١٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ }. يقول تعالـى ذكره: مَنْ كانَ يُرِيدُ بعمله الـحَياةَ الدّنْـيا وأثاثها وَزِينَتَها يطلب به، نوَفّ إلَـيْهِمْ أجور أعْمَالَهُمْ فِـيها وثوابها. وَهُمْ فِـيها يقول: وهم فـي الدنـيا لا يُبْخَسُونَ يقول: لا يُنقصون أجرها، ولكنهم يُوَفّونه فـيها. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٣٩٨٩ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وَزِينَتَها... الآية، وهي ما يعطيهم اللّه من الدنـيا بحسناتهم وذلك أنهم لا يظلـمون نقـيرا، يقول: من عمل صالـحا التـماس الدنـيا صوما أو صلاة أو تهجدا بـاللـيـل لا يعمله إلا لالتـماس الدنـيا يقول اللّه :أُوَفّـيه الذي التـمس فـي الدنـيا من الـمثابة، وحبط عمله الذي كان يعمل التـماس الدنـيا، وهو فـي الاَخرة من الـخاسرين. ١٣٩٩٠ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبـير: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها قال: ثواب ما عملوا فـي الدنـيا من خير أعطوه فـي الدنـيا، وَلَـيْس لهُمْ فـي الاَخِرِةِ إلاّ النّارُ وحَبِط ما صَنُعوا فِـيها. ١٣٩٩١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبـير، قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها قال: وربـما عملوا من خير أعطوه فـي الدنـيا، ولَـيْسَ لَهُمْ فـي الاَخِرِةِ إلاّ النّارُ وحَبِط ما صنَعُوا فِـيها قال: هي مثل الآية التـي فـي الروم: وما أتَـيْتُـمْ مِنْ رِبـا لِـيَرْبُوَ فـي أمْوَالِ النّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْد اللّه . حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن منصور، عن سعيد بن جبـير: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها قال: من عمل للدنـيا وُفّـيَهُ فـي الدنـيا. ١٣٩٩٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها قال: من عمل عملاً مـما أمر اللّه به من صلاة أو صدقة لا يريد بها وجه اللّه أعطاه اللّه فـي الدنـيا ثواب ذلك مثل ما أنفق فذلك قوله: نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها فـي الدنـيا، وَهُمْ فِـيهَا لا يُبْخَسُونَ أجر ما عملوا فـيها، أولَئِكَ الّذِينَ لَـيْسَ لَهُمْ فِـي الاَخِرَةِ إلاّ النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِـيها... الآية. ١٣٩٩٣ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن عيسى، يعني ابن ميـمون، عن مـجاهد، فـي قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها قال: مـمن لا يقبل منه جُوزي به يُعطي ثوابه. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن عيسى الـجرشي، عن مـجاهد: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها قال: مـمن لا يقبل منه يعجل له فـي الدنـيا. ١٣٩٩٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها وَهُمْ فِـيها لا يُبْخَسُونَ أي لا يظلـمون. يقول: من كانت الدنـيا همه وسَدَمه وطلبته ونـيته، جازاه اللّه بحسناته فـي الدنـيا، ثم يُفْضِي إلـى الاَخرة ولـيس له حسنة يُعْطَي بها جزاء. وأما الـمؤمن فـيجازي بحسناته فـي الدنـيا ويثاب علـيها فـي الاَخرة. وَهُمْ فِـيها لا يُبْخَسُونَ: أي فـي الاَخرة لا يظلـمون. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق جميعا، عن معمر، عن قتادة: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها.... الآية، قال: من كان إنـما همته الدنـيا إياها يطلب أعطاه اللّه مالاً وأعطاه فـيها ما يعيش، وكان ذلك قصاصا له بعمله. وَهُمْ فِـيها لا يُبْخَسُونَ قال: لا يظلـمون. ١٣٩٩٥ـ قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن لـيث بن أبـي سلـم، عن مـحمد بن كعب الُقَرِظيّ: أن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: (مَنْ أحْسَنَ مِنْ مُـحْسِنٍ فَقَدْ وَقَعَ أجْرُهُ علـى اللّه فِـي عاجِلِ الدّنْـيا وآجِلِ الاَخِرَةِ) . ١٣٩٩٦ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها.... الآية، يقول: من عمل عملاً صالـحا فـي غير تقوى يعني من أهل الشرك أعطي علـى ذلك أجرا فـي الدنـيا يصل رحما، يعطي سائلاً، يرحم مضطرّا فـي نـحو هذا من أعمال البرّ يعجل اللّه له ثواب عمله فـي الدنـيا، ويوسع علـيه فـي الـمعيشة والرزق، ويقرّ عينه فـيـما خوّله، ويدفع عنه من مكاره