٩القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً }. يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى اللّه عليه وسلم : أم حسبت يا مـحمد أن أصحاب الكهف والرقـيـم كانوا من آياتنا عَجَبـا، فإن ما خـلقت من السموات والأرض، وما فـيهنّ من العجائب أعجب من أمر أصحاب الكهف، وحجتـي بكل ذلك ثابتة علـى هؤلاء الـمشركين من قومك، وغيرهم من سائر عبـادي. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٥٩ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد أمْ حَسِبْتَ أنّ أصحَابَ الكَهْفِ والرّقِـيـمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَبـا قال مـحمد بن عمرو فـي حديثه، قال: لـيسوا عجبـا بأعجب آياتنا. وقال الـحارث فـي حديثه بقوله م: أعجب آياتنا: لـيسوا أعجب آياتنا. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد ، قوله: أمْ حَسِبْتَ أنّ أصْحَابَ الكَهْفِ والرّقِـيـمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَبـا كانوا يقولون هم عجب. ١٧٢٦٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: أمْ حَسِبْتَ أنّ أصحَابَ الكَهْفِ والرّقِـيـمِ كانْوا مِنْ آياتِنا عَجَبـا يقول: قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك. ١٧٢٦١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق أمْ حَسِبْتَ أنّ أصحَابَ الكَهْفِ والرّقِـيـمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَبـا. أي وما قدروا من قَدْر فـيـما صنعت من أمر الـخلائق، وما وضعت علـى العبـاد من حججي ما هو أعظم من ذلك. وقال آخرون: بل معنى ذلك: أم حسبت يا مـحمد أن أصحاب الكهف والرقـيـم كانوا من آياتنا عَجَبـا، فإن الذين آتـيتك من العلـم والـحكمة أفضل منه. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٦٢ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عباس ، قوله: أمْ حَسِبْتَ أنّ أصحَابَ الكَهْفِ والرّقِـيـمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَبـا يقول: الذي آتـيتك من العلـم والسنة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقـيـم. وإنـما قلنا: إن القول الأوّل أولـى بتأويـل الاَية، لأنّ اللّه عزّ وجلّ أنزل قصة أصحاب الكهف علـى نبـيه احتـجاجا بها علـى الـمشركين من قومه علـى ما ذكرنا فـي الرواية عن ابن عباس ، إذ سألوه عنها اختبـارا منهم له بـالـجواب عنها صدقه، فكان تقريعهم بتكذيبهم بـما هو أوكد علـيهم فـي الـحجة مـما سألوا عنهم، وزعموا أنهم يؤمنون عند الإجابة عنه أشبه من الـخبر عما أنعم اللّه علـى رسوله من النعم. وأما الكهف، فإنه كهف الـجبل الذي أوى إلـيه القوم الذين قصّ اللّه شأنهم فـي هذه السورة. وأما الرقـيـم، فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي الـمعنىّ به، فقال بعضهم: هو اسم قرية، أو واد علـى اختلاف بـينهم فـي ذلك. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٦٣ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن عبد الأعلـى وعبد الرحمن، قالا: حدثنا سفـيان، عن الشيبـانـيّ، عن عكرمة، عن ابن عباس ، قال: يزعم كعب أن الرقـيـم: القرية. ١٧٢٦٤ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عباس أمْ حَسِبْتَ أنّ أصحَابَ الكَهْفِ والرّقِـيـمِ قال: الرقـيـم: واد بـين عُسْفـان وأَيـلة دون فلسطين، وهو قريب من أيـلة. ١٧٢٦٥ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبـي، عن عطية، قال: الرقـيـم: واد. ١٧٢٦٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: أمْ حَسِبْتَ أنّ أصحَابَ الكَهْفِ والرّقِـيـمِ كنّا نـحدّث أن الرقـيـم: الوادي الذي فـيه أصحاب الكهف. