٢القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن طِينٍ ثُمّ قَضَىَ أَجَلاً وَأَجَلٌ مّسمّى عِندَهُ ثُمّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ }. يعني تعالى ذكره بقوله: هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ أن اللّه الذي خلق السموات والأرض، وأظلم ليلهما وأنار نهارهم، فكفر به مع إنعامه عليهم الكافرون، وعدلوا به من لا ينفعهم ولا يضرّهم. هو الذي خلقكم أيها الناس من طين وإنما يعني بذلك تعالى ذكره أن الناس وَلَدُ مَن خَلَقه من طين، فأخرج ذلك مخرج الخطاب لهم، إذ كانوا وَلَدَه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ١٠٢٤٥ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ بدء الخلق خلق اللّه آدم من طين. ١٠٢٤٦ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ قال: هو آدم. ١٠٢٤٧ـ حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: أما خَلَقكم من طين: فآدم. ١٠٢٤٨ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، قال: خلق آدم من طين، وخلق الناس من سلالة من ماء مهين. ١٠٢٤٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم حين أخذنا من ظهره. القول في تأويل قوله تعالى: ثُمّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ. اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى قوله: ثُمّ قَضَى أجَلاً: ثم قضى لكم أيها الناس أجلاً، وذلك ما بين أن يُخلق إلى أن يموت وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ وذلك ما بين أن يموت إلى أن يبعث. ذكر من قال ذلك: ١٠٢٥٠ـ حدثنا ابن وكيع، وهناد بن السريّ، قالا: حدثنا وكيع، قال: حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذليّ، عن الحسن، في قوله: قَضَى أجَلاً قال: ما بين أن يخلق إلى أن يموت. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قال: ما بين أن يموت إلى أن يبعث. ١٠٢٥١ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ثُمّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ كان يقول: أجلَ حياتك إلى أن تموت وأجَل موتك إلى أن تبعث، فأنت بين أجلين من اللّه تعالى. ١٠٢٥٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم: قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قال: قضى أجل الموت، وكلّ نفس أجلها الموت قال: وَلَنْ يُؤَخّرَ اللّه نَفْسا إذَا جَاءَ أجَلُها. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ يعني: أجل الساعة ذهاب الدنيا والإفضاء إلى اللّه . وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم قضى الدنيا وعنده الاَخرة. ذكر من قال ذلك: ١٠٢٥٣ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله: أجَلاً قال: الدنيا. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ الاَخرة. ١٠٢٥٤ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو عاصم، عن زكريا بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: قَضَى أجَلاً قال: الاَخرة عنده. وأجَلٌ مُسَمّى الدنيا. حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أجَلاً قال: الاَخرة عنده. وأجَلٌ مُسَمّى قال: الدنيا. حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أجَلاً قال: الاَخرة عنده. وأجَلٌ مُسَمّى قال: الدنيا. ١٠٢٥٥ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن: ثُمّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قالا: قضى أجل الدنيا من حين خلقك إلى أن تموت. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ يوم القيامة. ١٠٢٥٦ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة: ثُمّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قال: قضى أجل الدنيا. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قال: هو أجل البعث. ١٠٢٥٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة: ثُمّ قَضَى أجَلاً قال: الموت. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ الاَخرة. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة والحسن، في قوله: ثُمّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قالا: قضى أجل الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تموت، وأجل مسمى عنده يوم القيامة. حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد: قَضَى أجَلاً قال: أجل الدنيا. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قال: البعث. حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن طلحة، عن ابن عباس: ثُمّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ يعني: أجل الموت. والأجل المسمى: أجل الساعة، الوقوف عند اللّه . ١٠٢٥٨ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ قَضَى أجَلاً قال: أما قضى أجلاً: فأجل الموت. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ يوم القيامة. وقال آخرون في ذلك بما: ١٠٢٥٩ـ حدثني به محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ثُمّ قَضَي أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ قال: أما قوله: قَضَي أجَلاً فهو النوم تقبض فيه الروح ثم ترجع إلى صاحبها حين اليقظة. وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ: هو أجل موت الإنسان. وقال آخرون بما: ١٠٢٦٠ـ حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، في قوله: هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمّ قَضَى أجَلاً وأجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ ثُمّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ قال: خلق آدم من طين، ثم خلقنا من آدم، أخذنا من ظهره، ثم أخذ الأجل والميثاق في أجل واحد مسمى في هذه الحياة الدنيا. وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: ثم قضى أجل هذه الحياة الدنيا، وأَجَلٌ مُسَمّى عّهْدَهُ وهو أجل البعث عنده. وإنما قيل ذلك أولى بالصواب، لأنه تعالى نبه خلقه على موضع حجته عليهم من أنفسهم، فقال لهم: أيها الناس، إن الذي يعدل به كفاركم الاَلهة والأنداد هو الذي خلقكم فابتدأكم وأنشأكم من طين، فجعلكم صورا أجساما أحياء بعد إذ كنتم طينا جمادا، ثم قضى آجال حياتكم لفنائكم ومماتكم، ليعيدكم ترابا وطينا كالذي كنتم قبل أن ينشأكم ويخلقكم. وأَجَلٌ مُسَمّى عِنْدَهُ لإعادتكم أحياء وأجساما كالذي كنتم قبل مماتكم. وذلك نظير قوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ باللّه وكُنْتُمْ أمْوات فأحْيَاكُمْ ثُمّ يُمِيْتُكُمْ ثُمّ يُحُيِيكُمْ ثُمّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ. القول في تأويل قوله تعالى: ثُمّ أنْتُمْ تَمْتُرُونَ. يقول تعالى ذكره: ثم أنتم تشكون في قدرة من قدر على خلق السموات والأرض، وإظلام الليل وإنارة النهار، وخلقكم من طين حتى صيركم بالهيئة التي أنتم بها على إنشائه إياكم من بعد مماتكم وفنائكم، وإيجاده إياكم بعد عدمكم. والمرية في كلام العرب هي الشكّ، وقد بينت ذلك بشواهده في غير هذا الموضع فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته. وقد: ١٠٢٦١ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ثُمّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ قال: الشكّ قال: وقرأ قول اللّه : فِي مِرْيَةٍ منْهُ قال: في شكّ منه. ١٠٢٦٢ـ حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: ثُمّ أنْتُمْ تَمْتَرُونَ بمثله. |
﴿ ٢ ﴾