| ٦القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَلَعَلّكَ بَاخِعٌ نّفْسَكَ عَلَىَ آثَارِهِمْ إِن لّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً }. يعني تعالـى ذكره بذلك: فلعلك يا مـحمد قاتلُ نفسك ومهلكها علـى آثار قومك الذين قالوا لك لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حتـى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعا تـمرّدا منهم علـى ربهم، إن هم لـم يؤمنوا بهذا الكتاب الذي أنزلته علـيك فـيصدّقوا بأنه من عند اللّه حزنا وتلهفـا ووجدا، بإدبـارهم عنك، وإعراضهم عما أتـيتهم به وتركهم الإيـمان بك. يقال منه: بخع فلان نفسه يبخعها بَخْعا وبخوعا ومنه قول ذي الرّمة: ألا أيّهَذَا البـاخِعُ الوَجْدُ نَفْسَهُلِشَيْءٍ نَـحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ الـمَقادِرُ يريد: نـحّته فخفف. وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله: بـاخِعٌ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٤٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فَلَعَلّكَ بـاخِعٌ نَفْسَكَ يقول: قاتل نفسك. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمر، عن قتادة ، مثله. وأما قوله: أسَفـا فإنّ أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله، فقال بعضهم: معناه: فلعلك بـاخع نفسك إن لـم يؤمنوا بهذا الـحديث غضبـا. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٤٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة إنْ لَـمْ يُؤْمِنُوا بِهَذا الـحَدِيثِ أسَفـا قال: غضبـا. وقال آخرون: جَزَعا. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٤٧ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى (ح) وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، فـي قول اللّه أسَفـا قال: جزَعا. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد ، مثله. وقال آخرون: معناه: حزنا علـيهم. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٤٨ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة ، فـي قوله: أسَفـا قال: حزنا علـيهم. وقد بـيّنا معنى الأسف فـيـما مضى من كتابنا هذا، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع. وهذه معاتبة من اللّه عزّ ذكره علـى وجده بـمبـاعدة قومه إياه فـيـما دعاهم إلـيه من الإيـمان بـاللّه ، والبراءة من الاَلهة والأنداد، وكان بهم رحيـما. وبنـحو ما قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٤٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق فَلَعَلّكَ بـاخِعٌ نَفْسَكَ عَلـى آثارِهِمْ إنْ لَـمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الـحَدِيثِ أسَفـا يعاتبه علـى حزنه علـيهم حين فـاته ما كان يرجو منهم: أي لا تفعل. | 
﴿ ٦ ﴾