٨القول في تأويل قوله تعالى: {إَنّ الّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدّنْيَا وَاطْمَأَنّواْ بِهَا وَالّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ }. يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يخافون لقاءنا يوم القيامة، فهم لذلك مكذّبون بالثواب والعقاب، متنافسون في زين الدنيا وزخارفها، راضون بها عوضا من الاَخرة، مطمئنين إليها ساكنين. وَالّذِينَ هم عن آيات اللّه ، وهي أدلته على وحدانيته، وحججه على عباده في إخلاص العبادة له غَافِلُونَ معرضون عنها لاهون، لا يتأملونها تأمل ناصح لنفسه، فيعلموا بها حقيقة ما دلتهم عليه، ويعرفوا بها بطول ما هم عليه مقيمون. أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النّارُ يقول جلّ ثناؤه: هؤلاء الذين هذه صفتهم مأواهم مصيرها إلى النار نار جهنم في الاَخرة. بِمَا كَانُوا يَكْسِبونَ في الدنيا من الاَثام والأجرام ويجترحون من السيئات. والعرب تقول: (فلان لا يرجو فلانا) : إذا كان لا يخافه. ومنه قول اللّه جلّ ثناؤه: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقارا. ومنه قول أبي ذؤيب: إذَا لَسَعَتْهُ النّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهاوخالَفَها فِي بَيْتِ نُوبٍ عَوَاسِلِ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ١٣٦٨٢ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: واطْمَأنّوا بِها قال: هو مثل قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدّنْيا وَزِينَتَها نُوَفّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِيها. حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: إنّ الّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بالحَياةِ الدّنْيا واطْمأَنّوا بِها قال: هو مثل قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدّنْيا وَزِينَتَها نُوَفّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِيها. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. ١٣٦٨٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنّ الّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بالحَياةِ الدّنْيا واطْمأَنّوا بِها وَالّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ قال: إذا شئت رأيت صاحب دنيا لها يفرح، ولها يحزن، ولها يسخط، ولها يرضى. ١٣٦٨٤ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إنّ الّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بالحَياةِ الدّنْيا واطْمأَنّوا بِها... الآية كلها، قال: هؤلاء أهل الكفر. ثم قال: أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النّارُ بِمَا كانُوا يَكْسِبُوَنَ. |
﴿ ٨ ﴾