٨٣

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مّنْهُ ذِكْراً }.

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى اللّه عليه وسلم : ويسألك يا مـحمد هؤلاء الـمشركون عن ذي القرنـين ما كان شأنه، وما كانت قصته، فقل لهم: سأتلو علـيكم من خبره ذكرا يقول: سأقصّ علـيكم منه خبرا. وقد

قـيـل: إن الذين سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أمر ذي القرنـين، كانوا قوما من أهل الكتاب. فأما الـخبر بأن الذين سألوه عن ذلك كانوا مشركي قومه فقد ذكرناه قبل. وأما الـخبر بأن الذين سألوه، كانوا قوما من أهل الكتاب.

١٧٥٥٢ـ فحدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا زيد بن حبـاب عن ابن لهيعة، قال: ثنـي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن شيخين من نـجيب، قال: أحدهما لصاحبه: انطلق بنا إلـى عقبة بن عامر نتـحدّث، قالا: فأتـياه فقالا: جئنا لتـحدثنا، فقال: كنت يوما أخدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فخرجت من عنده، فلقـينـي قوم من أهل الكتاب، فقالوا: نريد أن نسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فـاستأذن لنا علـيه، فدخـلت علـيه، فأخبرته، فقال:

(مالـي ومالهم، مالـي علـم إلا ما علـمنـي اللّه ) ، ثم قال:

(اسكب لـي ماء) ، فتوضأ ثم صلـى، قال: فما فرغ حتـى عرفت السرور فـي وجهه، ثم قال:

(أدخـلهم علـيّ، ومن رأيت من أصحابـي) فدخـلوا فقاموا بـين يديه، فقال:

(إن شئتـم سألتـم فأخبرتكم عما تـجدونه فـي كتابكم مكتوبـا، وإن شئتـم أخبرتكم) ، قالوا: بلـى أخبرنا، قال: (جئتـم تسألونـي عن ذي القرنـين، وما تـجدونه فـي كتابكم: كان شبـابـا من الروم، فجاء فبنى مدينة مصر الإسكندرية فلـما فرغ جاءه ملك فعلا به فـي السماء، فقال له ما ترى؟ فقال: أرى مدينتـي ومدائن، ثم علا به، فقال: ما ترى؟ فقال: أرى مدينتـي، ثم علا به فقال: ما ترى؟ قال: أرى الأرض، قال: فهذا ألـيـم مـحيط بـالدنـيا، إن اللّه بعثنـي إلـيك تعلـم الـجاهل، وتثبت العالـم، فأتـى به السدّ، وهو جبلان لـينان يَزْلَق عنهما كل شيء، ثم مضى به حتـى جاوز يأجوج ومأجوج، ثم مضى به إلـى أمة أخرى، وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثم مضى به حتـى قطع به أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب، ثم مضى حتـى قطع به هؤلاء إلـى أمة أخرى قد سماهم) .

واختلف أهل العلـم فـي الـمعنى الذي من أجله قـيـل لذي القرنـين: ذو القرنـين، فقال بعضهم: قـيـل له ذلك من أجل أنه ضُرِب علـى قَرنه فهلك، ثم أُحْيِـي فضُرب علـى القرن الاَخر فهلك. ذكر من قال ذلك:

١٧٥٥٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن عبـيد الـمُكْتِب، عن أبـي الطّفَـيـل، قال: سأل ابن الكوّاء علـيا عن ذي القرنـين، فقال: هو عبد أحبّ اللّه فأحبه، وناصح اللّه فنصحه، فأمرهم بتقوى اللّه فضربوه علـى قَرْنه فقتلوه، ثم بعثه اللّه ، فضربوه علـى قرنه فمات.

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى، عن سفـيان، عن حبـيب بن أبـي ثابت، عن أبـي الطفـيـل، قال: سئل علـيّ رضوان اللّه علـيه عن ذي القرنـين، فقال: كان عبدا ناصح اللّه فناصحه، فدعا قومه إلـى اللّه ، فضربوه علـى قرنه فمات، فأحياه اللّه ، فدعا قومه إلـى اللّه ، فضربوه علـى قرنه فمات، فسمي ذا القرنـين.

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: قال: حدثنا شعبة، عن القاسم بن أبـي بَزّة، عن أبـي الطفـيـل، قال: سمعت علـيا وسألوه عن ذي القرنـين أنبـيا كان؟ قال: كان عبدا صالـحا، أحبّ اللّه فأحبه، وناصَحَ اللّه فنصحه، فبعثه اللّه إلـى قومه، فضربوه ضربتـين فـي رأسه، فسمي ذا القرنـين، وفـيكم الـيوم مثله.

وقال آخرون فـي ذلك بـما:

١٧٥٥٤ـ حدثنـي به مـحمد بن سهل البخاريّ، قال: حدثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم، قال: ثنـي عبد الصمد بن معقل، قال: قال وهب بن منبه: كان ذو القرنـين مَلِكا، ف

قـيـل له: فلـم سُمّي ذا القرنـين؟ قال: اختلف فـيه أهل الكتاب، فقال بعضهم: مَلَك الروم وفـارس. وقال بعضهم: كان فـي رأسه شبه القرنـين.

وقال آخرون: إنـما سمي ذلك لأن صفحتـي رأسه كانتا من نـحاس. ذكر من قال ذلك:

١٧٥٥٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال: حدثنا ابن إسحاق، قال: ثنـي من لا أتهم عن وهب بن منبه الـيـمانـي، قال: إنـما سمي ذا القرنـين أن صفحتـي رأسه كانتا من نـحاس.

﴿ ٨٣