١٠

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {سَوَآءٌ مّنْكُمْ مّنْ أَسَرّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالْلّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنّهَارِ }.

يقول تعالـى ذكره: معتدلٌ عند اللّه منكم أيها الناس الذي أسر القول، والذي جهر به، والذي هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـلِ فـي ظلـمته بـمعصية اللّه وَسارِبٌ بـالنهارِ

يقول: وظاهر بـالنهار فـي ضوئه، لا يخفـى علـيه شيء من ذلك، سواء عنده سرّ خـلقه وعلانـيتهم، لأنه لا يستسرّ عنده شيء ولا يخفـى يقال منه: سَرَب يَسْرُبُ سُروبـا إذا ظهر، كما قال قـيس بن الـخطيـم:

أنّى سَرَبْتِ وكنتِ غيرَ سَرُوبِوتَقُرّبُ الأحْلامِـم غيرُ قَرِيبِ

يقول: كيف سربت بـاللـيـل علـى بعد هذا الطريق ولـم تكونـي تبرزين وتظهرين. وكان بعضهم

يقول: هو السالك فـي سِرْبه: أي فـي مذهبه ومكانه.

واختلف أهل العلـم بكلام العرب فـي السرب،

فقال بعضهم: هو آمن فـي سَربه، بفتـح السين، وقال بعضهم: هو آمن فـي سِربه بكسر السين.

وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١٥٣٧٦ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس ، قوله: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أسَر القَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـلِ وَسارِبٌ بـالنّهارِ

يقول: هو صاحب رِيبة مستـخف بـاللـيـل، وإذا خرج بـالنهار أرى الناس أنه بريء من الإثم.

١٥٣٧٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس : وَسارِبٌ بـالنّهارِ: ظاهر.

١٥٣٧٨ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبـي عديّ، عن عوف، عن أب رجاء، فـي قوله: سَوَاءٌ مِنكُمْ مَنْ أسَرّ القَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـلِ وَسارِبٌ بـالنّهارِ قال: إن اللّه أعلـم بهم، سواء من أسرّ القول ومن جهر به، ومن هو مستـخف بـاللـيـل وسارب بـالنهار.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا علـيّ بن عاصم، عن عوف، عن أبـي رجاء: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أسَرّ القَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـلِ وَسارِبٌ بـالنّهارِ قال: من هو مستـخف فـي بـيته، وساربٌ بـالنهار: ذاهب علـى وجهه علـمُه فـيهم واحد.

١٥٣٧٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أسَرّ القَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ

يقول: السرّ والـجهر عنده سواء. وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـلِ وَسارِبٌ بـالنّهارِ أما الـمستـخفـي ففـي بـيته، وأما السارب: الـخارج بـالنهار حيثما كان الـمستـخفـي غيبه الذي يغيب فـيه والـخارج عنده سواء.

١٥٣٨٠ـ قال: حدثنا الـحِمّانِـيّ، قال: حدثنا شريك، عن خَصِيف، فـي قوله: مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـلِ قال: راكب رأسه فـي الـمعاصي. وَسارِبٌ بـالنّهارِ قال: ظاهر بـالنهار.

١٥٣٨١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أسَرّ القَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ كلّ ذلك عنده تبـارك وتعالـى سواء السرّ عنده علانـية. قوله: وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـلِ وَسارِبٌ بـالنّهارِ: أي فـي ظلـمه اللـيـل، وسارب: أي ظاهر بـالنهار.

١٥٣٨٢ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا شريك، عن خَصِيف، عن مـجاهد وعكرمة: وَسارِبٌ بـالنّهارِ قال: ظاهر بـالنهار.

و(من) فـي قوله: مَنْ أسَرّ القَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيـلِ رفع الأولـى منهنّ بقوله سواء، والثانـية معطوفة علـى الأولـى والثالثة علـى الثانـية.

﴿ ١٠