الدنـيا فـي نـحو هذا، ولـيس له فـي الاَخرة من نصيب. ١٣٩٩٧ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا حفص بن عمرو أبو عمر الضرير، قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس فـي قوله: نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها وَهُمْ فِـيها لا يُبْخَسُونَ قال: هي فـي الـيهود والنصارى. ١٣٩٩٨ـ قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن أبـي رجاء الأزدي، عن الـحسن: نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها قال: طيبـاتهم. حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن عُلَـية، عن أبـي رجاء، عن الـحسن، مثله. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن عُلَـية، عن أبـي رجاء، عن الـحسن، مثله. ١٣٩٩٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن وهب أنه بلغه أن مـجاهدا كان يقول فـي هذه الآية: هم أهل الرياء، هم أهل الرياء. ١٤٠٠٠ـ قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن حيوة بن شريح، قال: ثنى الولـيد بن أبـي الولـيد أبو عثمان، أن عقبة بن مسلـم حدثه، أن شُفـي بن ماتع الأصبحي حدثه: أنه دخـل الـمدينة، فإذا هو برجل قد اجتـمع علـيه الناس، فقال من هذا؟ فقالوا أبو هريرة. فدنوت منه حتـى قعدت بـين يديه وهو يحدّث الناس، فلـما سكت وخَلا قلت: أنشدك بحقّ وبحقّ لـما حدثتنـي حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عقلته وعلـمته قال: فقال أبو هريرة: أفعل، لأحدثنك حديثا حدثنـيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم نشغ نشغة، ثم أفـاق، فقال: لأحدثنك حديثا حدثنـيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فـي هذا البـيت ما فـيه أحد غيري وغيره ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خارّا علـى وجهه، واشتدّ به طويلاً، ثم أفـاق، فقال: حدثنـي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه تبـارك وتعالـى إذا كان يوم القـيامة نزل إلـى أهل القـيامة لـيقضي بـينهم وكل أمة جاثـية، فأوّل من يدعى به رجل جمع القرآن، ورجل قتل فـي سبـيـل اللّه ، ورجل كثـير الـمال، فـيقول اللّه للقارىء: ألـم أعلـمك ما أنزلت علـى رسولـي؟ قال: بلـى يا ربّ قال: فماذا عملت فـيـما علـمت؟ قال: كنت أقوم آناء اللـيـل وآناء النهار. فـيقول اللّه له: كذبت وتقول له الـملائكة: كذبت ويقول اللّه له: بل أردت أن يقال: فلان قارىء فقد قـيـل ذلك. ويؤتـي بصاحب الـمال فـيقول اللّه له: ألـم أوسع علـيك حتـى لـم أدعك تـحتاج إلـى أحد؟ قال: بلـى يا ربّ قال: فماذا عملت فـيـما آتـيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدّق. فـيقول اللّه له: كذبت وتقول الـملائكة: كذبت ويقول اللّه له: بل أردت أن يقال: فلان جواد، فقد قـيـل ذلك. ويؤتـى بـالذي قُتل فـي سبـيـل اللّه ، فـيقال له: فبـماذا قتلت؟ فـ يقول: أمرت بـالـجهاد فـي سبـيـلك، فقاتلت حتـى قتلت. فـيقول اللّه له: كذبت وتقول له الـملائكة: كذبت ويقول اللّه له: بل أردت أن يقال: فلان جريء، وقد قـيـل ذلك) . ثم ضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علـى ركبتـي، فقال: (يا أبـا هريرة أولئك الثلاثة أوّل خـلق اللّه تسعر بهم النار يوم القـيامة) . قال الولـيد أبو عثمان: فأخبرنـي عقبة أن شفـيّا هو الذي دخـل علـى معاوية، فأخبره بهذا. قال أبو عثمان: وحدثنـي العلاء بن أبـي حكيـم أنه كان سيافـا لـمعاوية، قال: فدخـل علـيه رجل فحدثه بهذا عن أبـي هريرة، فقال أبو هريرة وقد فعل بهؤلاء هذا، فكيف بـمن بقـي من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاء شديدا حتـى ظننا أنه هلك، وقلنا: قد جاءنا هذا الرجل شرّ. ثم أفـاق معاوية ومسح عن وجهه فقال: صدق اللّه ورسوله مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها نُوفّ إلَـيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِـيها وقرأ إلـى: وَبـاطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ. حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا سفـيان، عن عيسى بن ميـمون، عن مـجاهد: مَنْ كانَ يُرِيدُ الـحَياةَ الدّنْـيا وزَينَتَها... الآية، قال: مـمن لا يتقبل منه، يصوم ويصلـي يريد به الدنـيا، ويدفع عنه وهم الاَخرة. وَهُمْ فِـيها لا يُبْخَسُونَ لا ينقصون. |
﴿ ١٥ ﴾