بأنهم يسارعون فـي جميع معاصي اللّه لا يتـحاشَوْن من شيء منها لا من كفر ولا من غيره لأن اللّه تعالـى ذكره عمّ فـي وصفهم بـما وصفهم به من أنهم يسارعون فـي الإثم والعدوان من غير أن يخصّ بذلك إثما دون إثموأما العدوان، فإنه مـجاوزة الـحدّ الذي حدّه اللّه لهم فـي كلّ ما حدّه لهم. وتأويـل ذلك أن هؤلاء الـيهود الذين وصفهم فـي هذه الاَيات بـما وصفهم به تعالـى ذكره، يسارع كثـير منهم فـي معاصي اللّه وخلاف أمره، ويتعدّون حدوده التـي حدّ لهم فـيـما أحلّ لهم وحرّم علـيهم فـي أكلهم السّحْت، وذلك الرشوة التـي يأخذونها من الناس علـى الـحكم بخلاف حكم اللّه فـيهم. يقول اللّه تعالـى ذكره: لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

يقول: أقسم لبئس العمل ما كان هؤلاء الـيهود يعملون فـي مسارعتهم فـي الإثم والعدوان وأكلهم السحت.

﴿ ٦٢