١٣وقوله: وَيُسَبّحُ الرّعْدُ بِحَمْدِهِ قال أبو جعفر: وقد بـيّنا معنى الرعد فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع. وذُكر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد، قال كما: ١٥٤٢٠ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا كثـير بن هشام، قال: حدثنا جعفر، قال: بلغنا أن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد الشديد، قال: (اللّه مّ لا تَقْتُلْنا بِغَضَبكَ، وَلا تُهْلِكْنا بِعَذَابِكَ، وَعافِنا قَبْلَ ذلكَ) . ١٥٤٢١ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيـل، عن أبـيه، عن رجل، عن أبـي هريرة رفع الـحديث: أنه كان إذا سمع الرعد قال: (سُبْحانَ مَنْ يُسَبّحُ الرّعْدُ بِحَمْدِهِ) . ١٥٤٢٢ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا مسعدة بن الـيسع البـاهلـي، عن جعفر بن مـحمد، عن أبـيه، عن علـيّ رضي اللّه عنه، كان إذا سمع صوت الرعد، قال: (سبحان من سبحتَ له) . ١٥٤٢٣ـ قال: حدثنا إسماعيـل بن علـية، عن الـحكم بن أبـان، عن عكرمة، عن ابن عبـاس ، أنه كان إذا سمع الرعد، قال: (سبحان الذي سبحت له) . ١٥٤٢٤ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا يعلـى بن الـحارث، قال: سمعت أبـا صخرة يحدّث عن الأسود بن يزيد، أنه كان إذا سمع الرعد، قال: (سبحان من سبحت له) ، أو (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والـملائكة من خيفته) . ١٥٤٢٥ـ قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا ابن علـية، عن ابن طاوس، عن أبـيه، وعبد الكريـم، عن طاوس أنه كان إذا سمع الرعد، قال: (سبحان من سبحت له) . ١٥٤٢٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ميسرة، عن الأوزاعي، قال: كان ابن أبـي زكريا يقول: من قال حين يسمع الرعد: (سبحان اللّه وبحمده) ، لـم تصبه صاعقة. ومعنى قوله: وَيُسَبّحُ الرّعْدُ بِحَمْدِهِ ويعظم اللّه الرعدُ ويـمـجده، فـيثنى علـيه بصفـاته، وينزّهه مـما أضاف إلـيه أهل الشرك به ومـما وصفوه به من اتـخاذ الصاحبة والولد، تعالـى ربنا وتقدّس. وقوله: مِنْ خِيفَتِهِ يقول: وتسبح الـملائكة من خيفة اللّه ورهبته. وأما قوله: وَيُرْسِلُ الصّوَاعِقَ فَـيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ فقد بـيّنا معنى الصاعقة فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته بـما فـيه الكفـاية من الشواهد، وذكرنا ما فـيها من الرواية. وقد اختلف فـيـمن أنزلت هذه الآية، فقال بعضهم: نزلت فـي كافر من الكفـار ذَكَرَ اللّه تعالـى وتقدس بغير ما ينبغي ذكره، فأرسل علـيه صاعقة أهلكته. ذكر من قال ذلك: ١٥٤٢٧ـ حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: حدثنا عفـانُ، قال: حدثنا أبـانُ بن يزيد، قال: حدثنا أبو عمران الـجونـيّ، عن عبد الرحمن بن صحُار العبديّ، أنه بلغه أن نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث إلـى جبّـار يدعوه، فقال: (أرأيتـم ربكم، أذهبٌ هو أم فضة هو أم لؤلؤ هو؟) قال: فبـينـما هو يجادلهم، إذ بعث اللّه سحابة فرعدت، فأرسل اللّه علـيه صاعقة فذهبت بقَحْف رأسه فأنزل اللّه هذه الآية: وَيُرْسِلُ الصّوَاعِقَ فَـيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِـي اللّه وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ. ١٥٤٢٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق بن سلـيـمان، عن أبـي بكر بن عياش، عن لـيث، عن مـجاهد، قال: جاء يهودي إلـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، فقال: أخبرنـي عن ربك من أيّ شيء هو، من لؤلؤ أو من ياقوت؟ فجاءت صاعقة فأخذته، فأنزل اللّه : وَيُرْسِلُ الصّوَاعِقَ فَـيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِـي اللّه وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحمّانـي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن لـيث، عن مـجاهد، مثله. ١٥٤٢٩ـ قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن هاشم، قال: حدثنا سيف، عن أبـي رَوق، عن أبـي أيوب، عن علـيّ، قال: جاء رجل إلـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا مـحمد حدثنـي مَنْ هذا الذي تدعو إلـيه، أياقوت هو، أذهب هو، أم ما هو؟ قال: فنزلت علـى السائل الصاعقة فأحرقته، فأنزل اللّه : وَيُرسِلُ الصّوَاعِقَ... الآية. ١٥٤٣٠ـ حدثنا مـحمد بن مرزوق، قال: حدثنا عبد اللّه بن عبد الوهاب، قال: ثنـي علـيّ بن أبـي سارة الشيبـانـيّ، قال: حدثنا ثابت البُنَانـي، عن أنس بن مالك، قال: بَعَث النبـيّ صلى اللّه عليه وسلممرّة رجلاً إلـى رجل من فراعنة العرب، أن ادعه لـي، فقال: يا رسول اللّه ، إنه أعتـى من ذلك، قال: (اذْهَبْ إلـيه فـادْعُهُ) قال: فأتاه، فقال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعوك، فقال: من رسول اللّه ، وما اللّه ؟ أمن ذهب هو، أم من فضة، أم من نـحاس؟ قال: فأتـى الرجل النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم فأخبره، فقال: (ارْجِعْ إلَـيْهِ فـادْعُهُ) قال: فأتاه فأعاد علـيه وردّ علـيه مثل الـجواب الأوّل، فأتـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم فأخبره، فقال: (ارْجِعْ إلَـيْهِ فـادْعُهُ) قال: فرجع إلـيه. فبـينـما هما يتراجعان الكلام بـينهما، إذ بعث اللّه سحابة بحِيال رأسه فرعدت، فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحْف رأسه، فأنزل اللّه : وَيُرْسِلُ الصّوَاعِقَ فَـيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِـي اللّه وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ. وقال آخرون: نزلت فـي رجل من الكفـار أنكر القرآن وكذّب النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: ١٥٤٣١ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذُكر لنا أن رجلاً أنكر القرآن وكذّب النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأرسل اللّه علـيه صاعقة فأهلكته، فأنزل اللّه عزّ وجلّ فـيه: وَهُمْ يُجادِلُونَ فِـي اللّه ، وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ. وقال آخرون: نزلت فـي أربَدَ أخي لَبـيد بن ربـيعة، وكان همّ بقتل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هو وعامر بن الطفـيـل. ذكر من قال ذلك: ١٥٤٣٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: نزلت، يعني قوله: وَيُرْسِلُ الصّوَاعِقَ فَـيُصِيبُ بها مَنْ يَشاءُ فـي أربدَ أخي لبـيد بن ربـيعة، لأنه قَدم أربد وعامر بن الطفـيـل بن مالك بن جعفر علـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، فقال عامر: يا مـحمد أأُسِلـم وأكون الـخـلـيفة من بعدك؟ قال: (لا) قال: فأكون علـى أهل الوبَر وأنت علـى أهل الـمدر؟ قال: (لا) ، قال: فما ذاك؟ قال: (أُعْطِيكَ أعِنّةَ الـخَيْـلِ تُقَاتِلُ عَلَـيْها، فإنّكَ رَجُلٌ فَـارِسٌ) قال: أو لـيست أعنة الـخَيـلِ بـيدي؟ أما واللّه لأملأنها علـيك خيلاً ورجالاً من بنـي عامر وقال لأربد: إما أن تكفـينـيه وأضربه بـالسيف، وإما أن أكفـيكه وتضربه بـالسيف. قال أربد: أكَفـيكه واضربه فقال عامر بن الطفـيـل: يا مـحمد إن لـي إلـيك حاجة، قال: (ادْنُ) ، فلـم يزل يدنو، ويقول النبـي صلى اللّه عليه وسلم، (ادْنُ) حتـى وضع يديه علـى ركبتـيه وحنى علـيه، واستلّ أربد السيف، فـاستلّ منه قلـيلاً فلـما رأى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم بريقه، تعوّذ بآية كان يتعوّذ بها، فـيبست يد أربد علـى السيف، فبعث اللّه علـيه صاعقة فأحرقته، فذلك قول أخيه: أخْشَى علـى أرْبَدَ الـحُتُوفَ ولاأرْهَبُ نَوْءَ السّماك والأسَدِ فَجّعَنِـي البَرْقُ والصّوَاعقُ بـالْفـارِسِ يَوْمَ الكَرِيهَةِ النّـجُدِ وقد ذكرت قبلُ خبر عبد الرحمن بن زيد بنـحو هذه القصة. وقوله: وَهُمْ يُجادِلُونَ فِـي اللّه يقول: وهؤلاء الذين أصابهم اللّه بـالصواعق أصابهم فـي حال خصومتهم فـي اللّه عزّ وجلّ لرسوله صلى اللّه عليه وسلم. وقوله: وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ يقول تعالـى ذكره واللّه شديدة مـما حلته فـي عقوبة من طغى علـيه وعَتَا وتـمادى فـي كفره. والـمِـحال: مصدر من قول القائل: ما حَلتُ فلانا فأنا أما حله مـما حلة ومـحالاً، وفَعَلْتُ منه: مَـحَلت أَمْـحَل مَـحْلاً: إذا عَرّض رجل رجلاً لـما يهلكه ومنه قوله: (وما حِلٌ مُصَدّق) ومنه قول أعشى بنـي ثعلبة: فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزّ فِـي غُصُنِ الـمَـجْدِ غزيرُ النّدَى شَدِيدُ الـمِـحالِ هكذا كان يُنشده معمر بن الـمثنى فـيـما حُدثت عن علـيّ بن الـمغيرة عنه. وأما الرواة بعدُ فإنهم ينشدونه: فَرْعُ فَرْعٍ يَهْتَزّ فِـي غُصُنِ الـمَـجْدِ كثـيرُ النّدَى عَظِيـمُ الـمِـحالِ وفسّر ذلك معمر بن الـمثنى، وزعم أنه عنى به العقوبة والـمكر والنكال ومنه قول الاَخر: وَلَبّسَ بـينَ أقْوَامٍ فُكُلّأعدّ له الشّغازِبَ والـمِـحالا وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٥٤٣٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن هاشم، قال: حدثنا سيف، عن أبـي رَوْق، عن أبـي أيوب، عن علـيّ رضي اللّه عنه: وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ قال: شديد الأخذ. ١٥٤٣٤ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيـل، عن أبـي يحيى، عن مـجاهد: وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ قال: شديد القوّة. ١٥٤٣٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ أي القوّة والـحيـلة. ١٥٤٣٦ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن الـحسن: شَدِيدُ الـمِـحالِ يعني : الهلاك، قال: إذا مـحل فهو شديد. وقال قتادة: شديد الـحِيـلة. ١٥٤٣٧ـ حدثنـي الـحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا رجل، عن عكرمة: وَهُمْ يُجادِلُونَ فِـي اللّه وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ قال: الـمـحال: جدال أربَدَ، وهو شَدِيدُ الـمِـحَالِ قال: ما أصاب أربدَ من الصاعقة. ١٥٤٣٨ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحال قال: قال ابن عبـاس : شديد الـحَوْل. ١٥٤٣٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وَهُوَ شَدِيدُ الـمِـحالِ قال: شديد القوّة. الـمـحال: القوّة. والقول الذي ذكرناه عن قتادةفـي تأويـل الـمـحال أنه الـحيـلة، والقول الذي ذكره ابن جريج عن ابن عبـاس يدلان علـى أنهما كانا يقرآن: (وَهُوَ شَدِيدُ الـمَـحَال) بفتـح الـميـم، لأن الـحيـلة لا يأتـي مصدرها مِـحَالاً بكسر الـميـم، ولكن قد يأتـي علـى تقدير الـمَفْعلة منها، فـيكون مَـحَالة، ومن ذلك قولهم: (الـمرء يعجز لا مَـحالة) ، والـمـحالة فـي هذا الـموضع: الـمفعلة من الـحيـلة. فأما بكسر الـميـم، فلا تكون إلا مصدرا، من ما حلت فلانا أما حلهِ مـحالاً، والـمـماحلة بعيدة الـمعنى من الـحيـلة، ولا أعلـم أحدا قرأه بفتـح الـميـم. فإذا كان ذلك كذلك، فـالذي هو أولـى بتأويـل ذلك ما قلنا من القول. |
﴿ ١٣ ﴾