٤القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنّاتٌ مّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ ...}. يقول تعالـى ذكره: وفـي الأرْض قطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ: وفـي الأرض قطع منها متقاربـات متدانـيات يقرب بعضها من بعض بـالـجوار، وتـختلف بـالتفـاضل مع تـجاورها وقرب بعضها من بعض، فمنها قطعة سَبِخة لا تنبت شيئا فـي جوار قطعة طيبة تنبت وتنفع. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٥٣٠٢ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد: وفـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قال: السّبِخة والعَذِيَة، والـمالـح والطيب. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، قوله: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قال: سبـاخ وعُذُوبة. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، مثله. ١٥٣٠٣ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا سعيد بن سلـيـمان، قال: حدثنا إسحاق بن سلـيـمان، عن أبـي سنان، عن ابن عبـاس فـي قوله: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاورَاتٌ قال: العَذِية والسّبِخة. ١٥٣٠٤ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس ، قوله: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ يعني : الأرض السّبِخة، والأرض العَذِية، يكونان جميعا متـجاورات، نفضل بعضها علـى بعض فـي الأُكل. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس : قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ العَذِية والسّبِخة متـجاورات جميعا، تنبت هذه، وهذه إلـى جنبها لا تنبت. حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا شبـابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ طيبها: عَذِيّهَا، وخبـيثها: السبـاخ. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، بنـحوه. قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه ، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ١٥٣٠٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قرى قربت متـجاورات بعضها من بعض. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قال: قُرًى متـجاورات. ١٥٣٠٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا هشيـم، عن أبـي إسحاق الكوفـيّ، عن الضحاك ، فـي قوله: قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قال: الأرض السّبِخة تلـيها الأرض العَذِية. حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ يعني الأرض السّبِخة والأرضِ العَذِية، متـجاورات بعضها عند بعض. حدثنا الـحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا إسرائيـل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير عن ابن عبـاس ، فـي قوله: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قال: الأرض تنبت حلُوا، والأرض تنبت حامضا، وهي متـجاورة تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيـل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قال: يكون هذا حلُوا وهذا حامضا، وهو يُسْقـى بـماء واحد، وهنّ متـجاورات. ١٥٣٠٧ـ حدثنـي عبد الـجبـار بن يحيى الرملـيّ، قال: حدثنا ضَمْرة بن ربـيعة، عن ابن شوذب فـي قوله: وفِـي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَـجاوِرَاتٌ قال: عذية ومالـحة. وقوله: وَجَنّاتٌ مِنْ أعْنابِ وَزَرْعٌ ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ يُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ ونُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ يقول تعالـى ذكره: وفـي الأرض مع القطع الـمختلفـات الـمعانـي منها، بـالـملوحة والعذوبة، والـخبـيث والطيب، مع تـجاورها وتقارب بعضها من بعض، بساتـينُ من أعناب وزرع ونـخيـل أيضا، متقاربة فـي الـخِـلقة مختلفة فـي الطعوم والألوان، مع اجتـماع جميعها علـى شِرب واحد، فمِنْ طيّبٍ طعمُه منها حَسَنٍ منظره طيبة رائحته، ومِن حامض طعمه ولا رائحة له. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٥٣٠٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: وَجَنّاتٌ مِنْ أعْنابٍ وَرَرْعٌ ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٍ وغير صْنَوان قال: مـجتـمع وغير مـجتـمع. يُسْقَـى بِـمَاءٍ واحِد ونُفَصّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ قال: الأرض الواحدة يكون فـيها الـخَوْخ والكمثري والعنب الأبـيض والأسود، وبعضها أكثر حملاً من بعض، وبعضه حلو، وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض. ١٥٣٠٩ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا شبـابة، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: وَجَنّاتٌ قال: وما معها. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قال الـمثنى، وثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه ، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: وَزَرْعٌ ونَـخِيـلٌ فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة والكوفة: (وَزَرْعٍ ونَـخِيـلٍ) بـالـخفض عطفـا بذلك علـى (الأعناب) ، بـمعنى: وفـي الأرض قطع متـجاورات، وجنّات من أعناب ومن زرع ونـخيـل. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة: وزَرْعٌ ونَـخِيـلٌ بـالرفع عطفـا بذلك علـى (الـجنات) ، بـمعنى: وفـي الأرض قطع متـجاورات وجنات من أعناب، وفـيها أيضا زرع ونـخيـل. والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى، وقرأ بكلّ واحدة منهما قرّاء مشهورون، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب وذلك أن الزرع والنـخـل إذا كانا فـي البساتـين فهما فـي الأرض، وإذا كانا فـي الأرض فـالأرض التـي هما فـيها جنة، فسواءٌ وصفـا بأنهما فـي بستان أو فـي أرض. وأما قوله: ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ فإن الصنوان: جمع صنو، وهي النـخَلات يجمعهن أصل واحد، لا يفرّق فـيه بـين جميعه واثْنـيه إلاّ بـالإعراب فـي النون، وذلك أن تكون نونه فـي اثنـيه مكسورة بكل حال، وفـي جميعه متصرّفة فـي وجوه الإعراب، ونظيره القِنْوان: واحدها قِنْو. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٥٣١٠ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفـيان، عن أبـي إسحاق، عن البراء: صِنْوَانٌ قال: الـمـجتـمع، وغيرُ صِنْوَانٍ: الـمتفرّق. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا الـحسين، عن أبـي إسحاق، عن البراء، قال: صِنْوَانٌ: هي النـخـلة التـي إلـى جنبها نـخلات إلـى أصلها، وغيرُ صِنْوَانٍ: النـخـلة وحدها. حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي إسحاق، عن البراء بن عازب: صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: الصنوان: النـخـلتان أصلهما واحد، وغيرُ صِنْوَانٍ النـخـلة والنـخـلتان الـمتفرّقتان. حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي إسحاق، قال: سمعت البرَاء يقول فـي هذه الآية، قال: النـخـلة يكون لها النـخلات، وغيرُ صِنْوَانٍ النـخـل الـمتفرّق. حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن، ويحيى بن عبـاد وعفـان، واللفظ لفظ أبـي قَطَن، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي إسحاق، عن البراء، فـي قوله: صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: الصنوان: النـخـلة التـي جنبها النـخَلات، وغيرُ صنْوَانٍ: الـمتفرّق. حدثنا الـحسن، قال: حدثنا شبـابة، قال: حدثنا إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن البراء فـي قوله: صِنْوَانٌ وغيرُ صَنْوَانٍ قال: الصنوان: النـخلات الثلاث والأربع والثنتان أصلهنّ واحد، وغير صنوان: الـمتفرّق. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفـيان وشريك، عن أبـي إسحاق، عن البراء فـي قوله: صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: النـخـلتان يكون أصلهما واحد، وغير صنوان: الـمتفرّق. ١٥٣١١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قوله: صِنْوَانٌ يقول: مـجتـمع. ١٥٣١٢ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس ، قوله: ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوانِ يعني بـالصنوان: النـخـلة يخرج من أصلها النـخَلات، فَـيحمِل بعضه ولا يحمل بعضه، فـيكون أصله واحدا ورؤوسه متفرّقة. ١٥٣١٣ـ حدثنـي الـحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا إسرائيـل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس ، فـي قوله: صِنْوَانٌ وغيرٌ صِنْوَانٍ النـخيـل فـي أصل واحد، وغير صنوانٍ: النـخيـل الـمتفرّق. ١٥٣١٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبـير: ونَـخيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: مـجتـمع، وغير مـجتـمع. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا النفـيـلـي، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن البرَاء، قال: الصنوان: ما كان أصله واحدا وهو متفرّق، وغير صنوان: الذي نبت وحده. ١٥٣١٥ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا شبـابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: صِنْوَانٌ النـخـلتان وأكثر فـي أصل واحد، وَغيرُ صِنْوَانٍ وحدها. حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: صِنْوَانٌ: النـخـلتان أو أكثر فـي أصل واحد، وغيرُ صِنْوَانٍ واحدة. قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه ، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ١٥٣١٦ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سلـمة بن نبـيط، عن الضحاك : صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: الصنوان: الـمـجتـمع أصله واحد، وغير صنوان: الـمتفرّق أصله. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن جويبر، عن الضحاك ، فـي قوله: صِنْوانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: الصنوان: الـمـجتـمع الذي أصله واحد، وغير صنوان: الـمتفرّق. ١٥٣١٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوانٍ أما الصنوان: فـالنـخـلتان والثلاث أصولهنّ واحدة وفروعهنّ شتـى، وغير صنوان: النـخـلة الواحدة. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: صنوان: النـخـلة التـي يكون فـي أصلها نـخـلتان وثلاث أصلهنّ واحد. ١٥٣١٨ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد قوله: ونَـخِيـلٌ صِنْوَانٌ وغيرُ صِنْوَانٍ قال: الصنوان: النـخـلتان أو الثلاث يكنّ فـي أصل واحد، فذلك يعدّه الناس صنوانا. ١٥٣١٩ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، قال: حدثنـي رجل أنه كان بـين عمر بن الـخطاب وبـين العبـاس قول، فأسرع إلـيه العبـاس، فجاء عمر إلـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّه ، ألـم تر عبـاسا فعل بـي وفعل، فأردت أن أجيبه، فذكرت مكانه منك فكففت فقال: (يَرْحَمُكَ اللّه إنّ عَمّ الرّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ) . ١٥٣٢٠ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: صِنْوَانٌ: النـخـلة التـي يكون فـي أصلها نـخـلتان وثلاث أصلهنّ واحد قال: فكان بـين عمر بن الـخطاب وبـين العبـاس رضي اللّه عنهما قول، فأسرع إلـيه العبـاس، فجاء عمر إلـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا نبـيّ اللّه ألـم تر عبـاسا فعل بـي وفعل؟ فأردت أن أجيبه، فذكرت مكانه منك فكففت عند ذلك، فقال: (يَرْحَمُكَ اللّه إنّ عَمّ الرّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ) . ١٥٣٢١ـ قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن داود بن شابور، عن مـجاهد، أن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، قال: (لا تُؤْذُونِـي فِـي العَبّـاسِ فإنّهُ بَقِـيّةُ آبـائِي، وإنّ عَمّ الرّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ) . ١٥٣٢٢ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء، وابن أبـي ملـيكة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لعمر: (يا عُمَرُ أما عَلِـمْتَ أنّ عَمّ الرّجُلِ صِنْوُ أبِـيهِ؟) . ١٥٣٢٣ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي القاسم بن أبـي بَزّة، عن مـجاهد: صِنْوَانٌ قال: فـي أصل ثلاث نَـخَلات، كمثل ثلاثة بنـي أمّ وأب يتفـاضلون فـي العمل، كما يتفـاضل ثمر هذه النـخلات الثلاث فـي أصل واحد. قال ابن جريج: قال مـجاهد: كمثل صالـح بنـي آدم وخبـيثهم أبوهم واحد. حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا حجاج بن مـحمد، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي إبراهيـم بن أبـي بكر بن عبد اللّه ، عن مـجاهد، نـحوه. ١٥٣٢٤ـ حدثنـي القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن أبـي بكر بن عبد اللّه ، عن الـحسن، قال: هذا مثل ضربه اللّه لقلوب بنـي آدم كان الأرض فـي يد الرحمن طينة واحدة، فسَطَحها وبطَحَها، فصارت الأرض قطعا متـجاورات، فـينزل علـيها الـماء من السماء، فتـخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتـخرج نبـاتها وتـحيـي مواتها، وتـخرج هذه سَبَخها ومِلْـحها وخَبثها، وكلتاهما تُسقـى بـماء واحد، فلو كان الـماء مالـحا، قـيـل: إنـما استسبخت هذه من قبل الـماء، كذلك الناس خـلقوا من آدم، فـينزل علـيهم من السماء تذكرة، فترقّ قلوب فتـخشع وتـخضع، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتـجفو. قال الـحسن: واللّه ما جالس القرآنَ أحدٌ إلاّ قام بزيادة أو نقصان، قال اللّه : ونُنَزّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفـاءٌ وَرَحْمَةٌ للْـمُؤْمِنِـينَ وَلا يَزِيدُ الظّالِـمِينَ إلاّ خَسارًا. وقوله: (تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ) اختلفت القرّاء فـي قوله (تُسْقَـى) ، فقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الـمدينة والعراق من أهل الكوفة والبصرة: (تُسْقَـى) بـالتاء، بـمعنى: تسقـى الـجنات والزرع والنـخيـل. وقد كان بعضهم يقول: إنـما قـيـل: (تُسقـى) بـالتاء لتأنـيث الأعناب. وقرأ ذلك بعض الـمكيـين والكوفـيـين: يُسْقَـى بـالـياء. وقد اختلف أهل العربـية فـي وجه تذكيره إذا قرىء كذلك، وإنـما ذلك خبر عن الـجنات والأعناب والنـخيـل والزرع أنها تسقـى بـماء واحد، فقال بعض نـحويّـي البصرة: إذا قرىء ذلك بـالتاء، فذلك علـى الأعناب كما ذكّر الأنعام فـي قوله: ما فِـي بُطُونِهِ وأنّث بعدُ فقال: وَعَلَـيْها وَعلـى الفُلْكِ تُـحْمَلُونَ فمن قال: يُسْقَـى بـالـياء جعل الأعناب مـما تذكر وتؤنث، مثل الأنعام. وقال: بعض نـحويـي الكوفة: من قال (تُسْقَـى) ذهب إلـى تأنـيث الزرع والـجنات والنـخيـل، ومن ذكّر ذهب إلـى أن ذلك كله يسقـى بـماء واحد، وأكله مختلف حامض وحلو، ففـي هذا آية. وأعجب القراءتـين إلـيّ أن أقرأ بها، قراءة من قرأ ذلك بـالتاء: (تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ) علـى أن معناه: تسقـى الـجنات والنـخـل والزرع بـماء واحد لـمـجيء (تسقـى) بعد ما قد جرى ذكرها، وهي جماع من غير بنـي آدم، ولـيس الوجه الاَخر بـمـمتنع علـى معنى يسقـى ذلك بـماء واحد: أي جميع ذلك يسقـى بـماء واحد عذب دون الـمالـح. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٥٣٢٥ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا شبـابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: (تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ) ماء السماء كمثل صالـح بنـي آدم وخبـيثهم أبوهم واحد. ١٥٣٢٦ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد: (تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ) قال: ماء السماء. حدثنـي أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، مثله. ١٥٣٢٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو، قال: أخبرنا هشيـم، عن أبـي إسحاق الكوفـي، عن الضحاك : (تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ) قال: ماء الـمطر. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، قرأه ابن جريج، عن مـجاهد: (تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ) قال: ماء السماء، كمثل صالـح بنـي آدم وخبـيثهم أبوهم واحد. قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه ، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، بنـحوه. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، نـحوه. ١٥٣٢٨ـ حدثنا عبد الـجبـار بن يحيى الرملـي، قال: حدثنا ضمرة بن ربـيعة، عن ابن شوذب: (تُسْقَـى بِـمَاءٍ وَاحِدٍ) قال: بـماء السماء. وقوله: وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأه عامة قرّاء الـمكيـين والـمدنـيـين والبصريـين وبعض الكوفـيـين: ونُفَضّلُ بـالنون بـمعنى: ونفضل نـحن بعضها علـى بعض فـي الأكل. وقرأته عامُة قرّاء الكوفـيـين: (ويفضل) بـالـياء، ردا علـى قوله: يُغْشِي اللّـيْـلَ النّهارَ ويفضل بعضها علـى بعض. وهما قراءتان مستفـيضتان بـمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، غير أن الـياء أعجبهما إلـيّ فـي القراءة، لأنه فـي سياق كلام ابتداؤه (اللّه الذي رفع السموات) فقراءته بـالـياء إذ كان كذلك أولـى. ومعنى الكلام: أن الـجنات من الأعناب والزرع والنـخيـل، الصنوان وغير الصنوان، تسقـى بـماء واحد عذب لا ملـح، ويخالف اللّه بـين طعوم ذلك، فـيفضل بعضها علـى بعض فـي الطعم، فهذا حلو وهذا حامض. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٥٣٢٩ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفـيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ قال: الفـارسي والدّقَل والـحلو والـحامض. ١٥٣٣٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير: وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ قال: الأرض الواحدة يكون فـيها الـخوخ والكمثري والعنب الأبـيض والأسود، وبعضها أكثر حملاً من بعض، وبعضه حلو وبعضه حامض، وبعضه أفضل من بعض. ١٥٣٣١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عارم أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير: وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ قال: برنـيّ وكذا وكذا، وهذا بعضه أفضل من بعض. ١٥٣٣٢ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفـيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ قال: هذا حامض، وهذا حلو، وهذا مزّ. ١٥٣٣٣ـ حدثنـي مـحمود بن خداش، قال: حدثنا سيف بن مـحمد بن أحمد، عن سفـيان الثوري، قال: حدثنا الأعمش عن أبـي صالـح، عن أبـي هريرة، قال: قال النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم فـي قوله: وَنُفَضّلُ بَعْضَها عَلـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ قال: (الدّقَلُ والفَـارِسيّ والـحُلْوُ والـحَامِضُ) . حدثنا أحمد بن الـحسن الترمذي، قال: حدثنا سلـيـمان بن عبد اللّه الرقـي، قال: حدثنا عبـيد اللّه بن عمر الرقـي، عن زيد بن أبـي أنـيسة، عن الأعمش، عن أبـي صالـح، عن أبـي هريرة، عن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، فـي قوله: وَنُفَضّلُ بَعْضَها علـى بَعْضٍ فِـي الأُكُلِ قال: (الدّقَلُ والفَـارِسِيّ والـحُلْوُ والـحَامِضُ) . وقوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ يقول تعالـى ذكره: إن فـي مخالفة اللّه عزّ وجلّ بـين هذا القطع من الأرض الـمتـجاورات وثمار جناتها وزروعها علـى ما وصفنا وبـينا لدلـيلاً واضحا وعبرة لقوم يعقلون اختلاف ذلك، أن الذي خالف بـينه علـى هذا النـحو الذي خالف بـينه، هو الـمخالف بـين خـلقه فـيـما قسم لهم من هداية وضلال وتوفـيق وخذلان، فوفق هذا وخذل هذا، وهدى ذا وأضلّ ذا، ولو شاء لسوّى بـين جميعهم، كما لو شاء سوّى بـين جميع أُكل ثماء الـجنة التـي تشرب شربـا واحدا، وتسقـى سقـيا (واحدا) ، وهي متفـاضلة فـي الأكل. |
﴿ ٤ ﴾