٢٢

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَالّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبّهِمْ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ... }.

يقول تعالـى ذكره: وَالّذِينَ صَبَرُوا علـى الوفـاء بعهد اللّه وترك نقض الـميثاق وصلة الرحم، ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبّهِمْ و يعني ب قوله: ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبّهِمْ طلب تعظيـم اللّه ، وتنزيها له أن يخالف فـي أمره أو يأتـي أمرا كره إتـيانه فـيعصيَه به. وأقامُوا الصّلاةَ

يقول: وأدّوا الصلاة الـمفروضة بحدودها فـي أوقاتها. وأنْفقُوا مِـمّا رَزَقْناهُمْ سِرّا وَعَلانِـيَةً

يقول: وأدّوا من أموالهم زكاتها الـمفروضة، وأنفقوا منها فـي السبل التـي أمرهم اللّه بـالنفقة فـيها، سرّا فـي خفـاء وعلانـية فـي الظاهر. كما:

١٥٤٧٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قوله: وأقامُوا الصّلاةَ يعني الصلوات الـخمس، وأنْفَقُوا مِـمّا رَزَقْناهُمْ سِرّا وَعَلاَنِـيَةً يقول الزكاة.

١٥٤٧٨ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد الصبر: الإقامة، قال: وقال الصبر فـي هاتـين، فصبر لله علـى ما أحبّ وإن ثقل علـى الأنفس والأبدان، وصبر عما يكره وإن نازعت إلـيه الأهواء، فمن كان هكذا فهو من الصابرين. وقرأ: سَلامٌ عَلَـيْكُمْ بِـمَا صَبَرْتُـمْ فَنعْمَ عُقْبَى الدّارِ.

وقوله: وَيَدْرَءُونَ بـالـحَسَنَةِ السّيّئَةَ

يقول: ويدفعون إساءة من أساء إلـيهم من الناس، بـالإحسان إلـيهم. كما:

١٥٤٧٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وَيَدْرَءُونَ بـالـحَسَنَةً السّيّئَةَ قال: يدفعون الشرّ بـالـخير، لا يكافئون الشرّ بـالشرّ ولكن يدفعونه بـالـخير.

وقوله: أُولَئِكَ لَهُم عُقْبَى الدّارِ

يقول تعالـى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتهم هم الذين لهم عُقبى الدار،

يقول: هم الذين أعقبهم اللّه دار الـجنان من دارهم التـي لو لـم يكونوا مؤمنـين كانت لهم فـي النار، فأعقبهم اللّه من تلك هذه. وقد قـيـل: معنى ذلك: أولئك الذين لهم عَقِـيب طاعتهم ربهم فـي الدنـيا دار الـجنان.)

﴿ ٢٢