٣٣القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }.. اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: تأويـله: وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْت فِـيهِمْ: أي وأنت مقـيـم بـين أظهرهم. قال: وأنزلت هذه علـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم وهو مقـيـم بـمكة. قال: ثم خرج النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم من بـين أظهرهم، فـاستغفر من بها من الـمسلـمين، فأنزل بعد خروجه علـيه حين استغفر أولئك بها: وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرونَ. قال: ثم خرج أولئك البقـية من الـمسلـمين من بـينهم، فعذّب الكفـار. ذكر من قال ذلك. ١٢٤٨٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر بن أبـي الـمغيرة، عن ابن أبزي، قال: كان النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم بـمكة، فأنزل اللّه : وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِـيهِمْ. قال: فخرج النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم إلـى الـمدينة، فأنزل اللّه : وَما كانَ اللّه مُعَذبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. قال: فكان أولئك البقـية من الـمسلـمين الذين بقوا فـيها يستغفرون، يعني بـمكة فلـما خرجوا أنزل اللّه علـيه: وَما لَهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّه وَهُمْ يَصُدّونَ عَنِ الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ وَما كانُوا أوْلِـياءَهُ قال: فأذن اللّه له فـي فتـح مكة، فهو العذاب الذي وعدهم. ١٢٤٨٤ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا حصين، عن أبـي مالك، فـي قوله: وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْت فِـيهِمْ يعني النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم. وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يعني : من بها من الـمسلـمين. وَمَا لَهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّه يعني مكة، وفـيها الكفـار. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن حصين، عن أبـي مالك، فـي قول اللّه :وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ يعني : أهل مكة. وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وفـيهم الـمؤمنون، يستغفرون يغفر لـمن فـيهم من الـمسلـمين. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيـل الرازي وأبو داود الـحفري، عن يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى: وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: بقـية من بقـي من الـمسلـمين منهم، فلـما خرجوا، قال: وَما لَهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّه . قال: حدثنا عمران بن عيـينة، عن حصين، عن أبـي مالك: وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِـيهِمْ قال: أهل مكة. ١٢٤٨٥ـ وأخبرنا أبـيّ، عن سلـمة بن نبـيط، عن الضحاك : وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: الـمؤمنون من أهل مكة. وَما لَهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّه وَهُمْ يَصُدّونَ عَنِ الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ قال: الـمشركون من أهل مكة. ١٢٤٨٦ـ قال: حدثنا أبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك : وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: الـمؤمنون يستغفرون بـين ظهرانـيهم. ١٢٤٨٧ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يقول: الذين آمنوا معك يستغفرون بـمكة، حتـى أخرجك والذين آمنوا معك. ١٢٤٨٨ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، قال: قال ابن جريج، قال: ابن عبـاس : لـم يعذّب قرية حتـى يخرج النبـيّ منها والذين آمنوا معه ويـلـحقه بحيث أمر. وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ يعني الـمؤمنـين. ثم أعاد إلـى الـمشركين، فقال: وَما لَهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّه . ١٢٤٨٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِـيهِمْ قال: يعني أهل مكة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما كان اللّه لـيعذّب هؤلاء الـمشركين من قريش بـمكة وأنت فـيهم يا مـحمد، حتـى أخرجك من بـينهم. وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهؤلاء الـمشركون يقولون: يا ربّ غفرانك وما أشبه ذلك من معانـي الاستغفـار بـالقول. قالوا: وقوله: وَما لهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّه فـي الاَخرة. ذكر من قال ذلك. ١٢٤٩٠ـ حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا عكرمة، عن أبـي زميـل، عن ابن عبـاس : إن الـمشركين كانوا يطوفون بـالبـيت يقولون: لبـيك لا شريك لك لبـيك، فـيقول النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم: (قَدْ قَدْ) فـيقولون: لا شريك لك إلاّ شريك هو لك تـملكه وما ملك، ويقولون: غفرانك غفرانك. فأنزل اللّه : وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِـيهِمْ وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. فقال ابن عبـاس : كان فـيهم أمانان: نبـيّ اللّه والاستغفـار، قال: فذهب النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، وبقـي الاستغفـار. وَما لَهُمْ ألاّ يُعَذّبَهُمُ اللّه وَهُمْ يَصُدّونَ عَنِ الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ وَما كانُوا أوْلِـياءَهُ إنْ أوْلِـياؤُهُ إلاّ الـمُتّقُونَ قال: فهذا عذاب الاَخرة، قال: وذاك عذاب الدنـيا. ١٢٤٩١ـ حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا أبو معشر، عن يزيد بن رومان ومـحمد بن قـيس قالا: قالت قريش بعضها لبعض: مـحمد أكرمه اللّه من بـيننا اللّه مّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الـحَقّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأمْطِرْ عَلَـيْنا... الاَية فلـما أمسوا ندموا علـى ما قالوا، فقالوا: غفرانك اللهمّ فأنزل اللّه : وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ... إلـى قوله: لا يَعْلَـمُونَ. ١٢٤٩٢ـ حدثنـي ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: كانوا يقولون يعني الـمشركين: واللّه إن اللّه لا يعذّبنا ونـحن نستغفر، ولا يعذّب أمة ونبـيها معها حتـى يخرجه عنها وذلك من قوله ورسول لله صلى اللّه عليه وسلم بـين أظهرهم، فقال اللّه لنبـيه صلى اللّه عليه وسلم يذكر له جهالتهم وغرّتهم واستفتاحهم علـى أنفسهم، إذ قالوا اللّه مّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الـحَقّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَـيْنا حِجارَةً مِنَ السّماءِ كما أمطرتها علـى قوم لوط، وقال حين نعى علـيهم سوء أعمالهم: وَما كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِـيهِمْ وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، أي بقوله م، وإن كانوا يستغفرون كما قال: وَهُمْ يَصُدّونَ عَنِ الـمَسْجِدِ الـحَرامِ من آمن اللّه وعبده، أي أنت ومن تبعك. ١٢٤٩٣ـ حدثنا الـحسن بن الصبـاح البزار، قال: حدثنا أبو بردة، عن أبـي موسى، قال: إنه كان فـيكم أمانان: قوله: ومَا كانَ اللّه لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِـيهِمْ وَما كانَ اللّه مُعَذّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال: أما النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم فقد مضى، وأما الاستغفـار فهو دائر فـيكم إلـى يوم القـيامة. ١٢٤٩٤ـ حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا يونس بن أبـي إسحاق، عن عامر أبـي الـخطاب الثوريّ قال: سمعت أبـا العلاء يقول: كان لأمة مـحمد صلى اللّه عليه وسلم أمَنتاه: فذهبت إحداهما، وبقـيت الأخرى: وَما كانَ لِـيُعَذّبَهُمْ وأنْتَ فِـيهِمْ... الاَية. |
﴿ ٣٣ ﴾