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن سمِاك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس ، فـي قوله الرّقِـيـمِ قال: يزعم كعب: أنها القرية. ١٧٢٦٧ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد ، فـي قوله: الرّقِـيـمِ قال: يقول بعضهم: الرقـيـم: كتاب تبـانهم. ويقول بعضهم: هو الوادي الذي فـيه كهفهم. ١٧٢٦٨ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول: أما الكهف: فهو غار الوادي، والرقـيـم: اسم الوادي. وقال آخرون: الرقـيـم: الكتاب. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٦٩ـ حدثنا علـيّ، قال: حدثنا عبد اللّه ، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عباس ، قوله: أمْ حَسِبْتَ أنّ أصحَابَ الكهْفِ والرّقِـيـمِ يقول: الكتاب. ١٧٢٧٠ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثنا أبـي، عن ابن قـيس، عن سعيد بن جبـير، قال: الرقـيـم: لوح من حجارة كتبوا فـيه قصص أصحاب الكهف، ثم وضعوه علـى بـاب الكهف. ١٧٢٧١ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: الرقـيـم: كتاب، ولذلك الكتاب خبر فلـم يخبر اللّه عن ذلك الكتاب وعما فـيه، وقرأ: وَما أدْرَاكَ ما عِلّـيّونَ كِتِابٌ مرْقُومٌ يَشْهدُهُ الـمُقَرّبُون وَما أدْرَاكَ ما سِجّينٌ كتابٌ مرْقُومٌ. وقال آخرون: بل هو اسم جبل أصحاب الكهف. ذكر من قال ذلك: ١٧٢٧٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس : الرقـيـم: الـجبل الذي فـيه الكهف. قال أبو جعفر: وقد قـيـل إن اسم ذلك الـجبل: بنـجلوس. ١٧٢٧٣ـ حدثنا بذلك ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن عبد اللّه بن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، عن ابن عباس : وقد قـيـل: إن اسمه بناجلوس. ١٧٢٧٤ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي وهب بن سلـيـمان عن شعيب الـجَبِئي أن اسم جبل الكهف: بناجلوس. واسم الكهف: حيزم. والكلب: خُمران. وقد رُوي عن ابن عباس فـي الرقـيـم ما: ١٧٢٧٥ـ حدثنا به الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيـل عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كلّ القرآن أعلـمه، إلا حنانا، والأوّاه، والرقـيـم. ١٧٢٧٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة يقول: قال ابن عباس : ما أدري ما الرقـيـم، أكتاب، أم بنـيان؟. وأولـى هذه الأقوال بـالصواب فـي الرقـيـم أن يكون معنـيا به: لوح، أو حجر، أو شيء كُتب فـيه كتاب. وقد قال أهل الأخبـار: إن ذلك لوح كُتب فـيه أسماء أصحاب الكهف وخبرهم حين أوَوْا إلـى الكهف. ثم قال بعضهم: رُفع ذلك اللوح فـي خزانة الـملك. وقال بعضهم: بل جُعل علـى بـاب كهفهم. وقال بعضهم: بل كان ذلك مـحفوظا عند بعض أهل بلدهم. وإنـما الرقم: فعيـل. أصله: مرقوم، ثم صُرف إلـى فعيـل، كما قـيـل للـمـجروح: جريح، وللـمقتول: قتـيـل، يقال منه: رقمت كذا وكذا: إذا كتبته، ومنه قـيـل للرقم فـي الثوب رقم، لأنه الـخطّ الذي يعرف به ثمنه. ومن ذلك قـيـل للـحيّة: أرقم، لـما فـيه من الاَثار والعرب تقول: علـيك بـالرقمة، ودع الضفة: بـمعنى علـيك برقمة الوادي حيث الـماء، ودع الضفة الـجانبة. والضفتان: جانبـا الوادي. وأحسب أن الذي قال الرقـيـم: الوادي، ذهب به إلـى هذا، أعنـي به إلـى رقمة الوادي. |
﴿ ٩ ﴾