٧٨

القول في تأويل قوله تعالى:{فَأَخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }.

يقول تعالى ذكره: فأخذت الذين عقروا الناقة من ثمود الرجفة، وهي الصيحة، والرجفة: الفَعْلة، من قول القائل: رجَف بفلان كذا يَرْجُف رَجْفا، وذلك إذا حرّكه وزعزعه، كما قال الأخطل:

إمّا تَرَيْنِـي حنَانِـي الشّيْبُ مِنْ كِبَرٍ

كالنّسْرِ أرْجُفُ وَالإنْسانُ مَهْدُودُ

وإنـما عنى بـالرجفة ههنا: الصيحة التـي زعزعتهم وحرّكتهم للهلاك، لأن ثمود هلكت بـالصيحة فـيـما ذكر أهل العلـم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١١٥٨٣ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول اللّه : الرجفة، قال: الصيحة.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

١١٥٨٤ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: فَأخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ وهي الصيحة.

حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا أبو سعد، عن مـجاهد: فَأخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ قال: الصيحة.

وقوله: فَأصْبَحُوا فِـي دَارِهِمْ جاثِمِينَ

يقول: فأصبح الذين أهلك اللّه من ثمود فـي دارهم، يعني فـي أرضهم التـي هلكوا فـيها وبلدتهم ولذلك وحد الدار ولـم يجمعها فـيقول (فـي دورهم) . وقد يجوز أن يكون أريد بها الدور، ولكن وجه بـالواحدة إلـى الـجمع، كما قـيـل: وَالعَصْرِ إنّ الإنْسانَ لَفِـي خُسْرٍ.

وقوله: جاثِمِينَ يعني : سقوطا صرعى لا يتـحرّكون لأنهم لا أرواح فـيهم قد هلكوا، والعرب تقول للبـارك علـى الركبة: جاثم، ومنه قول جرير:

عَرَفْتُ الـمُنْتَأَى وعَرَفْتُ مِنهامَطايا القِدْرِ كالـحِدَإِ الـجُثُوم

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١١٥٨٥ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: فَأصْبَحُوا فِـي دَارِهِمْ جاثِمِينَ قال: ميتـين.

﴿ ٧٨