٢٤القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأعْمَىَ وَالأصَمّ وَالْبَصِيرِ وَالسّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكّرُونَ }. يقول تعالـى ذكره: مثل فريقـي الكفر والإيـمان كمثل الأعمى الذي لا يرى بعينه شيئا، والأصمّ الذي لا يسمع شيئا فكذلك فريق الكفر لا يُبصر الـحقّ فـيتبعه ويعمل به، لشغله بكفره بـاللّه وغَلَبة خِذلان اللّه علـيه، لا يسمع داعي اللّه إلـى الرشاد فـيجيبه إلـى الهدى فـيهتدي به، فهو مقـيـم فـي ضلالته، يتردّد فـي حَيرته. والسميع والبصير، فكذلك فريق الإيـمان أبصر حُجج اللّه ، وأقرّ بـما دلت علـيه من توحيد اللّه والبراءة من الاَلهة والأنداد ونبوّة الأنبـياء علـيهم السلام، وسمع داعي اللّه فأجابه وعمل بطاعة اللّه . كما: ١٤٠٤٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس : مَثَلُ الفَرِيقَـيْنِ كالأعْمَى والأصَمّ والبَصِيرِ والسّمِيعِ قال: الأعمى والأصمّ: الكافر، والبصير والسميع: الـمؤمن. ١٤٠٤٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: مَثَلُ الفَرِيقَـيْنِ كالأعْمَى والأصَمّ والبَصِيرِ والسّمِيعِ: الفريقان الكافران، والـمؤمنان، فأما الأعمى والأصمّ فـالكافران، وأما البصير والسميع فهما الـمؤمنان.
١٤٠٤٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: مَثَلُ الفَرِيقَـيْنِ كالأعْمَى والأصَمّ والبَصِيرِ والسّمِيعِ.... الآية، هذا مثل ضربه اللّه للكافر والـمؤمن، فأما الكافر فصمّ عن الـحقّ فلا يسمعه، وعمي عنه فلا يبصره. وأما الـمؤمن فسمع الـحقّ فـانتفع به وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به. يقول تعالـى: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً يقول: هل يستوي هذان الفريقان علـى اختلاف حالتـيهما فـي أنفسهما عندكم أيها الناس؟ فإنهما لا يستويان عندكم، فكذلك حال الكافر والـمؤمن لا يستويان عند اللّه . أفَلا تَذَكّرُونَ يقول جلّ ثناؤه: أفلا تعتبرون أيها الناس وتتفكرون، فتعلـموا حقـيقة اختلاف أمريهما، فتنزجروا عما أنتـم علـيه من الضلال إلـى الهدى ومن الكفر إلـى الإيـمان؟ فـالأعمى والأصم والبصير والسميع فـي اللفظ أربعة، وفـي الـمعنى اثنان، ولذلك قـيـل: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً وقـيـل: كالأعمى والأصمّ، والـمعنى: كالأعمى الأصمّ، وكذلك قـيـل: والبصير والسميع، والـمعنى: البصير السميع، كقول القائل: قام الظريف والعاقل، وهو ينعت بذلك شخصا واحدا. |
﴿ ٢٤ ﴾