٢٥

القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{وَاتّقُواْ فِتْنَةً لاّ تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصّةً وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ }..

يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين به وبرسوله: اتقوا أيها الـمؤمنون فتنة،

يقول: اختبـارا من اللّه يختبركم، وبلاء يبتلـيكم، لا تصيبنّ هذه الفتنة التـي حذرتكموها الذين ظلـموا، وهم الذين فعلوا ما لـيس لهم فعله، إما أجرام أصابوها وذنوب بـينهم وبـين اللّه ركبوها، يحذّرهم جلّ ثناؤه أن يركبوا له معصية أو يأتوا مأثما يستـحقون بذلك منه عقوبة. وقـيـل: إن هذه الاَية نزلت فـي قوم من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهم الذين عنوا بها. ذكر من قال ذلك:

١٢٤١٤ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن إبراهيـم، قال: حدثنا الـحسن بن أبـي جعفر، قال: حدثنا داود بن أبـي هند، عن الـحسن، فـي قوله: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً قال: نزلت فـي علـيّ وعثمان وطلـحة والزبـير، رضي اللّه عنهم.

١٢٤١٥ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً قال قتادة: قال الزبـير بن العوّام: لقد نزلت وما نرى أحدا منا يقع بها، ثم خصتنا فـي إصابتنا خاصة.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا زيد بن عوف أبو ربـيعة، قال: حدثنا حماد، عن حميد، عن الـحسن، أن الزبـير بن العوّام، قال: نزلت هذه الاَية: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً وما نظننا أهلها، ونـحن عنـينا بها.

قال: حدثنا قبـيصة، عن سفـيان، عن الصلت بن دينار، عن ابن صبهان، قال: سمعت الزبـير بن العوّام

يقول: قرأت هذه الاَية زمانا وما أرانا من أهلها، فإذا نـحن الـمعنـيون بها وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً وَاعْلَـمُوا أن اللّه شَدِيدُ العِقابِ.

١٢٤١٦ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً قال: هذه نزلت فـي أهل بدر خاصة، وأصابتهم يوم الـجمل فـاقتتلوا.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن ابن أبـي خالد، عن السديّ: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً وَاعْلَـمُوا أنّ اللّه شَدِيدُ العِقابِ قال: أصحاب الـجمل.

١٢٤١٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: حدثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس : وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً قال: أمر اللّه الـمؤمنـين أن لا يقرّوا الـمنكر بـين أظهرهم فـيعمهم اللّه بـالعذاب.

١٢٤١٨ـ قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً قال: هي أيضا لكم.

١٢٤١٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً قال: الفتنة: الضلالة.

١٢٤٢٠ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن الـمسعودي، عن القاسم، قال: قال عبد اللّه : ما منكم من أحد إلاّ وهو مشتـمل علـى فتنة، إن اللّه

يقول: إنّـمَا أمْوَالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنَة فلـيستعذ بـاللّه من مُضلات الفتن.

١٢٤٢١ـ حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا مبـارك بن فضالة، عن الـحسن، قال: قال الزبـير: لقد خوّفنا بها، يعني قوله: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْكُمْ خاصّةً.

واختلف أهل العربـية فـي تأويـل ذلك، فقال بعض نـحويـي البصرة: اتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا قوله: لا تصيبنّ، لـيس بجواب، ولكنه نهي بعد أمر، ولو كان جوابـا ما دخـلت النون. وقال بعض نـحويى الكوفة: قوله: وَاتّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنّ الّذِينَ ظَلَـمُوا أمرهم ثم نهاهم، ومنكم ظرف من الـجزاء وإن كان نهيا. قال: ومثله قوله: يا أيّها النّـمْلُ ادْخُـلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنّكُمْ سُلَـيْـمانُ أمرهم ثم نهاهم، وفـيه تأويـل الـجزاء. وكأن معنى الكلام عنده: اتقوا فتنة إن لـم تتقوها أصابتكم.

وأما قوله: وَاعْلَـمُوا أنّ اللّه شَدِيدُ العِقابِ فإنه تـحذير من اللّه ووعيد لـمن واقع الفتنة التـي حذره إياها ب قوله: وَاتّقُوا فِتْنَةً،

يقول: اعلـموا أيها الـمؤمنون أن ربكم شديد عقابه لـمن اقتتن بظلـم نفسه وخالف أمره، فأثم به.

﴿ ٢٥